الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة العاملة في معايير العمل الدولية

كريم رضي

2015 / 5 / 10
ملف - حقوق المرأة العاملة في العالم العربي - بمناسبة ايار عيد العمال العالمي 2015


في مفاهيم منظمة العمل الدولية يعني مصطلح "المعايير" standards مفهوما أوسع من الاتفاقيات والتوصيات التي تأتي تحت مصطلح "الأدوات" instruments، وفي الحقيقة فإن المعايير تمثل إطارا يضم الاتفاقيات والتوصيات، بحيث يضم كل معيار عددا من الاتفاقيات والتوصيات.

وتتمتع المعايير بسبب عموميتها وانطباقها تقريبا على كل زمان ومكان بنسبة أكبر من الثبات والإطلاق الذي يأتي لكونها ببساطة هي معايير حقوق الإنسان، بينما تواصل الاتفاقيات والتوصيات التغير والتبدل والحذف والإضافة كونها أكثر تفصيلا وتعيينا لواقع عمل معين في زمن معين، وهذا ما يفسر حتى نهاية عام 2006 وجود عدد اتفاقية 183 ملزمة للدول المصدقة و198 توصية غير ملزمة بل توجيهية للدول الأعضاء في المنظمة، وما زال المزيد من الاتفاقيات والتوصيات على بنود جدول أعمال منظمة العمل الدولية في قادم الأعوام، بينما المعايير عددها فقط 20 معيارا تقريبا من أهمها: حرية العمل ومكافحة العمل القسري، المساواة ومكافحة التمييز، السلامة والصحة المهنية في العمل، الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي، سياسة التشغيل وتوفير العمل اللائق، حماية حقوق العمال المهاجرين، حق العمل للمعوقين، الحوار الاجتماعي والثلاثية، الحد الأدنى للسن في العمل ومكافحة عمالة الأطفال، الإرشاد المهني والتدريب، سياسة الأجور، حماية الأمومة، ساعات العمل، التفتيش العمالي.

وتحت كل من هذه المعايير يأتي عدد من الاتفاقيات التي تلبي تطبيق هذا المعيار في واقع سوق العمل. وقد صنف إعلان المباديء للحقوق الأساسية في العمل الصادر عن منظمة العمل الدولية عام 1998م ثمان اتفاقيات تمثل أربعة معايير بمعدل اتفاقيتين لكل معيار، وهي (الحريات النقابية والمفاوضة الجماعية – الاتفاقيتين 87 و98)، (منع العمل القسري – الاتفاقيتين 29 و105)، (منع عمالة الأطفال – الاتفاقيتين 138 و182)، (المساواة وعدم التمييز – الاتفاقيتين 100 واتفاقية111) بوصفها تمثل الاتفاقيات الأساسية للعمل FUNDAMENTAL CONVENTIONS والتي يعتبر التصديق عليها حدا أدنى لالتزام الدول الأعضاء بالمعايير الدولية للعمل وبمباديء وأهداف منظمة العمل الدولية، وعلى الدول المصدقة عليها تقديم تقارير دورية عن تطبيقها كل عامين، وجاءت فكرة هذا الإعلان لكي تجعل من التركيز على هذه الاتفاقيات قبل سواها على أجندة مؤتمر العمل الدولي كل عام، بحيث تصبح الدول غير المصدقة على هذه الاتفاقيات الثمان في بؤرة النظر الدولي وهي فكرة أثبتت جدواها حيث منذ صدور هذا الاعلان وبدء صدور كتاب المراجعة السنوي لتطبيق هذا الاعلان تسارعت عملية التصديق على الاتفاقيات الأساسية للعمل.

وفي مرتبة أدنى من هذه الاتفاقيات الأساسية للعمل تأتي الاتفاقيات الأولوية للعمل PRIORITY CONVENTIONS (التشاور الثلاثي – الاتفاقية 144)، (تفتيش العمل – الاتفاقية 81)، (سياسة التشغيل – الاتفاقية 122) وعلى الدول المصدقة رفع تقارير دورية عن تطبيق هذه الاتفاقيات كل خمس سنوات. وبالطبع هناك مناقشات عديدة حول ما إذا كانت الاتفاقيات الأساسية أو الأولوية على أقل تقدير كان يجب أن تتضمن اتفاقيات الصحة والسلامة المهنية كونها ذات علاقة بحياة الإنسان، واتفاقيات التأمينات والضمان الاجتماعي كونها تتعلق بحماية مستقبل العامل بعد انتهاء عقد عمله، أو اتفاقيات حماية الأمومة كونها تتعلق بحماية الأم والجنين.

ويلاحظ أنه فيما عدا حماية الأمومة التي هي ذات علاقة بالمفهوم البيولوجي للمرأة، فإن المرأة العاملة ليس لها معايير خاصة بها تحديدا إذا تأتي الاتفاقيات التي تخص المرأة العاملة في إطار معايير عامة فمثلا اتفاقيات عدم التمييز تأتي تحت معيار المساواة في العمل والمهنة بين جميع العاملين بغض النظر عن الجنس واللون والأصل والعرق والمعتقد، ومثلا اتفاقية عمل المرأة ليلا تأتي تحت معيار ساعات العمل، وهكذا لا تعامل معايير العمل الدولية المرأة العاملة كجنس خاص له حقوق ليس للجنس الآخر بل تعاملها كجندر له وظيفة اجتماعية تحددها الظروف الاجتماعية وبالتالي له حقوق وواجبات تترتب على هذا التصنيف، وهذا هو الفرق بين الجنس والجندر.

وقد صادقت مملكة البحرين على ثمان اتفاقيات لمنظمة العمل الدولية منها أربع أساسية هي (29، 105 بشأن منع العمل الجبري)، (111 بشأن المساواة في الاستخدام والمهنة)، (182 بشأن منع أسوأ أشكال عمل الأطفال).

وفيما يعنينا بهذا المقال من حقوق المرأة العاملة ومكافحة التمييز على أساس الجنس نشير إلى أن التصديق على (الاتفاقية 111) لا يغني عن التصديق على (الاتفاقية 100) والتي هي أيضا من الاتفاقيات الأساسية، لكن الأولى تتعامل مع التمييز بشكل عام بينما تختص الأخيرة بالمرأة العاملة، وتحديدا بالمساواة في الأجور بين العمال الذكور والإناث واستبعاد كل تمييز في الأجر على أساس الجنس، ونعتقد أن على المرأة العاملة في الاتحاد العام وفي منظمات المرأة في المجتمع المدني أن تتبنى التصديق عليها كإستراتيجية، بالإضافة إلى (الاتفاقية 183) بشأن حماية الأمومة والتي وإن لم تكن أساسية إلا أنها الأحدث في مجالها مما يجعلها تمثل بنية تشريعية جيدة لإجازة الأمومة للمرأة العاملة.

إن سوق العمل اليوم بشكل عام وخصوصا كنتيجة للمشروع الوطني للتوظيف يشهد تحولا ملحوظا باتجاه ظاهرة تأنيث العمل وهو ما يعني انخراط المزيد من النساء في العمل، أو في التسجيل كباحثات عن العمل، وعلى الحركة النقابية من جهة والحركة النسوية من جهة أخرى أن لا تغفل عن هذه التحولات التي تحتاج لوضع منطلقات جديدة حيث لم تعد المرأة عنصرا مكملا فقط بل عنصرا رئيسيا في عالم العمل اليوم وهي بالمناسبة ظاهرة عالمية.

إن هذا سيستدعي العمل على جبهتين أولاهما وأهمهما توعية المرأة الداخلة إلى سوق العمل بحقوقها وواجباتها وثانيهما المطالبة بالتصديق على الأدوات الدولية وتعديل التشريعات المحلية بما يتناسب وهذه التشريعات. وفي الحقيقة فإن قانونا العمل البحريني الحالي والذي تحت التشريع (المعدل) نصا على عدم التمييز في الأجر على أساس الجنس، ولكن وفق الاتفاقيات الدولية فإن التشريعات لا تكفي ما لم تكن هناك آلية متابعة تتحقق من عدم التمييز في سوق العمل ومن تساوي الأجر للعمل ذي القيمة المتساوية وهي بالطبع لن تكون مهمة الدولة وحدها بل مهمة النقابات والمجتمع المدني بكل تأكيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد -الإساءة لدورها-.. هل يتم استبدال دور قطر بتركيا في الوس


.. «مستعدون لإطلاق الصواريخ».. إيران تهدد إسرائيل بـ«النووي» إل




.. مساعد وزير الخارجية الفلسطيني لسكاي نيوز عربية: الاعتراف بفل


.. ما هي السيناريوهات في حال ردت إسرائيل وهل ستشمل ضرب مفاعلات




.. شبكات | بالفيديو.. سيول جارفة في اليمن غمرت الشوارع وسحبت مر