الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم يستأذن منا ورحل !

يوسف العاني

2015 / 5 / 8
الادب والفن


لم يكن مسرح بغداد مهيئا لتأبين الفنان الراحل فاروق فياض ، بل كانت الاستعدادات كلها تجري باشرافه لكي يقف فاروق وزميلات وزملاء فاروق على خشبته ويفتتحوا الموسم بمسرحية جديدة ..
كان كل شيء يجري بحماس بالغ وبعناد مسبق ، وكان فاروق يشعل الحماس حماسا ويزيد العناد عنادا في ان نحقق في هذا المسرح الراحة للمشاهد والراحة للممثل ، وكان يتمثل فاروق هذه الراحة ويعطيها صورة تأسرني فأوافق كما يوافق غيري على طلبات فاروق لتكون في حيز التنفيذ وعلى مسؤوليته ، في أن يوفر احتياجات المسرح المادية .
كان كل شيء يسير بحرارة ، يتساقط من خلالها عرق فاروق كمطر الربيع ، وبفرحة تزينها ابتسامة فاروق كشعاع عذب في يوم مدلهم .. وبضحكة مدوية تفتح امامنا ابواب الامل على مصراعيه فتعود الحركة دائبة بلا تردد او احجام .
كان كل شيء يرتسم امام انظارنا مشرقا باسما مضيئا ، وكنا نتمثل الايام التي ستلي هذه الجهود المخلصة النبيلة من فاروق وبعض زملائه ..
وفجأة .. انطفأ السراج ، وعبست الوجوه واختفت الضحكة ..
ماذا حدث ؟
يا انت يا من يسمونك الموت
يا انت يامن يدعونك القبر
يا انت يا من .. خطفت الفرقة من بين ايدينا وقلوبنا ، وقطعت زهرة يانعة لن تعيدها لنا ..
يا انت يا مرض
يا انت يا صدفة
يا انت يا غدر
يا انت ..
ادارة الدائرة لكي يصطاد البلبل الغريد من عشه ؟
ادار الفلك دورته ليختار النجم الساطع في بهائه .
أافقرت صحراء الموت لتمتص الرواء والنسغ العذب ..
رحماك يا موت .. كيف أخرست الصوت الداوي واستلبت حتى صداه ؟
وحبست الكلمة الحلوة واسكنت الحركة الدائبة الدافقة ؟ هكذا في يوم واحد ..؟
اما ترويت قليلا لتعد ايام وشهور وسنين العطاء النقية الحلوة لفاروق ؟
لا ادري كيف حصل ما حصل .. الا انني سمعت النبأ الاسود بكلمتين فقط .. مات فاروق .
احقأ ؟
بالامس القريب كان مخرجا لـ " اضبطوا الساعات " ولمسرحية " القربان " ..
بالامس القريب كان يمثل دورا صغيرا صغيرا في الحلم وكان كل من معه يحسب حسابه ..
بالامس القريب كان " العيار " .. يدخل المسرح ويخرج منه في دقائق لكن شأنه كان عظيما ..
بالامس القريب كان في عبابة ووهران والجزائر ممثلا وباعث فرحة ومثير حدث مسل ..
بالامس القريب كان في دمشق مع زملائه في الفرقة القومية ضيفا وممثلا وانموذجا للفنان الملتزم ..
كل ما كان بالامس القريب .. فالايام التي خلت والتي انتهت يوم 10/10/ 1976م من حياة فاروق كلها قريبة منا .. قرب الهواء ، قرب الضوء ، قرب البارحة ..
لم يكن مسرح بغداد مهيأ لتأبين فاروق ، بل كان فاروق فارقنا على عجل وغاب عنا بلا استئذان ، المخالفة الوحيدة التي نسجلها على فاروق انه تركنا الى الابد دون ان يستأذننا ..
كان يعلن عن موعد مغادرته المسرح ، يستأذن حتى وهو في طريقه الى الطبيب ... لكنه هذه المرة لم يقل لنا شيئا .. ورحل .
يا ابا عمار .. يا قطعة من حياة هذا المسرح ، يا ركنا من اركان هذه الفرقة عهدا علينا ان نظل كما عهدتنا وكما اردت واردنا ان نكون امنا لمسرحنا الخير ، كرماء في العطاء انقياء في التعبير عن اماني شعبنا الرائع ، اشداء في تحمل الصعاب من اجل مسرح متقدم يخدم قضية الانسان اليوم وغدا والى الابد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه