الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير أسود عن أوضاع القاصرين بسجون فاس ومكناس بالمغرب

علي بنساعود

2015 / 6 / 14
حقوق الاطفال والشبيبة


رسم تقرير حقوقي صورة سوداء للواقع الذي يعيشه الأطفال في نزاع مع القانون المودعون بالمؤسسات السجنية ومراكز حماية الطفولة بجهة فاس مكناس، معتبرا أن إيداعهم غير ملائم للقانون المنظم للمؤسسات السجنية ولا لقواعد ومعايير اتفاقية حقوق الطفل ولا للمعايير الدولية المرتبطة بعدالة الأحداث.

ــ عنف في المخافر
وأكد التقرير الذي أعدته اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بفاس ـ مكناس ولم تفرج عنه بعد، على غياب الشروط الإنسانية الدنيا في تعاطي الضابطة القضائية مع الأحداث، إذ، وضدا على القانون، يشكل الاحتفاظ بهم بمخافر الشرطة قاعدة وليس استثناء. وتتراوح مدة الاحتفاظ بهم ما بين 48 و72 ساعة، ناهيك عن تفشي العنف والسب والترهيب في التعامل معهم، خصوصا أثناء تحرير المحاضر، لحملهم على الاعتراف بالمنسوب إليهم وعلى توقيعها، سيما بالنسبة للجانحين الذبن لهم علاقة بقضايا جنائية، علاوة على أن أغلب المخافر المتواجدة بالنفوذ الترابي للجهة تفتقر لأماكن مخصصة للأحداث، فيجدون أنفسهم جنب الرشداء.
وحسب ما تسرب إلينا من معطيات، فقد استمعت اللجنة إلى العديد من الأحداث الذين صرحوا لها أن أسوأ مرحلة قضوها هي "مرحلة المخافر"، نظرا لما تعرضوا له من إهانات وتعسفات وممارسات حاطة بالكرامة، سواء من طرف الشرطة القضائية أو من طرف الموقوفين الاحتياطيين الراشدين.

ــ ترد حد الخطورة
ولإعداد تقريرها، زارت اللجنة مجموعة من المراكز هي: مركز حماية الطفولة "الزيات" للفتيات ومركز "عبد العزيز بن ادريس" للذكور ونادي العمل الاجتماعي وجميعها بفاس، ومركز حماية الطفولة للذكور بمكناس. كما زارت ثمان مؤسسات سجنية متواجدة بالنفوذ الترابي للجنة الجهوية لحقوق الإنسان فاس ـ مكناس، وهي: سجن عين قادوس وسجن بوركايز بفاس وسجن صفرو وسجن تازة وسجن تاونات وسجون تولال 1 وتولال 2 وتولال 3 بمكناس.
ووصف التقرير الأوضاع بالعديد من السجون بأنها متردية إلى درجة "الخطورة"، إذ تنعدم فيها المقومات الصحية وشروط الإقامة الضرورية لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية، كما تعاني من خصاص كبير على مستوى المرافق الصحية والبرامج التربوية لإعادة التأهيل والإصلاح. وأضاف أن سجون فاس وصفرو وتازة تعاني من عدة اختلالات على مستوى بنيتها التحتية، خصوصا الزنازن المخصصة للأحداث، حيث ضعف التهوية وتهالك الأسرة وتقادمها. بل وصل الأمر حدا اعتبرت فيه اللجنة التي أنجزت التقرير أن الوضعية "كارثية" بكل من "مركز الزيات" للفتيات و"نادي العمل الاجتماعي" بفاس، وأنهما معا يحتاجان إلى تدخل استعجالي، من أجل الترميم والإصلاح الشاملين خصوصا المراقد والمطبخ والحمامات ودور النظافة.

ــ لا ولوجيات ولا رعاية
وأضافت مصادرنا أن التقرير كشف أن المؤسسات السجنية تعاني من انعدام الولوجيات والرعاية المتخصصة الخاصة بالمعاقين، والشيء نفسه تم تسجيله بمركز الزيات وعبد العزيز بن ادريس ونادي العمل الاجتماعي بفاس، ما يجعل تنقل النزلاء المعاقين بدون مرافق صعبا بل مستحيلا، ويضاعف معاناتهم ويحرمهم من الاستفادة من الأنشطة رغم قلتها.

ــ لا جناج للأحداث
وأضاف التقرير، حسب مصادرنا، أن السجن المحلي بتاونات لا يخصص جناحا للأحداث بل اكتفت إدارته بتخصيص غرفتين لهم بأحياء الرشداء، رغم ما في الأمر من مخاطر.

ــ أين الكرامة الإنسانية؟
وعرى التقرير حالة الاكتظاظ التي تعاني منها أغلب المؤسسات السجنية. فمثلا، يأوي سجن تازة 74 نزيلا من الأحداث رغم أن طاقته الاستيعابية لا تتجاوز 40 نزيلا حدثا، وسجن عين قادوس يأوي 67 سجينا حدثا في حين أن طاقته هي 60 نزيلا.
وعاينت اللجنة بالسجن الأخير تكدس 26 نزيلا، تتراوح أعمارهم بين 14 و19 سنة، بزنزانة واحدة يفترض ألا يتجاوز عدد نزلائها 15 نزيلا. كما عاينت نزلاء ينامون على الأرض وعلى الرفوف بشكل يستحيل معه توفير الشروط الدنيا لإقامة تحترم الكرامة الإنسانية. لذلك، لم يكن غريبا أن يرصد التقرير شيوع العنف والاعتداء الجنسي بين النزلاء.

ــ احتياطيون ومحكومون
ووقف فريق العمل، حسب مصادرنا، على مؤسسات سجنية لا تراعي تقسيم الأحداث حسب فئاتهم العمرية، كما هو الشأن بسجن عين قادوس وسجن تازة وسجن بوركايز، ما يؤثر سلبا على العلاقات بين النزلاء ويشجع على العنف بينهم. كما وقف على اختلاط النزلاء الأحداث الاحتياطيين مع المحكومين بكل من سجن تازة وسجن تولال 2 و3 بمكناس، ما يساهم في تنامي السلوكات المنحرفة.

ــ التغذية: لا كم ولا نوع
وسجل التقرير أن التغذية، حسب تصريحات الأحداث، رديئة وغير كافية، وتقديمها لا يحترم الأوقات المتعارف عليها، خصوصا وجبة العشاء التي تقدم على الساعة الخامسة مساء، مع غياب فضاءات خاصة بتناول الوجبات بجل المؤسسات، بل غياب طباخين رسميين، كما بـ"مركز الزيات" و"نادي العمل الاجتماعي" بفاس.

ــ أغطية بطعم الرداءة
ووقف "حقوقيو اللجنة"، خلال زياراتهم لمراكز الحماية وسجون الجهة، على قِدَمِ الأجهزة المتواجدة بكل من مركز الزيات للفتيات ونادي العمل الاجتماعي بفاس، وتهالكها. وسجلوا غياب الأغطية بكل من سجن عين قادوس وتازة وصفرو، ما يفرض على النزلاء الاعتماد على أغطية تجلبها أسرهم، علاوة على أن الموجود منها غير نظيف، تنبعث منه روائح كريهة، تنعكس سلبا على صحة النزلاء وتساعد على انتقال الأمراض المعدية بينهم.

ــ مراحيض بلا أبواب
وبخصوص النظافة، اشتكى أغلب الأحداث، حسب التقرير، من انقطاع الماء الساخن أثناء استحمامهم بسجني عين قادوس وتولال 2، سيما في فصل الشتاء. كما اشتكوا من عدم انتظام مدهم بمواد النظافة فيضطرون إلى طلبها من أسرهم.
وسجل التقرير عدم نظافة المراقد بالسجون، وانبعاث روائح كريهة منها، سيما أن المراحيض تتواجد بها، وهي مراحيض بدون أبواب.

ــ المخدرات: رواج وتعاط
ووقف فريق العمل على استمرار تفشي ترويج المخدرات وتعاطيها بين الأحداث في نزاع مع القانون، المودعين بمراكز الحماية وبالمؤسسات السجنية وعلى غياب المرافقة الطبية للمدمنين، وعدم فصلهم عن زملائهم.

ــ فلقة وأصفاد
وأوضح التقرير، الذي كان موضوع مائدة مستديرة للتقاسم مع المتدخلين المؤسساتيين في ا لمجال، وخصوصا منهم ممثلي الهيئة القضائية والمؤسسات السجنية ومراكز حماية الطفولة والمندوبية الجهوية لوزارة الشباب والرياضة بالجهة، وهي مائدة استبعدت السلطة الرابعة من حضورها، (أوضح) أن المشرفين على مراكز حماية الطفولة والمؤسسات السجنية بالجهة يغلبون اعتبارات الحراسة والمراقبة والتحكم على اعتبارات الحماية والتربية، ويعتمدون العنف كوسيلة لتأديب الأحداث، بضربهم أو إلزامهم بتنظيف المرافق، مع الحرمان من التنقل بحرية داخل فضاءات المؤسسات.
وأخطر ما في الأمر، حسب مصادرنا، هو أن عديدا من الأحداث اشتكوا من تعرضهم لـ "الفلقة" والضرب بعد التكبيل بالأصفاد، ما يؤدي إلى الخروج عن الأهداف التربوية والتهذيبية المرجوة.

ــ تردي الخدمات الصحية
ولفت تقرير اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بفاس ـ مكناس الانتباه إلى استمرار تردي الخدمات الصحية بهذه المؤسسات، إذ لا تتوفر غالبية المراكز التي تمت زيارتها على المعدات الخاصة بالتدخلات الطبية المستعجلة، كما لا يتواجد طبيب ولا مختص في الدعم النفسي بالمراكز بصفة دائمة، رغم وجود حالات تعاني مشاكل نفسية وذهنية، كما هو الشأن بمركز عبد العزيز بن ادريس ومركز الزيات بفاس. ولاحظ التقرير أيضا تفشي الأمراض الجلدية المعدية (الجربة) بين النزلاء الأحداث بأغلب المؤسسات دون أن تبادر الإدارة إلى عزل المصابين.

ــ عزوف عن التعليم والتكوين
وفي مجال التربية، سجل التقرير غياب استراتيجية واضحة، داخل هذه المؤسسات وانعدام المشاريع التربوية، وطغيان المبادرة الفردية لبعض الأطر، موضحا أن تعليم الأحداث يتم في بيئة غير ملائمة، ما يجعلهم لا يهتمون به، نظاميا كان أو غير نظامي.
كما لاحظ التقرير عزوف الأحداث عن متابعة الورشات التكوينية المخصصة لهم، وعدم اهتمامهم بالتخصصات الموجودة (كهرباء، نجارة...) لأنها لا تراعي احتياجاتهم... مع العلم أن جل الأحداث محكومون بمدد قصيرة، والتكوين في أغلب التخصصات يستلزم مدة طويلة!!!

ــ لا تظلم ولا تواصل
وانتقد التقرير عدم تمكين الأحداث من الولوج إلى آليات التظلم من العنف والاستغلال، كما انتقد غياب برامج جادة تحقق التواصل مع عائلات هؤلاء الأطفال، وتهدف إلى إعادة إدماجهم أسريا واجتماعيا، وتعنى بالحماية اللاحقة بشكل مهني، وانتقد أيضا عدم تدخل باقي الفاعلين الأساسيين المعنيين من قبيل التعليم والتكوين المهني والصحة، وغياب الرعاية اللاحقة، ما يعوق عملية الإدماج ويؤدي إلى استفحال حالة العود.

ــ القضاة: زيارات شكلية
وانتقد التقرير "محدودية" زيارات الهيئات القضائية والمؤسساتية واللجنة الإقليمية للأحداث للمراكز والمؤسسات، ذلك أن زيارات القضاة المكلفين بالأحداث، حسب حقوقيي اللجنة، غير منتظمة ومتباعدة بل شكلية لا تحقق الأغراض المرجوة منها، ولا تراعي المصالح الفضلى للطفل. أما دور النيابة العامة، فاعتبره التقرير محتشما لا يرقى إلى ما ابتغاه المشرع، كما لا يرقى دور اللجان الجهوية المكلفة بزيارة السجون، إلى المتوخى منه لأنه دور "ضعيف"، حسب مصادرنا، لا يمكن من الوقوف على الخروقات والاختلالات والانتهاكات التي تمس حقوق الأحداث.

ــ إيداعات غير مناسبة
واعتبر التقرير أن المعايير المعتمدة في إيداع حدث جانح بمؤسسة سجنية ما أو بمركز حماية من طرف قضاة الأحداث لا تنبني على أسس موضوعية في غالب الأحيان، ولا تتجه نجو تحقيق المصلحة الفضلى للطفل في نزاع مع القانون، وأن أغلب الإيداعات غير مناسبة، سواء في ما يتعلق بمبدأ الإيداع نفسه أو اختيار مكانه، وانتقد عدم اعتماد القضاة المكلفين بالأحداث تدابير بديلة للإيداع بالمراكز والسجون، ما يقتضي، حسبه، تخصص القضاة في مجال الأحداث ليكونوا أكثر تأهيلا علميا وعمليا، وعلى دراية بشؤونهم ومتطلباتهم القانونية والحقوقية، فضلا عن التفكير في إحداث هيئات قضائية مختصة تتولى النظر فقط في قضايا الأحداث.

ــ من أجل الملاءمة
واختتمت اللجنة تقريرها بتوصيات تستهدف ملاءمة إيداع الأطفال مع قواعد اتفاقية حقوق الطفل ومقتضياتها. وبالمناسبة، ذكرت بتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان التي تضمنها تقريره الموضوعاتي الخاص بالسجون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف إسرائيلية من مغبة صدور أوامر اعتقال من محكمة العدل الد


.. أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى -حماس- يغلقون طريقاً سريعاً في




.. غضب عربي بعد -الفيتو- الأميركي ضد العضوية الكاملة لفلسطين با


.. اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق




.. أربك الشرطة بقنابل وهمية.. اعتقال مقتحم القنصلية الإيرانية ب