الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيها الجهلة المساكين .. تثقفوا يرحمكم الله !

حسام روناسى

2015 / 6 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



في دول الغرب، رغم أن الكنيسة كانت صاحبة السلطة المعنوية، فهي لم تهمل السياسة ولم تكن في ذات الوقت مخالفة له كنظام، عندما أصبح منذ الوهلة الأولى لولادته ظهيراً لها. فكونها كانت تمثل الدين شرعياً، فقد سعت الى تمايز مهم بين السلطتين الأساسيتين في المجتمع البشري: بين السلطة الروحية والمعنوية، والسلطة الدنيوية لادارة شئون الناس في حياتهم، من خلال ترسيم الحدود بين السلطتين تلك. كما اولت (الكنيسة) من خلال ذلك وبشكل غير مباشر، الاهتمام بالانسان .. على إعتبار أن (الانسان) موجود مدرك يتميز عن سائر الموجودات (الحيوان)، وأنه موضوع السياسة بكل مسائلها الحياتية المرتبطة به. فلذا، يكون لزاماً أن يدور سلوكه في مدار ما يجب أن يدركه ويسـتوعبه بما ينسجم مع أكبر حيز ممكن وضمن عالم المعقول أكثر من عالم المثل والخرافات. لأن وجوده وجوداً حقيقياً. وما دام كذلك، فالقطيعة المؤقتة أو المراحلية إن جاز التعبير، بين حقيقة وجوده والوجود ذاته، يجب أن تأخذ مداها دون تردد أو وجل، لصياغة بنود وقوانين تُستمد من واقعه، فقط، خصوصاً ونحن نعيش في عصر التطور والتقدم والعلوم التكنولوجية والنووية، التي أخذت بمداياتها وآفاقها، عقل الانسان، الى الابتعاد شيئاً فشيئاً عما كانت جداتنا وأجدادنا يخدعوننا به.
فحصل أن اعترفت السلطة السياسية القائمة آنذاك والتي كانت الحاضن بإخلاص بحلول الدين المسيحي، بمرجعية الكنيسة. وبالمقابل اعترفت الكنيسة (الدين) بمرجعية حكومة الدولة في إدارة تلك الشئون الحياتية. فأخذ التطور في مختلف المجالات يتقدم ويخطو تباعاً دون أية إحتمالات ممكن تواردها في قاموس الطرفين، العلنية أو الخفية، التي قد تندرج ضمن إمكانية عرقلة مسيرة النهوض والمواكبة للانسان.
بمعنى، بات ضرورياً فصل ما يترتب من الموروثات العقائدية الدينية المعنوية من تأثير قد يكون سلبياً في سلوك الطريق نحو التغير الفكري حيال كفة الموروثات، الكفة التي تنال أحياناً كثيرة لدى دول الدشاديش على وجه التحديد، دعماً وتشجيعاً من الدولة لتحقيق غايات عدة، خاصة عندما يرفض البعض التنازل عن موروثاتهم بسهولة، لجهلهم.
لذا، فأول تغيير للوعي العام، يكون بخلق مذاهب فكرية تدعو إلى أول المشوار في هذه المسيرة، مبتدئة بالشك في كل ما يدور وما يتعلق بحياتنا، دينياً معنوياً أو سياسياً غير معنوي، وكل ما سيكون له من دور قد يسهم في الخروج من دوائر (اليقين) البالية غير القابلة للمناقشة والتفسير بالنسبة للبعض، الدوائر التي تعود لعصور مضت والتي بكل تأكيد تتنافى وطبيعة العقول حالياً ونظرتها الى الوقائع الحياتية التي اسفر عنها تطور العالم اليوم.
ففي مجتمعاتنا، نرى بروز الخلافات الحزبية والدينية دائماً على الساحة، تتبنى تأجيجها عدة جهات، بغية تعطيل عجلة التفكير بشكل يؤمِن تمرير خطابات الولاء والفداء، ونتيجة لتأثير هذه الخلافات، يتناسى الفرد أهميته ودوره في الحياة، ويتخلى في ذات الوقت عن حقوقه ومتطلباته، بعد أن أشغلته سلطته وأشغله سلاطينه بأسباب الصدامات (الوهمية) مع باقي الافراد.
هذه الخلافات لم تقتصر على الخلافات الحزبية أو الدينية فحسب، بل تعدت لتشمل خلافات فردية هنا وهناك، خلافات لا تستند الى واقع، غير انها تستند الى تلك الموروثات استناداً أعمى، تشكل بمجملها ثغرات خطرة، أشبه بفقاعات الصدأ التي تصيب لوح من المعدن، يأخذ بالتآكل يوماً بعد يوم، حتى يصبح خردة هاوية. خلافات يروج لها أغبياء وسذج، يتصورون انهم الأعلم والأدرى، ويحاولون مستميتين أن يقضوا على اي بروز لفكرة جديدة، تحاول إنتشالهم من واقعهم الفاسد المقيت.
لهذا، ينبغي على الدوام إحداث تغيير في تفكير البشر حيال إمكانية تنفيذ نقلة نوعية في سلوكياتهم وإدراكاتهم، تقيهم برد التخلف القارس، وتحميهم من حر الموروثات القائظ.
حسام روناسى
[email protected]












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله ينفذ هجوما جويا -بمسيّرات انقضاضية- على شمال إسرائي


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يغلقون جسرا في سان فرانسيسكو




.. الرئيس الانتقالي في تشاد محمد إدريس ديبي: -لن أتولى أكثر من


.. رصدته كاميرا بث مباشر.. مراهق يهاجم أسقفًا وكاهنًا ويطعنهما




.. ارتفاع ضحايا السيول في سلطنة عمان إلى 18 شخصا