الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجبهة الشعبية التونسية و الندوة الوطنية الثالثة : امّا صدمة الاحياء الجذرية و امّا الموت البطيء.

بيرم ناجي

2015 / 4 / 22
مواضيع وابحاث سياسية



اتصل بي الرّفيق م .ق و أعلمني- والعهدة عليه- أنّ الرفيق حمّة الهمّامي يرغب من مثقفي و مناضلي الجبهة الكتابة ، بما في ذلك النقديّة ، مساهمة في الاعداد للندوة الوطنيّة الثالثة المزمع عقدها في أواخر ماي أو بداية جوان القادمين.و رغم انني شخصيا لم أتلقّ الى اليوم أي تفاعل – سلبي أو ايجابي- من قيادة الجبهة مع ما كتبته سابقا الا نادرا جدا و من بعض الرفاق كأفراد .الا انه يسعدني المساهمة في هذا المجهود في انتظار مساهمة أكثر تنظيما من خلال التنسيقية التي أنشط فيها . لذلك سأبدأ بملاحظة شخصيّة- تنظيميّة ثم أحاول المساهمة في التقييم و النقد باختصار شديدين.

1-

ملاحظة أولى شخصية- تنظيمية ...غير بسيطة بالمرّة .
أنا عضو في تنسيقية من تنسيقيات الجبهة. و نحن كتنسيقيّة لم يتصل بنا أحد الى حدّ اليوم لا بشكل رسمي و لا بشكل غير رسمي ليطلب منّا المشاركة الجماعية المنظمة في الاعداد للندوة. في المقابل يتمّ الاتصال بي شخصيّا للقيام بتلك المشاركة. ورغم نصف سعادة بهذا -لا تقدم و لا تأخر- فانّ الغضب هو الشعور الذي انتابني و رفاقي و أصدقائي الذين أعلمتهم بالأمر لأننا رأينا في هذا اهانة للتنسيقية التي ننتمي اليها و التي - على فكرة- بها مناضلون و مناضلات عرفوا السجون و التعذيب و كسر الأضلع و الاغتصاب الجنسي و التجويع و التشريد بسبب ما ناضلوا من أجله زمن بورقيبة و بن علي خاصة، و التخصيص على بن علي راجع الى عمر المناضلين في تنسيقيتنا وليس لأيّ سبب آخر.
ان الاتصال بي شخصيا و عدم القيام بذلك رسميا و تنظيميا بالتنسيقية التي أناضل داخلها يعتبر نقيصة هيكلية تنظيمية لا تغتفر مهما كانت الحجج و المبرّرات التي كنّا نحاول ايجادها للقيادة في السّابق بحكم تسارع الأحداث و ضغطها و التي لم تعد موجودة منذ انهاء تشكيل الحكومة خاصّة.
أستجيب للطلب و لكن بمرارة هذه المرّة تفوق كل المرّات الأخرى لأنّني أكاد أرى الفتق يتسع على الرّاتق. صحيح انه من الطبيعي جدا بعد الانتخابات و تشكيل الحكومة أن تهدأ الساحات ولو مؤقتا. و صحيح ان الآلاف سيركنون الى الراحة . فمنهم من كان مجرد ناخب و منهم من انخرط في الحركة دون انخراط في تنظيم و من الطبيعي أن يهدأ بعد المعركة. ولكن ظاهرة التراجع والاحباط و اليأس و القرف من السياسة لم تصب فقط المواطن العادي و المناضل البسيط بل وصلت الى عدد هام من المناضلين المتقدّمين بسبب تذمرهم من سلوكات وأخطاء الجبهة أو بعض مكوناتها الى درجة أن رفيقا من مدينة مفصلية في تونس هي قفصة البيّة قال لي في معرض الحديث عن أزمة المشروع- الجبهة: " لا اطر للحديث في هذا .....الجبهة واقعة افتراضية وظاهرة لغوية.... تعبنا واصابنا اليأس من هذا اليسار الغبي والمكابر ....". وحتى لو كان هنالك بعض من مبالغة شخصية هنا فان القول يعكس حالة تراجع معنوي حقيقي عند الكثيرين و تعكسه حالة العطالة التي عليها عدة تنسيقيات جهوية و في المهجر.
و لكن...كما يقول درويش" هنالك مواطئ في الشعوب عصيّة على الموت أبدا". و مقاومة الموت يتطلب في ما يتطلبه أحيانا... العناد. نعم العناد ، الى درجة تعديل الدماغ عقليا و نفسيا على عدم الاهتمام بحالته النفسية المتشائمة أو المتفائلة أو المتشائلة و التركيز على ضرورة البقاء في حالة وقوف دائم، ببساطة لأنه لا بديل عن ذلك ...وجوديّا الا الانهيار الفردي أو الجماعي و بالتالي :الموت الحيّ.
في هذه اللحظات لا بدّ من النظر أوّلا الى نقاط القوّة الموجودة فعليّا و التمسّك بها. ثم تذكّر الشهداء الذين لا يجب أن يذهبوا هكذا سدى و الشعب الذي يكابد وينتظر أبناءه المخلصين و اتخاذ القرار بالنهوض من جديد وسط الركام المحيط مهما كان حجمه عبر النقد و الاصلاح ...ما أمكن.

2-

كلمة حقّ أولى ضروريّة ...دونها العدم :
رغم كل النقائص و رغم انه كان بالامكان تحقيق المزيد من المكاسب. لا بدّ من التنبيه ان الجبهة لعبت دورا مهما في تاريخ تونس منذ تأسيسها اثر سقوط بن علي و كانت مكوناتها قد لعبت أدوارا هامة قبل ذلك في النضال الوطني و الديمقراطي في البلاد منذ بداية السبعينات خاصة. و يمكن القول أن الجبهة الشعبية اليوم تعتبر الأفضل مكانة في صفوف اليسار العربي – بمعنى اليسار الاشتراكي و القومي عموما- من حيث التأثير في السلطة و الانغراس الشعبي الذي عبرت عنه نتائج الانتخابات التشريعية و الرئاسية التونسية الأخيرة. و تكفي مقارنة وضعيتنا بوضعيات كل أطياف اليسار العربي للتأكّد من ذلك . ان هذا المعطى ،وان فسرته أيضا خصوصية تونس التاريخية - و لكن دون نسيان كوننا جزء من هذا التاريخ منذ ما يقارب القرن أيضا- يعتبر أكبر مكسب حققناه . و قد كان لدماء شكري و البراهمي الدور الكبير في تحقيقه ومعه نضال المناضلين اليومي قبل وعند الانتخابات . ان هذا المعطى يتغافل عنه أحيانا مناضلو الجبهة الذين قدّموا الكثير و لكنهم تسجنهم حمأة غضبهم على الجبهة أحيانا و تصدمهم مكانة كانت يمكن أن تكون أفضل أحيانا أخرى . كما يتغافل عنه خصومها وأعداؤها بهدف التقزيم و التجاهل المقصود طبعا.
فلنكن واضحين إذن. رغم النواقص هنالك مشروع بدأ يتبلور و تنظيم بدأ يتشكل و دفع قائدين و مناضلين له شهداء للجبهة و الوطن - الذي مازال يزفّ الشهداء - و حقق نتائج محترمة نسبيا و لا بدّ من اصلاحه و تطويره وليس التنكر له أو هدمه.هذا اذا رمنا أن نكون ايجابيين وتجنبنا العدمية و مازوشية النواح المتواصلة بسبب الحداد المرضي الذي أصاب العديد منّا جرّاء تساقط الشهداء الواحد تلو الآخر و ما يقابله من أزمة فراغ و ركود .

3-

لكنّنا لا يجب أن نقف عند هذا فقط – مثلما يقوم بذلك بعض منّا و خاصة من بعض القادة و بعض أتباعهم مبالغة في المديح و كأنه ليس في الامكان أحسن مما كان- بل يجب أن ننظر الى الصورة كاملة بسبب وجود نواقص و أخطاء فعليّة لا بدّ من تقييمها و اصلاحها جذريّا اليوم قبل الغد.
نحن طبعا لا نناضل في محيط ملائم و لا في مرحلة تاريخية ملائمة لنا لا دوليا و لا عربيا و لا تونسيا. و الساحة السياسية ليست مخبرا علميا يعطي الحق لصاحب النظرية الأصح و يحكم بالفشل على صاحب النظرية الخاطئة. المجتمع البشري ليس مختبرا علمويا للحقيقة بل هو ساحة نضال تحكمه موازين القوى الاقتصادية و السياسية و العسكرية و الاعلامية و غيرها. و كثيرا ما ينتصر فيه الخطأ على الحقيقة . ان الذين يفسرون هزيمتنا بأخطائنا الطفولية و انتصار غيرنا بصحّة نظرياتهم و برامجهم السياسية الواقعية فقط لا يفهمون شيئا تقريبا من التاريخ و السياسة.
و لكن من يمارسون الاتكاء على عكاز التاريخ و الواقع الموضوعي للاستنتاج انه لم يكن في الامكان أفضل مما كان يقترفون الخطأ المقابل لتبرير عدم اصلاح الأخطاء و لحماية القيادة و المناضلين من النقد من الدّاخل و حتى من الخارج. نحن بشر نمارس و نصيب و نخطأ مثل غيرنا و قد مارسنا و أصبنا و أخطأنا... و لا بدّ من التقييم و الاصلاح و الا فان تواصل الوضع الحالي سيؤدّي الى انسداد الأفق لاحقا بعد مرور الثورة- ومعها الجبهة - من لحظة الكاريزما الثورية الاستثنائيّة و المؤقتة دائما الى لحظات الروتين اليومي العامة في تاريخ كل الثورات.هذا عن الثورات عموما و من باب أولى الثورة التونسية و خصوصياتها العديدة التي لم تجعل منها ثورة اجتماعية جذرية حقيقية و ناجحة و حصرتها في الجانب السياسي الى حد الآن.

4-

قلت أعلاه انه بعد تشكيل الحكومة خاصة لم يعد هنالك من مبرر لعدم قيام قيادة الجبهة باتصالاتها المنتظمة مع التنسيقيات. و لكن المسألة تتجاوز هذا الجانب بكثير. بعد هدوء المعركة وأثناء الاستراحة بين معركتين بسبب انهاك القوى أو بسبب الهدنة أو غيرهما، يفترض في كل تنظيم- جيش يحترم نفسه أنه يعيد اعداد الخطط و تنظيم الصفوف استعدادا للمعارك القادمة. وفي هذه المرحلة قد يركن الجنود العاديون للراحة و لكن على هيئة الأركان أن تواصل عملها على جميع الأصعدة و الا ما كانت أهلا للقيادة. ولكن هذا لم يتمّ كما يجب و في وقته. و هذا كان يجب أن يتمّ و بطريقة أفضل مما يحصل الآن ، مباشرة بعد الالتفاف حول الجبهة في الدورة الثانية للرئاسيات ثم ، في أقصى تقدير، بعد تشكيل الحكومة مباشرة .
ان أكبر دليل على هذا هو الطريقة التي يتم بها عقد الندوات الجهويّة. قلت لرفيقي أعلاه – الذي طلب منّي الكتابة- من بين ما قلت له انني، وأنا مناضل جبهاوي، أعلم عن مؤتمر حركة النهضة العاشر الذي سيعقد في الصيف القادم أكثر مما أعلم عن ندوة الجبهة التي ستعقد في الشهر القادم. ان الاعلام حول الندوة ضعيف جدا و لا توجد وثائق للدراسة و لا حتى تعليمات حول الخطوط العريضة التي يجب تناولها ، على الأقل بالنسبة الى التنسيقية التي أناضل ضمنها. كل هذا في الوقت الذي يفترض فيه،اذا كنا واعين بالأزمة و راغبين في اصلاحها جذريا بسبب عدة انتكاسات حصلت- ليس من أدلّ عليها ما وقع في ذكرى احياء اغتيال الرفيق شكري بلعيد- أن نتصرّف بحكمة أشدّ من كل المراحل السابقة خاصة وأن المطلوب ليس مجرّد ترميم لم يعد ينفع بل اصلاحا جذريّا... دونه السقوط ...ربّما.
أنا أعتقد انه علينا اليوم القيام فعلا بإصلاح جذري على كل المستويات و أعترف انني لست متفائلا كثيرا لسببين:
- أولهما تحنّط الأحزاب الجبهاوية حتى ان بعضها لا يعقد مؤتمراته الداخلية فكيف سيكون ديمقراطيا داخل الجبهة.
- و ثانيها انسحاب عدد كبير من المناضلين بسبب الاحباط سواء من المستقلين أو من المتحزبين.
هذا يجعل المهمة شاقة لأنها ليست مجرد أزمة نفسية عابرة بل أزمة هيكلية جوهرها حسب رأيي هو الديمقراطية فكريا و سياسيا و تنظيميا.و لكن لا خيار. هنالك مشروع لا بد أن يستمر و هنالك تنظيم لا بد أن يصلح و يتطور وفاء للشهداء و الشعب و أملا في الصمود و مواصلة المسيرة.
لكن هذا يتطلّب مراجعة فعلية و جذرية تتحمل القيادة مسؤوليتها الكبرى فيها على كل المستويات. و عليها أن تبدأ بنفسها ان كانت تريد أن تعطي المثل الايجابي على القدرة على التطور فعليا كما سيأتي ذلك لا حقا. و لكن قبل ذلك لا بدّ من فقرتين: واحدة فكرية و أخرى سياسية .

5-

هنالك مشكلة حقيقية في الهويّة الفكرية للجبهة و أحزابها:
انها مسألة تبني الديمقراطية و نبذ التسلط و الدكتاتورية باسم القومية و الاشتراكية مع امكان – بل ضرورة - نقد الليبيرالية السياسية التمثيلية الشكلية على الطريقة المونتسكياوية و المطالبة مثلا بالديمقراطية الج.ج.روسوية المباشرة على قاعدة التمثيل النسبي و غيره .و لكن مع الحفاظ على التعددية و الانتقال السلمي و الخيار الشعبي المدني و غيرها. الى اليوم لم توضح أحزاب الجبهة بما فيه الكفاية موقفها من هذه المسألة و هذا سهل على النهضة اتهامها بما يسمى الاستئصال و على نداء تونس و غيره اتهامها بالطفولية وباليسراوية و التطرف و غيره. ان أحزاب الجبهة تسلك كأحزاب يبدو انها تتفاعل مع الفكر الديمقراطي واقعيا – و كأنها مرغمة على ذلك تكتيكيا لا غير- و لكنها الى اليوم لم تثبت ذلك في وثائقها الرسمية و خطابها الاعلامي مما يبعث على الشك في صدقية و خاصة في عمق القبول بالديمقراطية . و هذا يظهر كثيرا عند مناضلي الصفوف الوسطى و الدنيا لكل أحزاب الجبهة بمناسبات تذكر ستالين و جمال عبد الناصر و صدام حسين مثلا .وقد ظهر مثلا في مناسبتين عجيبتين :الأولى عندما انقلب السيسي على الاخوان فراح البعض يوزع مزهوا صورته و هو طفل مع جمال عبد الناصر. و الثانية عند ظهور داعش و ترويج البعض أن عزت الدّوري هو من يقود المقاومة هنالك . مما يعني ان هذه الأحزاب لا دراية لها بشيء تقريبا و مستوى تثقيفها لقواعدها يقارب الصّفر. بصراحة ، لقد حان الوقت لهكذا تغيير جذري و لا بدّ من الجرأة الفكرية عليه عبر طرح بدائل جديدة ديمقراطية جذرية و لكن غير تسلّطية. وان تقييم تجارب الاشتراكيات و القوميات التاريخية ضروري الآن و نحن في فترة هدوء نسبي يسمح بالمراجعات النظرية قبل اشتعال الحراك الاجتماعي من جديد ربما. وان المسألة ،اضافة الى كونها ليست مسألة تكتيكية و- أو تآمريّة، ليست مسألة نظرية جافة ، بل لها انعكاسات على عمق ثقافتنا السياسية بكاملها بما هي " كل طرق الاحساس و التفكير و التصرّف السّياسي. و هذا ما يبدو أن حركة النهضة فهمته ، على طريقتها الخاصة طبعا، كما يبدو من خلال تحضيراتها لمراجعات قد تقدم عليها في مؤتمرها العاشر القادم، مع كلّ التحفظ و التنسيب الضروريين في المقارنة.

6-

نتيجة لهذا الجانب الفكري لا يوجد عندنا فقط مشكل في كيفية ادارة الصراع مع اليمين – اذ نسمع بعض الأحيان من هذا و ذاك من مناضلي الصفوف الوسطى و الدنيا في الجبهة شعارات تعود الى مقاصل الثورة الفرنسية واعدامات الثورة الروسية و مشانق الانقلابات العسكرية العربية- بل و حتى مع الوسط التونسي. و اذا كان هنالك مقتل سياسي – تكتيكي داخل الجبهة فهو برأيي سوء التعامل مع قوى الوسط السياسي التونسي. لقد بدأ ذلك مع الحزب الديمقراطي التقدمي و حركة التجديد منذ قبلا بوزارتين في حكومة الغنوشي الثانية فاتهموا بكونهم من قوى الثورة المضادة و تواصل ذلك مع المسار و الجمهوري و حركة الشعب و التحالف الديمقراطي بل و أقول حتى مع عدد من مناضلي التكتل و المؤتمر الذين – ربما- ساهمنا نحن في دفعهم الى اليمين عوض محاولة جلبهم أكثر الى ناحية اليسار قدر الامكان هم و بعض رموز الاسلاميين التقدّميين رغم انقراضهم شبه التام في السّاحة الفكرية و السّياسية. طبعا هنالك من سيعتبر انني أحمل الجبهة خيانات الوسط مثلما يحملها البعض خيانة نداء تونس. لكنني أعتقد اننا أسأنا في تعاملنا مع الوسط السياسي لأننا لم نطرح عليه تحالفات خاصة بتاتا و اكتفينا غالبا بدعوته الى الالتحاق بالجبهة ليدلل على حسن نواياه السياسية في حين ان التحالفات لا تدار بهكذا طريقة.و لعل الصراع الأخير حول لجنة المالية في البرلمان أكبر دليل على ذلك ووجدنا أنفسنا نقبل حلا بيننا و بين الكتلة الوسطية قدمه... محمد الناصر - نداء تونس. ان بيان الجبهة الأخير بمناسبة الانتخابات الرئاسية مثلا دعا الى الانفتاح على قوى سياسية من خارجها و لكن ذلك أتى متأخرا و لم يتواصل العمل به فعليا حسب علمي في حين ان ذلك السلوك كان يفترض أن يكون ملازما للجبهة منذ البداية و يترجم فعليا بلقاءات و اقتراحات من جانبنا. اذ لا ضير في عقد الجبهة تحالفات أو تنسيقات خارجها مع الوسط السياسي لأن المرحلة في تونس- كما تبين الآن بوضوح- هي مرحلة تتطلب على الأقل تحالف اليسار و الوسط الاجتماعي لانقاذ ما يمكن انقاذه و تحقيق ما يمكن تحقيقه من مطالب الشغل و الحرية و الكرامة الوطنية.
هذا مع الوسط. أما عن علاقتنا مع القوى التي تعتبر نفسها على يسار الجبهة – ومنها من أطرد منها- فحدّث و لا حرج . في حين أنّ بعضهم هم من خيرة مناضلي الحراك الاجتماعي و الحركة النقابية خاصة قبل و بعد الثورة. وأذا كان صحيحا ان كل علاقة سيئة يتحمل الطرفان مسؤولية سوئها فالأولى بنا أن نتحمل مسؤوليتنا نحن الأوائل و لا ننتظر أن يبادر الآخرون باتجاهنا اذا كنا واعين بحساسية الوضع وحريصين على تحقيق مطالب الشعب و تجنب المعارك الجانبية التي لا تخدم إلا أعداءه.

7-

هنالك مشكل ديمقراطي - تنظيمي عويص أيضا تعبر عنه هاتان الوضعيتان التاليتان مثلا.
الأولى : المواطن العادي – أسير الاعلام-لا يعرف من حزب العمال الا حمة الهمامي و جيلاني الهمامي و عمار عمروسية و مؤمن بلعانس. و من الوطد الموحد لا يعرف الا زياد لخضر و محمد جمور و منجي الرحوي . و من التيار الشعبي لا يعرف الا زهير الحمدي و مباركة البراهمي و مراد العمدوني نسبيا .و من الطليعة لا يعرف الا أحمد الصديق. و من القطب لا يعرف الا رياض بن فضل. و من نفس الأحزاب و من غيرها من الأحزاب و الجمعيات لا يكاد يعرف- الا قليلا- نزار عمامي و جلول عزونة و فتحي الشامخي و لطفي بن عيسى ،الخ.
سؤال بسيط رغم وعيي بلعبة الاعلام التونسي: كم وجها ، في المقابل، يعرف هذا المواطن من النهضة و نداء تونس مثلا؟
الثانية : بعض أحزاب الجبهة لم تسمع عنها انها عقدت مؤتمرا منذ التأسيس .و بعضها لم تسمع عنها انها عقدت اجتماعا للجنتها المركزية. و نلوم على نداء تونس – وهذا ممكن- و على النهضة التي تعقد المؤتمرات و تعقد لمجلس شوراها عدة دورات قبل و بعد الانتخابات .و بعض زعماء الجبهة هم في نفس الوقت 1-عضو في مجلس النواب و 2-أمين عام حزبه و3 - ناطقه الرسمي و4- عضو مجلس أمناء الجبهة في نفس الوقت.
سؤال بسيط آخر: أين هي الديمقراطية التنظيمية في هذه الأحزاب ؟ و أليس من حقنا أن نخاف على الديمقراطية التنظيمية في الجبهة عندها ؟ وأين هم بقية المناضلين من نساء و شبان الجبهة خاصة ، و الحال ان الثورة ثورة شباب و أن النساء هن نصف البلاد و هن من عدّل كفة الانتخابات الأخيرة؟
ملاحظة شخصية بسيطة أسوقها عرضا الى البعض:
أنا مستقل و لا مشكلة عندي شخصية مع أي من قادة هاته الأحزاب كأن أرغب في تعويضهم مثلا. و لا أرغب في أي منصب قيادي في الجبهة بتاتا. فحتى الجغرافيا لا تسمح لي بذلك لو أسأت النيّة مثلا. وعندي من مشاغل الدنيا ما يعرقلني حتى عن ممارسة كفيف الحياة أحيانا . فلا يذهب ظنكم بعيدا.

8-

انطلاقا من هذا التوصيف الذي قد يبدو للبعض قاسيا- وان كان فهي قسوة مريد و هدفها من التحسّن المزيد- اعرض بعضا من أخطائنا التي لا تغتفر في حق أنفسنا أولا . ومنها ما قد لا تكون له علاقة مباشرة بما سبق :
- لقد ساندنا – بطريقة ما و لكن في بيان رسمي صادر عن الجبهة- انقلاب السيسي في مصر بل و لمّح بعض مناضلينا باستحسان الحلّ العسكري تقليدا لما تم في مصر.
- لم ندر مسألة الترشيحات الى البرلمان بحكمة مما أّى الى أزمات خطيرة في جهات عديدة أخطرها تم في بنزرت و جنوب فرنسا لا يزال الوضع فيهما متوترا جدا بين المناضلين و حسب علمي لم تفعل القيادة ما يكفي لرأب الصدع مع رفاق أعزّاء مثل أنور القوصري و عزّالدين البوغانمي ، ولنقل، مهما كانت أخطاؤهم هم و رفاق آخرين مثل الطاهر شقروش و محمد الفتاتي و محمد التومي المعروفي و شبكة المستقلين و غيرهم.
- كما ان طريقتنا في ادارة الحملة الاعلامية أثناء الحملة الرئاسية طرحت مشكلا لا يزال غامضا في علاقة ببعض رجال الأعمال و الاعلام و سبب – على الاقل- احراجا لمناضلي الجبهة و لا يعرفون تفسيره الى اليوم.
- أساء الرفيق حمّة و مجلس الأمناء ادارة مسألة التزكيات الرئاسيّة ثم زاد الوضع سوء بطريقة التعامل معها التي كادت أن تؤدي الى كارثة.
- تردّدنا و انتظرنا كثيرا في الدورة الثانية من الرئاسيات وكان من الممكن تفادي ذلك لو أن الجبهة اعتمدت مبدأ قابلية الاختلاف بين الأحزاب في المواقف و التصويت الديمقراطي و التزام الأقلية بموقف الأغلبية أو حرية اتخاذ مواقف مختلفة مع المحافظة على الوحدة باعتبار ان الانتخابات لم تكن سوى محطة عابرة في حين ان الجبهة تريد أن تكون جبهة مرحلة كاملة. و كانت ردود الأفعال سيئة جدا من داخل الجبهة و خارجها و لا تزال العلاقات سيئة بين البعض بسبب الاختلاف وقتها.
- لم نحسن ادارة احياء الذكرى السنوية الثانية لاغتيال الرفيق شكري بلعيد و أدى ذلك الى مصيبة لا تزال نتائجها الى اليوم.
- لم نحسن التصرف في الموقف من المسيرة المنددة بالارهاب بعد عملية باردو و عزلنا أنفسنا وكان من الممكن اما المشاركة النقدية- هذا حصل في فرنسا بعد عملية شارلي ايبدو- أو تنظيم مسيرة خاصة لكننا لم نفعل لا هذا و لا ذلك.
ملاحظة :
مجلس أمناء الجبهة هو وحده من كان يحل و يربط في كل صغيرة و كبيرة و لم نسمع بدور المكتب التنفيذي أبدا. فقط ظهر دور لجان الخبراء و دور اللجنة التي ساعدت الرفيق حمّة في الحملة الرئاسية. معنى ذلك ان السلطة القيادية كانت كثيرة الفوقية والمركزة الى درجة انعزال المجلس ليس فقط عن التسيقيات- فهذا حال كارثي فعلا- بل و حتى عن الهيكل الذي يليه في سلّم الترتيب.

9-

في نفس الوقت الذي يتخذ فيه مجلس الأمناء قراراته غاب عنه دائما و أبدا توضيح ذلك عبر وثائق سياسية داخلية تفصيلية و اكتفى ببيانات فايسبوكية عامة و بمداخلات أعضائه في وسائل الاعلام في حين ان مئات المناضلين لم تكفهم التدخلات الاعلامية و كانوا ينتظرون وثائق داخليّة تفسّر سبب اتخاذ هذا الموقف أو ذلك و الحجج التي تسنده. و هذا الوضع جعل أعضاء مكاتب التنسيقيات الجهوية و بالمهجر عاجزين عن توضيح الأمور الى منظوريهم فاجتهد كل بطريقته. ولكن هذا الوضع أدّى الى انسحابات بالجملة منذ اتخاذ تكتيك جبهة الانقاذ الى اليوم. أضف الى ذلك ان أغلب أحزاب الجبهة نفسها كانت تكتفي ببيانات مجلس الأمناء و مداخلاتهم الاعلامية و هي نفسها لم تعمم وثائق سياسية تكتيكية على قواعدها مما أدّى بعدد كبير من مناضليها الى الانسحاب أو التمردّ بطريقة غير سليمة في الغالب و تمّ هذا و يتمّ خاصة في صفوف أحد أحزاب الجبهة اليساري الأساسيين وكأن قيادته لم يعد لها أي احترام وأي هيبة ولا قدرة على اقناع مناضليها المنفلتين تماما و الذين لم يكتفوا بعدم قبول قرارات بل انحدروا الى الشتم و القذف الشخصي في أمناء عامين و أحزاب بكاملها. و في هذا الاطار فانه رغم ان الجبهة لها خبراء الا انه يبدو انها لم تقسم العمل فيما بينها بتكليف مثقفين بادارة الأمور الفكرية- السياسية على الأقل من حيث كتابة وثائق داخلية مطولة توضح السياسات و التكتيكات وهو ما أثر و سيواصل التأثير سلبا على وحدة الجبهة لو تواصل.

10-

على ذكر هذا أعتقد ان هنالك مسألة محورية لا بد من توضيحها حتى لا نقع في ما وقعنا فيه سابقا و هي مسألة نظرية- سياسية يعود أصلها الى ما أعتقده تناقضا بين نداء الجبهة (أكتوبر 2012) و ارضيتها السياسية.
هنالك فكرتان متناقضتان أدتا الى انقسامات في الجبهة سابقا و خروج أحزاب منها وهما: من ناحية المساواة النظرية بين اليمين الديني و اليمين الليبيرالي و من ناحية ثانية الحديث عن مخاطر اليمين الديني الخصوصية على النمط المجتمعي" لتونس.
ان المساواة بينهما تؤدي الى اعتبارهما عدوّين مثل بعضعهما البعض و تمنع التحالف وحتى التنسيق مع أحدهما ضد الآخر. بينما اعطاء خصوصية لخطورة اليمين الديني تسمح بالتنسيق مع اليمين الليبيرالي للاطاحة به و هو ما برر جبهة الانقاذ مثلا.
ان عدم توضيح هذه المسألة أدى وسيؤدي حتما الى تصدّعات في كلّ مرة داخل الجبهة كل ما احتّدت الوضعية في البلاد و هي وضعية مؤجلة حاليا بحكم تحالف النداء و النهضة و لكنها يمكن أن تعود غدا لو قرر نداء تونس تحويرا وزاريا يتخلى بموجبه عن الحقائب التي أعطاها للنهضة فيؤدي ذلك الى انفجار الوضع بينهما. وهذا وارد جدا ليس فقط بعد مؤتمر النداء الذي قد يصعد فيه من لا يقبل بالتحالف مع النهضة بل كذلك بحكم ضغوطات دولية .فلو وصل الجمهوريون الى السلطة في الولايات المتحدة مثلا يمكن أن تتغير الأمور و يؤثر ذلك على الموقف في المنطقة بكاملها. كما انه لو انفجرت الأمور في الجزائر – أو ازدادت سوءا في ليبيا- و اختلف النداء و النهضة حول الموقف منها لانفجر التحالف الحكومي. المهم انه لا بد من توضيح هذا الأمر فورا لأنه هو الذي أثر في موقفنا في تكتيك جبهة الانقاذ و في الانتخابات الرئاسية و يمكن أن يعود قريبا. و عموما نحن أمام ثلاثة احتمالات لا رابع لها:
- اما المساواة بينهما سلبيا و رفض أي تنسيق أو تحالف مع كليهما و هو موقف البعض ممن انسحبوا من الجبهة.
- اما عدم المساواة بينهما صراحة أو ضمنا و بالتالي امكان التحالف و التنسيق مع أحدهما و استحالته مع الثاني و هو الموقف الحالي للجبهة لصالح النداء ضد النهضة بحجة المدنية و الديمقراطية الليبيرالية.
- واما المساواة بينهما و قبول التنسيق المؤقت مع كل منهما كلما مال الثاني الى التسلط و الاستبداد و هو ما كان موقف حزب العمال مثلا في جبهة 18 اكتوبر و ما قد يصبح كذلك لو أن النهضة مثلا قامت بمراجعات كبرى في مؤتمرها القادم و تحولت الى قوة ديمقراطية محافظة دينيا لا غير و هو أمر صعب نظريا و لكنه وارد عمليا بحكم الواقع الدولي و اغراء النموذج التركي ... و لكن لا يمكن الحسم فيه حاليا.

11-

أصل الان الى الاصلاحات التنظيمية الضرورية التي لا بدّ من انجازها حسب رأيي و التي يمكنني أن ألخصها في ما يلي:
- المرور فورا الى توزيع بطاقات الانخراط الفردية على كل مواطن و على قاعدة الموافقة على الأرضية السياسية و النظام الدّاخلي للجبهة.
- التأكيد على مبدا المراوحة داخل الجبهة بين جبهة الأحزاب و جبهة الأعضاء و ذلك تجنبا لما يسميه بعض الرفاق التصور الكارتيلي للجبهة و كذلك ليوطوبيا تحويل الجبهة الى تنظيم واحد قائم حصريا على مبدأ العضويّة الفرديّة.
- التأكيد على كونها جبهة متحزبين و مستقلين في نفس الوقت و عدم التفريق بينهم بالخطاب و الممارسة الواقعية.
- ترجمة ذلك بتأكيد مبدأي الثلث المستقل في كل التنسيقيات و الهياكل حتى القيادة و ايجاد صيغة تراوح بين المساهمة العامة لكل منخرط مثل غيره و المساهمة الخاصة للأحزاب و كتل المستقلين – ان وجدت- في اتخاذ القرار.
- تأكيد التفريق بين مكتب التنسيقية و الجلسة العامة لكل تنسيقية و ذلك بوجود ثلثين للأحزاب و ثلث للمستقلين في المكتب مقابل اتخاذ القرارات بالأغلبية و الأقلية من قبل كل الأعضاء في الجلسة العامة للتنسيقيات و الزام المكتب بتنفيذها طالما لا تعارض الأرضية السياسية و النظام الداخلي فيها.
- انتخاب المكتب التنفيذي للجبهة بمعدل نائب عن كل تنسيقية جهوية أو بالمهجر ويكون ثلثهم من المستقلين وجوبا .
- تعويض مجلس الأمناء العامين بالأمانة العامة التي لا تقتصر عضويتها آليا على الأمين العام للحزب بل على نائب عن الحزب لا غير يختاره هيكله القيادي بحرّية مع ثلث مستقل ينتخبه المستقلون الموجودون في المكتب التنفيذي .
- تعويض الندوة الوطنية بمؤتمر الجبهة الذي يحضره وجوبا نواب عن كل تنسيقية مع أعضاء المكتب التنفيذي و الأمانة العامة و المؤتمر هو الذي ينتخب المكتب التنفيذي للجبهة.
- احداث اجتماع المكتب التنفيذي الموسع الذي يضم الأمانة العامة و المكتب التنفيذي و نواب الجبهة في البرلمان و من يتفقون عليه من الخبراء في حالات طارئة بدعوة من الأمانة العامة أو بطلب من المكتب التنفيذي .
- اقرار حق التنسيقيات بتعويض ممثلها في المكتب التنفيذي بقرار من الجلسة العامة للتنسيقية -و ما ينتج عنه على مستوى الأمانة العامة- اذا رأت أنه لا يقوم بواجبه في التنسيق بين قيادة الجبهة و التنسيقية الجهوية أو المهجرية مثلما من حق الأحزاب تغيير ممثليها في الهياكل.
- العمل على احداث موقع فكري أو مجلّة فكرية و لم لا لاحقا وسيلة اعلامية أكثر تطورا ان توفرت الامكانيات المالية و البشرية و التشديد على وضوح توزيع المسؤوليات التنظيمية و المالية و الاعلامية و غيرها.

12-

باختصار اذن.
هنالك محور أساسي هو المحور الّديمقراطي في مستويات الفكر و البرامج و التكتيك و التنظيم لا بدّ من معالجته. و لكن لا بدّ من صدمة ديمقراطية حقيقية يجب على مجلس الأمناء الحالي أن يقوم بها داخل الجبهة تجاه كل المناضلين و ذلك بالدعوة الواضحة الى الاصلاح الداخلي و في علاقتها بخارجها و ذلك بالانفتاح الخارجي المرن على القوى التقدمية الأخرى.
على مجلس الأمناء الحالي تقع مسؤولية المبادرة الجريئة عبر بيان مفصّل يتوجه به الى أعضاء الجبهة و أنصارها و القوى السياسية الديمقراطية الوسطية و اليسارية غير الجبهوية يعلن فيه عن بداية مرحلة جديدة تماما في التموقع السياسي و الهيكلة التنظيمية في الداخل و يبدأ فيه التفكير أيضا في تحديد شبكة علاقات عربية و دولية تقدمية ستساعدنا على فهم تطورات المنطقة و التنسيق مع التقدميين في الوطن العربي و العالم.
ولكن قبل كل ذلك لا بدّ من اعادة الثقة عند المناضل الجبهاوي و ذلك بتشريكه في كل كبيرة و صغيرة و طرح خارطة طريق فكرية و سياسية و تنظيمية تدفع الجميع الى الانخراط في عمل تشاركي عموديا و أفقيا من أجل الاصلاح المنشود. ولكن هذا لن يتم إلا اذا قدّم مجلس الأمناء الدليل على انه القدوة في ذلك من خلال الاقدام على تغييرات فعلية في الخطاب و السلوك.وقتها يمكن للمناضلين أن تعود اليهم الحماسة و القناعة بأن التغيير ممكن و لو على أمد متوسط أو طويل. أما اذا واصلنا كما نحن عليه الآن فأخشى أن يتواصل مسلسل النقد الهدّام و تشخيص المسائل و التهجّم الشخصي على قادة و أحزاب من البعض و أن نسمع من جهة مقابلة المزيد من مناضلينا الذين – أجاهد النفس في ألا أكون منهم- يقرفهم الوضع الحالي فيقولون لنا متألمين و لكن منسحبين و معذورين :
" هذا هو العشاء الأخير على موائدكم".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط