الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دارفور ..دار للقتال

علي عبد السادة

2005 / 10 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


استمرار أزمة مليوني شخص شردوا من مساكنهم في دارفور ومقتل أكثر من 180 ألف أخرين، أمر يستدعي التذكير بجذور هذه ألازمة.
تسكن في دارفور أو (ديار الفور)- والتي كانت مستقلة عن السودان عام 1821- قبائل أفريقية وأخرى عربية تتحدث بلغات خاصة بها غير العربية ويبلغ مجموع هذه القبائل ما يقارب الستة ملايين نسمة. تمارس القبائل الأفريقية في هذا الإقليم الزراعة ولها دور كبير في أنتاج الصمغ بكميات كبيرة، بينما تمارس القبائل العربية رعي المواشي.
كان أول صراع في أقليم دارفور في ثمانينات القرن الماضي بسبب التصحر والجفاف عندما كانت القبائل الأفريقية تمنع القبائل العربية من رعي المواشي داخل أراضيها الزراعية بسبب الأضرار التي تلحق بالمحاصيل الزراعية.وزاد من تعقيد هذا الصراع الحرب التي اندلعت في الجنوب إضافة إلى الحرب التشادية الليبية التي جعلت من دارفور مكاناً لتدفق الأسلحة وتدريب المقاتلين.
أول الأخطاء السياسية التي ارتكبتها حكومة الصادق المهدي عندما كانت البلاد تعتمد على واردات زراعة القطن والصمغ، وهو النشاط الوحيد للقبائل الأفريقية، تعرض هذين المنتجين إلى التراجع بسبب الأضرار التي خلفتها المواشي، وبذلك أصبحت تجارة اللحوم هي الوارد الرئيسي للسودان، منذ ذلك الوقت وقفت حكومة المهدي، والتي أطاح بها انقلاب عسكري عام 1989، إلى جانب القبائل العربية على حساب المزارعين الأفارقة!!
وهنا نستطيع تفسير وجود ثلاثة وأربعين نائباً في البرلمان السوداني يمثلون حزب الأمة من دار فور وحدها إلى جانب مشاركة القبائل العربية الجيش السوداني في محاربة حركة الراحل جون قرنق. و هكذا، انعزلت دارفور حتى انه لا يوجد طريق واحد يؤدي إلى هذا الإقليم.
أما مسلحو الجنجويد فقد حازوا على دعم الأجهزة الأمنية عقب تمكنهم من إلقاء القبض على متمرد من أبناء دارفور وكان يقود عملاً طلابياً في جامعة الخرطوم وقد اشتهر بتبنيه لشكاوي ومظالم الفقراء من دارفور وانتمى، فيما بعد، إلى الحركة الشعبية بقيادة الراحل جون قرنق. وبذلك مارست فصائل الجنجويد أشكالا عدة من القتال ضد الأهالي في دارفور التي رفع أبناءها وحركاتها السياسية شعارات سياسية واقتصادية تطالب الحكومة بوقف عمليات التطهير العرقي. الحكومة ضربت تلك المطالب عرض الحائط ولجأت إلى الحل العسكري بمساعدة الجنجويد مما أدى إلى قتل وتشريد الآلاف من الأهالي.
ومنذ الذكرى العاشرة لمجازر راوندا أخذت ألازمة طابعاً دولياً عندما ألقى الأمين العام للأمم المتحدة كلمته في هذه المناسبة وحذر من ما يجري في دار فور. وأفضت الضغوطات الدولية إلى بدء محادثات سلام لم تؤشر الحكومة فيها أي رغبة جادة في إنهاء ألازمة، وفي الوقت نفسه كان شكل النظام في السودان مبنيا على الفردية وخنق الحريات وسلب حقوق الأقليات المتعايشة في هذا البلد وكرست في نخبها الحاكمة مبدأ الانقلابات لتغيير السلطة مما صنع ردة فعل تعتمد العنف لدى المعارضة أو ما يسمى بـ (حركات التمرد).
ما زاد الأمر تعقيدا، تلك السياسة التي تبنتها الحكومة إثناء المفاوضات من اجل السلام، حيث اعتمدت أسلوب المقايضة وتدويل مطالب الجماهير على أنها امتثال لضغوط إطراف خارجية، وربما كانت الأجواء التي قتل فيها قرنق تثير الشكوك حول وجود أطراف لا تريد للسودان إن يعيش أبناءه في سلام وجعلت من المناخ "البريء" مجرم حرب.
ما نود قوله، أن الحكومات السودانية المتعاقبة كانت تمارس دوراً هشاً وغير سليم في أدراة ألازمة لمنح كافة المواطنين حقوقا متساوية. وسهلت لأطراف خارجية التدخل في شؤونها لا للوقوف إلى جانب المشردين والمظلومين بل لتغيير مساحة النفوذ الدولية بشكل يضمن خلق توازن قوى جديد.وما زاد في خيبة الأمل تلك التشكيلة الجديدة في الحكومة التي غابت عنها قوى وطنية كان السودانيون يرون في برامجها حلاً جذرياً لجميع المشاكل السياسية والاقتصادية، كالحزب الشيوعي السوداني.
الأسئلة المطروحة على الحكومة السودانية ألان، تبحث عن إجابات ملحة. لماذا تستمر المظاهر المسلحة في دارفور المتمثلة بمسلحي الجنجويد ؟. متى يعود المشردون إلى ديارهم ؟ متى يقف مسلسل الدم في الإقليم المدمى ؟. متى تتنازل الحكومة عن فرديتها وعن ذهنية الاستئثار بالسلطة، وتترك المجال لبقية القوى الوطنية في السودان؟. متى تتخلص السودان من كونها مساحة من الأرض يراد لها أن تصبح نفوذا لهذه القوى أو تلك؟.
ويبقى أن نسأل.. إلى متى تبقى دارفور دارا للقتال؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نازح من غزة ينشئ صيدلية مؤقتة في خيمة برفح


.. غالانت يتعهد باستمرار الحرب ضد حزب الله | #رادار




.. بايدن: القانون الذي صدق عليه الكونغرس يحفظ أمن الولايات المت


.. رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي: جيشنا يستعد لعملية رفح وينتظر




.. العاهل الأردني وأمير الكويت يشددان على أهمية خفض التوترات في