الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعا النقابي الجسور وسيم الروح فاروق احمد -جدو-

عفيف إسماعيل

2015 / 6 / 8
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


أغلق باب الحياة بهدوء مثل ما كان يفعل في كل المواقف العسيرة في الحياة منذ ان ارتدى "ابروله" الأغبش وامتطى صهوة تلك الدراجة وصار يوزع بها المناشير و الحب الإنساني النبيل بذور الوعي بالتساوي بين عمال محالج الحصاحيصا وكل عموم السودان وأهل حي الصداقة، الذي بفضله صار حياً من احياء المدينة النابضة بالمقاومة لكافة أشكال القهر والدكتاتوريات التي مرت على السودان.
لجدو في كل بيت فيه حكاية، في كل زقاق من ازقته بصمة خضراء، وبرواز مذهب بنادي ناصر الاجتماعي الثقافي الرياضي. وعلى شاطئ النيل الأزرق سوف تتحدث كل ذرة من ذرات الحواجز الترابية الواقية من فيضان عام ١-;-٩-;-٨-;-٨-;- عن عرق فاروق الذي يماسك جزئياتها.

هل وهنُ القلبِ وحده هو الذي سلب فاروق آخر انفاسه في هذه الحياة؟ برغم اجتهاد الاطباء لإنقاذه! مثل فاروق لا يستطيع المرض ان يهزمه، فلقد انتصر عليه في جولته الشرسة الأولى معه من قبل. لقد قتلت سلطة الانقاذ الاسلاموية فاروق بشكل مُمرحل وممنهج منذ بيانها الاول عندما وأدت الديمقراطية، وحلت النقابات و اودعته سجون قهرها، ثم مزقت قلبه إلى مِزَعٍ صغيرة عندما مزقت مشروع الجزيرة، بدلا عن تمزيق فاتورة الذرة والقمح! وشردته و آلاف العمال والمفصولين من الخدمة.
قلب فاروق بحجم الكون عاشق للعدل والسلام يضم بدفء وإلفة وحنو آسر الأسرة، و الصديقات والاصدقاء والاهل ورفيقات ورفقاء النضال، القرى المجاورة، مشروع الجزيرة، ومن نمولي إلى حلفا، ومن الجنينة حتى بورتسودان، ومن جوهانسبرج حتى الاسكندرية وما بين القطبين. قلب فاروق ساحة للمودة والوئام الأممي، تنبض بمختلف الرايات بانسجام.

غادر فاروق هذه الدنيا التي جملها بوجوده المشرق بها تضامناً مع ما ابتدعه الخيال الشعبي الثوري السوداني في ملحمته التي سجلها بمقاطعة انتخابات الابادة لشعوب السودان، الذي رفض ان يعطيها شرعية زائفة، فلقد رفض فاروق الحياة يوماً آخر بعد تنصب المجرم المطلوب للعدالة الدولية عمر البشير، فهو يعلم بخبرته الطويلة في العمل العام بان فترة رئاسية جديدة سوف تكون امتدادا طبيعياً للخراب والهوس والفتنة وتمزيق الوطن، وتنفيذا لموجهات المؤسسات الامبريالية التي تريد ان تحول السودان على المدى القريب إلى قبائل متناحرة تبيد بعضها البعض، وعلى المدى البعيد أرضاً خصبة قليلة السكان والحيلة و لا تملك من امرها شئياً ويمكن السيطرة عليها بسهولة في حروب المؤسسات الدولية المهيمنة على الثروات الطبيعية القادمة بعد أقل من خمسين عام. فتلك المقولة الرائجة" السودان سلة غذاء العالم" تدخرها هذه المؤسسات الامبريالية في بنوكها المستقبلية لتقسيم خرائط الدنيا والاستحواذ عليها على حسب خصوبة التربة ونقاء المياه الصالحة للشرب، واتخذت هذه القوة الدولية النهمة لها عصبة اسلاموية متجبرة كي تكون يدها اليمنى في السودان لتنفيذ المهام الاولية القذرة في التقتيل والتفتيت والتشرذم وسيادة الماضي علي الحاضر والآتي. ويعلم فاروق بان الوطن سوف يتدحرج إلى اسفل سافلين مع كل يوم تمضيه هذه الآفة في السلطة، سوف تسرق من الشعب قوته ودمه ومستقبله. ولن تكف عن العبث بالأرض والناس.

فاروق يا وسيم الروح والابتسامة ستفتقدك المدينة شارعاً، شارعاً، وبيتا،ً بيتاً، وسوف تبقى احلامك مزهرة فبذورها لا تموت، لقد خصبتها بمسك تعب العمر، بفكرك المستنير، بحكمتك الثاقبة، بالذكاء الخلاق الذي لا مسافة بينه وبين الفعل العملي، فأنت هازم الويل والمسافات في المشروع الانساني الكبير، الذي كنت تسير فيه مبتسماً بخطواتك النائرة تضيئ العتمات للقادمين من فجاج المستقبل، وتسير وبيدك اليمنى راية النصر، وبيدك اليسرى ليس شمعه، أو كشافاً فسفورياً، أو مشعلاً ضوئياَ مزوداً بالليزر حديث الصنع، بل تحمل فانوساً صُنع خصيصاً للسودان، صنعته ورش العمال الماركسيين السودانيين، ويعرف هذا الفانوس العتيق أدق خصائص المكان وابعاد الظلمة وكيف سوف "يتِشها" بالضوء.
وتمضي خطواتك إلى البعيد
أعلم انك سوف تنتظرنا في كل منعطفات الطريق!
فانتظرنا في المحطة القادمة بعد انتهاء الحريق والطبول والنحاس بهدير ماكينات الحليج بالشموس والاصباح الجديد.
انتظرنا هناك في المنحنى وقبل الهاوية كما كنت دائماً تفعل دائما تقف ببسالة فاروقٍ بين الجسارة والانهزام، فاروق الحق وكل العمر ضد الباطل.
مثلما كنت تجعل من الزنزانة محطة للتوازن ومراجعة الخلل وإصلاح الخطأ وتسميد اليقين بالتماسك والصمود والثبات، ومن الاجتماع الحزبي ساحة حرة للتفاكر والتنسيق للمهام العملية، من هدير محالج القطن هتافات النصر.
سوف نقول لأحفادك بعد حين بكل فخر: ما تنعمون به من ديمقراطية مستدامة هو بعض ميراثكم من ثروات "جدو" فاروق النضالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024