الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حريّة الصّحافة بالمغربْ.. الحقيقَة الغائبَة..

خالد ديمال

2015 / 6 / 28
الصحافة والاعلام


في الحديث عن الإعلام، تحضر نظريات التواصل، التي يتناولها الصحفي سواء في مجال التكوين المهني أو الممارسة العملية، وفي منحاها تشكيل الإختيارات الثقافية والقيم التناظرية المبنية على القناعات الشخصية، في بنية إجتماعية معينة. هي محاذير الإعلام في إخضاعات الرقابة الدالة على التصور المسنود بالقوانين والأخلاق على السواء في محتويات الضبط الإعلامي، سواء في الإنتاج الخبري أو البحث عن المعلومة أو حتى في أساليب النشر، في النسق الديمُقراطي في عمومه.
فمع الصعوبة التي يواجهها الصحافي في تغطية بعض الحالات، تُطرح مسألة تغيير القوانين، خاصة وأن النقابة الوطنية للصحافة المغربية، لم تطرح مادة لحماية الصحفيين، حيث يبقى الترافع وسيلة لمنع الخروقات التي تطال الصحفيين، ويتلخص في كونه طلب يهمُّ إصلاح الخرق تُجاه المسؤولين عن الإنتهاك، وعدم الإفلات من العقاب. وهي مسألة يجب طرحها بالمغرب أيضا، بمحاسبة من يعتدي على الصحفيين، سواء من يوجد في الأسلاك الأمنية، أو المافيات على أنواع إهتماماتها، أو من طرف الجماعات المتطرفة، خاصة وأن السلطات ما زالت لا تعطي أهمية للترافع، ولا تفتح نقاشات حول الإنتهاكات.
الترافع المذكور للدفع به مؤسساتيا، يجب أن يشمل البرلمان، أو بعض اللجان البرلمانية، وبالتالي لابد من فريق للدفاع عن الصحفيين، تكون من بين مهامه فرز أسئلة مباشرة تُوجه لوزراء الإعلام، عن طريق برلمانيين هم في الأصل أصدقاء حرية الصحافة، على أساس أن يشمل هذا الترافع من خلال الأسئلة المطروحة، كل من يمارس مهن الإعلام، وكذا من يستعملون وسائل التواصل ممن تتوفر فيهم صفة ‘‘صحافي’’، أي أولئك الذين يمارسون مهامّ جمع المعلومات ونشرها وتحليلها بشكل منتظم.
الترافع أيضا قد يكون بطريقة أخرى عن طريق ما يسمى ‘‘l’institution’’ أي ‘‘المَأْسَسَة’’، وتُختصر في توجيه رسالة مباشرة إلى السلطات المحلية تُشخّص نوع الإنتهاك الذي يطال الصحافي، مع إرفاقها بجميع المعطيات التي تهم نوع الإنتهاك وطريقة إرتكابه، والفاعلين فيه، كالإعتداء الجسدي على الصحافي، أو منعه من التصوير، مع إستحضار القوانين التي تكفل هذا النوع من التصوير للإحتجاج بها في مواجهة الإنتهاك، بموجب قاعدة بيانات توضح حدث الإعتداء، وتوقيته.
هي منحنيات تلخص واقع الصحافة وعلاقتها بحقوق الإنسان، خاصة بعد تحول الصحافة إلى أهم وسيلة للحد من تغوّل السلطة، إضافة إلى كونها آداة لتشكيل الرأي العام الذي يراقب ممارسة السلطة، لمواجهة تغلب هذه السلطة، من خلال كشف خروقاتها وإنتهاكاتها للعموم، وتحذيرها من المشاكل، بالنظر إلى دورها الذي يروم إشاعة ثقافة حقوق الإنسان..
لكن، هل فعلا تلعب الصحافة هذا الدور؟؟.. وهل هي مخلِصة له خاصة مع وجود صحفيين ينتهكون حقوق الإنسان، من خلال تأليب قسم من السلطة أو تحريض المجتمع ضد زملائهم الصحفيين بدوافع نفسية أو مهنية. وهنا يُطرح التساؤل عن الكيفية التي يمكن من خلالها بناء الديمُقراطية بوجود حرب بين الدولة والصحافة، خاصة مع تضخيم حقوق الدولة؟؟..
في هذه النقطة بالتحديد، تظهر علاقة الصحافي بالحقوق، على مستوى التعاضد والتلاحم، لمواجهة الإنتهاكات، سواء المرتكبة من طرف أجهزة الدولة، أو ضد التضليل الإعلامي الذي يمكن أن يمارسه الصحافيون ضد بعضهم البعض.
هي أسئلة تنعكس حتما على التحولات التي عرفتها الصحافة بالمغرب، بدءً من الحالة الحزبية، مرورا بالرسمية، وصولا إلى تلك المستقلة، التي لها علاقة بالتحولات الإجتماعية. هنا نتساءل عن الإنتاج الصِحافي، وكذا الوقائع التي يستند إليها الصحافي لإنتاج وقائع بعينها، على الأقل تلك المسنودة بالنظام الثقافي والإجتماعي، المرتبطة بصيرورة التاريخ التي تطرح إشكالات الإحتكاك الثقافي الناتجة عن مركّبات السوسيولوجيا، أو نمط العيش الكولونيالي، أو التركيبات السلطوية المحلية، كالمخزن والقبيلة والشرفاء والأراضي السلالية وملكية العقار، بمن فيها موضوع النساء السلاليات.
هنا، نستحضر النمط القبلي في المغرب نموذجا، للتدليل على هذا التوجه، على الأقل في مستوى التعريف، عندما تختزل القبيلة في كونها ‘‘تنظيما إجتماعيا يتمتع بالإستقلالية’’، مع العلم أن هذا التنظيم، خضع لتعديلات يمكن إجتزاؤها في المقاربة السوسيولوجة التي تسري عليها هذه النسقية..
هذا النوع من المجتمعات يستند تنظيمها على وحدات العائلة، والتي تدخل في علاقات متشابكة مع وحدات من نفس مستواها ضد المجال المشترك. وهي عناصر الحياة الإجتماعية التي تدخل في تنافسات وصراعات وتفاهمات دون أن يصل الصراع إلى مستوى تناحري، بل إلى توازنات لإستمرار الحياة الإجتماعية. لكنها من أجل تحقيق هذه الغاية، تحتاج إلى عناصر التحكيم التي تمثلها ‘‘الزوايا’’.
هذه النظرة التجزيئية للمجتمع القبلي، جعل البعض يميل إلى إستعمال هذه الخطاطة لفهم الحياة المعاصرة، من قبيل ‘‘جون واتربوري’’، من خلال كتابه ‘‘أمير المؤمنين.. واللعبة السياسية’’، وهو أول من إستعمل هذه النظرة التجزيئية. وقد إستعملها قراء الحياة السياسية المعاصرة، خاصة وأن لاشيء تغير، فالقبائل هي أحزاب اليوم، والزوايا التي كانت تقوم بالتحكيم، هو نفسه الذي يقوم به ‘‘المخزن’’ اليوم. والذي يقوم بدور إخماد الغليان السياسي وحل المشاكل الناتجة عن الصراع السياسي، والعمل بموازاة ذلك على تثبيت أسس النظام السياسي القائم. وهو الكتاب الذي يرجع إليه كل الصحافيين المغاربة، كمرجع لا بديل عنه لفهم النسق السياسي المغربي..
الآن، نحن على مشارف الإنتخابات، وهناك مفهوم الأعيان، وهو مفهوم مرتبط بالبادية أكثر من الحاضرة، بعدما خرجت من سياقه المجتمعي، إلى عابر للفضاءات الإجتماعية.. وهو الوصف الذي سيرجعنا إلى كتاب ‘‘الفلاح المغربي مدافعا عن العرش’’ الذي ألفه ‘‘هنري لوفو’’ الذي شغل أصلا وظيفة ضابط للشؤون الأهلية.. إن خلفية ‘‘لوفو’’ كموظف جعلته يفهم كيفية تنظيم المجتمع، ووظيفته القائمة على المراقبة والتحكم والوجاهة الإجتماعية. وبالتالي، ف‘‘واتربوري’’ أعدّ وقائعًا ما زال يكتبها الصحافيون.. يتبع..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا حققت إسرائيل وحماس؟


.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: لم نتهم حزب الله بشأن مقتل باسكا




.. قطر: لا مبرر لإنهاء وجود مكتب حماس | #نيوز_بلس


.. بكين ترفض اتهامات ألمانية بالتجسس وتتهم برلين بمحاولة -تشويه




.. أطفال في غزة يستخدمون خط كهرباء معطل كأرجوحة