الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومة التونسية: امتحان الجوع الشامل

يوسف بوقرة

2015 / 5 / 12
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


تعيش عديد المدن و القرى التونسيّة منذ عدّة أسابيع على وقع اعتصامات و إضرابات جوع يخوضها خاصّة أصحاب الشّهائد الجامعيّة العاطلين أو المُعطّلين عن العمل أو اليائسين من الحصول عليه في بلد ما زالت جامعاته و معاهده العليا تلفظ عشرات الآلاف من الطلبة خارج أسوارها كل عام، و مع ذلك لم يلتفت صُنّاع القرار إلى النّظام التّربوي في تونس و اكتفوا بالدّعوة إلى حوار وطنيّ في إحدى قصور العاصمة لم يجد المدعوّون إليه كراسي لمتابعته فما بالك بالمساهمة في أشغاله.
كانت البداية بمجموعة من مناضلي الاتّحاد العام لطلبة تونس، أعرق منظمة طلاّبـيّة و الذين دخلوا في إضراب عن الطّعام تواصل عدّة أسابيع على خلفيّة حرمانهم من حقّهم في الحصول على عمل لأسباب أمنـيّة، ثم امتدّت هذه الإضرابات لتشمل بقيّة جهات البلاد منها على سبيل الذّكر لا الحصر مدن جبنيانة التّابعة لمحافظة صفاقس بالجنوب التّونسي و مدن الحوض المنجمي و أخيرا و ليس آخرا مدن منزل بوزيان و المكناسي و سيدي علي بن عون التّابعة لمحافظة سيدي بوزيد مهد الثّورة التّونسيّة.
يتكرّر المشهد ذاته في مختلف هذه المدن: أجساد منهوكة القوى تفترش ما يشبه الحشايا و على الجدران عبارات تُـلخص مطالب المضربين و تؤرّخ لبداية إضرابهم و الأهمّ من كل ذلك عيون لم تفقد بريقها رغم هزال الأجسام و نظرات كلها إصرار على مواصلة الدّرب و بلوغ الهدف في هذه الحياة الدّنيا أو الانتقال إلى الرّفيق الأعلى.
لم تنل قضية المضربين عن الطّعام في تونس حظّها من التّغطية الإعلاميّة لعدّة أسباب أهمّها أنّها امتداد لنَــفَـس ثوري يسعى العديد إلى كتمه و أنها ترفع أحد أبرز شعارات الثورة التونسية الخالدة و هو التشغيل الذي غاب في زحام الحديث عن مشاكل النقل و التموين و الاستعداد لشهر الصّيام دراميّا و "بطنـيّـا".
زارت المضربين عدّة وفود تمثل بعض الجمعيّات و المنظّمات المهنيّة قِـلّة للتضامن معهم و فهم مطالبهم و السعي بجدّية إلى حلّ مشاكلهم و كَــثـْرة لالتقاط صور لتزيين صفحات التواصل الاجتماعيّ و دخول "موسوعة النضال".
و من مفارقات هذا المشهد أن تنال المؤسّسات التي تشهد إضرابات جوع قدرا أكبر من الاهتمام من المضربين أنفسهم من ذلك ما يحدث في شركة فسفاط قفصة، كبرى الشركات الحكومية التونسية، حيث تتحدّث حكومة اليوم عن خسائرها اليوميّة جَرّاء الإضرابات بينما تمتنع عن الحديث عن أرباحها التي تناهز ملياري دولار سنويّا لا نصيب لسكّان الجهة منها إلا أسنان مصفرّة و "أحدث" أنواع السرطانات و جبال جرداء و واحات نخيل تصلح للزينة لا للانتفاع بثمارها.
كانت أعداد المضربين عن الطعام في تونس قبل ثورة 17ديسمبر 2010 لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة أما في زمن الحكومة المنتخبة فقد أصبحت إضرابات الجوع أبرز أداة لدفع عجلة التنمية في الجهات المُهمّشة و هي عجلة لم تبدأ بعد في الدّوران و إن تسنّى لها ذلك فإن الخالق وحده هو الأعلم في أي اتجاه سيكون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا