الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تحمي مؤخرتك

احمد الباسوسي

2015 / 7 / 3
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


عيادة الخميس 31/12/2009
الغريب في أمر هذا الشاب أنه زارني مرتين، الاولى قبل أربعة أشهر بحسب ما هو مدون في دفتري الخاص. وأعطيته موعدا بعيدا وطلبت منه زملة من المهام والتعليمات يتوجب عليه انفاذها خلال فترة الشهر والنصف حتى نلتقي لاحقا ونستكمل برنامجنا العلاجي، وكان مبرري في ذلك اختبار مدى دافعيته وجديته في التغيير. ظل خلال هذه الفترة يلح في الاتصال على الخط الساخن ويبلغني بتطورات الحالة ويلح كذلك في طلب لقائي، وأحاول ارجاء الأمر متعللا بضيق الوقت وازدحام الجدول. وضبطت نفسي متلبسا بتجنب هذه الحالة ولا أعرف هل هذا التجنب بسبب طبيعة شخصية المريض، ومرضه؟ حيث أنني لا أحبذ كثيرا التعامل مع هذا الصنف من اضطرابات الشخصية، أم أنها الأولويات وضغوط العمل بالفعل والتي سبق أن تقدمت بالشكوى لرئيس الوحدة ليجد حلا لمسألة تزايد عدد الحالات المحولة للعلاج النفسي مقارنة بالوقت المتاح للمعالجين. المهم أنني اكتشفت لاحقا حينما قررت تدوين حالته في دفتري أني سجلت حضوره قبل أربعة أشهر وذهب ثم عاود الظهور اليوم، وكشفت الأحداث السابقة مدى جديته واهتمامه باتباع برنامج علاجي ليتخلص من المشاعر السلبية التي تسيطر عليه، ويعيش حياة طبيعية بحسب ما يقول. هو شاب متوسط القامة، أسمر، كمثري الوجه، بدين يقول " وزني كان زايد جدا، كان حوالي 135 كيلو جرام. في منتصف عقده الثالث، تشي ملامح وجهه بالهدوء والوداعة، أعزب، حاصل على بكالوريوس التجارة، يعمل محاسبا بإحدى الشركات الخاصة منذ عامين، ويعيش حاليا مع زوج والدته واخته بعد وفاة والدته في العام الماضي يقول " أنا متربي في الكويت، موجود هنا وانا عمري تسع سنوات، نزلت مصر سنوات الجامعة فقط وتعثرت في سنة ثانية بالكلية نتيجة اهمالي". وعن والده يقول أنه لم يرى والده حيث توفي بينما كان عمره ثلاثة أشهر فقط. وعن الشكوى يقول " كنت شاذ جنسيا، من النوع السلبي. لكن حاليا لا أمارس الشذوذ، أخر مرة مارست فيها الشذوذ كانت منذ أربعة سنوات مع واحد سوري الجنسية. لكن مشكلتي الحالية أن مخي واحساسي شغالين طول ال (24) ساعة في هذا الموضوع، شاعر بجاذبية شديدة نحو ممارسة الجنس زي زمان، وموش قادر أتخلص من المشاعر والافكار دية، عايز أتخلص من هذه الافكار، عايز أحس أني انسان كامل، أفكر في المستقبل. عايز أتجوز وأجيب عيال. معنديش ثقة في رجولتي، لا أشعر بحاجة لممارسة الجنس مع النساء وده اللي تعبني جدا، أنا كاره الموضوع دوه، أحتقر نفسي جامد، وأخاف من ربنا جامد، أشعر أن ربنا دايما غضبان عليا. أشعر أني منافق. مجرد ما أفكر في حتة الجواز ارتعب. لما أفكر في تجربة عاطفية أقلق من الجواز. وأشعر أني ها فشل في العلاقة الزوجية". والبداية مثل المألوف في مثل هذه الحالات، اعتداء جنسي عليه من قبل جاره بينما كان عمره سبع سنوات يقول " حدث اعتداء جنسي عليا من قبل جاري، طلب مني أن أخلع هدومي وعملتها، كررتها عدة مرات بسبب تهديده، لكن لم أكن أشعر بشيء، ظليت من وقتها أمارس الجنس معه ومع صديقه. ويضيف، في نفس هذا العمر أيضا كنت نايم جنب ابن خالتي، مسكت عضوه الذكري وهوه نايم، قام وضربني. في المدرسة الابتدائي كنت أعمل مع صاحبي في آخر اليوم الدراسي، لكن مكملنا، جت المديرة وأهلي عرفوا. ماكنتش مدرك أن ده حرام. كنت عايش مع جدي وجدتي، ولما بلغت في المدرسة بدأت اعرف انه حرام وعيب، ماكنتش أعرف العادة السرية يعملوها ازاي؟. لما جيت الكويت في فترة البلوغ كنت تخين جدا، كان جسمي ملفت، فيه انوثة، تعرفت على شخص سوري ومصريين، كنت أمارس مع السوريين فقط. كنت أستمتع وأخاف، وأقرف، الحالة اللي تنتابني ندم واستمتاع، حاجات غريبة. أول ممارسة للجنس في الكويت كانت مع سوري صاحبي. أنا اللي كنت أطلب، وأكون سلبي دايما. والغلاف الأسري للمريض يعج بالأحداث بالغة الدلالة، فقد تربى في كنف جده وجدته لوالدته المتزوجة والتي سافرت لكسب العيش كممرضة بأحد المستشفيات الحكومية بالكويت، تربى مع بنات خالاته، يقول" أمي كانت ترسل مصاريفي من الكويت، تربيت مع بنات خالاتي، كان أكثر البيت اللي تربيت فيه من الحريم، كان فيه ابن خالتي فقط الذكر، والدتي توفت منذ عامين، لم أكن متعلق بيها، كنت أنا وهيه ناقر ونقير، مكنتش حاسس أني ابنها، كنت دايما في مشاكل مع والدتي، كنت أسيبها وأروح أقعد عند صحابي، كنا نتخانق بسبب تنظيف البيت، علمتني الطبيخ والغسيل وكل شيء، كانت تطالبني بعمل كل دوه وكان عمري 14 سنة. كانت مريضة، في آخر ايامها اشتد عليها المرض، الكبد والضغط والسكر واخيرا سرطان الثدي، انتشر في كبدها، توفت منذ سنتين هنا، شعرت أني كنت فاهمها غلط، عندي اخوان واخوات من والدي ووالدتي، من والدتي لدي اختين، ومن والدي لدي بنت وثلاثة أولاد، أنا الوحيد اللي من أبي وأمي". انتهى الهمس عند هذا الحد، وضبطتني مستغرقا في تأمل هذا الشاب الضعيف الحائر والذي حاولت مرارا التهرب من لقائه. المشكلة أمامي غير تقليدية وتحتاج بالطبع لحلول غير تقليدية أيضا. وجدتني بصدد تاريخ طويل/عريض متراكم متعلق باضطرابات في النشأة، وغموض الدور الاجتماعي والجنسي، وتمزق عائلي جسيم، وغياب شكل أو صورة الأب من داخل الوعي تماما. ثم ممارسات بدائية بالإكراه في البداية لسلوكيات جنسية من دون مردود، استمتاعي شبقي، ثم حدوث هذا المردود الايجابي لاحقا في ظل تلك الاجواء التي ذكرناها سابقا من اضطرابات النشأة وغموض الدور الاجتماعي الجنسي، وبالتالي يصبح ممارسة هذا السلوك الجنسي الباعث على البهجة والاستمتاع ملاذه الوحيد في هذا العالم الذي يعيش فيه وحيدا، حائرا، مطموس الهوية. وبمراجعة تفاصيل الشكوى والنشأة نتبين أنه يقول " كنت شاذ جنسيا". وهو هنا ينفي صلته بالشذوذ الجنسي وممارساته في الوقت الراهن، وظل على هذا الأمر مدة أربع سنوات متصلة محافظا على مؤخرته من تاريخه السابق. لكنه الآن لم يعد قادر على الاستمرار وحده في البقاء هكذا اضطر الى البحث عن حل لدى أهل الاختصاص. ولديه أسبابه التي ذكرها في شكواه وهي: الخوف من تهديدات الانتكاسة يقول " مخي واحساسي شغالين ال 24 ساعة في هذا الموضوع، شاعر بانجذاب نحو ممارسة الجنس زي زمان وموش قادر اتخلص من هذه الأفكار". الرغبة في الشعور بأنه مكتمل الرجولة، يقول" عايز أتجوز وأجيب عيال، معنديش ثقة في رجولتي". المريض هنا نتيجة لممارسة الجنس في الوضع السلبي يدرك انه والمرأة سواء بسواء، لا فرق بينهما، لم يعد لديه ثقة في هويته الجنسية كرجل كامل، ولا في نفسه بإمكانية أن يعيش حياة طبيعية. كما أنه يخالجه تأكيدات هامسه بأنه ما يزال رجل، ويحلم بأن يكون رجل مكتمل الرجولة، لذلك جاء يبحث عن حل لمشكلته المستعصية. ثم اكتشافه أخيرا بعدم رغبته في النساء، أو ممارسة الجنس معهم، يعلن هنا مدى انزعاجه من هذا الأمر، فما زال يتحرك في داخله شيء ما نحو الحياة المستقيمة الطبيعية، لكنه يشعر بالعجز الواضح. ثم يفصح عن مشاعر الكراهية من الداخل لتلك الممارسات الجنسية، ومع ذلك يجد نفسه منجذبا اليها من دون ارادة ولو على مستوى التفكير، يلوم نفسه ويتهمها بالنفاق. نحن اذا بصدد حالة من حالات اضطراب الهوية الجنسية، لكن الايجابي في مريضنا أنه مدرك حجم المسألة، ويسعى للتغيير، واجتهد بالفعل مدة أربع سنوات بحسب كلامه في التوقف عن الممارسة الجنسية مع اصدقائه الشباب، لكنه جاء اليوم يشكو من أفكاره ومشاعره التي تلح عليه وتهاجمه باستمرار لدفعه للانتكاس والعودة للرقود تحت الآخرين مرة أخرى. والمدهش هنا ان المريض نجح في ايقاف ممارسة السلوك مدة اربعة سنوات وحده من دون استشارة الاطباء، ويشعر بتهديد قوي للانتكاس من جراء الافكار والمشاعر المهددة باللجوء للسلوك مرة أخرى. أشفقت على الشاب، شعرت للحظات أن الظروف تتحداه وتدعم بقوة هويته الانثوية، نشأة في كنف عائلة جدته في وسط مشبع بالإناث (بنات خالاته)، وسوء حظ أوقعه في رجل خلع عنه سرواله تحت التهديد ومارس معه الجنس، ثم حصوله في مرحلة البلوغ على جسد بدين أقرب الى الأنوثة منه الى الرجال، ودور أنثوي فرضته عليه الأم المسكينة المريضة المنهكة في عملها بالخارج يتعلق بنظافة المنزل والطبخ ... الخ. نحن اذا بصدد حالة فريدة من البشر تعيش حياة النساء لكنها ترفض الا أن تكون رجلا مكتمل الرجولة فهل ينجح صاحبنا في ذلك. حددت معه مشكلتين في سياق الجلسة لابد من العمل على حلهما أولا وهما : اولا كيفية الحفاظ على استمرار سلوك التوقف عن ممارسة الجنس مع الذكور. وثانيها تنشيط الذهن وشغله في التفكير ايجابيا باتجاه الجنس الآخر طلبت منه بعض الاشتراطات التي تظهر قوة دافعيته للتوقف والعلاج. وافق وانصرف وفي انتظاره في الجلسات القادمة.

مساء الثلاثاء 27/4/2010
متابعة
حضر اليوم بمزاج مختلف، طلة الوجه مريحة، كأن هناك مسحة تفاؤل، وكأن رحلة البحث عن معنى آخر في حياته بدأت أيضا. أخبرني أنه ارتبط بفتاة حاليا، مصرية الجنسية، تعمل مدرسة كيمياء. يقول "تحبني ". اثناء الجلسة دق جرس هاتفه المحمول عدة مرات ولم أكن قد لفت نظره الى ضرورة غلقه وقد فعلها أخيرا، أخبرني أنها من تطلبه ثم قال باستحياء "كان بينا موعد "، وبدا مرتبكا بعض الشيء. وعن حقيقة مشاعره وتصرفاته معها أثناء لقائهما قال " تحبني، لكن أجدني منجذب ناحيتها نوعا ما. أشعر أحيانا بانتصاب ذكري اثناء لقائي بها. لا يبدو أن لدي مشكلة جنسية من هذه الناحية. أشعر في أحيان كثيرة برغبتي في الاقبال عليها ومعانقتها، ولكن لم يحدث ذلك واقعيا حتى الآن، ومن المحتمل حدوثه". اتفقنا على تحديد المشكلات الرئيسية والتعامل معها على النحو التالي
اولا: ما تزال هناك افكار ومشاعر الجاذبية الجنسية للعودة لممارسة اللواط مرة اخرى.
ثانيا: تعديل المفهوم المعرفي المسيطر بان الله غاضب عليه، بمفهوم ايجابي آخر هو أن الله فتح له باب التوبة، وسانده طوال السنوات الاربعة في الحفاظ على نفسه دون انتكاسة الرجوع للواط مرة ثانية. اتفقنا على سلسلة من الاجراءات المعرفية والسلوكية منها ما يتعلق بتمرين الاسترخاء. والممارسة اليومية للرياضة بطريقة منتظمة مقننة جادة، والاندماج والاستغراق عاطفيا وسلوكيا والتركيز مع فتاته خطيبة المستقبل، لعله يجد لذة تكافئ، أو ربما تتجاوز ما كان يلقاه من لذة أثناء ممارسته اللواط. والبحث عن عمل اضافي آخر لزيادة دخله الشهري للتخفف من كثافة الأفكار السلبية المتعلقة بجاذبيته للواط، وتشتيت الأفكار المتعلقة بها. وكذلك التخطيط بوعي للمستقبل بصفة عامة، ولمستقبل علاقته العاطفية الحالية، والتفكير الجدي بالزواج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي