الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنحناءات المهنة

محمد السيد محسن

2015 / 5 / 17
مواضيع وابحاث سياسية



كل امرء يعاني في حياته من انحناءات كي يستمر بحياته او كي تستمر الحياة وقالت العرب من أراد الصقر وجب عليه الانحناء ، لكن الشعراء والمذيعين هم اكثر من يعاني من الانحناءات ومن تداعياتها
فحينما تنقلب الأنظمة في بلداننا كما تنقلب ساعة الرمل يجد الشاعر والمذيع نفسه بمواجهة لغة جديدة تفرض على الثاني ويستدعى لها الاول ، وحسب الشاعر انه لا يجب ان يستعدي نظاما سيطر على مقاليد السلطة بالقوة ولا يرعوي من تصفية خصومه ، كما ان الجميع الذين ياتون بالنظام الانقلابي يسعون لايصال رسالة أولى الى الجميع مفادها ماقاله ستالين بعد ان تمركزت السلطة السوفيتية بيديه : من لم يكن معي فهو ضدي
وحسب المذيع انه موظف يجب ان يمارس مهنته وان يبقى في نطاق البقاء في هذه الحياة فتراه يقرأ ما تراه الآلة الإعلامية الحكومية سواء كان مؤمنا بما يقرأ او لم يكن مؤمنا
واما الشاعر فكان يعرف ان الموروث العربي للسلطة لا ينفك يقتسمه كل الثوار الذين يصلون الى بيت الحكم ، حيث يبحث كل حاكم عن شعراء للبلاط
وفي مجال الاعلام المرئي اليوم - وهو ما أود التركيز عليه- ولو انني احمل المهنتين فأنا شاعر ومذيع ولكني أودّ ان انقل من خلال هذا المقال معاناتي كمذيع
في مجال الاعلام المرئي تعددت القنوات ومشاربها لكنها - بأجمعها - تعاني من التبعية وعدم الاستقلالية بالقرار وهذه هي اشكالية الخطاب ، فلا وجود لقناة تلفزيونية في العالم العربي مستقلة بل ان الخط البياني للإنتماءات الإعلامية يمكن ان يختصر بدولتين لا اكثر وهما ايران والسعودية
فالقناة اما تكون مع حزب الله او لا تكون. وأما تكون مع البرنامج النووي الإيراني او لا تكون، وأما ان تكون مع بشار الأسد او لاتكون، وأما تكون مع الحوثيين في اخر صيحة او لاتكون وكل القنوات يمكن إخضاعها للمشروعين الإيراني والسعودي في المنطقة بغض النظر عن ممولي هذه القنوات وأماكن بثها ، وأكاد اجزم ان هذا التصنيف الثنائي يخضع له مجموع القنوات المصرية وقنوات المغرب العربي
ومن نافلة القول ان هناك خطوط رمادية مابين الأسود والابيض المفروض على الخطاب الإعلامي العربي بشكل عام
فمن الممكن ان تكون ضد النظام السوري الذي يقوده بشار الأسد لكنك لايمكن ان تغامر وتكون مع معارضته من تنظيمات الاسلام المتطرف - داعش والنصرة ومن لف لفها.... كما انك تتحفظ على شرعية بقاء نظام بشار الأسد بيد انك لايمكن ان ترضى بمشروع تدويل المعارضة السورية على سبيل المثال ما بين قطر وتركيا ودعمهم للمعارضين بشروط
هذه المنطقة الرمادية باتت ايضا غير مجزية في هوية الاعلام العربي على الرغم من الشعارات البراقة التي ترفعها بعض القنوات
حتى جاءت الطامة الكبرى في ان يفرض على المذيع ان يعرف عن نفسه اذا كان شيعيا او سنيا . بل في اكثر الأحيان لا يتم سؤاله وان كان هو المعني وإنما تستوفى هذه المعلومة من اي معرف له ، وبذلك اغلقت بعض القنوات باب التقديم حصرا الا لمن كان سنيا ، وإن كان بدون تصريح او قرار رسميين ، لكن الامر بات نافذا عند بعض القنوات .. وعندما يتم الاستفسار تأتي الإجابة ان المذيع هو هوية القناة وبذلك فإن الاخيرة هي المعنية بمن يمثلها على الشاشة .
لقد تناسى هؤلاء - المبررون - ان المقياس العام لكل مذيع عند قبوله واكتمال الشروط الوظيفية للقبول وهي : حسن الخبرة وحسن السيرة واكتمال اللغة وحسن المظهر.. وأما المقياس الاخر للقبول هو التزام المذيع بالخطاب الإعلامي وبسياسة المحطة التحريرية
وحسبنا ان يسأل صاحب القرار نفسه كيف ينتقل المذيع من تلفزيون العراق الرسمي ايام حكم صدام حسين الى تلفزيون العراق الرسمي ايام المالكي ؟ وكيف ينتقل المذيع او المراسل من قناة العربية الى الجزيرة قبل ان يتوحد خطاب القناتين باتجاه الحرب على اليمن !!!
بل كيف تم قبول مذيع مصري كان يعمل في قناة العالم الإيرانية في قناة العربية السعودية وسياسة المحطتين يختلفان مائة وثمانين درجة في اغلب القضايا !!!!
إعلام اليوم اختصر قبوله للوجوه الجديدة فيه على عائلة المتقدم فإذا كان من عائلة سنية رحب به وان كان من عائلة شيعية رفضه.. فيما بقيت بعض القنوات التي تلتزم الخطاب الاخر - اي خطاب ايران والشيعة والمعسكر الاخر - حرصت على استقطاب اكبر عدد من السنة لتحقق اختراقا للجمهور الاخر من خلالهم وهي السياسة التي يُتهم فيها الشيعة بأنهم يبشرون بمذهبهم بين الاخر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفكيك حماس واستعادة المحتجزين ومنع التهديد.. 3 أهداف لإسرائي


.. صور أقمار صناعية تظهر مجمعا جديدا من الخيام يتم إنشاؤه بالقر




.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو يرغب في تأخير اجتياح رفح لأسباب حزبي


.. بعد إلقاء القبض على 4 جواسيس.. السفارة الصينية في برلين تدخل




.. الاستخبارات البريطانية: روسيا فقدت قدرتها على التجسس في أورو