الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طفولة HAYA والكتاب

حسام روناسى

2015 / 4 / 22
الادب والفن


طفولة HAYA والكتاب ...
يوم أمس اتصلت بشقيقتي التي تعيش في ألمانيا لسؤالها عن الحال والاحوال، وبعد أن استمر الاتصال عبر الشبكة المباركة فايبر بضعة دقائق طلبت مني شقيقتي أن أشاهد ابنتها وهي بأحلى حُلة وأبهى منظر، ووسط رفيقاتها من العرب وغير العرب، شاهدتها كي أبارك لها بعيد ميلادها التاسع.
في الحقيقة شعرت بسعادة كبيرة بيوم ميلاد HAYA وفي الوقت نفسه شعرت بالحزن والاسى أن هذه الطفلة بعيدة عني وعن خالها الاخر وبعيدة عن عمها وعمتها وجدها وجدتها، والسبب يعود طبعاً للهجرات القسرية الجماعية التي طالت أغلب العوائل العراقية إبّان الاحداث التي ألمت بالعراق بعد سقوط بغداد.
وما أن شاهدت HAYA وشاهدتني، حتى بادرت هي بالسلام وبلغتها العربية المميزة باللكنة الاوروبية، فباركت لها بعيد ميلادها وتمنيت لها عمراً مديداً وميلاداً جديداً، يتجدد كل عام وهي وسط أمها وأبيها وأخواتها وأخيها. فرحت الطفلة كثيراً بالاتصال وبالكلمات، وكالعادة كان عليّ أن أشتري لها هدية بهذه المناسبة، ولأنها بعيدة عني، سألتها أن تختار هديتها لكي أبعثها عن طريق البريد، أو أن أحتفظ بها لحين سفرها وأهلها إلي خلال العطلة الصيفية.
بعدما طلبتُ من HAYA أن تختار هديتها، بقيت صامتة لحظات لا تتكلم، لهذا قلت لها: سوف أشتري لك دمية جميلة جداً، ضحكت وقالت: لا شكراً، أنا لم أعد ألعب بالدمى. قلت لها: إذن سوف أشتري لك لعبة ميكانو، رفضت أيضاً، قلت لها: هل أشتري لك ثوباً جميلاً، قالت عندي منه الكثير، سألتها: وماذا تتمنين إذن؟ قالت بدون خجل: أطلب منك يا خالي أن تشتري لي كتاباً.
كتاباً !! تعجبت كثيراً من طفلة بعمر 9 سنوات تطلب أن تكون هدية عيد ميلادها، كتاباً، بدوري وبدون تردد قلت لها: حسناً يا عزيزتي سوف أشتري لك الكتاب. فرحت الطفلة كثيراً وشكرتني، لكنها أضافت طلباً آخر وقالت: ليتك يا خالي أن تختار لي رواية جميلة وباللغة الالمانية. في الحقيقة زادت دهشتي، لكني وعدتها أن أشتري لها الرواية بكل تأكيد. بعد أن أغلقت الهاتف، الموبايل، وانتهى الاتصال، رحت أتذكر طفولة أبناء العراق وأبناء الدول العربية الاخرى، وكيف يقضون أيامهم وسنينهم.
تذكرت أن بعضهم لا يزال يبحث في النفايات يجمع العلب الفارغة لبيعها، بينما الحكومة منشغلة بالمطاردات السياسية المخجلة والمعيبة، وبعضهم لا يزال يلعب بالطين في الاوحال التي تملأ الطرقات والاحياء، خاصة أيام الشتاء، بينما انقضى على سقوط بغداد أكثر من 12 عام ولا تزال الحكومة تخادع شعبها بالمشاريع تلو المشاريع، والشعب المسكين عليه أن يصدق ويصفق فقط!! وبعضهم لا يزال حافي القدمين أينما يذهب، حتى عندما يتجول في المدينة، بينما أولاد الوزراء يقيمون حفلاتهم في لندن وبيروت وباريس، وبعضهم صار يتيماً والبعض صار مشوهاً والبعض صار مشرداً، وذلك كله بسبب حملات الامريكان العسكرية التي اجتاحت العراق، بل هناك منهم من امتهن مهنة الباعة المتجولين على الارصفة وفي الطرقات وفي الشوارع، أو صاروا عمالاً صغار السن لدى أصحاب الاعمال والمهن الحرة، والأخطر من هذا وذاك، صار البعض من هؤلاء الاطفال المساكين يمتهن مهنة التسول، بينما العراق يطفو على بحيرة من النفط من شماله الى جنوبه.
بعد هذه النبذة المختصرة عن أطفال العراق .. هل نتوقع أن يحتفل بعضهم على الاقل بعيد ميلاده؟ وهل نتوقع من بعضهم على الاقل إن أقيم له عيد ميلاد أن يطالب بأن تكون هديته كتاباً؟ متنازلاً عن الالعاب النارية والمسدسات البلاستيكية التي تملأ الاسواق الح لية؟ هل نتوقع منه أن يطلب أن تكون هديته لعيد ميلاده كتاباً، وهو محاط ليل نهار بعادات وتقاليد مقيتة موروثة، لا تحترم الاراء ولا تحترم الافكار ولا تحترم التجديد ولا تحترم التنوير. فشتان بين أطفال أوروبا وأطفال العراق، وشتان بين أطفال اوروبا وأطفال سوريا ومصر ولبنان والسودان وغيرها من الدول العربية.
حسام روناسى
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة


.. الفنان صابر الرباعي في لقاء سابق أحلم بتقديم حفلة في كل بلد




.. الفنانة السودانية هند الطاهر في ضيافة برنامج كافيه شو