الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بطلان إعدامات عرب شركس

عبدالفتاح فتحي عبدالفتاح

2015 / 5 / 20
الغاء عقوبة الاعدام


ترددت كثيرًا قبل الكتابة عن القضية، هل مسموح لي أن أكتب؟، وما هو المتاح للنشر؟، حقًا لقد أصبحنا نكتب وكأننا نسير على قشر بيض، حذر شديد، نكتب المقال ثم نعيد تنقيته، كما ينقى الأرز، بما يتناسب مع الذات الحاكمة، لكنني في النهاية وجدت ضالتي، فيما علقت به صحيفة "فرانكفورتر الجماينة تسايتونج" الألمانية على الأوضاع الحالية في مصر حين ذكرت أن "صمت المقابر الذي يخيم على مصر يشلّ البلاد، وليس هناك في الأفق مبادرة سياسية تخفف من حدة هذه المواجهة، بل على العكس من ذلك فالضغط يزداد في المرجل".

الآن يمكن أن أبتعد بنفسى عن أي مساءلة، سأكتب مقالًا توثيقيًا، أحاول فيه أن أدعم رأيي بالأدلة، وسأعمد إلى اقتناء نسخ من كل الأدلة في جيبي ليس فقط في منزلي، فالمقال في زمننا هذا يعامل معاملة التحقيق، عملًا بمبدأ "ابعد عن الشر وغنيله"، فالرأي في مصر الآن لم يعد متاحًا بالقدر الذي كان عليه، وماذا حتى لو كتبنا، هل حقًا يمكن للكلمات أن تواصل المعركة دون أن ترمى "الفوطة" في حلبة الصراع من أجل الحق، أو تكون منجاةً من المشانق؟

أمي قالت لي، "يا بنى لن تغير كثيرا في دولة سعر الخضار فيها يرتفع بينما يقل سعر بني آدم"، الجملة حطمت بداخلي شيئا، ومنذ ذلك الحين أدركت أن الكلمة أضعف بكثير من أن تغير شيئا، بيد أن تلك القضية تحديدا استفزتني، إلى الحد الذي لم أستطع معه أن أكبح جماح القلم، فاسمحي لي يا أمي أن أكتب ذلك المقال خلسةً.

القضاء الإداري يعيد مرافعة الدفاع في قضية عرب شركس 2 يونيو، لعلني لم أقرأ جيدًا، دققت النظر، إنه نفس العنوان، لم يتغير، إذن لعل المحرر والديسك أخطأ، بحث سريع الخبر انتشر كالنار في الهشيم، هل معقول كل أولئك أخطأوا؟، إذن فالخبر صحيح، ولكن هل يعني ما فهمت؟، هل يمكن الحكم ببطلان إعدامات عرب شركس؟، لم أعد أفهم شيئًا في ذلك البلد!

بعيدًا عن أن الدعوى الآن نظريًا لا قيمة لها وعمليًا كذلك، لكن ما السر وراء السرعة الشديدة في تنفيذ الحكم بإعدام متهمي عرب شركس، في ظل وجود دعوى قضائية سارية، تتهم أكبر رأس في الدولة بمخالفة القانون والدستور، بتصديقه على حكم إعدام صادر من محكمة عسكرية بحق مدنيين، في دولة رفضت إخضاع قضائها بنزاهته وميراثه التاريخي الطويل على مدى نحو قرنين لتقييمات وتحليلات لأطراف خارجية.

وبعيدا عن أن هناك أدلة موثقة تم تقديمها للمحكمة، تثبت القبض على المعدومين قبل واقعة عرب شركس فى 19 مارس، ومنهم هاني مصطفى على سبيل المثال لا الحصر، الذي ألقي القبض عليه يوم 16 ديسمبر، وهو ما جاء في نص التلغراف المرسل من والدته لعدة جهات من بينها وزارة الداخلية ومدير أمن الإسماعيلية، فى اليوم التالى لإختفائه فى 17 ديسمبر، فضلا عن بلاغ للنائب العام برقم 2901 لسنة 2014 عرائض أمن الدولة بواقعة الاختفاء، ومحضر رقم 342 لسنة 2014 إداري الإسماعيلية أول، وهذا مثال فقط، وقد نشرت مواقع كثيرة الأدلة.

ولكن.. الأعراف المستقرة في تنفيذ أحكام الإعدام عادة تقول إن ما بين صدور حكم الإعدام بشكل نهائي وتنفيذه فعلًا يستغرق سنوات، وهذا ما استقرت عليه مصلحة السجون؛ أو على أقل تقدير يستغرق 6 أشهر في طابور الإعدام؛ لاحتمال ظهور أدلة جديدة تتسبب في إعادة المحاكمة أو إلغاء الحكم، وإن كان ذلك ليس ملزمًا لمصلحة السجون لكنني أقول "الأعراف".

وأما من ناحية القانون ذاته.. فإنه لو كان بشرًا مثلنا، لشنق نفسه على لافتة إعلانية على الطريق الدائري، وترك رسالة احتساب لله على أولئك الذين نفذوا حكما بالإعدام بالرغم من أن هناك دعوى قضائية سارية قد تتسبب في تأجيل تنفيذ حكم الإعدام، وهى الدعوى التي يفترض أن تنظر 2 يونيو أمام القضاء الإداري بمجلس الدولة، بغض النظر عن أنها ستنقضي "لانتفاء شرط المصلحة بعد إعدام المتهمين فعلًا".

وإن لم يكن القانون ينص على أنه لا بد من إخطار أهل المتهمين بموعد تنفيذ الحكم والسماح لهم بزيارة أخيرة قبل التنفيذ، فإن الإنسانية تقتضي ذلك، ولا يوجد في قانون ولا شرع ولا دين ما يقول إن أهل متهم يعرفوا بحكم إعدامه من وسال الإعلام، ولم يسمح لهم بزيارة أخيرة حتى قبل التنفيذ.

ورغم الإدانات والانتقادات الدولية المستمرة لمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، بما يتعارض مع كل المواثيق والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها مصر، فإننا في مصر لا نزال نحاكم المدنيين عسكريًا، أمام محاكم يتم تعيين قضاتها من قبل رئيس هيئة القضاء العسكري، التابعة لوزير الدفاع، التابع بدوره للسلطة التنفيذية، ما يجعل استقلالية تلك المحاكم ونزاهة الأحكام الصادرة عنها، محل شك.

إذن فماذا بقى بعد الأعراف والقانون والإنسانية، والإدانات الدولية، هل تعتقد أنك بهذا المقال يمكن أن تغير شيئًا، أو هل أصلا تظن أن القضية لها قيمة، أو هل تعود الروح لمن مات شنقًا، حتى لو صدر حكم لن يصدر أصلًا ببطلان الإعدام، أنت ليس مسموحًا لك سوى أن تشاهد ما يحدث من عجائب وغرائب لن تشاهدها إلا في مصر.

سؤال لا علاقة له بشيء، هل الغباء جند من جنود الله؟، سألني ومضى فلم أستطع الرد، شيء ما لجمني، فهل من إجابة عند أحدكم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف إسرائيلية من مغبة صدور أوامر اعتقال من محكمة العدل الد


.. أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى -حماس- يغلقون طريقاً سريعاً في




.. غضب عربي بعد -الفيتو- الأميركي ضد العضوية الكاملة لفلسطين با


.. اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق




.. أربك الشرطة بقنابل وهمية.. اعتقال مقتحم القنصلية الإيرانية ب