الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة مصر الحقيقية

اسلام احمد

2015 / 5 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


أود التعليق على واقعتين حدثتا في نفس الأسبوع تقريبا وأعتقد أنهما يعكسان بشكل كبير مشكلة مصر الحقيقية , الأولى هي واقعة اعتداء السيدة في المطار على ضابط الشرطة والثانية تصريح وزير العدل عن عدم أحقية تعيين ابن عامل النظافة في مؤسسة القضاء!

الغريب في الواقعة الأولى أن السيدة المعتدية على الضابط ليست من طبقة متدنية أو فقيرة وإنما هي سيدة أعمال تنتمي إلى الطبقة العليا! , وفي اعتقادي أن تلك الواقعة تكشف إلى حد كبير عمق الأزمة الأخلاقية التي يعاني منها المجتمع المصري وهي أزمة أتصور أنها بدأت منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي إذ مع الانفتاح الاقتصادي الذي قام به الرئيس السادات حدث نوع من الحراك الاجتماعي انتقلت بموجبه مجموعة من الطبقات الدنيا والمتوسطة فجأة الى الطبقة العليا دون أن يصحبه بالتوازي تحسنا في مستوى الأخلاق بل ما حدث هو العكس بالضبط إذ اختلت منظومة القيم في المجتمع وظهرت قيم جديدة وغريبة على المجتمع المصري مثل الفهلوة والشطارة والثراء السريع بأي ثمن حتى ولو على حساب الأخلاق! , وفي عصر مبارك ومع التطور الهائل الذي حدث في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في بداية الألفية الثانية ازداد الوضع سوء لذا لم يكن غريبا أن تشهد مصر فوضى أخلاقية حين قامت ثورة 25 يناير , فكل مظاهر الفوضى وانحدار مستوى الأخلاق الذي كشفت عنه ثورة يناير هو نتاج نحو أربعين عاما من الانفتاح والفساد والاستبداد

بينما كشف تصريح وزير العدل عن طريقة فكر وانحيازات الحكومة الحالية من جانب ورجال القضاء من جانب آخر , وهي عقلية تنظر إلى الناس حسب مستواهم الطبقى والاجتماعي ولا ترى للفقراء حقوقا في تولى المناصب الهامة , وتضع معايير الواسطة والمحسوبية والمستوى الاجتماعي هي شروط تولى الوظائف بعيدا عن الكفاءة! وبالتالي فتصريح وزير العدل كان يعبر عن واقع أليم ليس فقط فيما يتعلق بالتعيين في القضاء وإنما في كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها أيضا الجيش والشرطة , والحقيقة أن تلك ليست المرة الأولى التي ترد فيها مسألة توريث المهن على لسان القضاة فقد سبق أن أعلن نادي القضاة شيئا مثل هذا من قبل , غير أن الجديد في الأمر أنه أول مسئول يعبر بغباء عن ذلك علانية وفي وسائل الإعلام , وهو ما أُثار الرأي العام بشدة ومن ثم أدى إلى إقالة الوزير أو استقالته

المفارقة الصادمة أن السيد الوزير الذي عبر عن ذلك الانحياز الظالم كان مسئولا عن تطبيق العدل بينما كلامه وطريقة تفكيره أبعد ما تكون عن العدل! , والأغرب من ذلك أن كلامه يتعارض مع الدستور الذي يعد هو بحكم منصبه مسئولا عن تطبيقه واحترامه فالمادة 53 من الدستور تنص على : "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض."!

وإذا كان الانحدار الأخلاقي قد بدأ منذ منتصف السبعينيات كما أسلفنا فان توريث المهن ووضع شروط الواسطة والمحسوبية للتعيين أقدم من ذلك إذ تعود إلى العصر الملكي وربما قبل ذلك , فالريس عبد الواحد في فيلم (رد قلبي) لم يستطع أن يعين ابنه (علي) رغم كفاءته إلا بعد أن توسطت له انجي ابنه الباشا! وبالتالي كان يوسف السباعي رحمه الله صادقا في روايته ويعبر عن واقع قديم

في سياق كهذا لن أبتعد كثيرا عن الحقيقة إن قلت أن مشكلة مصر الحقيقية تكمن في انحدار مستوى الأخلاق وغياب العدل وانتشار الفساد في مقابل تراجع معايير الكفاءة والمهنية

وما لم يتغير ذلك بحيث تصير الكفاءة معيار أوحد لتولى الوظائف كما هو الحال في كل دول العالم المتقدم فلن تقوم لمصر قائمة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت