الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الأحزاب المصرية

اسلام احمد

2015 / 6 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


لم يعد خافيا أن مصر في حالة في أزمة سياسية حقيقية تتمثل في رئيس قوي جمع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وليس لديه أي رؤية سياسية للإصلاح في مقابل أحزاب سياسية ضعيفة ومستأنسة ليست قادرة على التوحد في مواجهة السلطة ومن غير المتوقع أن تتمكن من تداولها لا على المدى القريب أو البعيد

والحقيقة أن أزمة الأحزاب السياسية في مصر مركبة ومتعددة الأبعاد فهي تعود في جانب منها إلى عوامل موضوعية خارجة عن إرادتها بينما تعود في جانب آخر إلى عوامل ذاتية وشخصية تتعلق ببنية الأحزاب الداخلية وبالفاعلين السياسيين , فعلى مدار التجربة الحزبية في مصر كانت الأحزاب ضعيفة لغياب العوامل الموضوعية اللازمة لنموها وتطورها وأهمها وجود قواعد قانونية تضمن الحقوق والحريات وتسمح بالمشاركة السياسية وتداول السلطة , وحتى في مرحلة الحقبة الليبرالية في مصر (من 1924 إلى 1952) التي يتغنى بها البعض لم تكن الأحزاب السياسية قوية مقارنة بنظيرتها في الدول الديمقراطية , فحزب الوفد العريق لم يحكم سوى سبع سنوات في تاريخ مصر الحديث كان عرضة خلالها لتدخلات خارجية من جانب القصر والمحتل الانجليزي!

ولا جدال في أن قيام نظام ثورة يوليو بحل الأحزاب وإلغاء الحياة الحزبية قد أثر سلبا على مسيرة الديمقراطية في مصر وأعاد البلاد إلى المربع رقم واحد , وحين قام الرئيس السادات بإحياء التجربة الحزبية في مصر عام 1976 لم يعد الأمر كونه ديكورا شكليا للادعاء بأن في مصر ديمقراطية بينما ظلت الأحزاب مقيدة وخاضعة للسلطة! , وهو الوضع الذي استمر طوال عهد مبارك , لذا لم يكن غريبا أن يشعل ثورة 25 يناير شباب من خارج المنظومة الحزبية القائمة وأن تلتحق الأحزاب بما فيها جماعة الإخوان بقطار الثورة مؤخرا

والحقيقة أن ثورة 25 يناير أحيت الأمل في إعادة بناء الحياة السياسية في مصر من خلال تأسيس أحزاب سياسية قوية , غير أن حالة السيولة التي أعقبت ثورة يناير وسوء أداء المجلس العسكري والفاعلين السياسيين قد حال دون ذلك إذ لم يتم وضع القواعد اللازمة لممارسة اللعبة السياسية من جانب , ومن جهة أخرى لم تتمكن القوى السياسية التي أفرزت عنها الثورة من تأسيس أحزاب على أسس سليمة ولا من توحيد نفسها في أحزاب قوية بل لقد حدث العكس بالضبط وشهدت البلاد حالة من الانقسام بدأت بالاستفتاء الذي أجراه المجلس العسكري على تعديل دستور 1971 وتعمقت أكثر على خلفية الانتخابات الرئاسية الأولى التي جرت بين مرسي وشفيق ثم على خلفية الانتخابات الرئاسية الثانية التي انحصرت بين السيسي وحمدين صباحي

وإذا أخذنا أزمة حزب الوفد الأخيرة على سبيل المثال فسنجدها نموذجا لضعف الأحزاب نتيجة العوامل الذاتية الداخلية فالحزب ظل طوال تاريخه خاضعا لفرد من الزعيم سعد زغلول إلى مصطفى النحاس ثم فؤاد سراج الدين بعيدا عن أي قواعد مؤسسية , وحين تم إصلاح الوفد من الداخل على يد محمود أباظة وتم تعديل لائحته الداخلية بحيث أصبحت رئاسة الحزب بالانتخاب الداخلي تفاءل الكثيرون بتقديم نموذج ديمقراطي ناجح وجرت انتخابات الوفد الأولى عام 2010 وأسفرت عن انتخاب السيد البدوي وإقصاء محمود أباظة الذي تلقى الهزيمة بصدر رحب , غير أنه سرعان ما انقسم الوفد إلى فريقين عقب انتخابات 2014 يتصارعان على سلطة الحزب الفريق الأول بقيادة السيد البدوي والفريق الثاني بقيادة فؤاد بدراوي رغم أنهما كانا حليفين في 2010! , وهكذا انتقل الحزب من النزعة الفردية إلى الشللية بتعبير الدكتور وحيد عبد المجيد! , لذا أتصور أن أزمة الوفد الأخيرة تعكس مجمل آفات الأحزاب المصرية

ولا سبيل للتحول الديمقراطي في مصر ونحن مقبلون على الانتخابات البرلمانية ما لم تقم الدولة بفتح الأفق السياسي بإلغاء أولا القوانين المقيدة للحريات وعلى رأسها قانون التظاهر ثم وضع قواعد وأطر قانونية جديدة لإدارة العملية السياسية تضمن مشاركة أوسع للجميع وخاصة الشباب علما بأن البديل في ظل غياب المشاركة السياسية قد يكون نزوح الشباب نحو التطرف والعنف , وفي المقابل يتعين على الأحزاب السياسية أن تنبذ خلافاتها وتوحد نفسها استعداد للانتخابات البرلمانية القادمة وأن تكف عن نفاق السلطة والتزلف لها فنفاق السلطة الحاكمة قد يضمن مقعد أو اثنين في البرلمان ولكنه لن يحل بأي حال الأزمة السياسية في البلاد بل سيزيدها تعقيدا , وحبذا لو تم دمج الأحزاب المدنية على كثرتها في عدة أحزاب قوية كي تتمكن من مواجهة السلطة الحاكمة علما بأن الاختلافات الفكرية والسياسية بينها ليست جوهرية , ولدينا في هذا السياق تجربة نجاح , وهي دمج حزب الجبهة الديمقراطية في حزب المصريين الأحرار , يمكن استنساخها والبناء عليها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل