الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى بعض كتّاب السياسة: كفاكم سقوطا!

أيوب محمد عثمان

2015 / 6 / 14
القضية الفلسطينية




كما يثير العجب والاستنكار، عند كثيرين كثيرين مثلي، بعض كتّاب السياسة الذين يصنعون الكراهية ضد إيران وتركيا لصالح دولة الاحتلال العسكري الصهيوني، فإنّ هناك عجباً أكثر واستنكاراً أعم وأكبر يثيره أولئك الكتاب وهم يصنعون ضد "حماس" نوعاً من الكراهية يرقى- ربما في بعض الأحيان إن لم يكن في كلّها- إلى اعتبارها الأكثر خطراً حتى من دولة الاحتلال. هذا، وإن ما يثير العجب والاستنكار أيضاً تلك السموم من الكراهية التي تقطر من أقلام كتّاب ينافقون ويجاملون- في أزمة معبر رفح المصري الفلسطيني- على حساب قطاع غزة ومقاومته وأهله المحصورين والمحاصرين فيه والمسجونين في أنحائه، وإن كانوا يصطنعون في مقالاتهم بضع كلمات- على استحياء- في الإنسانية والجصار وفتح المعبر، بعيداً عن الهمّ الوطني وحتمية المقاومة، ليردوا عنهم غوائل النقد والهجوم! إنهم يهجمون على المقاومة فيهاجمون شعبها ليحققوا لهم مجداً هنا أو منزلةً هناك، فيما يتصنعون موقفاً هنا ويصنعون وصفاً هناك ليخرجوا أنفسهم من تهمة هنا أو يتحللوا من فرز أو توصيف هناك!
نقرأ لأولئك الكتّاب مقالات تطفح ضد إيران وتركيا- على سبيل المثال- بهجوم وعداء وكراهية لا نكاد نجد مثلها حتى ضد دولة الاحتلال العسكري الاستيطاني الصهيوني التي... والتي.... والتي...!
نقرأ مقالات لكتّاب يميلون مع الريح حيث تميل! يكتبون ما يصنع الكراهية ضد قطاع غزة بسبب حكم حماس كي تغمر السعادة قلب عباس، على أمل أن يدرك أن هذا الكاتب أو ذاك ينتصر له ضد حماس، فيما الأصل أن مثل هذا الكاتب بانتصاره لعباس، إنما ينتصر لمحاصرة عباس قطاع غزة وأهله ومقاومته والناس بسبب حكم حماس!
نقرأ أيضاً مقالات لبعض كتاب يهجمون على حماس وهم يدركون أن هجومهم على حماس إنما ليعدَّ كسباً لعباس على حساب الناس في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس! نقرأ مقالات يكون فيها الهجوم على حماس تأييداً لعباس وجواز سفر يؤمن الانتقال إلى العالم الخارجي عبر مصر التي ظلت رأس الحربة في الصراع العربي الإسرائيلي، والتي لم تسمح لقضية فلسطين، في يوم من الأيام، أن تكون مركزاً للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل ظلّت تعتبر قضية فلسطين مركزاً للصراع العربي الإسرائيلي في مجمله، تأكيداً على عربية المقاومة لتحرير فلسطين وعروبتها.
يثير العجب والاستنكار كاتب يعجز عن أن يفصل بين موقفه من أمر ما، انطلاقاً من حبه أو كراهيته له أو لفاعله، وكاتب لا يعنيه قطاع غزة وأهله والحصار الخانق المفروض عليه بقدر ما يعنيه كسب رضا منتقديه أو كارهيه أو المعادين لمقاومته!
ألا يعيب ذلك الكاتب مثلاً- ونحن ما زلنا نراه يتباكى على التراجع الخطير الذي تحدثه أعمال وخطوات ممنهجة لفك الارتباط التاريخي والمصيري والاستراتيجي والنفسي بين فلسطين والأمة العربية- أن يقول:
1) "من حق مصر- القيادة والشعب- أن تقلق على أمنها وأن تغضب من تصريحات وممارسات حركة حماس"، الأمر الذي يعني أن حماس تشكل في نظر هذا الكاتب خطراً على أمن مصر!
2) "شعبية حماس في قطاع غزة في تدهور مستمر"، ما يعني أملاً عزيزاً لديه!
3) لهولاء (لحماس) مصادر تمويل خاصة... وهو ما يمكنهم بالإضافة إلى قوتهم العسكرية من الاستمرار في مصادرة قطاع غزة والسيطرة عليه لسنوات قادمة ...".

وزيادة على ما سبق، ألا يعيب كاتباً يتباكى على القضية الوطنية وهو يشير إلى صناعة الكراهية ضد الفلسطيني في الشارع والمطار والمجتمع والإعلام المصري- أن يسدي لمصر نصائح في كيفية معاقبتها لحماس، وكأن "حماس" ليست من الشعب الفلسطيني، بل وكأنها دولة الاحتلال الصهيوني المعتدية والمغتصبة؟! هل جرب ذلك الكاتب أن يسدي لمصر نصائح في كيفية معاقبتها لدولة الاحتلال كنصحه لها في كيفية معاقبة حماس؟! ألا يعيب ذلك الكاتب الذي يمتشق الوطنية والدفاع عن الوطن والأرض والقضية أن:

1) ينصح مصر بمعاقبة حماس، بل يحرضها على ذلك، حيث يقول: "كان وما يزال في إمكان مصر التصرف بطريقة مغايرة، بحيث تعاقب حماس وفي نفس الوقت كسب الشعب الفلسطيني وتسهيل الحياة الكريمة له بعيداً عن تسلط حركة حماس"، وهو ما يدفع الوطني الفلسطيني إلى أن يتمنى لو كان نصح هذا الكاتب إلى مصر بمعاقبة دولة الاحتلال العسكري الصهيوني قبل- أو حتى مع- نصحه بمعاقبة حماس!
2) ينصح مصر- بل يحرضها على- أنْ تمنع عناصر حماس من دخول مصر وترحيلهم مباشرة من المعبر إلى المطارات، حيث يقول: "والأجهزة المصرية يمكنها منع هؤلاء (حماس) من دخول مصر وترحيلهم مباشرة من المعبر إلى المطارات".
3) ينصح مصر بالسماح لدخول الفلسطينين فقط لمن تزيد أعمارهم عن سن محددة- الخميس أو الستين"، وذلك تماماً هو ما كانت تفعله دولة الاحتلال، كما يعرف الكاتب!
4) ينصح مصر "بفتح معبر رفح"، كما يرشدها- بل يحرضها على- أن "تمنع عناصر حركة حماس وكل من تعتقد أنه يهدد أمنها من المرور عبر معبر رفح"، وهو ما يعني- وعلى نحو شديد الوضوح والمباشرة- اتهاماً واضحاً ومباشراً من الكاتب لحركة حماس بتهديد أمن مصر!
5) يعطي لمصر وصفات من شأنها- إذا ما تم اتباعها وتطبيقها والالتزام بها- إضعاف حركة حماس أكثر وتعزيز مكانة مصر عند الشعب الفلسطيتي، والتأكيد على أن مصر في الواقع وعبر التاريح وكما عودتنا دائماً أكبر من كل الأحزاب والدول التي تحاول التطاول على مصر ومكانتها وسيسحب البساط من تحت أقدام هذه الجماعات والدول التي تحاول توظيف حصار غزة ومعاناة أهلها وحالة الانقسام لصالح أجندتها الخاصة وعلى رأسها الإضرار بمصر ودورها الريادي في المنطقة، وتحاول ترويج مزاعم بأن مصر باتت تعادي الشعب الفلسطيني أكثر من معاداة إسرائيل، أو أن معاداة الشعب الفلسطيني وقطع صلة مصر بهم شرط لكسب ثقة واشنطن وفتح جسور التعاون مع "إسرائيل".

أمّا قول ذلك الكاتب بأنّ "المشروع الوطني الفلسطيني الحديث قد تم استنهاضه لأول مرة عام 1964 من خلال منظمة التحرير الفلسطينية على يد مصر عبد الناصر والذي تم تبنيه ودعمه عربياً بجهود مصر قيادةً وشعباً لأن مصر كانت تدرك خطورة المشروع الصهيوني على مصر والمنطقة"، فإنه قول يدفعنا إلى أن نسأل الكاتب عمّا إذا كان لنا أن نفهم من كلامه أن مصر التي كانت تدرك خطورة المشروع الصهيوني عليها وعلى المنطقة بأسرها قد توقفت اليوم عن إدراك هذا الخطر الذي كانت تدركه في زمن عبد الناصر؟! إننا نؤمن بأنه من حقنا أن نقذف الكاتب بتساؤلنا هذا على الرغم من قوله: "لا نعتقد أن الخطر الصهيوني قد زال عن مصر والمنطقة، فغداً وبعد أن تنتهي فوضى الربيع العربي ستجد مصر نفسها في مواجهة المشروع الصهيوني الإسرائيلي، حتى وإن كانت مصر غير راغبة بعداء إسرائيل، فإن الطبيعة الصهيونية التوسعية والعنصرية لإسرائيل ستدفعها لمعاداة مصر وكل دولة عربية تحاول أن تبني نفسها... ".

وعليه، فلربما كان الكاتب سيكون قد أحسن صنعاً لو أنه وجه لمصر نصحه قائلاً: "إن قطاع غزة وأهله ومقاومته والشعب الفلسطيني، ليس هو عدوكم، ذلك أن عدو الشعب المصري هو ذاته عدو الشعب الفلسطيني. إن عدوّ الشعب المصري هو الذي قتل أطفاله في مدرسة بحر البقر، وهو ذاته الذي قتل أطفال فلسطين في مدرسة الفاخورة شمال قطاع غزة.

لقد كان الكاتب سيكون قد أحسن صنعاً لو ركز على حقيقة مفادها بأنّ المشروع الصهيوني في مصر والمنطقة له بداية، على أنه باليقين والحتمية لن تكون له نهاية، ذلك أن خطر هذا المشروع ما يزال- وسيظل- قائماً ما لم تتنبه الأمه العربية وعلى رأسها وفي صدارتها حامي حماها وحارس عروبتها مصر العربية!

إن أكثر الأمور إيلاماً هو محاولة بعض كتاب السياسة إلى إسقاط أسباب الردة العربية عن القضية الفلسطينية على رأس حركة حماس، تحديداً، دون أن يضعوا في الاعتبار نقائصهم الكثيرة وسلبياتهم الخطيرة، والتي في صدارتها سَيْرُهم في ركاب من يظنون أنه صاحب القوّة لا صاحب الحقّ، دون التزام بالمقولة التي تذهب إلى- وتؤكد على- أن الرجال إنما يعرفون بالحق وليس الحق يعرف بالرجال، ودون تقدير واعتبار لمقولة جوبلز وزير الإعلام الألماني الهتلري: "إذا سمعت كلمة مثقف، تحسست مسدسي"، لا سيما وإن كتب السياسة الذين نشير الآن إليهم، إنما هم محسوبون على المثقفين برغمهم، حتى وإن كانوا غير ذلك!!!

أمّا الرأي القائل بعدم التدخل في الشأن الداخلي لأي دولة عربية، والذي أصبح- مع بالغ الأسف وأشده- مبدأ ينبغي الالتزام الحديدي به وعدم الخروج عنه، فهو أمر فتح باب الخراب على أمة العرب كما فتح باب التخريب عليها وعلى تراثها ومجدها وفكرها! فكتاب السياسة الناضجون في بلادنا- إنْ في فلسطين أو في سواها- لا بقبلون، البتة، بالرأي القائل بعدم التدخل في الشأن الداخلي لأي دولة عربية، ذلك أن أي دولة عربية عمقها بالتأكيد هو مع دولة عربية أخرى وفيها، وبالتالي فإن أمتنا العربية التي تعلمنا منذ كنا صغاراً أنها أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة هي الأمة التي كالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، وإلا فما المنطلق الذي استندت عليه عاصفة الحزم مؤخراً؟ وما المنطلق الذي ما يزال يجري بموجبه التفكير بإنشاء قوة عربية مشتركة؟ وما المنطلق الذي كان حين كانت للأمّة العربية قيادة عربية مشتركة بقيادة علي علي عامر؟ وما المنطلق ...؟! وما المنطلق...؟! وما المنطلق... إلخ من المنطلقات؟!

ولأنّ أحد كتاب السياسة نراه يتحدّث منتقداً بعض الكتّاب الذين “لا يتحدثون عن معاناة الفلسطينيين في مصر لاعتبارات شخصية حيث يخشون من وضع أسمائهم- كما يقول الكاتب نفسه- في قوائم الممنوعين أمنياً من دخول مصر عبر غزة أو عبر المنافذ الأخرى الخارجية"، فإننا نسأل ذلك الكاتب عما إذا كان قد قام بدوره الوطني في هذا المجال، بدلاً من محاولته تبرير الموقف المصري تحت ستار الخصوصية في سياق الحالة الأمنية المصرية التي تنتج حالة عداء غير عادية مع الشعب الفلسطيني! وعليه، فإنّه يجدر بنا أن نسأل ذلك الكاتب (الوطني!) عمّا إذا كان قد جرّب أن يسدي لمصر نصحاً- لو تمّ اتباعه- يعيد فلسطين وقضيتها وشعبها ومقاومتها، كما يعيد قطاع غزة وأهله، إلى قلب مصر وحضنها وأصالتها وتاريخها، كأن يقول مثالاً لا حصراً:

1) إن مصر العظيمة ما كان لها- في يوم من الأيام ومهما اشتدت العتمة- أن تنسى أنّ ما يحدث للعلاقة مع فلسطين وقطاع غزة تحديداً من توتير لم يكن صدفة ولم يكن ردة فعل سريعة على أحداث تسارعت وتراكمت، بل إن هذا الذي حدث إنما قد تم التخطيط له لحساب هدف صهيوأمريكي إمبريالي ينتهي إلى عزل مصر العظيمة عن محيطها العربي وتحييدها عن دورها الوطني القومي القيادي وسحبها من مسؤولية الصراع التاريخي والصراع الديني والحضاري، ذلك أن عزل مصر عن فلسطين- تحديداً- إنما هو غاية أعداء مصر، كما هو غاية المرجفين التي لا يمكن لها بإذن الله أن تتحقق، الأمر الذي يحرّضنا على القول للمرجفين، تحديداً: حذارِ أن تنسوا أو أن تتناسوا التاريخ، والجغرافيا، والعرق، والدين، واللغة، والسياسة، و...إلخ.

2) أن اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة هم ذوو أصول مصرية، وبهوية مصرية، فالفلسطينيون حاملو الجنسية المصرية في قطاع غزة الفلسطيني هم بالآلاف، وأن الآلاف والآلاف من الفلسطينيين في غزة هم أبناء لأمهات مصريات، الأمر الذي يعني بالتبعية أن هؤلاء الفلسطينيين من أمهات مصريات أخوالهم وخالاتهم وأجدادهم وجداتهم هم مصريون ومصريات.


3) أن قرى فلسطين جميعها كانت- قبل الاحتلال الصهيوني- مقسمة إلى أرباع أربعة وكان أحد هذه الأرباع الأربعة مخصصاً للإخوة المصريين.

4) أن أرض فلسطين على نحو عام، وغزة على نحو خاص، خضبت بدماء الآلاف والآلاف من شهداء الشعب المصري، وإيّاكم أن تنسوا أيضاً الآلاف من الفلسطينيين الذين استشهدوا على أرض مصر، وشاركوا في رد العدوان عن مصر الحبيبة، وفرحوا لفرحهم وحزنوا لحزنهم.


5) أن الشارع الذي ظل على مر التاريخ يربط بين فلسطين ومصر كان يطلق عليه في التاريخ المصري القديم شارع حورس، وحورس كبرى آلهة المصريين القدماء.

ولكنْ، ألم يكن الأجدر بكاتبنا- بدلاً من كتابات تصعّد من موجة الردة العربية عن القضية الفلسطينية- أن يلفت انتباه الأحبّة في مصر الحبيبة إلى جملة من الأمور التي هي على مبلغ كبير من الأهمية، والتي نورد بعض أمثلة منها:

1) أن ينّبه إلى خطورة بعض الموضوعات الإعلامية التي تذكر أخباراً عن فلسطين وعن غزة تحديداً على مستوى العناوين فقط دون تفاصيل كأن يقال: "القبض على فلسطيني حاول التسلل إلى مصر" أو "القبض على فلسطيني دون أوراق"، ما يعني أن صفة "فلسطيني" لوحدها أصبحت في هذا الجو السياسي الساخن لإدانة الفلسطيني أو أنّها كافية لربطه بممارسة ما هو ممنوع، أي أنه يحاسب على جنسيته لا على فعله.
2) أن يؤكّد على أن ما يجري بين مصر وغزة هذه الأيام إنما هو أمر عارض لن يؤثر على الثوابت التي رسمها التاريخ المشترك ورسّخ جذورها، الأمر الذي يشير إلى ضرورة العمل على نبذ الإعلام التحريضي الذي يثير الكراهية على مستوى العناوين دون الحقائق والتفاصيل مع نبذ الخطاب الإعلامي التحريضي الذي من شأنه أن يخلق العداوة والكراهية بين شعبين حبيبين متصاهرين ومنصهرين. إنّه ينبغي التنبه مشدّداً على أن مثل هذا الخطاب الذي تنتهجه بعض وسائل الإعلام وبينهم بعض الإعلاميين إنما هو خطاب تعميمي باسم الفلسطينيين الذين يتم اختزالهم بما لهم من تاريخ وفكر ونضال ومقاومة إما في حركة حماس بصفتها الحاكم لغزة أو في حركة فتح بصفتها الحركة التي تدير الضفة الغربية دون أن يوضع في الاعتبار الآلاف والآلاف من الفلسطينيين الذين يعيشون بين مصر وفلسطين كصلة قرابة أو نسب أو مصاهرة أو غير ذلك.
3) أن يلفت الانتباه إلى أن من سوءات الخطاب الإعلامي التعميمي في مصر أنه يفقأ عينيه ويعمي بصيرته ويعطل سمعه عن التنوع الفلسطيني. إن من سوءات هذا الخطاب التعميمي أيضاً أنه يظل دائم البحث عن طرف فلسطيني لتحميله مسؤولية ما، ومن أمثلة ذلك ما يُوَجَّه إلى الفلسطيني المقيم في مصر أو العابر إلى الخارج عبرها عمّا إذا كان فلسطينياً تابعاً لغزة أم تابعاً لرام الله!!!
4) أن يشدّد على أنّه- وبموازاة الخطاب الإعلامي التحريضي والتعميمي لبعض وسائل الإعلام وبعض الإعلاميين- يتوجب الاهتمام بالخطاب الإعلامي العقلاني الذي يتعامل مع الفلسطينيين بعيداً عن اللون السياسي والحزبي والانتماء الفكري، مع التركيز على الجانب الوطني العروبي والإنساني ورفض التركيز على الجنسية، بغية القفز إلى نتيجة سياسية أو مبرر أيديولوجي قد لا يكون له أي علاقة بما يحدث.
5) أن يؤكد على ضرورة الفصل بين الخلاف في المعتقد السياسي أو الديني والجانب الإنساني، وأهمية إبراز حقيقة أن حدود مصر مع غزة لا تتعدى 14 كيلومتراً، بينما تبلغ حدود مصر مع إسرائيل خمسة عشر ضعف حدودها مع غزة، أي ما يزيد على 200 كيلومتر، وهو الأمر الذي يجب أن يعني الشيء الكثير.
6) أن يبذل من الجهد ما من شأنه أن يعيد إلى ذهنية الشعب المصري الحبيب أن عدوه ليس قطاع غزة، وإنما عدوه هو ذاته عدو الشعب الفلسطيني أينما وجد، وتحديداً في غزة المقاومة.
7) أن يؤكّد على قناعة غزة وأهلها ومقاومتها بأن فلسطين كلها وغزة في صدارتها تحديداً هي العمق الاستراتيجي لمصر، وهي الامتداد لأمنها القومي، وأن الدفاع عن غزة يأتي أول ما يأتي من مصر، كما الدفاع عن مصر يأتي أول ما يأتي من قطاع غزة، وتحديداً من ثغره الجنوبي في رفح التي هي مصرية فلسطينية في آن.

وبعد، ألم يكن في مُكْنَةِ هذا الكاتب- أو سواه ممّن هم على شاكلته- أن يذكّر الأحبّة في مصر العربية الشقيقة:

• أن عدو مصر وشعبها هو من قتل 60 ألفاً من أسراه، لا سيما في حربي 56 و67، بل إن هذا الكاتب كان يكفيه لو لفت الانتباه في هذا السياق إلى حقيقتين صارختين من بين عشرات الحقائق الصارخة: أولى هاتين الحقيقتين قصف القوات الإسرائيلية لسفينة التجسس الأمريكية Liberty عام 1967 كي تطمس ما كان للسفينة من أدلة جمعتها عن الفظائع والمذابح المروعة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في حق الأسرى المصريين وتحديداً في مدينة العربش بسيناء، وذلك طبقاً لما أورده المؤلف الأمريكي بامفورد في كتابه "كتلة الأسرار". أما الحقيقة الثانية من بين عشرات الحقائق فهي قتل 250 من الأسرى المصريين عام 1967 في مجزرة شهيرة أشرف عليها بنيامين بن أليعازر عبر وحدات الجيش شاكيد التي كان مسؤولاً عنها، وهو ما كشف عنه الفيلم الوثائقي الذي بثه التلفزيون الإسرائيلي عبر قناته الأولى في فبراير 2007، والفيلم مأخوذ عن كتاب صدر عام 1994 بعنوان "روح شاكيد" الذي ذكر مؤلفه المؤرخ الإسرائيلي أوري ميلشتاين في الصفحة 149 تفاصيل قتل الأسرى المصريين المستسلمين على يد أفراد كتيبة شاكيد التي كان يقودها بنيامين بن أليعازر في مقتل 60 ألف أسير مصري، كتب في هذا أحمد حسين بكر في جريدة "المصريون" بتاريخ 23/3/2007، مستنداً إلى ندوة أقامتها نقابة الصحفيين بالإسكندرية تحدث فيها الخبير الاستراتيجي اللواء صلاح سليم.
• أن عدونا وعدوهم هو من قتلنا وقتلهم واحتل أرضنا وأرضهم وهجر أبناءنا وأبناءهم.
• أن عدونا وعدوهم هو من قتل أطفالنا في مدرسة الفاخورة شمال قطاع غزة وقتل أطفالهم في مدرسة بحر البقر.
• أن عدونا وعدوهم هو من قتل في مذبحة في منطقة العريش 300 جندي مصري وفلسطيني من قوات جيش التحرير 1956 (طبقاً للبروفيسور أرييه يتسحافي في جامعة بار إيلان في تل أبيب).
• أن عدونا وعدوهم هو من أجهز على 900 جندي مصري بعد استسلامهم عام 1967.
• أن عدونا وعدوهم هو من قتل آلاف الجنود المصريين عام 1967 وقد عثر عليهم في مقبرتين جماعيتين، (حسب صحيفة الأهرام الصادرة في 20/9/1995(.
• أن عدونا وعدوهم هو من قتل الآلاف من الجنود المصريين الأسرى، طبقاً للرقيب أول عبد السلام موسى في إحدى قواعد الدفاع الجوي الذي قال: "رأيت طابوراً طويلاً من الأسرى، بينهم مدنيون وعسكريون أطلق عليهم الرصاص دفعة واحدة ، ثم بعد قتلهم أمرونا بدفنهم".
• أن عدونا وعدوهم هو من كان يأمر الأسرى المصريين بحفر قبورهم بأيديهم والانبطاح على الأرض لتسير الدبابات فوقهم (عن صحيفة الجمهورية القاهرية في 12/10/1995).
• أن عدونا وعدوهم هو من جمع الجنود المصريين العُزْل من داخل العريش عند مصنع البلح بالوادي وسط أشجار الزيتون، حيث قتلوهم وكان عددهم بين 700 و800، ومن جمعوا في الشيخ زويد جنود قسم شرطة سلاح الحدود العُزْل وعددهم يزيد على 100 وتوجهوا بهم خلف فندق السلام وقتلوهم بالرصاص، (وفق جريدة الجمهورية الصادرة في 12/10/1995).
• أن عدونا وعدوهم هو من كشف عن جرائمه الباحث الدكتور/ إسرائيل شاحاك الذي قال إن آلاف الجنود المصريين في حرب 1967 تقدموا بكل حسن نية إلى الجنود الإسرائيليين، متوقعين أن يعاملوا كأسرى بينما أبيد الجزء الأكبر منهم بالقتل المباشر على أيدي اليهود غير المدنيين وبالقتل غير المباشر على أيدي اليهود المتدينين.
• أن عدونا وعدوهم هم القادة العسكريون الصهاينة الذين كانوا في حرب 1967 يستقلون طائرات الهيلوكبتر لاصطياد الجنود المصريين الهائمين على وجوههم في صحراء سيناء، وهم بلا طعام وماء وسلاح (طبقاً لإسرائيل شاحاك).
• أن عدونا وعدوهم هو من يستمر حتى اللحظة في إخفاء العدد الحقيقي للأسرى المصريين لديه (طبقاً لكتاب حق الدم لرئيس لجنة الدفاع عن الأسرى المصريين، محمد بسيوني)
• أن عدونا وعدوهم هو القوات الإسرائيلية التي يقول أحد أركانها العميد أرييه بيرو إنه قتل 49 مدنياً كانوا يعملون في أحد المحاجر بالقرب من ممر متلا وثم التمثيل بجثثهم وقد تم تقييد أيديهم وإطلاق الرصاص عليهم ثم تركت جثثهم مكدسة في العراء.
• أن عدونا وعدوهم هو من استُقْبِل قبل نحو عام أو يزيد في زيارة لمصر واستقبل استقبالاً حميماً، بينما هو الذي كان قد أصدر الأوامر بقتل مئات من المصريين الأسرى. إنه بنيامين بن أليعازر الذي فاخر باعترافه وكتب عنه المؤرخ الإسرائيلي أوري ميليشتاين عام 1994.
• أن عدونا وعدوهم هو- كما يقول المؤرخ العسكري أهارون شارون- الذي قتل مئات الجنود المصريين بعد استسلامهم وقام التلفزيون الإسرائيلي أوائل الثمانينات بعرض أفلام وثائقية عن ذلك ومقابلات صحفية مع جنرالات وجنود إسرائيليين لما حدث عام 1956، حيث أكدوا أن إعدام الأسرى هو أمر مألوف في العسكرية الإسرائيلية.
• أن عدونا وعدوهم هو من أدار الظهر- بعد حرب 1973 - للاتفاق في إطار التفاوض على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لدفع تعويضات لمصر قيمتها 20 مليار دولار.
• أن عدونا وعدوهم هو من احتل أثناء مفاوضات الهدنة مع الأردن مدينة أم الرشراش وقتل معظم أهلها.
• أن عدونا وعدوهم هو من نهب ثروة مصر التعدينية والبترولية في منطقة أبو إدربس وبلاعيم والمحاجر في القرش.
• أن عدونا وعدوهم هو من سرق عشرات الآلاف من آثار مصر، وعلى الرغم من تمكن مصر من استعادة نحو 20 ألف قطعة، إلا أن الإسرائيليين تسللوا إلى مخازن تل بسطة الأثرية بالشرقية، وسرقوا 2185 قطعة أثرية فرعونية نادرة.
• أن عدونا وعدوهم هو من اعتدي على القوات المصرية وقتل الجنود المصريين على نحو متكرر ومتواتر.
• أن عدونا وعدوهم هو من قتل الأسرى المصريين وقال- طبقاً لمقال كتبه رؤئيل فيشر ونشرته صحيفة معاريف في 4/8/1995- إن ذبح هؤلاء كان واجباً مقدساً لأن المصريين أبناء عاهرات.
• أن موشي ديان كان يجري مسابقات لقتل الأسرى المصريين، حيث كانت جوائز تلك المسابقات سخية ومشجعة. يقول كاتب المقال فيشر إنه سُمِح للمتسابقين ببعض الصور التذكارية التي حصلنا عليها من القتلى.
• أنّ أرييه بيرو قائد الكتيبة 890 مظلات اعترف لصحيفتي جيروزاليم بوست ومعاريف الإسرائيليتين في وقاحة وتبجح بأنه قتل الأسرى المصريين الذين رآهم عام 1956 عندما كان قائداً للكتيبة، حيث قام بإعدام عمال مدنيين مصريين في أحد المحاجر قرب ممر متلا وكان عددهم 49 عاملاً.
• أنّ شارون زيف اعترف في راس سدر بقتل 300 عامل بشركة بترول.
• أن مجزرة منجم المغارة الواقعة في 7 يونيه 1967 هي شاهد على الإسرائيليين بقتلهم 272 من المهندسين والعمال المصريين العاملين في هذا المنجم.
• أنّ المقدم عاموس يئمان اعترف قائلاً: طاردنا المصريين وقتلناهم بلا أي قواعد، ومن استطاع منهم الهرب فقد أفلت بمعجزة. ويضيف: كنت سعيداً بمذبحة شرم الشيخ التي قتلنا فيها 169 جندياً مصرياً، وهم يهربون. زرت شرم الشيخ عام 1976 وتمكنت من التعرف على الهياكل العظمية لبعض الأسرى الذين قتلتهم بين بعض الصخور على امتداد الطريق الرئيس. سيظل هذا كالستار الأحمر يذكر المصريين دائماً بألا يضايقوننا بالمستقبل.
• أن عضو الكنيست عن حزب العمل ميخائيل بازوهو قال في حديث إذاعي لراديو إسرائيل إنه شاهد اثنين من طباخي الجيش الإسرائيلي يذبحان ثلاثة جنود مصريين في وضح النهار.
• أنّ الصحفي الإسرائيلي جابرييل براون قال إنه رأى أفراد الشرطة العسكرية الإسرائيلية يأمرون الأسرى بحفر قبورهم بأيديهم ثم أردوهم قتلى. يقول إنه شاهد مثل ذلك خمس مرات.
• أنّ العقيد داني وولف قد اعترف بمسؤوليته عن قتل العمال المصريين، قائلاً: وقفنا على التلال وبدأت المذبحة... بدأنا نحصدهم... كان مشهداً فظيعاً: بعضهم تجمد في مكانه وبعضهم سقط على الأرض. وأضاف: في مرحلة معينة أدركنا أنه لن يكون للأسرى المصريين نهاية لكثرة عددهم فتوقفنا عن العدّ وبدأنا نحصدهم. قام قائد الكتيبة مراسيل طوبياس برصهم وكأنهم في عرض مسرحي وأطلقنا الرصاص عليهم ثم نزعنا عن أيديهم ساعات اليد والخواتم وحافظات النقود... هذا المشهد كان يتكرر مثله في كل كيلومتر واحد.

أما آخر الكلام، فإنه ما من سقوط أكبر وانهزام أخطر من سقوط وانهزام المثقف الذي تسامى القائد الفلسطيني الشهيد فتحي الشقاقي في وصفه بأنه "أول من يقاوم وآخر من ينكسر"، فيما وصفه وزير الإعلام الهتلري، جوبلز، بالمخيف، والمروع، والمرعب، حيث قال: "إذا سمعت كلمة مثقف تحسست مسدسي".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في


.. ماذا تضم منظومات الدفاع الجوي الإيرانية؟




.. صواريخ إسرائيلية تضرب موقعًا في إيران.. هل بدأ الرد الإسرائي


.. ضربات إسرائيلية استهدفت موقعاً عسكرياً في جنوب سوريا




.. هل يستمر التعتيم دون تبني الضربات من الجانب الإسرائيلي؟