الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس: كفانا مغالطة لأنفسنا !

محمد الحمّار

2015 / 7 / 4
الارهاب, الحرب والسلام


يتضح يوما بعد يوم، وبالخصوص على إثر عملية سوسة الإرهابية الجبانة والتي راح ضحيتها 39 قتيلا (من السياح الأجانب، معظمهم من البريطانيين) مع عدد يضاهيهم من الجرحى، أنّ هنالك حرب حقيقية مفروضة على تونس وعلى التونسيين. فمهما يكن من أمر ولئن كان هؤلاء الهالكون كلهم من غير التونسيين فإنهم كانوا في ضيافتنا لمّا هوجموا وهلكوا. لذا حري بنا أن نحدد مَن حاربنا في عقر دارنا واستهدف ضيوفنا. وبالرغم من أنّ تنظيم داعش قد تبنى العملية إلا أنه يحق التساؤل عما إذا كان هذا التنظيم الإرهابي هو عدوّنا الحقيقي وعما إذا لم يكن غطاءً للعدو الأصلي.

هنالك حقيقة لم تعد تحتمل مزيدا من التأويل وهي - حسب جُل المصادر بما فيها الصحف والمواقع البريطانية والتي ذكّرت بها بُعيد هجوم سوسة- أنّ تنظيم داعش يسيّره عميلٌ مخابراتي صهيوني يُدعى صايمون آليوت Simon Eliotالمكنَّى بالبغدادي وأنّ هنالك موقع الكتروني مكلف بترويج أخبار العمليات الإرهابية باسم داعش وتنظيمات أخرى (اسم الموقع المروّج: SITE Intelligence Group حسب موقع Veterans Today ، على الرابط التالي: http://www.veteranstoday.com/2015/06/30/terror-in-tunisia).

في ضوء هذا وأمام الجمود السياسي والتواصلي والإعلامي الذي تشهده تونس سواء في الأيام العادية أو في "الأيام الإرهابية" وهو جمود يتسم بعدم تسمية الأشياء بأسمائها من جهة وبالإخفاق (الطبيعي) كلما بُنيت قرارات "الحرب على الإرهاب" على أوهام ومغالطات، أنرضَى لشعبنا أن يكون مطالَبا بأن يتشبث بإيمانٍ مفاده أنّ داعش مجموعة من المسلمين يُضمرون الشر للمسلمين بدلا من أن نصحّح له هذه العقيدة وذلك بأن تتجند النخب المثقفة والمربون ووسائل الإعلام والسياسيون فيؤسسوا خطابا مرتكزا على الحقيقة، حقيقة أن داعش صناعة إسرائيلية أمريكية تتولى غسل الأدمغة الضعيفة لتُوكل لها مهمة قتل إخوانهم في الدين؟! كلا، لن نرضى هذا لشعبنا. فبدون تغيير العقيدة على هذا النحو - تغيير ما بأنفسنا - لن نقدر على إصلاح أخطائنا وبالتالي لن نستطيع مقاومة الإرهاب فعليّا وبنجاعة.

حين يرسخ الإيمان لدى الخاص والعام بأنّ الإرهاب الداعشي هو الوجه المزوّر والمقنّع - على غرار القناع الذي يرتديه زعيمه ذو الأصل الإسرائيلي- للحرب الكونية على العرب والمسلمين الذين ننتمي إليهم، حين تدرك المجموعة الوطنية أنّ الكيان الصهيوني يحاربنا بواسطة أنفسنا، حينئذ سيتبين لنا أن غلق المساجد ليس هو الحل لمقاومة الآفة الإرهابية. فالمسؤولون عن التشدد الديني ليسوا فقط الأئمة المحرّضون على التعصب وإنما أيضا الأئمة المحسوبون على "الوسطية" بدليل أنّ خطاب هؤلاء قد اهترأ وذبل وتكلس بشكل أفرغ الدين من معانيه السمحاء حتى ولّد لدى المأمومين حرمانا هو بدوره موَلدٌ للتعصب والتشدد.

وإلا فما هي الرسالة المعاصرة والمستجيبة لمتطلبات العصر والمنبثقة عن الإسلام الأصلي التي نراهم يبشرون بها؟ أين تونس اليوم من تلك التي كانت – قبل قرن من الاحتلال الفرنسي لها- متفوقة في الصناعة والتصدير(المواد الفلاحية والبضائع الرفيعة) وفي التجارة البحرية على بلدان المغرب العربي وحتى على بعض البلدان المتوسطية على غرار اليونان وبعض مقاطعات ما يسمى بإيطاليا اليوم حتى أنها كانت تكنَّى بـ"شانغهاي البحر المتوسط" « Shangai de la Méditérranée » (أطلق عليها هذه الكنية المؤرخ تراسللي Trasselli)؟ أليس الإسلام محركا للعمل، والعمل مصدقا للإيمان؟

بالنهاية إنّ العمل المنشود للقضاء على الإرهاب، فضلا عن الحل السياسي والدبلوماسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي، يتمثل في تأسيس خطاب مسجدي، توعوي وتربوي وإرشادي، يرمي إلى تحسيس التونسيين بضرورة التوظيف الإيجابي للدين مع التأكيد على أنّ إحدى الوظائف العاجلة والمعاصرة للإسلام هي إحباط المخططات - داعش نموذجا- وفضح مدبّري الخطط الرامية إلى استنزاف حياة معتنقيه والمنتمين إلى ثقافته ولو كان هؤلاء المنتمون إلى ثقافة الإسلام من اليهود أو من النصارى أو من الماأدريبن أو من الملحدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الهجوم على إسرائيل: كيف ستتعامل ألمانيا مع إيران؟


.. زيلينسكي مستاء من الدعم الغربي المحدود لأوكرانيا بعد صدّ اله




.. العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية: توتر وانفراج ثم توتر؟


.. خالد جرادة: ماالذي تعنيه حرية الحركة عندما تكون من غزة؟ • فر




.. موقف الدول العربية بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم