الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوياتنا المحاصرة :    من يا ترى  سجين الأخر المرأة المسلمة أم الهوية الأسلامية؟ 

لمى الأتاسي

2015 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


ان جزمنا بأن الانسان العصري بفضل تطور الطب سيكون قريبا باستطاعته ان يعيش لعمر المائة عام بينما اجداده كانوا غالبا لا يتجاوزوا الستين، يجب ان نفكر بنوعية وجوده على وجه الارض، و بكمية البشر المتواجدين على وجه الأرض معه و لا بد ان نتسائل هل سيكون هناك مكان و خيرات على الارض تكفي الجميع ، خصوصا ان اكملنا هكذا بتلك العقليات ؟ فيما يخصنا نحن محليا،  يمكن ان نفكر بمسؤليتنا ككائنات مفكرة و غير مسيرة تجاه مستوى حياتنا كلنا كبشر متساويين بهذا الحق بالنوعية و غير منفصلين عن بقية الشعوب.
ان الشريعة الاسلامية مصدر القانون الاجتماعي  حسب مفهوم داعش و الاسلام المعاصر و الذي يدور بحلقة مفرغة منذ زمن طويل يعتبر ان هذا موضوع لا يعني البشر بل الله " المولود تأتي رزقته معه".. بالتالي هم في صراع مع الحضارة الغربية حاليا لانها تعتمد التفكير العلمي بمحاكمة الامور و هم يعتبرون بان العلم اغلبه كفر:  
مساواة البشر ببعض كفر و خصوصا المرأة بالرجل قانونيا:  كفر...بالتالي لا ضرورة لمساواة نوعية الحياة في العالم العربي و الافريقي بحياة المواطن الغربي نلاحظ هنا بأن العربي او الاسلامي هو من يرفض المساواة و ليس الاخر.   
محاولة ايقاف زواج القاصرات و منعهن من الانجاب مثلا : كفر
الكلام عن احتياجات ضرورية للطفل من واجب الاسرة ان تامنها كمسؤلية تعاقب عليها في حال عدم التزامها بحقوق الطفل .. كفر
طالما ضرب النساء و الاطفال مذكور و مشرع بالقرآن فنحن في اشكالية كبيرة : اذ كيف نفسر منعه ؟
المشكلة تكمن في كون الدين حاليا مفهوم لدى شعوبنا منذ عهد الاستعمار على انه هوية لشخصية اسلامية ثابتة، و مرفوض رفضا باتا من الجميع العمل علي تطويرها لانها اعتبرت محددة الملامح كما كتب عن السنة في عهد السلف الصالح ولا يحق لنا المساس بها،
نلاحظ  أن اي عملية تطور يعيشعا البعض على انها خيانة للذات و انصهار مع الاخر الغربي العدو. فالأخر ينظر له على انه عدو أزلي لا لشيء فقط لأن الاجداد سالفا في الأزمنة الغابرة في عهد الفتوحات  حاربوا أجداد هذا الأخر.
ان حللنا عقدة الهوية هذه في الحقيقة نجدها  مرتبطة بمرحلة ماضية من تاريخنا تلك المرحلة الاستعمارية التي تجاوزها العصر و كان فيها انذاك الغرب في مرحلة تخلف فكري عن الأن ، اذ أنه كان يعتبر قانونيا بان هناك شعوب اذكى من شعوب و هناك بشر خلقهم الله بدرجة انسانية اعلى هم البيض و كان يعتمد التمييز عرقيا و كنا نحن كشعوب الشرق و افريقيا من الذين تم تصنيفهم عنصريا باقل منهم،  كان هذا الغرب عنصري بعقلية استعمارية قبيحة انتجت هتلر و النازية كاخر درجاتها تماما كما ينتج حاليا الاسلام المعاصر داعش كأخر حالة له و هو كما حصل للنازية التي جسدت في زمنها اخر درجات العنصرية و جبت كل الدرجات الاخرى بعدها حيث بفضلها حدث وعي عام انساني كوني لمسألة التمييز و تم اعتماد قوانين دولية  تجرم التمييز العنصري بل و مكافحته في الكثير من الدول مع اعتماد الاعلان العالمي لحقوق الانسان ،
 أن الفكر الانساني ليس جامد بل في حالة تطور دائم و قد يبطئ السير و لكنه يمضي . و حتى في بلادنا رغم ما نراه من جمود هو في حالة تطور تكاد تكون غير مرئية.
اننا عندما نريد طرح فكرة العلمانية كاداة تطور لا نقصد التعدي على مسالة الهوية، الهوية الاسلامية ليست في خطر لأنها ليست تلك التي تطرح الأن ، ان حررنا نسائنا و رجالنا و مجتمعاتنا فلن يتحولوا لفاسقين بدرجة اكبر او اقل مما هم عليه حاليا ، فدرجة الفجور اكبر في العالم العربي و درجة العنف اكبر بكثير مما  نلحظه في الغرب،  الشاب و الفتاة الذين يعيشون في مجتمع لا يمنعهم عن شي لا يحتاجوا لهذا "الشيء المخيف" بنظر العقل الديني   لانه مثبت ان الشيء حين يكون غير ممنوع لا يكون مرغوب بشدة و لا يولد  حالات كبت كما هو حال شبابنا الذي يتحرش بشكل مخيف بالنساء في شوارع القاهرة و المدن الكبيرة في العالم العربي، في الغرب خيالهم لا يعمل على الاسائة للمرأة و لا يخاف منها بالتالي  حالات العنف و التحرش الذي تعيشه نسائنا في البلاد العربية حالات شاذة لديهم  .و عندما تحدث تفضحها الصحف عمدا لأن الاعلان فيه فضح و معاقبة و تنظيف و للعلم اغلب حالات الاغتصاب عندنا لا يجرؤ احد البوح بها.
 الحب في العقلية الغربية  شي نظيف و العلاقة العاطفية ليست قذرة و المراة ليست اداة متعة و هي تتعامل مع ذاتها باحترام .هي ليست بحاجة لمن يصرف عليها فهي ليست عبئ كما يصورها المجتمع الشرقي مبررا تعدد الزوجات. بل  يحق لها العمل كالرجل  بالتالي لا تبيع نقسها لاحد لا باسم الزواج و لا باسم شي اخر، لانها انسان حر متساوي و متشارك مع الرجل حتى بالمصاريف حيث الاستقلال المادي هو ما يجعلها متساوية. في اغلب دولنا هي مازالت تحت الوصاية من الميلاد الى القبر.
المجتمع الخائف من المرأة لدرجة تغطيتها و اخفائها من على الارض قسرا و منعها من المشي بالشارع و اظهار وجهها،  يحاول قدر الامكان ابعادها عن الحياة الطبيعية و تركها في غرفة النوم و المطبخ بدون امكانية تطور حقيقية لذاتها. الشريعة كلها تدور و تلف و تصب بخوف المجتمع من المرأة و من جسدها و هذا مما يزيد من كبت الرجل الشرقي، ان راقبنا حالة  داعش مثلا نجد ان اكثر ما سمعناه عن نمط حياتهم هو يتعلق بجهاد النكاح و السبايا. فيحق لنا ان نتسائل عن حجم الكبت  لديهم و مدى خوفهم من المساواة.
 يصور البعض هاجسه بوضوح و هو أنه بتحرير المرأة من الموضع الوضيع التي هي فيه سيفقد هذا المجتمع هويته الثقافية الاسلامية ، و كأن الاسلام متوقف عند جسد المرأة. بالتالي نكاد نجزم بان المرأة المسلمة هي التي بمحاصرتها هكذا من القوانين و المجتمع   تحفظ الهوية الاسلامية من اي تغير او تطور، حيث ان هذه الهوية ما يميزها هو الخوف من العلم و التغيير . لماذا قدر هذه الهوية هو ان تبقى ملتزمة  بالجهل و التخلف عن ركب الحضارة؟ و لنا ان نتسائل من يا ترى  سجين الأخر المراة المسلمة أم الهوية الأسلامية؟
لمى الاتاسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الولايات المتحدة: ما الذي يجري في الجامعات الأمريكية؟ • فران




.. بلينكن في الصين: قائمة التوترات من تايوان إلى -تيك توك-


.. انسحاب إيراني من سوريا.. لعبة خيانة أم تمويه؟ | #التاسعة




.. هل تنجح أميركا بلجم التقارب الصيني الروسي؟ | #التاسعة