الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اتفاقيات جانتلمان بين السياسيين وداعش

فرات المحسن

2015 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


في أعراف الحرب، وفي سياق المعارك على جبهات القتال، وعند حالة التأكد من كون القطعة العسكرية لن تستطيع الصمود أمام عدوها، حينذاك يكون قائد الوحدة العسكرية أمام ثلاثة خيارات، الأول المقاومة حتى الشهادة، أما الحالة الثانية فأنه يأمر جنوده بالانسحاب المنظم، وفي هذه الحالة عليهم اخذ قطع السلاح والعتاد والمعدات والآليات وإن تعذر سحب الآليات والمعدات الثقيلة يصار إلى تفكيكها أو تعطيلها أي إتلاف محركات الآليات والمعدات العسكرية الثقيلة وتخريب أو سحب صواعق الأسلحة والاعتدة.والحالة الثالثة الاستسلام وتلك تعد خيانة في الأعراف والقوانين العسكرية.
ولكن الذي حدث في الرمادي وقبله في الموصل جاء مغايرا لجميع قواعد الحرب وأعرافها وسلوك القادة، فإخلاء الأماكن وتسليم السلاح تم باتفاق جنتلمان بين قادة الوحدات العسكرية و قادة الإرهاب، ليصل الأمر وبترتيب دقيق،جعل الوحدات العسكرية تترك مفاتيح تشغيل الآليات فوق الدشبول أو عند مكان التشغيل، كي لا يتعب الرفاق من الدواعش في فك كهربائية تلك الآليات وتشغيلها بواسطة الجطل، مثلما يطلق عليه بلغة أهل ميكانيك السيارات، وأيضا تم تسليم الدواعش صناديق العتاد وجميع الذخائر وأرزاق المعركة، وكانت جميعها في حالة جيدة لا بل لم تفتح بعد، أي سر مهر وصاغ سليم.
وحسب الاتفاقات الجانتلمان بنسخته الأصلية المتفق عليه بين قادة العملية السياسية في العراق الحديث ورجال عصاباتهم من قادة الجيش والشرطة، فليس هناك حاجة لمحاسبة أو محاكمة أو إدانة لجريمة سياسية أو عسكرية. وحتى أن وجدت مثل هذه الجرائم فالحكم الغيابي قرار مريح ومقنع وتوافقي للقضاء العراقي الذي هو جزء من الصفقة الكبرى، ويأخذ الحكم عند صدوره الدرجة القطعية مسبقا لينتهي الآمر عند هذا الحد.ولأن القضاء العراقي متواطئ وهزيل فكردستان ملجأ أمن وعيش رغيد. وصدور الأحكام غيابيا يعني أنه قابل للمساومة والمال يفقأ العيون.
وفق قواعد اللعبة وتقاسم السلطة بالمحاصصة وعلى وفق قاعدة طمطملي وأطمطملك، وشيلني وأشيلك، لن يخرج هناك خاسر، ولن يقدم كبش فداء أو يعلن قرار حكم وقطعا لن يوجه اتهام، ولن يدان شخص حتى وأن تسبب بمقتل الآلاف وسقوط مدن. وسوف يتم أخراج مسرحيات تستوعب ثقل الحدث وتعمل على تفتيته، وتغلق أذانها عن الخبثاء من مثيري الشغب ومروجي الإشاعات والباحثين عن الإثارة. ولا ضير هناك من وجود عدد كبير من الضحايا فلكل حادث قرابين كي يسمى حادث وتضاف له كلمة مروع،بعدها يستفاد السياسي منه كشعار استعراضي، ولا يخلو مثل هذا الحادث المسمى بالمروع من وجهات نظر تفسر الواقعة بما تشتهي الأنفس، ولن تعتمد نتائج التحقيقات وقبلها مساراتها على غير تلك القواعد. فيستطيع أي شخص يستدعى لأخذ إفادته أمام لجان التحقيق، الامتناع عن تقديم شهادته، وحتى الطعن بدستورية اللجان أو مخاصمتها وتوجيه الاتهام لها بالتحيز والمغالاة والتطرف . فهو شخصيا أكبر من أن يطلب منه حضور جلسات مسائلة أو إدلاء بشهادة. فهو يترفع أن يسأله أحد عن واقعة ليست في وارد اهتماماته ، ولن يجيب على أسئلة توجه له من قبل من هو اقل شئنا منه وأدنى رتبة من معاليه. وإن تعاطف مع الأحداث فيستطيع أن يستدعي اللجنة للحضور أمام معاليه، ليسألها بدوره عن نتائج التحقيق التي توصلت أليها.
بعد كل هذا وذاك فالمخرج الوحيد لأبعاد كل هذا الضجيج عن حوادث وجرائم راح ضحاياها آلاف وضاعت مدن، يعتمد على ذاكرة العراقي المثقوبة لا بل المتهرئة، التي لا تحتفظ بسجلات لموتاها وتنسى بكل بساطة فواجعها. ومثلما تجرعت ورمت وراء ظهرها جرائم صدام وحزبه الكبرى،نجدها اليوم تتلذذ بنسيان حتى أماكن ووقائع الجرائم التي ارتكبت بحقها . وهذه الذاكرة المعطوبة استطابت مرض الزهايمر الذي ينخر ليس فقط العقول بل مجمل تأريخ بلد أسمه العراق.ولنا معكم في الانتخابات القادمة موعد، لنختبر فيه ليس فقط ذاكرة شعبنا وإنما قيمه وأخلاقه. لنشهد التاريخ على ذاكرة وقيم هذا الشعب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية