الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دويد وفطيم ... حكاية عراقية من سجون الأسر الإيرانية

محمد السيد محسن

2015 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


دويد وفطيم.
. حكاية عراقية من سجون الأسر الإيرانية
لندن 2015
................
ينتابني هاجس لأن اقترب من هذا الرجل الكهل أفتح حديثا معه .. إنه ابراهيم ... وكنيته ابو داوود ...... تدخل في يوم من الأيام في حديث ثقافي لاختبار الذاكرة بيني وبين شاب كردي اسمه كاميران ... كنا وقتذاك نتذاكر مقطع السياب الذي يقول فيه:
بين القرى المتهيبات خطاي والمدن الغريبة
غنيت تربتك الحبيبة
وتوقفنا لنتذكر ما بعدها فإذا بإبراهيم يقول:
فأنا المسيح يجر في المنفى صليبه
ثم غادر لوحدته وعالمه الخاص الذي لم يفارقه مُذ عرفته في معسكر تختي أو طريق القدس رقم 4 ثم شجعتني مداخلته لأتقرب منه وأتعرف على مكنونه وفعلا جلست بجانبه اثناء اداء الصلاة وهو طقس قسري يشمل جميع الأسرى سنة وشيعة كل كان يصلي حسب مذهبه ويعفى منه المسيحيون والصابئة والأيزيديون ... وهؤلاء كانوا مدار حسد واغتباط من قبلنا احيانا لما لفرض التواجد في البرد القاسي من الام ومعاناة كبيرين
جلست بجانب ابراهيم وكانت الساحة التي نصلي فيها تستوعب اكثر من ثلاثة الاف أسير وكنا نتحرك للركوع والسجود وفق صوت المنادي الذي يقف بالقرب من امام الجماعة
فإذا صاح المنادي : الله اكبر كنا نركع ونقول: سبحان ربي العظيم وبحمده
وإذا كبر المنادي ثانية وثالثة كنا نسجد ونقول: سبحان ربي الأعلى وبحمده
لكن ابراهيم كان يقول في كل حركة ركوع وسجود: يدويد... ثم يفطيم
وللتوضيح، يدويد تعني مصغر لاسم ابنه داوود ، وفطيم مصغر اسم ابنته فاطمة وقد تركهما صغيرين حين ألقي ألقبض عليه عام 1977 بتهمة الانتماء الى حزب الدعوة"العميل" وقتذاك وبقي ابراهيم في احد اقبية السجون الى عام 1981 حيث أبلغوهم في السجن بأنهم أفرج عنهم وأنهم سيساقون الى جبهات القتال لمحاربة العدو " الفارسي المجوسي " آنذاك وهو اليوم " العدو الصفوي " كما تشاء بعض ماكينات الاعلام العربي
وحين وصل ابراهيم الى قاطع بنجوين في السليمانية شمال العراق وقع في الأسر
يقول ابراهيم : مناضل في حزب الدعوة- انتبهوا - ابراهيم وكوادر الدعوة لم يكونوا يستخدمون لفظ - مجاهد- حديثة العهد ..... يكمل ابراهيم والقول له: مناضل من حزب الدعوة وقع في أيدي قوات الجمهورية الاسلامية في ايران أليس حريا به ان يعرف عن نفسه بكل زهو وفخر!!! قلت له : بلا شك
قال ما إن قلت لهم إني من قيادات حزب الدعوة حتى تم سجني في الأسر وبدأت أعاني معاناة هانت أمامها معاناة ثلاثة أعوام في اقبية سجون البعث
أجل ... حقيقة للتاريخ أسجلها ... حزب الدعوة في ايران عام 1988 يوم وصلنا اسرى الى ايران كان وقعه على المسؤولين كوقعه على اي مسؤول حزبي او أمني في العراق يومها
انتكس ابراهيم وحالت بينه وبين تأريخه النضالي وحدة وكآبة حادة أدت به الى ان يكفر بصمت في عماد الدين وهي الصلاة ويستبدل المقولات المقدسة في الركوع والسجود باسم ابنه "دويد" واسم ابنته "فطيم" ربما يقول قائل لماذا فقد الرجل إيمانه ؛ أقول ان
الرجل فقد جزءا من كرامته وفقد ثقته بالآخر الذي كان يعتقده منجزا لوعده... وهي التي أدت به الى أن يفقد جزءا من إيمانه
سألته في يوم من الأيام عن قبوله لي للحديث معه من دون خمسة الاف أسير في معسكر تختي فأجاب: حين كنت تجلس وكنت اراقبك كنت أقول في داخلي: هذا الفتى من عائلة يسارية وهو شاعر
قلت له وكيف عرفت الاثنين وهما خصلتان اعتز بهما في حياتي
قال من طريقة تعاملك مع السيجارة... فالشاعر يتعامل مع السيجارة ليس كما يتعامل معها الآخرون
قلت وقضية اليسار كيف عرفتها .. قال: لم تنجرف بسهولة للواقع المحيط بك وكنت تسأل بعمق اكثر من غيرك
صار ابراهيم صديقي وكان يشرد بذهنه وانا احدثه واضطر في اغلب الأحيان لإعادة ما اتحدث به
دارت السنين والتقيت في بغداد بأحد رفاق سجن تختي وسألته عن ابراهيم فقال
اكتشفنا في احد الصباحات أن ابراهيم توفي ليلا وعند رأسه كتب : ادفنوني في ايران ولا تدلوا اهلي وأولادي على قبري فما زالوا يعتقدون انني مناضل وبطل من ابطال حزب الدعوة
رحم الله ابراهيم العوادي
وحفظ الله دويد...... وفطيم


خدمة جديدة - مهم جدا
لتجديد معلومات موقعكم الفرعي ( الصورة، النبذة وألوان ) بشكل أوتوماتيكي
نرجو استخدام الرابط التالي, يعتذر الحوار المتمدن على تلبية طلبات التجديد المرسلة بالبريد الالكتروني
http://www.ahewar.org/guest/SendMsg.asp?id=








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يزور تركيا لإجراء محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردو


.. توقعات بموجة جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الغدائية بروسيا




.. سكاي نيوز عربية تزور أحد مخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة


.. حزب -تقدّم- مهدد بالتفكك بعد انسحاب مرشحه لمنصب رئاسة مجلس ا




.. آثار الدمار نتيجة قصف استهدف قاعدة كالسو شمالي بابل في العرا