الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب والعقلانية

آريين آمد

2015 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


إن غياب العقلانية عن أي مشروع مهما كان حجمه أو نوعه سيتسبب في النهاية في تحقيق نسبة من الفشل في ذلك المشروع وحسب درجة اللاعقلانية التي اعتمدت منذ البداية وحتى النهاية، وكلما كانت اللاعقلانية كبيرة كلما كان الفشل أعظم... والحرب كنشاط أنساني لم ينتج عبر التاريخ سوى المزيد من الألم والموت والدمار، وهذه نتيجة منطقية تليق بفعل يفتقر إلى العقلانية، فمهما كانت أسباب الحروب إلا إنها تبقى عاجزة عن تبرير قتل الناس أو التضحية بهم، وكل ما نسمعه من أفكار تمجد من شان بعض الحروب، أو تحرض عليها، نكتشف عندما نخضعها لاختبارات العقل والمنطق والوجدان إنها ليست سوى تبريرات واهية، على الأقل من وجهة نظر ضحايا تلك الحروب الذين طواهم النسيان. أما الأحياء أو الذين كتب لهم النجاة من أي حرب، فهم ليسوا أفضل حالا من الأموات، فالحرب تقتل فينا أشياء كثيرة جميلة لا تقل أهمية عن زهق الأرواح.
حجم العبث الذي رافق حرب ألثمان سنوات مع إيران، جعلنا نتصور بأننا غادرنا الحروب للأبد، لكننا شاهدنا وعشنا حروبا أكثر عبثية منها، فلقد نجحت قيادتنا "الحكيمة" في استعداء العالم وجلب التحالف الدولي لضربنا بأسلحة حديثة ومتطورة في العام 1991، أعادت البلاد سنوات إلى الوراء، ثم ليتكرر نفس المشاهد في 2003.... كان قدرنا أن نعيش تحت الحرب أو هاجس الحرب والتي أضاعت أعمارنا خلف قرارات مجنونة.
من يعيش تجربة حرب واحدة عليه أن يلعن الحرب مدى الحياة، فالحرب كلها "اذية" ... لكن لماذا لم تغادرنا الحروب؟؟؟؟؟ لماذا تحولت الحرب في العراق من حروب خارجية إلى حرب داخلية؟؟؟؟ هذا مبحث خاص لا أريد الخوض فيه هنا.
ما أريد أن أقوله، إن الحرب غباء أنساني بامتياز، نمارسه طالما لم ننضج عقليا بشكل كامل، واجزم إن رقي الحضارات يقاس بمقدار نبذها للحروب، فلا خير في حضارة تكرس الحرب كأداة في إدارة الأزمات، اعتقد إن الأمم المتحضرة لا تتحارب فيما بينها، وان العالم المتمدن يمتلك اليوم قدرا كافيا من العقلانية لنبذ الحرب، إلا إنهم لم يتخلوا بعد عن ترسانة أسلحتهم، ولم يتوقفوا يوما عن تطويرها، وهذه بفعل إن التهديدات ما زالت قائمة ومستمرة واحتمالات الحروب تبقى قائمة (رغم تراجع فرص الحروب التقليدية نسبيا)، فالعالم بات يشهد حروبا وحشية تشنها جماعات صغيرة.
في الوضع العراقي المعقد دائما، يجد العراقيون أنفسهم عالقين من جديد في حرب اخرى، حرب داخلية، حرب لا يبدو إن نهايتها قريبة، بسبب طبيعتها الصفرية فهذه الحرب لا تقبل سوى بنتيجة واحدة (أما نحن أو هم).... أي (غالب أو مغلوب). أمام هذا النوع من الحرب تنتحر العقلانية بشكل تام، ليس لعجزها للإتيان بحلول، بل لأنها كانت غائبة عن جميع العوامل التي أدت إلى إنتاجها أصلا.
في خضم هذه الفوضى، وشدة المعارك، وقسوتها، علينا أن نكون عقلانيين ونعمل باستمرار لتقليل الخسائر، وهذه مسؤولية كبيرة تتحملها القيادات السياسية والعسكرية فلا خير في نصر متحقق من ارض محروقة، فما قيمة المدن المحررة إذا كانت مهدمة بالكامل؟؟؟!!!!! في العقيدة العسكرية الأمريكية يتم احتساب حجم التدمير قبل احتلال أي بلد، لان الأمريكان يعلمون جيدا بان قوانين الاحتلال تلزمهم بإعادة البناء للبلدان المحتلة.... لذلك يعمل القادة العسكريون على تقليل حجم التدمير كلما كان ذلك ممكنا وبطريقة لا تؤثر على تحقيق الخطة العسكرية.... نفس هذا المبدأ يتم الالتزام به من قبل القوات الدولية عند شنها لعمليات فرض السلام في مناطق النزاع.... لأنهم يدركون جيدا إن بناء السلام يكون أصعب كلما كان حجم التدمير كبيرا وخاصة في البنى التحتية.... علينا أن نوجه جهودنا للتفكير بمرحلة ما بعد داعش، وان يكون أصل التفكير لدينا دائما الإنسان بوصفة إنسان بعيدا عن جميع العناوين الأخرى، وبهذه الطريقة فقط سنعرف كيف نوجه بنادقنا، وكم يجب أن يكون حجم النار المطلوب إشعالها، لنحرق بها أعدائنا فقط ونحافظ على مدننا وناسنا من دمار الحروب التي نخرتنا من الداخل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل