الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وفاءاً للشهيد النصير عباس مهدي محمد شكر (أبو رغد)

كمال يلدو

2015 / 6 / 2
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


يخرجون كل صباح، قاطعين القرى والأرياف والمدن حاملين اعلامهم الملونة وراياتهم الداعية لبناء الأوطان والإنسان، لرعاية الطفولة والمرأة ولضمان الحياة الحرة السعيدة، ولتحقيق العدالة والمساواة في هذا الوطن المثخن بالجراح والملئ بالحالمين والأحلام. اولئك هم جمهرة شهيداتنا وشهدائنا الأعزاء، الذين لا يغيبوا عن بالنا مهما اشتدت الأزمات وصعبت الأوقات. لهم الذكر الطيب دائما ولعوائلهم الكريمة محبتنا وخالص شكرنا وتقديرنا لتضحياتهم.
***
الشهيد عباس مهدي محمد شكر ( أبو رغد ـ أبو مسار) من مواليد محافظة النجف عام 1952، درس في مدارسها، وعندما تخرج كان يحمل شهادة الدبلوم من (معهد الصحة العالي ـ بدرجة مساعد طبيب).كان توظيفه الأول في البصرة (المدَينَة)، ثم نُقل الى (الفاو)، وبعد أن انهى خدمة الأحتياط العسكرية انتقل الى بغداد عام 1977. إقترن بالسيدة (نضال مجيد حميد الياس) في مطلع العام 1979، ولم يمهله تدهور الوضع السياسي كثيرا، فاضطر لترك العراق عقب زواجه بأيام معدودة في شباط 1979 وتوجه الى بيروت وليعاود نشاطه الوطني من هناك. وعندما اعيد تشكيل فصائل الأنصار المسلحة لمقارعة النظام الدكتاتوري في كردستان العراق كان من اوائل الملتحقين عام 1980، وسقط شهيدا في آيار 1984.
ومن اجل أن تكتمل صورة المشهد كان لابد من الأتصال بالسيدة نضال، زوجته وشريكة حياته فقالت: تعرفت على الشهيد عبر أحد زملائي (عامر جميل) عندما كنت طالبة في الجامعة المستنصرية، وتم الزواج في اوائل 79، واضطر للمغادرة مباشرة عقب زواجنا وأيام شهر العسل القصيرة في شباط 79 وقصد بيروت، وقد تمكنت من اللحاق به في تموز من ذات العام. ووضعت مولودي الأول (مسار) في بيروت من نفس العام، وأفترقنا من جديد ، إذ عدتُ لبغداد فيما التحق هو بفصائل الأنصار في كردستان العراق. كنّا نتواصل (شحيحا) وقد تمكنت من الألتقاء به في تركيا عام 83 وفي ايران عام 84 ، وبقيت معه في كردستان لفترات قصيرة، لكني كنت مضطرة للعودة الى بغداد. في عام 1984 التقيته لمدة ثلاثة ايام في احدى القرى القريبة من دهوك، إذ كان أخي يملك عيادة بيطرية في مدينة دهوك. عدت بعدها الى بيت أخي، وإذا بي افاجأ بخبر استشهاده في اليوم التالي لفراقنا، فأنتقلت الى بيت أخي الثاني في بغداد، وساهم بأعالتي وتغطية احتياجاتي بعد أن قام بتأجير منزل لي شاركتني به والدتي وشقيقتي وإبنتي مسار ايضا. ولشدما يحزنني أمر كنت اتمنى ان تمنحنا الحياة ولو فرصة قصيرة لتداوله، الا هو خبر حَملي الثاني بأبني (مجد) الذي ولد عام 1984، ذات العام الذي رحل فيه عباس. لقد كان الخبر قاسيا جدا عليّ، ليس بسبب مسؤولية الأطفال بل لأن الوضع العام كله كان مربكا، فالحرب مع ايران قائمة، والحرب على القوى الوطنية قائمة، والسجون والأعدامات قائمة، والبلد كله على فوهة بركان، وأنا مع طفلين (4سنوات وسنة واحدة)، لكني تدبرتها، وإضطررت لمغادرة العراق بحثا عن الأمان وتوفير المناخ الملائم لتربية الأبناء وأعيشُ اليوم بجزيرة (غوتلاند) بالمملكة السويدية. لقد كبرت مسار وكذا مجد، وقد تزوج كلاهما وغالباً ما نتحدث بسيرة والدهم الشهيد رغم انهما لا يتذكرانه لكنه دائمُ الحضور بيننا، وأقص عليهم عن كردستان والنضال والعمل الوطني والتضحية من اجل المبادئ السامية، ورغم اللوعة التي تداهمني احيانا بسبب افتقادي له، لكني اتجاوزها بالنظر للمستقبل.
اما الفصل الثاني من حكاية الشهيد "عباس" فيرويه زميلهُ عامر جميل ويبدأ القول: تعود بنا الذكريات الى العام 1971 حينما تعرفت عليه عبر صديق آخر هو ( وسام محمد جواد) وحينها عرفت بأنه من كوادر "اتحاد الطلبة العام". استمرت تلك الصداقة وتوطدت اكثر ، وكنت استضيفه كلما حل في بغداد مجازا. كنت من اسعد الناس وأنا اشارك في بناء عائلته الصغيرة مع زميلتي الغالية (نضال خضر)، ورغم كل الأوجاع التي تلتها، لكني مصر على استحضار الفرح اكثر من الألم. كان آخر لقائي به في شارع السعدون مقابل سينما النصر في شباط 1979، وأفترقنا. أما أشد الصدمات ألما كان ذلك الخبر الذي نزل عليّ كالصاعقة، حينما استلمنا في ديترويت (بيانا) موقعا من قبل المنظمات العربية العاملة في بيروت عام 1984 وهي تنعي الشخصية الوطنية والكادر الشبابي (عباس مهدي ـ ابو مسار)، ولم يهدأ لي بال قبل أن اعرف تفاصيل استشهاده بدقة، فعلمت عبر الأستاذ د. كاظم حبيب بأن الشهيد كان عضوا في الأعلام المركزي للحزب الشيوعي، وأنه اصبح سكرتيرا ل (اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي) حتى ساعة استشهاده، اما ظروف الأستشهاد ، فهي الأشد غرابة وقسوة على قلبي. فقد قص لي بعض من رفاقه المشهد الذي أودى بحياته حيث قالوا: كان الشهيد عائدا بمفرده في احدى المناطق، وإذا به يلتقي بإثنين من اعضاء (ح د ك) فمشوا معه لفترة، وكانوا في طريقهم لتسليم اسلحتهم بعد قرار (العفو) الذي اصدره النظام آنذاك، ووعد بدفع مبلغ (100 دينار) لكل من يسلّم بندقيته للنظام، وهكذا عالجوه غدرا بطلق ناري، اودى بحياته وتركوه في العراء حتى اكتشف رفاقه الأمر لاحقا، وعلمت ايضا بأنهم لم يفلتوا من العقاب . كان أمرا محزنا أن ينتهي هذا الكادر السياسي الوطني، والشخصية الطيبة بهذه الطريقة ، وهو الذي ترك خلفه حياة المدينة والزوجة والأطفال وألاهل والأصدقاء وتوجه حاملا سلاحه وأيمانه من أجل مقارعة الدكتاتورية، بغية اقامة وطن آمن، وطن يتسع لأحلام الطفولة وأماني العشاق. لقد تحمل الصعاب والوحدة من اجل نصرة قضية الشعب الكردي العادلة ولمواجهة ارهاب البعث المسلط ضد الأكراد، هكذا وبهذا الثمن غابت شمسه وبهاؤه عنّا. انه لأمر احزنني وأخوتي ووالدتي وكل من عرفه صديقا طيبا مخلصا.
اما آخر الكلام فكان من زوجته الصبورة الطيبة ( نضال خضر ـ أُم مسار) أذ تقول: مع كل أحزان المشهد، والأرباك الذي لازم حياتي لسنين، فأني مازلت على قناعة بأن الأختلاف في الأنتماء السياسي لا يجب ان يكون ثمنه الغربة والعذاب أو الموت. من حق الناس ان تعتنق ماتشاء، ويجب على القانون والدولة أن تحمي المواطن. إن جرائم البعث وصدام والدكتاتورية لاتغتفر، فلولا ارهابهم ما كان (عباس) قد غادرنا، ولا تغرّب وتغرّبنا، ولا مات بهذه الطريقة الخسيسة، انهم هم وحدهم يتحملون المأساة التي يعيشها العراق أمس واليوم، ومع كل هذا فأني أشعر بالفخر والأعتزاز كوني زوجة الشهيد (أبو رغد)، وأفتخر بانتمائه وحبه للوطن، كما وأشكر رفيقاته ورفاقه الذين وقفوا معي على مدى السنين وغمروني وأبنائي بمحبتهم. أتمنى ان يتعافى العراق من جراحه ويعود جميلا للجميع، ويملؤني الأمل بناسه الطيبين وشبابه المتطلعين للغد الديمقراطي السعيد.
**الذكر الطيب للشهيد النصيرعباس مهدي محمد شكر (ابو رغد)
**العار لقتلته الأوغاد وللنظام العفلقي الذي اوصل البلد للدمار
**المواساة لزوجته نضال وأبنته مسار وأبنه مجد، ولكل عائلته وأصدقائه وكل من عرفه انسانا رائعا.

آيار 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المجد له و الشكر لكم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2015 / 6 / 2 - 14:48 )
نم قرير العين نم
يا ايها الجبل الاشم
نم فالنوم حتم
و مصيرنا يوما ننم
ما جئت ارثيك
فهل ترثى الشهامة و الشيم
ما جئت ارثيك
و هل يرثى عاليا غاليا علم
ما جئت ارثيك
و هل لمثلي في رثاؤك فم
..................................
تحية لكم اخي كمال المحترم
و شكر لما تقدم لنا و اعلم انه واجب لكن لك الشكر


2 - مع الأمتنان أخي عبد الرضا حمد جاسم
كمال يلدو ( 2015 / 6 / 3 - 03:56 )
مرورك الكريم يسعدني كثيرا، انت وكل محب يقرأ لي او يترك بصمته الحلوة ومحبته. الثناء والشكر تستحقه عوائل الشهداء أولا، والذكر الطيب يستحقه الشهيد أو الشهيدة. اما العار فنعلم جيدا انه من نصيب القتلة وأنظمتهم. لكننا أخي الفاضل مازلنا في مرحلة الخطر، ومازالت شعوبنا أسيرة مزاج الحاكم وأحزاب الحكومة (أي عصابات الحكومة). ولليوم، تُحرم الكثير من الطاقات المبدعة في العمل السياسي السلمي، فيضطر الكثيرين لأختيار الطريق العنفي، ردا على عنف السلطات، وماذا تكون النتائج؟ خسارة الشباب، وخسارة الطاقات، يلحقها خسارة المستقبل والوطن. إن لم نتمكن من كسر هذه السلسلة من العقليات المتخلفة ونرسي اساسا لبناء الدولة المدنية، فأن مسلسل ضحايا الأنظمة والأفكار (المخالفة) للأنظمة سيستمر، ، وستكبر الفاتورة، وها انت ترى النتائج العظيمة في (العُراق الجديد) بعد أن حلمنا لسنين طوال بالدولة العصرية المدنية، صار الأخوان يتحدثون عن فض النزاعات بالديّة والفصلية! ياللعار وياللشنار ماذا جلب لنا صدام الوحش.

اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا