الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صروح

حسام روناسى

2015 / 4 / 15
الادب والفن


صروح ..
إلهي، عندما أكون واقفاً متوجهاً، أعرف أنني واقف بين يديك. عندما أكون غاضباً نادماً، أعرف أنني لما سأغمض عيني سأكون في حضنك. عندما أكون وحيداً غريباً، أعرف انني لما أرفع رأسي الى السماء سأجدك مبتسماً لي كطفل رضيع يشبهني.
في أي تجاه وفي أي زاوية وفي أي نقطة في العالم يمتد إليها بصري أو تفكيري، أراك، أشمك، ولا أخاف سماعك وأنت تقول: ويحك، كم أنك جرئ وطماع ولا تشبع من وجودي حولك. وأنا كما في كل مرة أجيبك والضحكة تملأني أقول: أحبك، وأرجو أكثر وأكثر قربك.
أمنحني حظاً وافراً لأترك شيئاً الى الناس لكي يعرفوا بحجم العلاقة التي بيننا لكي يسيروا على خطاي من بعدي، فقد دب الفساد الارض، بعدها أرجوك أن لا تقيدني، أرجوك أن لا تمنعني وتقول هناك أبوك وأمك وأخوك، هناك من الاصدقاء والاهل الاوفياء، أرجوك لا تسمعني تقاليد وعادات رسلك، لا تسمعني دواوين وقصص من كتبك، لا تسمعني وصايا من أنبياؤك، فكلها بنظري قطرة من بحر أنا صنعته، جزء من جبال أنا وضعتها، وسماء أنا رفعتها، بحر من الحب وجبال من اليقين وسماء من الافق وأنا أجول بعقلي في حضرتك.
لقد سئمت الكذابين والكذابات والمنافقين والمنافقات والفاسدين والفاسدات والدجالين والدجالات، سئمت كل أنواع العبادات، إلا عبادتي أنا وعصاتي وعباءتي، سئمت الاباء والامهات، سئمت الذل والخضوع، سئمت القصص والروايات، الاساطير والخرافات، وأنا العارف أنها كلها جاءت واستولت على العقول على مرّ الفصول لكي تتربع عقول أخرى على العروش، تتربع على الترف والترفيه.
لذا، فربما سأهرب يوماً الى اليقين، أجوب الكون وأتجول بين الفضاءات لأنقش على الكواكب كل الكلمات، وأرسم بكل الاشكال والالوان كل الحقائق والمخفيات، لأنني ببساطة سأسكن عند بؤرة التكوين، أصل الروح ومنبع الخلود، سوف أسكن قربك إلهي.
وهناك، هنا، سوف أطلب منك إلهي أن تمحي حضارات العبودية وتنسف صروح الجبابرة أصحاب الكراسي، لتنتهي أسطورة المساكين على الارض، ولتعتلي البشرية بعدها منصة الانسانية ولو مرة واحدة قبل مماتها.
فهنا، هناك، قربك إلهي، لا رفث بالحقوق ولا فسوق بالحريات ولا جدال للأفكار، هناك، الحياة ليست بحاجة لأمطار تغسل الذنوب وليست بحاجة لزوابع تذهب الرجس، وليست بحاجة لرعود تقصف الاعمال الدنيئة.
فلا تحزني أيتها الارض الطيبة، واصبري، فالصروح سوف تنهار ولن يبقى منها سوى أطلال ذكرى ربما يكتب عنها التاريخ، كما كتب عن فرعون ونمرود، حينها سوف أطير بأجنحة الملائكة وأعود، لأسمع زقزقة العصافير من جديد وأجلس تحت ظلال الاشجار، أكتب الشعر وأنثر الورد في طريق العاشقين.

حسام روناسى
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس


.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني




.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/