الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تكليف شرعي أم اغتصاب للطفولة

هدى الجابري

2015 / 5 / 12
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


في الفترة الأخيرة ، بدأت الكثير من وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الدينية "والحكومية" في العراق، تتناقل أخبار احتفاليات ومناسبات تكريمية للأطفال وبالتحديد للفتيات بعمر التاسعة لبلوغهن سن التكليف الشرعي. سن التكليف الشرعي؟
على ما اعتقد، كلنا نفهم الكثير مما تمر به المرأة من تغيرات نفسية وجسدية لها علاقه كبيرة بالعمر، مثلا: الطفولة، سن المراهقة، سن البلوغ، سن الدراسة، سن الياس، سن الشباب، وسن الشيخوخة. ونعرف أيضا حتى عن "سن العقل"، لكن (سن التكليف الشرعي)!
كلمة "شرعي" في هذه الموضوعة بالذات تعود الى الشريعة الإسلامية. وسن التكليف حسب المصادر الدينية، "هو سن البلوغ و يتحقق البلوغ عند الانثى بتحقق شرط واحد ألا وهو بلوغها تسع سنوات هلالية كاملة فتصبح المرأة محاسبة وتجب عليها جملة من العبادات و الفرائض و الأحكام نذكر منها ، الحجاب، الصلاة، الصوم والطهارة.)“ صفحة ملتقى أهل الحديث)
في سن التاسعة، أولياء ألأمور في المدارس وعلماء الاجتماع والصحة يشجعون الأطفال على تناول الطعام الصحي والمغذي ليساعدهم على النمو أقوياء وأصحاء بدنيا ونفسيا. لكن دعاة التكليف الشرعي يطالبون الفتاة بالصيام! أما الطهارة فتشترط وجود أثم. فأي أثم تحمله بنت التسع سنوات لتتطهر منه؟ أما صلاة الفتاة في هذا السن فتكون عبارة عن حركات وكلمات مفرغة من المعنى وترديد لطقوس حفظتها من الأخرين لتلبية رغباتهم. وفي هذه الاحتفالية ( احتفالية التكليف الشرعي) يوزع على الفتيات الحجاب وملابس الصلاة الإسلامية. القائمون على هذه الاحتفالية يدّعون ان الغرض منها "تثقيف الطالبات اللواتي بلغن سن التكليف على الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي ."
في عمر التسع سنوات يمر الاطفال بمرحلة تكوّن، اضافة الى التغييرات الجسدية هناك التغيرات النفسية والفكرية. وهي المرحلة ألأهم في حياتهم. وهذه المرحلة تختلف من طفل الى آخر ومتباينة حسب المناخ الأسري والاجتماعي بشكل عام. ففي هذه المرحلة الانتقالية يبدأ الطفل بالتفكير المستقل قليلا عن العائلة ويتأثر بشكل كبير بالأصدقاء المقربين وبالمحيط العام. وجميع الباحثين في المجال الاجتماعي والنفسي يؤكدون على إعطاء الطفل مساحة من الحرية للتفكير بدون ضغوط لخلق شخصية مستقلة ومميزة، والكثير من الأطفال في هذه المرحلة يمرون بالعديد من الصعوبات في الانسجام مع المجتمع او العائلة، كما تتوارد الى اذهانهم الكثير من الأسئلة والأفكار عن ماهية الحياة وخاصة في فترة المراهقة. بعدها يبدأون بتكوين افكار ومفاهيم وقدرة على انتقاد اوضاع معينه في العائلة او المجتمع بشكل عفوي، نابع من احساسهم الفطري والبريء.
ليس هناك اي شيء جديد فيما قلت عن فترة المراهقة وما قبلها، فكلنا مررنا بهذه المرحلة، ثم عشناها مرة ثانية مع أولادنا وبناتنا. لكن المصيبة ليس بما يمر به أولادنا وبناتنا في مراحل تطورهم، بل ان تستغل أعمارهم من قبل احزاب أو تنظيمات ومنظمات
إسلامية وان يصادروا حريتهم بشكل جمعي ويزجونهم في مؤسساتهم الدينية المتخلفة والمسيسة والمبرمجة. ثم يحتفلون بهذه المصادرة بإقامة هكذا احتفالات للفتيات تحت عنوان بلوغهن (سن التكليف الشرعي) وبحجة الالتزام بتعاليم الدين الاسلامي.
علميا وواقعيا في سن التسع سنوات يكون الأطفال غير قادرين على صنع اي قرار. فكيف بقرار لبس الحجاب؟ الايمان بالصلاة او الصوم، وحتى الأيمان بالدين ووجود الله . أنها مساله معقدة بالنسبة لهم وتحتاج الى الكثير من الإدراك والوعي لإقرارها او رفضها . الأولاد والفتيات في هذا العمر يفتقدون الى المعرفة العلمية والمصادر المناسبة التي تؤهلهم لاتخاذ قرار مثل الالتزام بالتعاليم الدينية، او لبس الحجاب، والقائمة لا تنتهي بهذا الحد من التعاليم والمبادئ والالتزامات التي تصل بعض الآحيان الى استلاب قابلية الفتيات على التفكير الحر ومناقشة هذه الالتزامات او المبادي خوفا وخشية من أثارة الأسئلة او من الجحيم المذكور في كل صفحة من صفحات الكتب والكراريس الدينية ألاسلامية. فالفتاة حين تلبس الحجاب فان حياتها ستتغير بشكل جذري، تعرف انها لا تستطيع ان تلعب مع الأولاد اللذين هم في سنها أو اكبر منها و لا تستطيع ان تعبر بشكل صادق وحقيقي عن انفعالاتها، مثل الضحك بصوت مسموع او حتى الكلام بصوت عالٍ وتفاصيل كثيرة في جميع حركاتها، إضافة الى مرحلة اكتشاف الجسد وحاجاته والتي يمكن ان تصبح أثما يرعب الأطفال في هذا العمر ويسبب لهم صراعا داخلياَ بين رغبة الاكتشاف وبين جحيم الآخرة وغضب الله.
أرى انه يجب الوقوف بحزم وشدة ضد كل هذه الممارسات اللاإنسانية التي تسلب اولادنا وبناتنا حرية التفكير وطرح الأسئلة والأبداع. ابتداء من العائلة وانتهاء بأكبر سلطة في الدولة والدستور، كلهم مسؤولون عن حماية هؤلاء الأطفال ونموهم البدني والذهني بالشكل الطبيعي. على الجميع أن يقف بوجه هذه الممارسات التي تغيب عقول اطفالنا وتدفعهم نحو التخلف والتطرف والعدائية للآخر. التكليف الوحيد الذي يحتاجه اولادنا ويجب ان يتعلموه: هو حرية التفكير بعيدا عن السلطة الدينية، وان يتعلموا معنى الإنسانية وحب ألآخر بدون احكام مسبقة، وان العلم هو اساس المعرفة والمعرفة هي اساس تطور المجتمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE