الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إخوان اليوم وإخوان الماضي

جوزيف بشارة

2015 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


حين ثار المصريون على نظام الإخوان وقام الجيش المصري بإسقاط حكم محمد مرسي قبل عامين، قال الكثيرون أنها النهاية السياسية للجماعة. ومع الحزم والشدة اللذين تعاملت بهما قوات الامن مع عناصر الجماعة خلال اعتصامهم بميداني رابعة والنهضة، ومع حملات الاعتقالات التي شنتها ضد قادتها، قال كثيرون أنه لن تقوم للإخوان قائمة من جديد، واعتقدوا أن القبض على كبار الجماعة سيعيد صغارها إلى الجحور. لكن الجماعة تحدت التوقعات وبقيت شوكة في ظهر الوطن. استخدم الإخوان العنف وتحالفوا مع جماعات إرهابية وجعلوا من تدمير مصر هدفاً أولاً ووحيداً لهم.

مئات الهجمات الإرهابية شنها الإخوان وحلفاؤهم داخل مصر. كان عدد منها مؤثراً كعملية اغتيال النائب العام والعمليات التي استهدفت قوات الجيش والأمن. وفي كل مرة زرع فيها الإخوان قنبلة في شارع وجه المصريون اللوم للقيادة المصرية متهمين إياها بالتراجع عن التعامل الصارم والحازم مع الجماعة الإرهابية.

يقوم البعض بمقارنة المعالجة الأمنية للقيادة المصرية الحالية بالمعالجة الأمنية لقيادات تاريخية وعلى وجه التحديد جمال عبد الناصر الذي شهدت فترة حكمه انحساراً كبيراً لنشاط الإخوان العلني.

في الحقيقة لا يجب أبداً مقارنة معالجة القيادة المصرية الحالية بمعالجة قيادات تاريخية أخرى، إذ يفوت على منتقدي القيادة الحالية أن الزمن الحالي ليس الزمن الذي كان، وأن عالم اليوم ليس عالم الأمس، وأن القوانين الحالية التي تحدد طرق التعامل مع العنف ليست نفسها قوانين الماضي، وفضلاً عن كل هذا فالإخوان اليوم أصبحوا أكثر جبروتاً بفضل التعاليم المتطرفة التي يؤمنون بها ويروجون لها، وتدخل منظمات حقوق الإنسان، والدعم الدولي الذي يحظون به.

للتدليل على وجهة نظري هذه دعونا ننظر إلى قدرة الإخوان على تحدي القبضة الأمنية الأن وفي الماضي.سأكتفي بمقارنة واحدة سيدرك الجميع من خلالها مدى التغير في قدرة الإخوان على مواجهة الصرامة الأمنية.

مرت جماعة الإخوان عبر تاريخها القصير بفترات حظر رسمية. كانت إحدى هذه الفترات بعد حرب 1948. لجأ الإخوان عندها لاغتيال رئيس الوزراء أنذاك، محمود فهمي النقراشي، صاحب قرار حل الجماعة. تعامل الأمن وقتها مع عناصر الإخوان بحزم وقوة. وبعد شهرين من اغتيال النقراشي قُتل زعيم الإخوان ومؤسس الجماعة حسن البنا. لم يجد زعيم الجماعة رجلاً إخوانياً واحداً يشارك في جنازته. كان الإخوان، قادة ومنقادين، جبناء لدرجة جعلتهم يخشون تشييع زعيمهم. ومن المفارقة أن الرجل الوحيد الذي اشترك في تشييع البنا من خارج العائلة كان القيادي الوفدي القبطي مكرم عبيد. عدا هذا فقد كانت جنازة البنا نسائية مائة بالمائة.

اليوم تمر الجماعة بموقف مشابه من ناحية الحظر والتعامل الأمني المشدد. لكن رد فعل الإخوان على الحظر والقبضة الأمنية يختلف تماماً.الإخوان يتجاسرون ولا يهابون ويخرجون بالألاف لتشييع رفاقهم في التطرف والإرهاب. وقد جرت اليوم جنازات لعدد من قيادات الجماعة الذين قضوا في الحملة الأمنية التي شهدتها مدينة 6 اكتوبر بالأمس. بالطبع لم تكن الجنازات نسائية كتلك التي أقيمت لحسن البنا عام 1949، فقد تغيرت الأمور وخرج الألاف فيها لاستعراض القوة، وكالعادة اشتبكوا خلالها مع رجال الأمن.

لقد تغير كل شيء ولم تعد الأمور على ما كانت عليه قبل عقود أو حتى سنين ماضية، ولم يعد بإمكان القيادة المصرية الحالية فعل ما كانت تفعل قيادات سابقة. تغيرت الأيام، وتغيرت القوانين، وظهرت على السطح منظمات حقوق الإنسان التي تداقع عن حقوق الإرهابيين وتتجاهل حقوق الضحايا والضعفاء والمقهورين، وأصبح للإخوان والإرهابيين تأثير كبير على صناع القرار في مجال السياسة الدولية، وبات العالم قرية صغيرة بفضل وسائل الاتصال الحديثة.

لا تلوموا القيادة الحالية، فهي تتعامل مع إرهابيين لا يحترمون الإنسان الذي يقتلونه ولا يقدرون الحياة يهدرونها ولا يثمنون الأرواح التي يزهقونها، ولا يهمهم أمر إلا الانتحار للحظي بحوريات جحيمهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جوزيف بشارة الأمور أعقد بكثير
أفنان القاسم ( 2015 / 7 / 3 - 15:13 )
المقارنة لطيفة وعقلانية لكن موقفك المؤيد للنظام الحالي عطل عليك الكثير من الموضوعية، فالنظام كذلك ليس بريئًا مما يجري، وأنا شخصيًا كما كنت لا أثق إطلاقًا بالإخوان لا أثق اليوم إطلاقًا بالعساكر... كل الشكر لك.

اخر الافلام

.. السعودية.. شخص يطعم ناقته المال! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الادعاء الأمريكي يتهم ترامب بالانخراط في -مؤامرة إجرامية-




.. هذا ما قاله سكان مقابر رفح عن مقبرة خان يونس الجماعية وعن اس


.. ترامب يخالف تعليمات المحكمة وينتقد القضاء| #مراسلو_سكاي




.. آخر ابتكارات أوكرانيا ضد الجيش الروسي: شوكولا مفخخة