الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيعة والتشيع

محمد الشريف قاسي

2015 / 4 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الشيعة من شايع يشايع شيعة تعني تحزب يتحزب تحزبا وناصر يناصر مناصرة وحالف يحالف تحالفا وحليفا، فشيعة المرء تعني أنصاره وحزبه، وبهذا المعنى اطلق على حزب وأنصار الإمام علي بن أبي طالب في مواجهته لخصومه السياسيين والدينيين بشيعة علي وأهل البيت. وسموا بالعلويين نسبة وليس نسبا. وكما أن للإمام علي شيعة فلغيره شيعة، كشيعة معاوية وشيعة مروان بن الحكم وشيعة عثمان بن عفان إلى غير ذلك من التشيع والتحزب والمناصرة. كما كان منذ عهد قليل في أيام التكتل الدولي حول المعسكرين والقوتين النوويتين أمريكا والاتحاد السوفياتي، فكان لكل طرف شيعة وحلفاء وأنصار بينهما حرب باردة وتارة تسخن، إلى أن ظهرت هيئة في شكل حركة عدم الانحياز بمعني عدم التحزب والتشيع مع طرف ضد طرف والتي كان من قادتها الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين وإيران الإمام الخميني وعراق صدام حسين وليبيا معمر القذافي وسوريا حافظ الاسد ومصر جمال عبد الناصر عليهم رحمة الله جميعا.
الشيعة والسنة حزبان متصارعان منذ أربعة عشر قرنا (14) أي منذ معركة ووقعة صفين بين الامام علي الخليفة الراشدي ومعاوية والي الشام المتمرد والذي استولى على حكم المسلمين بعد أن كان السبب في استشهاد الامام علي وابنه الحسن وثم الحسين، والذي قضى على نهج الخلافة نهائيا واستبدله بالملكية القيصرية وحكم بالنار والحديد والترغيب والترهيب. وبقي حزب الشيعة حزبا معارضا سياسيا وفكريا وفقهيا للأنظمة الحاكمة المتعاقبة منذ وفاة معاوية إلى يومنا هذا، ولذلك يعتبر البعض أن أقدم حزب سياسي في حياة المسلمين هو حزب شيعة أهل البيت بتشعباتهم من اثنى عشرية وزيدية واسماعيلية. وفي مقابلهم حزب الموالاة من فرق ومذاهب أهل السنة من أهل الحديث وأشعرية وماتر يدية ومعتزلة وصوفية وغيرهم، والتي كانت الانظمة الحاكمة المؤسس الحقيقي لها في مواجهة تمدد حزب الشيعة والخوارج الاباضية، وخاصة وأنهم حكموا في مراحل تاريخية مثل دولة الأدارسة الزيدية في المغرب والفاطميين الاسماعيلية بالجزائر ومصر، والاثني عشرية اليوم بإيران.
وبقي حكام العرب والمسلمين متبعين (لا مبتدعين ولا مبدعين) على هذه السنة المعاوية الاموية إلى أن جاء الغرب بمناهج جديدة للحكم منها الحكم الجمهوري والديمقراطي القريب من منهج الخلافة والبعيد كل البعد عن منهج الحكم الملكي القيصري العضوض الذي اول من طبقه وتخلى عن الخلافة معاوية الاموي ومن جاء بعد إلى يومنا هذا الذي تحكم دول الخليج رعياها ( شعوب الخليج اصبحت رعايا وليس مواطنين في دول قبلية مثل قبيلة آل نهيان وآل صباح وآل سعود وآل خليفة وآل ثاني) بهذا المنهج الرجعي التقليدي القديم والذي تحرر منه العالم اليوم. بل حتى دول عربية مثل ليبيا والجزائر وتونس وموريتانيا ومصر وسوريا والعراق واليمن ولبنان وفلسطين...
وهنا نشير إلى أن الدول العربية منقسمة منذ نشأتها إلى دول محمية استعمارية ودول مناهضة للاستعمار، فدول الخليج لم تنشأ نتيجة لثورات ضد الاستعمار بل بأمر منه وحماية له عكس دول عربية أخرى نشئت بعد الثورة على الاستعمار ونيل الاستقلال والتي بقيت مناهضة له ومعادية فتحالفت مع المعسكر الاشتراكي مقابل الحلف الاطلسي وأدواته العربية الخليجية في المنطقة. ولنضرب مثلا للدولة السعودية الحالية والتي نشئت بالتحالف مع القوى الغربية المعادية للاسلام والخلافة العثمانية وحكم أشرا ف مكة في الحجاز وهذه القوى الغربية كانت متمثلة في بريطانيا العظمى خليفتها أمريكا اليوم. فدول الخليج عبارة عن مصنوع غربي في مواجهة مشاريع الوحدة العربية والاسلامية والتي كانت متمثلة في الخلافة العثمانية. عكس دولة كالجزائر مثلا التي نشئت وقامت بعد ثورة شعبية قادها الاشراف بطرقهم الصوفية المرابطة إلى الثورة التحريرية الكبرى ضد فرنسا والحلف الاطلسي والتي كانت نتائجها الاستقلال ودعم الشعوب المستضعفة في العالم بما فيه الشعوب العربية التي تحكم من طرف سلطنات عميلة للحلف الاطلسي . وهذا هو العائق الكبير بين وحدة واتحاد الدول العربية قديما وحديثا عكس دول الاتحاد الاوربي . فدول صنعها الاستعمار لا يمكن أن تتوحد مع دول حاربت وتحارب الاستعمار فالقضية قضية ولاء وبراء وقضية تاريخ.
الحلف الاطلسي يضم الدول الاستعمارية الامبريالية والرأسمالية الكبرى مثل فرنسا بريطانيا وامريكا.
ومنذ ذلك العهد (الامام علي ومعاوية) انقسم المسلمين حزبين رئيسيين سنة وشيعة وإلى طائفتين سنية وشيعية وإلى شيعتان شيعة علي وشيعة معاوية وإلى مذهبان دينيان اساسهما سياسي وهما المذهب الجعفري (جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب) والذي لا يأخذ عن كل الصحابة بل عن أبائه فقط ( قال أبي عن أبيه عن جدي) والمذهب السني الذي يأخذ رواياته وفقهه عن الصحابة والتابعين وخاصة الموالين للأمويين في مواجهة العلويين الشيعة من أمثال عائشة وعبد الله ابن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وأنس بن مالك وخاصة أبو هريرة الذي روى أكثر من (5000) حديث وترك مثله خوفا من الموت حسب رواية له.
والاختلاف الفكري والثقافي والعلمي بين الشيعتين يتطور ولظروف سياسية وعسكرية احيانا الى حروب ومعارك دموية منذ (14) قرنا. مثل ما حدث بين الصفويين والعثمانيين في القرن (15 م) وبين الايوبيين والفاطميين وبين الفاطميين والعباسيين وبين الادارسة بالمغرب والامويين بالأندلس، وبين الزيديين باليمن والوهابيين بنجد وبين ايران والسعودية اليوم وعبر وكلائهم.
وبين داعش والقاعدة في مقابل حزب الله والحشد الشعبي العراقي.
فشيعة معاوية بالأمس هم شيعة أمريكا اليوم وشيعة علي بالأمس هم شيعة إيران اليوم
فأصبح الصراع اليوم بين عرب امريكا وعرب ايران أو بتعبير آخر شيعة أمريكا وشيعة إيران.
عرب أمريكا كل دول الخليج والأردن والمغرب بمعنى الدول الملكية الرجعية الرأسمالية
وعرب ايران او المتحالفة مع ايران كل الجمهوريات مثل السودان والجزائر وتونس وليبيا ومصر وموريتانيا والعراق وسوريا واليمن ولبنان وفلسطين. وهاته الدول كانت حليفة للاتحاد السوفياتي السابق وتحررت من الاستعمار الغربي بعد مقاومة وجهاد طويل ولذلك تعادي المشروع الغربي الامبريالي عكس دول شيعة امريكا والتي لم تحارب المحتل بل هو من انشئها وكونها وتحت حمايته الى اليوم. وهذا هو منشأ الخلاف بين عرب امريكا المنبطحين والعرب الذين قاموا بثورات ضد حلفاء امريكا مثل فرنسا وبريطانيا وايطاليا .
وعرب امريكا لم يدعموا الثورات العربية في تونس ومصر ولا البحرين ولا اليمن بل تآمروا عليها ودعموا الثورات المضادة والانقلابين عليها بالمال والاعلام والسلاح والسياسة.
ولم يدعموا إلا ثوار الحلف الامريكي وهم ثوار الناتو في ليبيا وسوريا والعراق، ففي ليبيا دعموا الحلف الاطلسي لإسقاط معمر القذافي الزعيم العروبي القومي المعادي لشيعة أمريكا، وفي سوريا دعموا معارضة استنبول بما سمي الجيش الحر وارهاب داعش والنصرة لإسقاط نظام الاسد العروبي القومي العلماني والموالي لروسيا وايران، وفي العراق دعموا عشائر السنة المنتفضة وداعش لإسقاط النظام الديمقراطي الفتي والذي تدعمه ايران وأمريكا المحتل السابق.
ولنفهم طبيعة الصراع في الشرق الاوسط لابد أن نعرف ايران قبل الثورة في (1979) وبعد الثورة وطبيعة العلاقات العربية الايرانية، فايران قبل الثورة كانت شرطي امريكا في المنطقة وحليفة اسرائيل ودول الخليج، في نفس الوقت معادية لروسيا والجمهوريات العربية القومية.
وبعد الثورة المعادية لأمريكا في إيران وعميلها الشاه بهلوي والمعادية طبعا لعملاء امريكا في المنطقة العربية من دول الخليج واسرائيل والتي جعلت من ايران قريبة وموالية لدول الجمهوريات العربية استراتيجيا، وهذا الذي جعل من الجزائر في عهد هواري بومدين يسعى للصلح والسلام بين عراق صدام حسين وايران الثورة، لأن الثورة في إيران أصبحت انتصارا للمشروع العربي القومي في مناهضة عرب امريكا وعملائها في الخليج واسرائيل. وفعلا اغلقت سفارة اسرائيل في طهران واستبدلت بسفارة فلسطين، وهذا التطور الخطير في المنطقة جعل من حلفاء وشيعة امريكا يدقون ناقوس الخطر ويعلنون الثورة المضادة تحت غطاء الخلاف المذهبي والعنصري واصبحت كلمة الفرس والشيعة متداولة كثيرة في الاعلام العربي وخاصة الخليجي في الوقت الذي اخفي من قاموسهم كلمات الإمبريالية والاستعمار والصهيونية وإسرائيل. ويكأنه مسموح في منطقتنا العربية لكل القوميات والاجناس إلا للفرس ولكل الديانات والمذاهب إلا الشيعة في التدخل والتواجد بل مسموح لأمريكا وإسرائيل في التواجد العسكري والامني وفي المقابل ممنوع على ايران الثورة بدعوى أن ايران تريد تصدير الثورة وقلب انظمة الحكم الرجعية وتأليب شعوب المنطقة على حكامها. فلماذا مسموح لأميركا وإسرائيل ما هو ممنوع لإيران؟ والسبب أن امريكا وإسرائيل حلفاء دول الخليج ومن مصالحهما بقاء سلطنات الخليج الموالية، عكس ايران التي لا ترى في دول الخليج الا عملاء وحكاما لا يملكون شرعية شعبية ولا دينية بل مفروضين على شعوب المنطقة . لذلك لم تسمح امريكا لشعوب الخليج بالثورة على أنظمتها وقمعت الثورة السلمية في البحرين بدرع الجزيرة وفي اليمن بعاصفة الحزم، لكنها دعمتها في دول الجمهوريات الاشتراكية سابقا بالجزائر وتونس ومصر وليبيا والعراق وسوريا. وهكذا يكون الكيل بمكيالين وتسقط الادعاءات الغربية وتنكشف مؤامرة الثورات العربية وتصبح ثورات عبرية خريفية وتسقط ورقة التوت.
ويتضح الأمر في الحرب الكونية على الاسلام وبأيادي إسلامية في استراتيجية الفوضى الخلاقة ومشروع الشرق الاوسط الجديد وتنفضح الهيئات العالمية ويعرف الغبي قبل الذكي أن كل هاته الحروب لا مبادئ لها ولا قيم وليست عادلة وأن القضية قضية مصالح فقط وفقط .
والخطر اليوم هو خطر الارهاب الديني المذهبي والذي هو منتوج سعودي وهابي وممول من دول الغرب لتقسيم المنطقة وجعلها تتقاتل وتتقسم الى دويلات وامارات وسلطنات متقاتلة على الفتات الذي يتركه لهم الرجل الغربي المتطور وصحاب التقنية والعلوم الاستراتيجية والخطط المستقبلية وصاحب الاهداف الاكيدة وبعد النظر.
ونحن اليوم بحاجة إلى أن تدخل هاته المذاهب والتشيعات إلى المتحف وأن تصبح من الماضي والتراث الواجب دراسته وليس تطبيقه وتبنيه، فكيف بأحزاب ومذاهب بشرية تبقى كل هذه المدة بدون مراجعة ولا اجتهاد ولا تجديد ومن المؤسف أنها اصبحت تقتلنا وتهلك الحرث والنسل بسبب تعصب اتباعها من المحافظين التقليدين الرجعيين. فسنة الحياة والسنن الكونية تأبى إلا أن تحيل هذه المذاهب إلى المتاحف فالزمن والمكان والإنسان تغير فكيف لا تتغير هاته المناهج البشرية التقليدية والتي اصبحت تضر أكثر مما تنفع. فنحن بحاجة إلى حركة عدم الانحياز دينية فكرية ثقافية في مواجهة هذين التكتلين الغبيين ومسايرة روح العصر في التجديد وتبني فكر تنويري بناء يواكب الحضارة الانسانية والتقدم التقني والعيش بسلام بل نريد أن تتعايش الأديان كلها وتتحاور وتكون أداة بناء لا هدم فعالم اليوم ليس عالم البارح والمسؤولية الاخلاقية والانسانية المشتركة تجعلنا نشعر بمسؤولياتنا اتجاه بعضنا البعض واتجاه هذا الكون بمن فيه وخاصة مع انتشار وسائل الدمار من نووي وجرثومي ومشكل التلوث الذي يهدد طبقة الأوزن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح


.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي




.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال صبيحة عي


.. هنية: نرحب بأي قوة عربية أو إسلامية في غزة لتقديم المساعدة ل




.. تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل