الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع الهويات في العراق

مازن لطيف علي

2015 / 5 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يسعى هذا الكتاب ( العراق بين احتلالات من 1920 إلى الوقت الحاضر) تحرير كل من: أكيم رود-أماتزيا بارام-رونين زيدل وترجمة مصطفى نعمان احمد الصادر حديثاً عن دار المرتضى في بغداد. إلى إضافة عدد من الجوانب قيد البحث حتى الآن إلى الإطار البحثي القائم عن العراق، الذي يغطي كامل الفترة الممتدة من عام 1920 إلى ما بعد عام 2003. ويستند هذا الكتاب إلى مؤتمر دولي عقدته جامعة حيفا في آذار من عام 2007. ويرتكز إلى مسائل مهمة للغاية على شاكلة بروز الحس الطائفي وتطور المكونات الأخرى للهوية، بما فيها التناقضات الداخلية ضمن كل جماعة طائفية وعرقية، والمواقف حيال الوجود الأجنبي، ومضامين تلك التطورات على مستقبل البلاد. ويناقش الكتاب أيضاً مسائل كثيراً ما جرى تهميشها تتعلق بظهور وافول مجتمع مدني عراقي بعرض دراسات تسلط الضوء على المرأة العراقية، والمثقفين الليبراليين، وأفكار ديمقراطية خلال الحقبة الملكية. ويُعيد الكتاب دراسة العراق منذ تأسيس الدولة- الأمة إلى الوقت الحاضر، وبذا يُقدم إطاراً مفاهيمياً للحاضر العراقي في سياق تاريخي أوسع.
يسعى هذا الكتاب إلى إستكشاف أرضية وسطى بين هذين الاتجاهين. فهو يضع العوامل الخارجية والداخلية جنباً إلى جنب خلال عمليات بناء الأمة وتشكيل الدولة في العراق في القرن العشرين. وبهذه الطريقة، فأنه يدرس الاستمرارية والتغيير الكامنين وراء الأحداث المهمة في تاريخ العراق، ويضع تلك الأحداث في سياق أوسع. وبينما تستكشف بعض الدراسات الاستمرارية التي تربط أحداث مهمة بفترات سابقة، تسلط دراسات أخرى الضوء على جانب من جوانب القطع مع الماضي، ولاسيما خلال فترة البعث. ولن يجرِ تجاهل الموضوعات الحساسة والمثيرة للجدال للغاية عند بعض العراقيين في هذا الكتاب، الذي يتضمن دراسات عن العلاقات الطائفية والعرقية- الطائفية، وإسهام الاحتلالين البريطاني والامريكي بتشكيل الدولة وإعادة تشكيلها، فضلاً عن الآليات الداخلية ضمن الطوائف المتعددة قبل نيسان من عام 2003 وما بعده. ولا يتضمن الاعتراف بوجود تقسيمات ثانوية قوية في العراق نفي وجود هوية وطنية عراقية. وعلى العكس، فانها تُغني الهوية العراقية وتجعلها أكثر تسامحاً، لأنَّ الاعتراف بالاختلافات الموجودة يفسح المجال لحل التوترات الواضحة.

يتناول الجزء الأول من هذا الكتاب مسألة الوطنية العراقية وعلاقتها بالتيارات السياسية المنافسة، وأولها وأهمها القومية الكردية. وفي نقاش شامل يفتتح الكتاب صفحاته ويشرع في التعامل مع العديد من المسائل الموضوعة قيد النقاش، وتنجح فيبي مار في تصوير التقلبات والانسلاخات التي مرت بها الهوية السياسية للشعب العراقي منذ أواخر الحقبة العثمانية وحتى الآن. ويتضمن البحث دراسة لتأثيرات (35) سنة من الحكم البعثي والديكتاتوري على "الهوية العراقوية" ورؤية لتطورات فترة ما بعد صدام. وتجادل مار أنه حتى في البيئة غير المستقرة للعراق حالياً، حيث ما أنفكت العداءات القائمة بين الطوائف تلعب دوراً مهماً، ومازالت المصالح المتعارضة تسمم المناخ السياسي، فثمة قوى تعمل على إعادة خلق حس بالوطنية العراقوية الشاملة.
وبينما تحلل مار التبلور التدريجي، وإن كان هشاً، للإطار العراقوي، يعطي شيركو كرمانج إطاراً مفهومياً لتاريخ العراق منذُ تأسيس الدولة، ولاسيما الصدام بين ثلاث قوميات متنافسة: القومية العربية ، والعراقوية، والكردية. ويؤكد ان القوميين الكرد طوال تلك السنوات حافظوا على إقامة حوار مع ممثلي التيارات الأخرى. ويحدد كرمانج الوصول البعثي الأول للسلطة في عام 1963 بوصفه نقطة تحول في عملية تكوين هوية عراقية، أفضى مباشرة إلى قمع عنيف بحق الكرد (والشيعة) في ظل البعث. وقد أفاد من مصادر منشورة حديثاً في اللغة الكردية. وإيجازاً، تصف الدراسة التفاعل بين القوميين الكرد والعرب في العراق من منظور كردي. ويركز مايكل ايبل على التحديات التي تواجهها النخبة السياسية الحاكمة في منطقة كردستان العراق في إقناع شعبها بان الانفصال عن العراق لا يُعد خياراً قابلاً للتطبيق. ويُظهر ايبل كيفية التحدي الذي تتعرض له القيادة التاريخية من جيل جديد من الساسة الشباب ممن ينتقدون الحكومة الكردية لانعدام الكفاءة والفساد والمحسوبية، ويطالبون بالمزيد من الديمقراطية والشفافية في إدارة المنطقة الكردية. ويركز الفصل على السياسة الكردية المعاصرة، ويسلط الضوء على جيل جديد من القادة الكرد، ويؤكد على الخلافات بين الجيل الشاب من القادة والحرس القديم.
ويناقش الجزء الثاني جوانب من تاريخ العراق في ظل الحكم الملكي، فتسلط أوريت باشكين الضوء على بعض التقاليد المنسية للفكر والسياسة الديمقراطيتين في العراق، حيث ركزت على نحو رئيس على عشرينيات القرن العشرين وثلاثينياته. وتصف باشكين، على نحو خاص، وتقيّم كتابات المنظر الاجتماعي الديمقراطي عبدالفتاح إبراهيم، الذي لم تحظ مساهماته في النقاشات العامة الخصبة للفترة المذكورة بالاهتمام الاكاديمي الكبير حتى الآن، في داخل العراق وفي الأوساط الاكاديمية الغربية. وتجادل باشكين ان المحاولات الحالية لإعادة بناء العراق بوصفه بلداً ديمقراطياً ينبغي ان تكون مدركة لتقاليد كهذه وحريصة على إحيائها، لئلا تسقط في فخ إعادة بناء العراق على شاكلة النظام السلطوي الذي شرعت القوات الغازية بالاطاحة به في عام 2003.
وعلى نحو يلفت الانتباه، يعيد باحثون دراسة فترة الملكية المدعومة من البريطانيين (1921-1958)، في مقابل خلفية الجهود الامريكية الحالية لإعادة بناء العراق، التي تجاهلت تجاهلاً تاماً المسائل المتعلقة بالإطار الجندري (الجنساني) وباستقراء الوضع الحالي المتعلق بقانون الاحوال الشخصية العراقي في مقابل الخلفية التاريخية لنقاشات مشابهة جرت خلال الفترة الملكية. وتسلط نوغا ايفراتي في البدء الضوء على السياق التاريخي للصراع الحالي. وهي تعمق تفهمنا للمواقع التي شغلها ثلاثة فاعلين أساسيين في النقاشات الجارية اليوم المتعلقة بالمساواة بين الجنسين في العراق: ناشطات نسويات، ورجال دين شيعة، ومسؤولون امريكيون. وتجادل ايفراتي ان السياسات الامريكية الحالية في هذا السياق تعد تذكيراً بالاساليب البريطانية خلال الفترة الملكية: هم يخونون معظم القيّم التي شرعت الولايات المتحدة الامريكية رسمياً بالدفاع عنها حين غزت العراق.
ويركز الجزء الثالث على الفترة البعثية وتأثيرها في التطورات الحالية. وللمزيد من التوسع في مسألة بروز الطائفية في العراق، يدرس الفصل الذي كتبه رونين زيدل- من منظور تاريخي أوسع- إنبثاق قيادة طائفية- سُنّية جديدة على نحوٍ مقصود وصريح متخذة من البرلمان قاعدة لها في فترة عراق ما بعد 2003. ويركز زيدل على تسعينيات القرن العشرين بوصفها فترة تكوين لاتجاهات مختلفة في السياسة السُنّية في العراق بعد عام 2003. ومع ذلك، فانه يؤكد ان السياسة السُنّية لم تصبح متلونة بصبغة واضحة وصريحة إلا بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة الامريكية. ويتتبع زيدل جذور أهم الشخصيات الرئيسة في القيادة السُنّية الحالية، ونشاطاتهم في العقود السابقة. ويستنتج ان الغزو في عام 2003 كان المحرك لعملية تشكيل هوية طائفية سُنّية، تستند إلى قضية مشتركة وشعور بالمظلومية .
وفي دراسته، يتناول جوزيف ساسون جانباً من أهم الجوانب التي ستحدد في ما لو سيكون لعملية إعادة بناء العراق في ظل الوصاية الامريكية حظاً من النجاح في نهاية الأمر، بايراده لصورة واسعة تشمل جميع القطاعات المهمة في الاقتصاد العراقي خلال عقود الحكم البعثي وإستكشاف خيارات تطوره المستقبلي. ويُقدم رؤية متشككة لفرص حصول إنتعاش إقتصادي للعراق، مشيراً إلى الهجرة الدراماتيكية للعقول العراقية، وتآكل الطبقة الوسطى، والفساد المستوطن في جميع مستويات الإدارة الحكومية فضلاً عن التفكك الوشيك للبلاد بوصفها العوامل الأكثر حسماً في هذا السياق.

نبذة عن المشاركين في الكتاب

• أماتزيا بارام: أستاذ متمرس في تاريخ الشرق الأوسط، ومؤرخ مختص بشؤون العراق والشيعة في العالم العربي، وهو مدير مركز الدراسات الخاصة بالعراق في جامعة حيفا. وينشر أبحاثه على نطاق واسع، وكان يُقدم المشورة للإدارات الامريكية في عهود الرؤساء ريغان، وبوش الأب، وكلينتون، وبوش الأبن حيال القضايا المتعلقة بالعراق والخليج. وكان كبير الزملاء في مركز وودرو ولسون الدولي للباحثين، وفي المعهد الامريكي للسلام في واشنطن. وقد أصدر مؤخراً كتاباً عن العلاقات بين الدولة والمسجد في العراق منذ عام 1968 إلى الوقت الحالي.
• أوريت باشكين: وهي أستاذ مساعد في قسم اللغات والحضارات الشرقية، وقد تطرقت اطروحتها للدكتوراه (برينستون، 2004) إلى تكوّن النطاق العام العراقي وإنبثاق الخطابات الديمقراطية في العراق خلال الفترة الفاصلة بين الحربين العالميتين. ولديها كتاب بعنوان (العراق الآخر: التعددية والثقافة في العراق الهاشمي، 1921- 1958) صدر عام 2009، وتولت طباعته جامعة ستانفورد.
• نوغا ايفراتي: وهي رئيس مجموعة أبحاث العراق في معهد هاري ترومان في الجامعة العبرية في القدس فضلاً عن كونها نائب مدير مركز الدراسات الخاصة بالعراق في جامعة حيفا. وتختص الدكتورة نوغا ايفراتي بتاريخ العراق السياسي والاجتماعي، وفي الدراسات الجندرية (الجنسانية) في الشرق الأوسط .
• مايكل ايبل: وهو مؤرخ مختص بتاريخ العراق والكرد، والصراع الاسرائيلي- العربي، والشؤون الشرق أوسطية ، والاهتمام الروسي في الشرق الأوسط. وهو مؤلف كتاب (الصراع الفلسطيني في تاريخ العراق الحديث) المنشور عام 1994 وكتاب (العراق من الملكية إلى الاستبداد) المنشور عام 2004. وله مقالات عدة عن العراق، والصراع الإسرائيلي- العربي، والكرد وكردستان، والمجتمع والسياسة في العالم العربي. ويشغل ايبل منصب رئيس قسم تاريخ الشرق الأوسط في جامعة حيفا.
• شيركو كرمانج: يحمل شهادة الدكتوراه، ويعمل في حقل التدريس في مدرسة الاتصالات والدراسات الدولية واللغات في جامعة (ساوث استراليا). وهو مؤلف كتاب (تسييس الإسلام: ظاهرة الأسلمة) المنشورة في عام 2005، وكتاب (الإسلام السياسي من محمد إلى أحمدي نجاد) المنشور عام 2009.
• فيبي مار: عملت الدكتورة مار للفترة (2004-2006) بمنصب كبير الزملاء في المعهد الامريكي للسلام . وهي مهتمة بدراسة القيادة السياسية المنبثقة في العراق. وقد عملت مار زميلة في مركز وودرو ولسون للباحثين الدوليين في واشنطن للفترة من 1985 إلى 1998، وكانت أيضاً كبير الزملاء في معهد الدراسات الستراتيحية الوطنية في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن.
• أكيم رود: حصل رود على شهادة الدكتوراه من جامعة برلين الحرة بدراسته المعنونة (العلاقات بين الدولة والمجتمع في العراق البعثي: مواجهة الديكتاتورية) . وتتضمن إهتماماته البحثية السياسة الجندرية وتاريخ العراق الاجتماعي والثقافي في ظل صدام حسين، وتاريخ التعليم في العراق والشرق الأوسط فضلا عن تاريخ الدراسات الشرقية في المانيا.
• جوزيف ساسون: يعمل الآن استاذاً في جامعة جورج تاون. وقد نشر كتابين ومقالات عدة عن العراق وإقتصاده.
• رونين زيدل: وهو مدير أبحاث في مركز الدراسات العراقية في جامعة حيفا. وكانت أطروحة للدكتوراه مكرسة لتسليط الضوء على الدور الذي لعبته مدينة تكريت والتكارتة في تاريخ العراق طوال القرن العشرين. ويهتم الدكتور زيدل بدراسة العلاقات الطائفية، والمكون السُنّي في العراق، والأدب العراقي المعاصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي