الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


درس الفلسفة.. قبل كل الدروس!

خالد الحروب

2015 / 4 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



كأن ليس ثمة مكان يليق ب «أم العلوم» في عالم عرب اليوم، لا في المدارس ولا الجامعات، وكذا في دور النشر، أو الصحف، فضلاً عن الإعلام المهجوس بسرعة التغطية والركض وراء الربح. «أم العلوم» لا مكان يليق بها في عالم الأصوليات والطوائف، لا في كتابات التحريض والقتل، ولا في خطابات الإقصاء والفصم والفصل، فضلاً عن بيانات زعماء التطرف وعرابيه سواء أقادوا تنظيمات أم دول. في زمن قريب لكنه شبه انقضى في هذه المنطقة انكب باحثوها ورواد فكرها على الفلسفة وأموها بكونها نقطة الانطلاق. ذهبوا بعيداً وقرأوا ودرسوا ونقدوا النصوص المؤسسة فيها من زمن سقراط ومن سبقه، ثم أفلاطون وأرسطو، وتوقفوا ملياً عن التفلسف الإسلامي وعلاقته بالفلسفة اليونانية، ثم نقدوا الفلسفة الغربية باهتمام وتقدير. كانت أسئلة التنوير والتحديث والنهضة تقع في قلب هذا الاهتمام، وفرد كثيرون منهم فصول كتب كثيرة في مواجهة السؤال الثقيل: لماذا تخلفنا وتقدم الآخرون؟ ما يلفت الاهتمام هو إعادة إصدار كتابين من الكتب العربية الكلاسيكية الحديثة في الفلسفة، ضمن سلسلة «طي الذاكرة» الصادرة عن المركز العربي للأبحاث في الدوحة، هما تاريخ فلاسفة الإسلام في المشرق والمغرب للمثقف والمتفلسف المصري محمد لطفي جمعة، والذي صدر في أول طبعة له سنة 1927، والثاني هو العرب واليونان وأوروبا: قراءة في الفلسفة، الذي صدرت طبعته الأولى سنة 1944. يتيح صدور هذين الكتابين فرصة جديدة للانتصار للفلسفة وللتأكيد على ضرورة تدريسها وإدراجها في المناهج التعليمية وإعادة اعتبار «أموميتها» للعلوم.


من دون أن يتحلى الطالب والمعلم بقدر عميق من الفلسفة فإنهما يظلان يجدفان في نهر لا ماء فيه. وربما هذا ما كان قد انتبه إليه المؤرخ والمثقف اللبناني الكلاسيكي الكبير «عمر فروخ» في كتابه المذكور. «فروخ» أولى اهتماماً مركزياً لكتابة المناهج المدرسية الثانوية وغيرها، لأنه كان على يقين كبير بأهمية الفلسفة في تكوين النشء. يكتب «فروخ» كيف انتقلت الفلسفة اليونانية إلى العربية عن طريق نصارى الشام الذين كانوا قد نقولها أولاً إلى السريانية، لعدم معرفتهم بالعربية، ثم من السريانية ترجمت عبر غيرهم إلى العربية. ويشير إلى أن هذه المسيرة انتجت ترجمات عربية غير دقيقة للفلسفة اليونانية، وبعضها كان بسبب حمية النصارى الذين إما حذفوا ما لم يتناسب مع الدين من وجهة نظرتهم، أو حرفوه. كان لا بد من مضي قرون عدة حتى يأتي جيل آخر من الفلاسفة العرب، ويطلعوا على الترجمات، وينقحوها ويقربوها من الأصل اليوناني.

أما كتاب محمد لطفي جمعه الذي درس في الإسكندرية ولبنان وفرنسا فيبحث في أفكار وفلسفات وإيضاحات اثني عشر فيلسوفاً يمكن اعتبارهم اهم فلاسفة الإسلام، وهم: الكندي، الفارابي، ابن سينا، الغزالي، ابن باجه، ابن طفيل، ابن رشد، ابن خلدون، إخوان الصفا، ابن الهيثم، محيي الدين بن عربي، ابن مسكويه. وهم قد رافقوا المؤلف أكثر من عشرين سنة كما يذكر، وصاروا أصدقاءه الحميمين، بل ويتخيلهم حتى بلباسهم».. كل بالقباء أو المرقعة أو المسو أو الدراعة أو الجبة التي تليق به.. (وهم) الذين عاشوا وتأملوا وفسروا الكون، وعللوا الحوادث قبل كانت، ونيتشه، وشوبنهور، وسبنسر، وستوارت ميل، وأوجست كومت، ورينان».

ليست هذه المطالعة الموجزة مراجعة نقدية للكتابين، بل هي تعريف بهما في وارد محاولة التشديد على أهمية استعادة الدرس الفلسفي في المشهد العربي التعليمي والتنظيري والسياسي. لكن يجوز ختمها بإشارة لطفي جمعة التي يقول فيها إنه لولا الجهد العربي والإسلامي الريادي والمركزي لضاعت تلك العلوم. ويقول مخاطباً أولئك الفلاسفة: «إنه لولاكم أيها الفلاسفة الأعزة! من الكندي، إلى ابن رشد، لم يكن لفيلسوف أوروبي حديث أن يُظهر في عالم الوجود، وإنكم أنتم الذين حفظتم تلك الشعلة المُقدسة التي خلفها سقراط وأفلاطون وأرسطو، في مغاور الماضي السحيق، وزودتموها ناراً حتى استلمتموها مضيئة وهاجة إلى فلاسفة أوروبا المحدثين، وكنتم لتلك الشعلة الإلهية كراماً حافظين".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفلسفة للشيوخ والعاجزين
عبد الله اغونان ( 2015 / 4 / 28 - 23:24 )

أما الشباب الحي

والنابغون فهم لايهتمون بالفلسفة ولابالسفسطة يكتفون بالعرف المقبول اجتماعيا

وينطلقون في الابداع والبحث عن المفيد

لوتتبعنا الفلسفة فمن أتبع أفلاطون أم أرسطو وهما على طرفي نقيض

الفلسفة علم المغيبين لأنها لاتخضع للعقل ولاالقياس

راجعوا لعبد الرحمان ابن خلدون في مقدمته

فصل في ذم الفلسفة

اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار