الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسلام بحيري وعصر الجماهير الغفيرة

عبدالحليم حفينة

2015 / 4 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في كتابه البديع "عصر الجماهير الغفيرة" يوضح الأستاذ جلال أمين كيف تحولنا إلى عصر الجماهير الغفيرة، والمقصود بعصر الجماهير الغفيرة هنا، هو إنضمام شريحة واسعة من الطبقات الفقيرة التي لم تكن فاعلة أو مؤثرة في مسيرة الأمم إلى الطبقة الوسطى التي تمتلك القدرة الأكبر على إحداث حراك اجتماعي، ويرجع هذا الإنتقال في مصر إلى حركة الضباط الأحرار في الثالث والعشرين من يوليو عام 1952، التي أدت إصلاحتها الاجتماعية إلى ولوج أعداد كبيرة من أبناء الفقراء غير المتعلمين إلى شريحة الطبقة الوسطى.

ويرصد في أحد فصول الكتاب، كيف تحول التلفزيون من وسيلة للتسلية والتثقيف، إلى أداة لتلبية رغبات الجماهير مقابل تسويق الإعلانات، فيرصد هبوط مستوى المواد التي كان يعرضها التلفزيون فيما مضى، حتى تلائم الآن ذوق الجمهور الواسع الذي أصبح أقل ثقافة، وصاحب مستوى ردئ من التعليم.

هذا الرصد الدقيق يوضح لنا بمنطق رصين، سبب تدني ما تقدمه وسائل الإعلام، ويقودنا هذا التحليل مباشرة لتفسير عددًا من الظواهر الإعلامية التي تعتمد على الإثارة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب المادية، عن طريق زيادة نسب المشاهدة، ولنا في ظاهرة إسلام البحيري العبرة والمثل.

بعد إندلاع ثورة يناير، وعلو نبرة خطاب التيار الإسلامي بما تحمله من تطرف وغرور، وقطاع كبير من المصريين يعيش حالة من الهلع والتخوف من فرض أشكال حضارية لم يألفوها منذ زمن، وتجلى ذلك في خروج أعداد كبيرة في الثلاثين من يونيو 2013 رافضين هذا الخطاب ومن يمثلوه في السلطة الحاكمة آن ذاك.

خطاب التيار الإسلامي فيما قبل يونيو 2013 خلق حالة من الاستقطاب، استدعت وجود خطاب مضاد لا يقل تطرفًا في أحيانٍ كثيرة عما يقدمه خطاب التيارات الإسلامية، وبالطبع كانت الفضائيات هي مسرح المعركة بين الخطابين، ومع اندحار خطاب التيارات الإسلامية بعد حصار السلطات في مصر له، تفرد الخطاب المضاد، وتمثل ذلك في عدة برامج فضائية كان من بينها برنامج إسلام بحيري الذي غالى في انتقاد الفقهاء بشكل أثار حفيظة أكبر مؤسسة دينية في مصر "الأزهر"، ووصل الأمر إلى إيقاف البرنامج.

ما يحدث يردنا إلى أصل الأشياء والهدف الحقيقي من وجودها، فالتلفزيون أحد تلك الأشياء حديثة العهد بالمجتمعات الإنسانية، والذي حاد عن دوره الأساسي من تثقيف وتسلية وإعلام؛ ليستغل حالة الاستقطاب المجتمعية؛ لتحقيق أكبر قدر من العائد المادي، وأي محاولة للوقوف في وجه تلك الظواهر لابد أن يتصدى لها العقلاء الباحثون عن الحقيقة المجردة، المتمكنون من العلم، حتى يقدموا للجمهور قيم حقيقية تستحق النقاش حولها. وهذا أيضًا يستدعي وجود جمهور متعلم تعليم جيد مُلم بثقافة معقولة تمكنه من البحث والتفكير. ربما يلزم لتحقيق تلك المعادلة الكثير من الجهود والوقت، إلا أن هذا هو الحل في رأيي إذا أردنا أن تستقيم الأمور.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد