الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملل النفسي..مدخل للاكتئاب!!

اسعد الاماره

2015 / 7 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


واحدة من مفردات نتائج التحضر في عصرنا.. هو الملل!! فقيل عن عصرنا عصر الكبت، وقيل عن عصرنا، العصر الرائع، عصر العالم الأفتراضي، عالم التواصل الخيالي، وكثير من الناس في عصرنا غير متكيفين، وعدم التكيف كما يقول علماء النفس يعني التناقض، والتناقض يعني التمزق، وهذا يعني الحصر، وهو يؤدي إلى الملل ويقول" بيير داكو"إن الإنسان ممزق بين حقيقة ما هو عليه وبين ما يعتقد أنه عليه!! إنه ممزق؟!!
الملل حالة نفسية تنشأ من قيام الفرد بمزاولة نشاط ينقصه الدافع أو من الاستمرار في موقف لا يميل إليه الفرد. وتتميز هذه الحالة بضعف الاهتمام بالنشاط أو الموقف وكراهية استمراره والرغبة في الانصراف عنه"موسوعة علم النفس والتحليل النفسي، فرج طه وآخرون"
حينما يؤدي الملل إلى حالة الآلم، تبدأ الشكوى، ويكون الدافع الأساس وراء بحث الفرد عن مخرج لهذا الحال بين الاهل أو الاصدقاء أو ربما يسعى إلى تخفيف حدة هذا الشعور باستخدام المنبهات أو العقاقير المهدئة.
يكشف لنا الملل وجود القلق لدي الفرد بقوله: أنا متضايق، أنا أختنق، أنا تائه، أنا حزين، أنا لا أعرف ماذا أريد؟ أنا قلق؟ وكما يقول علماء النفس إن القلق هو الأساس الدينامي لأنواع الاضطرابات العصابية"النفسية" الاخرى إلا أنه في حالة فشل الحيل الدفاعية فإن كمية القلق تبقى على السطح وأحيانا يكون القلق هو الظاهرة الرئيسة أو الوحيدة مما يؤدي إلى صورة القلق والملل.
اننا نعيش الملل في تفاصيل حياتنا وخصوصا إذا كانت البيئة المحيطة بنا بيئة تسبب القلق وعدم الراحة واختلال العلاقات فيكون الإنسان في مهب الريح لا في حاضره فحسب، بل في رؤيته للغد أو للمستقبل. أن الراحة البدنية والنفسية تقود إلى راحة البال وعكسها يقود إلى التعب الجسدي والنفسي ومن ثم الملل الذي يقود إلى القلق، والقلق هي المادة الخام لجميع الاضطرابات. أن الملل يؤدي إلى التوتر، والتوتر إلى الارهاق، والارهاق يسبب الضغوط النفسية الداخلية لدى الفرد.
يسهم التكيف الناجح في التقليل من الملل وتحقيق راحة البال لدى البعض وليس لدى الجميع وهو ما تطرقنا له في بداية هذه المقال وعكسه يكون التمزق النفسي الداخلي .
نحاول جاهدين أن نربط الملل كمدخل نفسي مع الأكتئاب النفسي لأن كلاهما يقود الفرد إلى العزلة، والعزلة هي الشعور بالوحدة حتى تصل بالفرد إلى مكانٍ ضيق في الحياة.
يرتبط الملل بالتعب، والتعب إشارة إنذار ضوئية حمراء، والملل كذلك إشارة إنذار ايضا، والإنسان الواعي أن يوقف نشاطه أمام هذه الإشارة بصورة تامة وفورًا، ولا يلجأ إلى الراحة والنوم كما هو معتاد في التعب الجسدي، رغم أنهما" الراحة والنوم" حاجتان طبيعيتان تصبحان أكثر ضرورة كلما أمتدت الفترة الزمنية في العمل أو أي نشاط يقوم به الإنسان.
بالرغم من أن النوم ينهي التعب إلا انه لا ينهي الملل حيث يشعر الإنسان بعد النوم أنه أحسن ولكن هذه الحالة لا تنطبق على حالة الملل، لكنها تتقارب مع حالة الاكتئاب، فالشخص الذي يعاني الاكتئاب يشعر منذ الصباح إنه متعب، وسريع الهيجان، وله مزاج متعكر، وربما يختلق الحجج لأتفه الأسباب، وبديهي أن هذا التصرف أو ما يصدر عنه من سلوك ليس طبيعيًا، بيد أنه مهما يكن غير طبيعي فإنه أصبح نمطًا من أنماط الحياة في حياتنا المعاصرة، بحيث أن الراحة واللجوء إلى العالم الإفتراضي بكل أساليبه وعالم النت والأجهزة الإليكترونية لا تفلح في استبعاده حتى ولو كانت طويلة، ربما يزداد الملل بعد ذلك ويأخذ طورا جديدا في متاهة الأفكار الاكتئابية التي تقود صاحبها إلى نقص الطاقة مع ضعف وتراجع أمام الظروف ويبدي الفرد ايضا نقص واضح في الإرادة مع رفض الجهد في التغيير الذاتي مصاحب له احتقار الذات ولوم وعقاب.
إن أعراض الإكتئاب تختلط حتمًا مع أعراض الملل، لا بل واحد من الأسباب الرئيسة في الإكتئاب ويقول "داكو" تنخفض الارادة في الإكتئاب إلى حد كبير، فالمكتئب يقلل من حركاته بهدف الاقتصاد من الحيوية، إنه يشكو الملل والأرق، ويبدو الهزال عليه غالبًا، وتضطرب وظائف الهضم.
وفي بلداننا العربية والاسلامية تزداد ظاهرة الملل وينطق العديد من الناس مثل قولهم مللنا التفجيرات! مللنا فقدان الأمن! مللنا الروتين اليومي في حياتنا! مللنا النفاق والغِيبة والنميمة بين الناس! مللنا حياة الفقر! مللنا ضبابية المستقبل لنا ولأولادنا! مللنا الجري اليومي! متى نرتاح ويستقر الوضع السياسي؟ متى نلمس راحة البال والشعور بالآمان؟ متى يعود الناس إلى إنسانيتهم، وطيبتهم، ولا يأكل الأخ أخيه؟ هذه وغيرها العديد من الأسئلة الاخرى المحيرة في بلداننا العربية والاسلامية يتداولها الناس كل ساعة، لا بل كل يوم، متى نرتاح؟
وفي الجانب الآخر من العالم، العالم المتقدم بكل القدرات التكنولوجية ، أيضا هناك الملل القاتل من روتين الحياة، الملل الذي يؤدي إلى الاكتئاب النفسي والعقلي "الميلانخولي" الذي يدفع صاحبه إلى الانتحار الأكيد والحتمي.
إذن نستنتج أن الملل موجود لدى الملايين التي تعيش في قعر العالم "العالم الثالث" ولدى الملايين في العالم المتقدم، التي تعيش في قمة الرفاهية والآمان والطمأنينة وضمان الحاضر والمستقبل، لا بل الرفاهية المفرطة.. أيضا يعيشون حالة الملل المؤدية للاكتئاب، فالأمر سيان بينهما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص