الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آخر ساعات .. جعفر علي

يوسف العاني

2015 / 5 / 17
الادب والفن


سمعته مرة يعزف على البيانو .. ويغني ..! حين أنهى الاغنية والعزف التفت فرآني .. ضحك ولم يقل سوى كلمتين .. " احيانا أغني " وكان بيننا حديث عن سيناريو فيلم (المنعطف) الذي يخرجه .. قلت له : " أنا متعب في العمل ..! "
قال : " أعرف وهذا ما يفرحني .. "
جلست خلف البيانو .. وأنتظر مني أن اعزف مثله ! لم أعزف طبعا فأنا لا أعرف العزف ، بل رددت بصوت خافت " على شواطىء دجلة مو .." وقلت هذه أغنيتي العراقية المفضلة .
قال : " سمعت ذلك منك في برنامج باذاعة بغداد " .
قال : " صحيح ، فأنا لا أقدم المفاجآت مثلك ! " .
انتبه الي ورحت أذكره كيف عاد من امريكا وهو يحمل شهادة الماجستير في السينما ، ليدرس فن الصوت والالقاء .. وحينما اعترض البعض على ذلك فاجأهم بوثيقة تؤكد دراسة هذا الفن .. فن الصوت والالقاء ، واخذ موقعه بجدارة .
مرة ونحن نصور في فيلم " المنعطف " – 1975 – " زعل " جعفر .. ويبدو ان زعله كان بسبب ظروف الانتاج التي لم تعجبه .. وتركنا ! نحن ولا سيما أنا وسامي عبدالحميد .. زعلنا عليه .. لانه لم يخبرنا بأسباب الزعل .. وقررنا ان نعاتبه عتابا مريرا حين نراه ..
جاء بعد يوم .. وهو غارق في الضحك .. وحينما اقترب منا وقبل ان يقول كلمة او نقول له كلمة ، توقف عن الضحك وقال : ( لا تقولوا شيئا فضيتها بضحكة) وعدنا الى العمل بحماس كبير !
ترى هل كان صاحب المفاجآت هذا . يخبيء طريقة موته الاليمة مفاجأة لنا جميــــعا .. ؟
هل كانت مجموعة المفاجآت التي سبقت موته ووضعته في حياة مرة واليمة مفاجآت له .. آخرها موت ابنته غير المحسوب .. هل سبقت موته لتتجمع حوله وتوقعه في أقسى حالات المعاناة وهو يقترب من دواع الحياة التي رسم لها وفيها أحلى وأجرأ الصور على الشاشة وفي المسرح؟
أليس هو صاحب " فين ردك " ملحمة الخروج عن المألوف من مسرح العلبة الى فضاء رحب واسع في " الأخيضر " ومعه مجموعة من شباب لم يكن يجرؤ الواحد منهم تجاوز الخشبة الضيقة ..؟
راح هناك ليعزف ويملأ الفضاء موسيقى الصوت الانساني والآلة ويكون الرائد في هذا المضمار ..
اليس هو صاحب الذهن المتألق الذي ما جاء بمبادراته من فضاء الارتجال والفراغ ومفهوم الثقافة الفنية السطحية التي تعتمد اصطلاحا تعرف بسطور دون أن تدري ما تحت السطور من جوهر وعمق رؤى ..؟
اليس هــــــو الذي تـرجـــم وألف وعلم ودافع عـــن العلم في صفوف الدراسة وادارة التلفزيــون وعلى الشاشـــــــة ..؟
كل ما نقوله قليل فجعفر علي أكبر من كل الكلمات المألوفة والاقوال المتعارفة .. لكن كل ما نقوله عن ساعات موته قليل وقليل وحفيدته تقوده بحثا عن علاج عن مأوى في مكان يداوى فيه .
غريبا كان .. وكثيرون لا يدرون من هو... بملابسه المتواضعة وصوته المؤدب وهمومه المتراكمة التي لم تكن قد تجاوزت الاسابيع .. تسير معه وحوله وأمامه .. حتى فارق الحياة .
من كان يحلم أن صاحب " فين ردك " .. و" الجابي " و" فهم السينما " و" المنعطف " تثبت الاسس النقية لفن أسيء استعماله وعبث به ثم استشرى ليشوه كل الحقائق التي كانت مرآة الناس الطيبين وصدى المتعبين والمحبين والحالمين بالغد الآتي ..
آخر ساعات هذا الرائد كثفت كل متاعب وآهات الناس بعمق قسوتها وكأنها ترسم تساؤلا كبيرا كبيرا ... " لماذا حدث هذا .. لماذا ..؟ "
وانا اتساءل .. " اما كانت لجعفر علي نهاية غير تلك النهاية " اتساءل وأظل اقول : لماذا ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الموتى احياء في ظمائر الشرفاء
د.قاسم الجلبي ( 2015 / 5 / 17 - 11:57 )
سيدي الكريم , اليوم عن ذكرى وفاه جعفر على وفي الآيام الماضيه عن فاروق الفياض, هاني هاني , وجيه عبد الغني , غازي وسليم , عبد الله العزاوي , ,, هؤلاء قدموا لنا اروع واجمل ما شاهدناه على مسارح بغداد , حاولوا بث الوعي التقدمي والوطني في عقولنا بلغه بسيطه مفهومه حاولوا انتشالنا من عصر القهر والظلم الى عالم الحداثه والمواطنه الصالحه . امس شاهدت لقاء من العراقيه نيوز مع الفنان المتألق سامي عبد الحميد, كان في وضعا صحي متعب يسير على عكازه بطىء الخطا, ولكنه كان متألقا وذا خيال وذاكره ثاقبتين راجيا له دوام الصحه , سيد ي العاني الآتكتب لنا عن ألاحياء اللذين لا زالوا يرفدون مسرحنا بالآبتعاد عن التطرف الطائفي وجعل المواطنه العراقيه هي خيمه الجميع , الى اؤلئك الكتاب النيرين وكشف المستور عن المفسدين الذين باعوا اديانهم من اجل الثروه , كما كنتم ايام زمان تحشدون الهمم بتمثلياتكم من ا ااجل الدعوه الى التظاهر ضد الحاكمين المأجورين مثل التمثيليه الرائعه اني امك ياشاكر , وغيرها , الذكر الطيب الى كل الموتى , واجمل وارق التحايا الى الآحياء اصحاب الفكر النير , مع التقدير


2 - استاذ
فريد جلَو ( 2015 / 5 / 18 - 01:25 )
انكم جيل لم يتكرر في المدى المنظور ------------ قرأة لك عمود صغير في مجله الف باء ولكنه كبير في زمن الطاغيه وانت ترثي فيه شقيق الراحله زينب في تحدي فاضح للطاغيه الذي كان ت زينب وفكرها عدواه اللدوان لك العمر المديد لتكتب عن اؤلائك الجنود الذين قاتلو من اجل الديمقراطيه والعداله الاجتماعيه والسلم وتكاد ان تلفهم زوايا النسيان

اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبدالعزيز يجبر بخاطر شاب ذوى الهمم صاحب واقعة ال


.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة




.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة