الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث آخر لقاء مع : وجيه عبدالغني

يوسف العاني

2015 / 5 / 14
الادب والفن


أتعبنا فراق من نحب .. ! والمنا ان يكون الفراق محلقا في فضاء مغبر بتراب .. اللاوفاء ..! وحيثيات علاقات صار نقاؤها أسود كالليل البهيم .. وما عادت الناس ترى وجوهها ولا وجوه الاخرين ملونة بعطر المحبة ومخضبة بماء الورد ..
ماعادت الوجوه وجوها ولا العيون عيونا ..! كلها اصطبغت بألوان غريبة ليست منا . ومن ظل بلا لون مزيف ، ما ان يمشي الا ويعثر او يجرح .. وحين يتوكأ لكي ينهض لا يرى عصاه الا سكينا تذبح الصغار الطيبين ..! بات العالم عالم وحوش كاسرة .. لا تسمع منه وفيه غير الكذب والدجل والرياء ، والعبث بحقيقة الاشياء ..
ونحـــــــــن محـــاطــــــــون بذاك العالم ، أتعـــــــــبنا الــزيـف منه لكنــــــــه لم يسحـــــــقنا ، فما زلنا وسنظــــل نقاوم ونقاوم ..
وحين نفارق واحدا او اثنين ممن نحب .. وقد اوهنهم التعب حتى توقف وجيب القلب .. تودعهم .. ونغذ السير كما فعلوا ، نحسب حاسب مافينا من أمل .. نقويه ونغذيه ونرعاه كي يظل في الدرب كما ظلوا ..
يا ايها المنتصب قامة يا وجيه .. يا من عرفتك عنودا عناد الموت ، لا يدري غيرك وغيري حديث آخر لقاء بيني وبينك ، ونحن نقف وحيدين أمام الكاميرا في مسلسل (رجال الظل) ..
سألت عن صحتك ، فقلت لي : " كيف ترى ؟ .. وبدعابة وقافية مقصودة قلت لك .. المهم ان لا ترجع لي ورا "
فتمتمت وغيرت الموضوع لتقول : " أنا سعيد لانني التقيت بك مرة اخرى لنمثل سوية .. قبلها التقينا في مسلسل (امنيات صغيرة) ، كنا في استوديو 800 .. كان المقرر ان نسجل ثمان مشاهد ، اكملناها وبقي أمامنا متسع من الوقت .. المنظر نفسه والمجموعة معنا من الفنيين احباء لنا ..
قلت للمخرج د. حسن الجنابي .. ما رأيك اذا سجلنا المشاهد المتبقية في هذا المنظر ، ليس سوانا في كل المشاهد .. نعيد قراءة ونتدرب مع الكاميرا ثم نصور وانت تراقبنا ..
الكل رحب بالفكرة ، وبدأنا انا وانت نقرأ الحوار ، نحفظه ، نتدرب على المشهد .. نسجله .. ثم نضحك ونحول العمل الى فرح ، وتستمر ونسجل ونقرأ الحوار ونسجل والجو مرح كله ، مرح عمل منتج ..
كانت هناك محبة وابداع ولا كلل .. واقترب الوقت المخصص للحجز في الاستوديو على الانتهاء .. فكانت مجموع المشاهد قد تجاوزت الثلاثة مشاهد .. والاصل كانت ثمانية .. وكل ما سجلناه كان متقنا وليس استسهالا وعبثا ..
أتذكر..؟
قلت : كيف لا اذكر .. وأكملت " حين التفت المخرج الينا قال "اخاف عليكم من الحسد .. كافي "
غنيت انا له .. خايف عليك من الحسد .
والوقت مظلم والكمر ،
غايب ولسه ما ظهر
خلنلعد انت نيله .."
وصفق الجميع وقبلتك وغادرنا الاستوديو ..!
في " رجال الظل " كان وجيه يمثل وهو متعب ، كان يأتي في الموعد المحدد للحضور ، لكن المشاهد التي يظهر فيها لا تصور الا بعد خمس ساعات .. وهو ساكن هادىء الا من عيون تتساءل ..! يصح هذا ؟ .. هل عدنا الى الورا ..!؟
قال : " لم نعد الى الورا .. بل تقاليد العمل التي ضاعت ، والقيم التي فقدت هي التي اوقعتنا بما لا تريد ..
وجيه عبدالغني كلكم تعرفونه .. علمنا بموعد وفاته بعد ساعات طويلة من تشييعه .. حصل هذا أكثر من مرة مع كثيرين نحبهم فارقوننا .. ونحن الذين مازلنا على قيد الحياة نتساءل .. لماذا ؟ .. ويظل هذا السؤال يتردد لنترحم على من يغادر هذه الدنيا وهو مثل " وجيه " يحمل كل القيم والمثل العليا .. كي نبحث بعد ذلك عن مثيل لهم .. عسانا .. عسانا ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز


.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن




.. هنا تم دفن الفنان الراحل صلاح السعدني


.. اللحظات الاولي لوصول جثمان الفنان صلاح السعدني




.. خروج جثمان الفنان صلاح السعدني من مسجد الشرطة بالشيخ زايد