الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموت السريري بين قفص الفقه وسجن القانون

محمد الشريف قاسي

2015 / 5 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يريد المشايخ والفقهاء والحكام المستبدين في تضيقهم على حياة المسلم والمواطن باستعمال جميع الوسائل من الوعظ والفتوى والدين والمذهب واقوال السلف واحكام القوانين والنظم والعادات والتقاليد البالية وضغوط المجتمع وظروف العمل والحياة المعاصرة وبسياسة التفقير والتجهيل والتخوين والتفسيق والتبديع وكل ما يؤدي الى تكريه الحياة الدنيا زيادة على التيئيس والتسويف والتسويس والتبليس والترخيس الى جعل حياة المسلم والانسان رغم وسع الدنيا والحياة، أن تكون هذه الحياة سجن كبير وقبر مظلم نعيشه بكل مرارة. وحتى الوعاظ والخطباء من السياسيين الذين ينشرون اليأس بين الشباب والقنوط في الحياة، والدينيين ينشرون الاحباط بتذكيرنا كل يوم جمعة وسبت وأحد بعذاب نار جهنم وعذاب القبر والذي نعيشه في الحياة قبل الموت والاعلاميين بسياسة تسويد وتظليم الحياة العامة وتعتيم وتخمير كل الانجازات وتيئيس الشباب من دولتهم ووطنهم. ومن امثلة ذلك الاكثار من ترديد كلمة حرام، لا يجوز، شرك كفر زندقة بدعة إلى غير ذلك من المصطلحات المنفرة من الابداع والتمتع بالحياة هذا في الجانب الديني أما الجانب السياسي والاعلامي فلا تسمع الا كلمة ممنوع ولا يوجد (مكانش) وسياسة التسويف والتلفيق والاتهام والتخوين.
أما في الضفة الاخرى فالدين عندهم لنشر الامل والسلام والمحبة وأما السياسة فلتطبيق ذلك في الواقع المشاهد والمعاش حقيقة.
يقول ابو حامد الغزالي: (من لم يحرّكه الربيعُ وأزهاره، والعودُ وأوتاره، فهو فاسدُ المزاج ليس له علاج) يقول ابن حزم: (إنَّ الغناء مُباح) ويقول الرسول لعائشة وهي في عرس يأمرها بشيء من اللهو والطرب: ( أما كان معكم من لَهْو؟ فإنَّ الأنصار يعجبهم اللهو) وتقول عائشة كما جاء عند البخاري أنه كان في بيت الرسول الغناء ووسائل الطرب وألات الموسيقى: (دخلَ عليَّ أبو بكر، وعندي جاريتان من جواري الأنصار تُغنِّيان بِما تقاوَلَتْ به الأنصار يوم بُعاث، قالت: وليست بِمُغنيتَيْن، فقال أبو بكر: أَبِمَزمور الشَّيطان في بيت رسول الله ؟ وذلك في يوم عيد، فقال رسولُ الله : يا أبا بَكْر، إنَّ لكلِّ قومٍ عيدًا، وهذا عيدنا) ولكن للأسف انتشر بين المسلمين فهم أبو بكر للدين وليس علم النبي فاصبح سماع الموسيقى والغناء فسق والتلذذ به كفر. فحرموا الموسيقى والطرب والفرح وأحلوا الدماء والتلذذ بسفكها بالفتاوى والسياسة منذ وفاة الرسول وها هو واقع المسلمين اليوم يصدق ذلك.
وقال ابن العربي في الاحكام نافيا تحريم ألات الموسيقى(لم يصح في التحريم شيء) وقال ابن حزم في المحلى (ولا يصح في هذا الباب شيء أبداً. وكل ما فيه موضوع).
والفقهاء والحكام لم يكتفوا بتحريم الموسيقى والطرب والأفراح فقط بل حرموا كل الفنون من رسم وتصوير وتمثيل ومسرح كما حرموا الابداع والتجديد واستعمال العقل والتفكير واحجروا على عقول الناس ونصبوا انفسهم آلهة من دون الله يشرعون ما يشاؤون وما على الناس إلا الانصات ( استمعوا انصتوا لعلكم ترحمون) وعدم البحث والتساؤل والتحقيق والترجيح (لا تسألوا عن اشياء) وقولهم (من تمنطق تزندق) .
فهم يريدون من المسلم والمواطن أن يعيش في سجن وقفص وهم السجانون. منعوا حرموا كل مباح وجعلوا من الدنيا عدوة للأخرة ومن الحياة موت وقبر.
فلم يكفيهم أن حرموا ومنعوا كل شيء بل يزيدون على ذلك بتذكير الناس بالعذاب الشديد بعد الموت والفناء، ولأي جرم، لا ندري؟ وهذا التذكير الاسبوعي واليومي ما هم الا إمعانا في ملاحقة الناس وتيئيسهم واكراههم في الحياة والحق في الفرح والسعادة، فهم في الحقيقة يؤلمهم أن يروا الناس في سعادة وفرح ومرح. كما يفرحهم أن يروهم في شقاء دائم وحزن وكآبة وافلاس. فهم كما قال تعالى ( إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها) لا يحبون أن يروا نعمة على الناس ظاهرة كما قال تعالى (مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ) وقال (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا) وهذا المرض المزمن الذي اصيب به هؤلاء القوم من المشايخ والحكام يحسدون حتى شعوبهم وأتباعهم فيحاصرونهم بالفتاوى المحرمة والمقززة والممنوعات المبالغ فيها من كل جانب حتى يجعلوا من المواطن والمسلم يعيش حياة النكد والضنك واليأس والفشل والاحباط والقلق والوسواس والقنوط وكل الامراض النفسية والعقلية والجسدية حتى يصاب بالشلل الفكري والعاطفي والجسدي ويصبح جثة هامدة وميت بين الاحياء يعيش عذاب القبر وجهنم في الحياة الدنيا قبل الاخرة. وفي المقابل هم يتنعمون بكل التسهيلات والامتيازات يعيشون فوق القانون والدين. أليست أقوالهم مقدسة ومعصومة ومبررة بقاعدة إن أصاب فله أجران وإن أخطأ له أجر؟ أليسوا هم الذين أحق بالاتباع والاقتداء وأن لحومهم مسمومة ولحومنا حلال؟ أليسوا هم المشرعون بسم الدين والقانون والمحميون بسم القانون والدين بقاعدة اتبع اقوالهم ولا تتبع افعالهم؟ أليسوا هم الذين يملكون صكوك الغفران وإدخال الناس الجنة والنار؟ أليسوا هم الآلهة المشرعون وما علينا إلا السمع والطاعة حتى ولو ضربوا ضهرك وأكلوا مالك وفعلوا ما فعلوا؟
إن الثورة الحقيقة يا أصحاب ثورات الربيع العربي العبري المشؤوم ليست ثورات مادية لتغير حاكم ونظام حكم واستبداله بحاكم ونظام أخر أكثر منه في مكانه، وإنما هي ثورة فكر ونفس تأبى إلا أن تعيش هذه الحياة كما تريد بلا قيود وبكل فرح وسعادة في انتظار السعادة الابدية، وأن تتحرر من القيود وتكسر الاغلال التي وضعها لك تجار السياسة والدين تحت مسميات شتى، فالحياة واحدة جئت لهذه الدنيا لتعيشها وتتمتع بما فيها بلا قيود ولا شروط إلا قيود الضمير والوسائل الممكنة والمتاحة. قال تعالى (قل من حرم زينة اللّه التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) فهي لك ولأمثالك من الكائنات أيها المؤمن والمواطن في الدنيا والاخرة بدليل قوله تعالى (قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ). وما الحرام إلا ما يضرك أو يضر بغيرك وهذا تعرفه من ضميرك. وكل ما في الارض من نعم وملذات هي لك وخلقت من أجلك (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعا) فالإله الرحيم لا يحب لنا الشقاء والغبن عكس آلهة الارض المزعومة والتي أمرنا بالتحرر من عبادتها وطاعتها بل حتى الاستماع إليها، بقوله تعالى (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا) ووصفهم الله لنا (الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً). وحذرنا من اتباعهم وطاعتهم فيما لا يقبله عقل ولا ضمير ولا خلق كريم فقال (إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية: نرحب بأي قوة عربية أو إسلامية في غزة لتقديم المساعدة ل


.. تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل




.. العقيدة النووية الإيرانية… فتوى خامنئي تفصل بين التحريم والت


.. العالم الليلة | ليست نيتساح يهودا وحدها.. عقوبات أميركية تلا




.. شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ