الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون شركات القطاع الانشائي في سوريا ......والمكاييل المختلفه

الحلاج الحكيم

2005 / 10 / 11
الادارة و الاقتصاد


شركتان ضخمتان لعبتا دورا كبيرا في قطاع الإنشاءات والأعمال المدنية في الاقتصاد السوري .
الأولى :
مؤسسة الإسكان العسكرية ..... التي وصلت إلى نقطة الانهيار .ولم تعد تجدي معها نفعا كل الإجراءات الاسعافية .التي يتم اتخاذها حاليا .*
الثانية :
مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية ..... التي وصلت إلى قمة النجاح في تنفيذ الأعمال الإنشائية من حيث جودتها وسرعة تنفيذها .

منذ عشر سنوات والصحف السورية المهتمة بالواقع الاقتصادي ومعها المسؤولين. على كافة مستوياتهم يشيدون بمؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية ... ويسارعون إلى تلزيمها الأعمال المدنية والإنشائية المطروحة من قبل كل دوائر ومؤسسات الدولة .

وتتصدر مقالات الصحف النجاحات الباهرة التي وصلت إليها هذه المؤسسة .

وبالمقابل . يكيلون الاتهامات والانتقادات لمؤسسة الإسكان العسكرية . ويفضحون عجزها الدائم عن التنفيذ .وتأخرها في صرف رواتب العاملين بها . ويمتنعون عن تلزيمها عقود جديدة .؟

كيف حدث هذا ؟
وهل هذه حدوته غريبة .؟

ما السر في كون مؤسسة الإسكان العسكرية ومعها كل شركات القطاع العام الإنشائية الأخرى خاسره وعاجزة وقد أفلست نهائيا .؟

والشركة الوحيدة الناجحة هي مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية .

القانون واحد . والتعليمات التنفيذية واحدة .

المدراء والمهندسون والعاملون بكل الشركات من نفس المجتمع . وتخرجوا من نفس الجامعات والمعاهد .
ما السر في هذا إذن .؟

هل ناقش احد ما من اكبر المسؤولين المعنيين في هذا الأمر وهو رئيس الوزراء . إلى وزير الإنشاء والتعمير . إلى المجلس الأعلى للشركات * *. هذه الحالة الغريبة .

لا لم يحدث هذا ... ولن يحدث .؟

لان فتح ملف مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية ... سيكشف ما لا تحمد عقباه في مؤسسة ضخمة وكبيرة .من فضائح وفساد وتجاوزات للأنظمة والقوانين تطال مسؤولين كبار في الدولة والجيش .
هل يمكن أن نبقى مختبئين وراء إصبعنا .؟ ومقتنعين أن لا احد يرانا .؟

سألقي الضوء على مسيرة هاتين الشركتين مبتعدا قدر الامكان عن الخوض في التفاصيل والأرقام . ( وهي متوفرة لدينا . لمن يريد أن يعرف المزيد ) .

مؤسسة الإسكان العسكرية .

تأسست بموجب المرسوم التشريعي رقم (12) لعام 1975 الصادر عن السيد رئيس الجمهورية
تسلم إدارتها العامة ضابط شرف في الجيش . برتبة مقدم ***

مهمتها في البداية بناء منازل للعسكريين وأفراد الفوات المسلحة .

بسرعة قياسية . تضخمت هذه المؤسسة . معتمدة على مرسوم إنشائها بتابعيتها للجيش والفوات المسلحة .وبتجاوزاتها على الانظمه والقوانين .

دفع بها فراغ السوق السورية من أية شركةانشاءات ضخمة. وتحسن ملموس للاقتصاد السوري بعد حرب تشرين ومساعدات هائلة من الدول العربية .

تسرطنت هذه المؤسسة ولم تترك مجالا في الاقتصاد إلا ودست أصابعها به .
1-مشاريع مباني ضخمه .

على سبيل الذكر لا الحصر

المدينة الرياضية في اللاذقية . والملاعب في حلب .وكل المدن السورية .مكتبة الأسد في دمشق .المسرح القومي في دمشق .
2_ مشاريع الري والسدود . كسد الثورة وسد السادس عشر من تشرين . واقنية الري واستصلاح الأراضي في الساحل والداخل .
3_إنشاء المعامل.كمعمل الاسمنت . والسيراميك. والقرميد .وقسا طل الاسبستوس في وقت كان استيراد هذه المواد محصور بالدولة التي لم تكن تستورد شيئا منها .

4_ شراء الأراضي والمضاربة بها .
5_ مشاريع سكنية على مستوى القطر .. ووحدات سكنية بعشرات الآلاف من الشقق والضواحي . في كل المدن السورية .
6_ في مجال الزراعة .إنشاء مزارع نموذجية وادارتهاكمزارع للورود وأخرى لتربية الأغنام والعجول والنحل .
7_ الاستيراد والتصدير .استيراد الآلات الهندسية والمعامل والمصانع وقطع الغيار وتجارتها مستفيدة من مكتب للتخليص والشحن الخاص بها والتابع لوزارة الدفاع ومعفى من الجمارك والرسوم والضرائب .

ضمت هذه المؤسسة في حينها مئات الآلاف من العاملين على اختلاف مسؤولياتهم وحركت الاقتصاد الإنشائي السوري ونعم العاملون بها من امتيازات لم يحصل عليها الآخرون أمثالهم من حيث السيارة والرواتب .والمكانة الاجتماعية .

لم تدم سنوا ت العسل طويلا .

ابتدأ مسلسل الانهيار في هذه المؤسسة منذ منتصف الثمانينات .

اعفي المدير العام من منصبه ولاحقته دعاوى الفساد واستغلال المنصب .ورحل إلى خارج البلاد .

مع الانهيار الاقتصادي العام في الدولة وزيادة سعر الدولار في النصف الثاني من الثمانينات عجزت هذه المؤسسة وبشكل تدريجي من حل تشابكاتها المالية مع دوائر الدولة الأخرى وابتدأت الصعوبات تزداد بوجود فائض عمالة كبير وعاطلين مقنعين عن العمل .

على الرغم من تعاقب خمسة مدراء عامين . استمرت بالسير نحو الهاوية .

تم سحب الامتيازات من العاملين بها وتقليص الرواتب والأجور . إلى أن توقفت عن دفع الرواتب بمواعيدها .

ما أمد بعمرها هو عطا لتها الكبيرة . والحجم الكبير لاستثماراتها .إضافة إلى استغلال المصانع التي كانت تنتج مواد غير متوفرة في السوق كالاسمنت والسيراميك والقرميد وقسا طل الاسبستوس .
حيث بيعت بأضعاف ثمنها الحقيقي . إضافة إلى الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي التي كانت قد تملكتها أو استولت عليها .

جاءت طلقة الرحمة لها بالسماح للقطاع الخاص بإنشاء معامل للمواد الأولية . وسمح بشكل جزئي مقو نن باستيراد المواد الأولية . فتحولت معاملها إلى معامل خاسره .لتضاف إلى جملة خسائرها .

أفلست هذه الشركة نهائيا . وأصبحت الرواتب المستحقة للعاملين بها والتي لم تدفع ستة اشهر كاملة .

مؤسسة تنفيذ الانشائات العسكرية .

تأسست هذه المؤسسة بموجب المرسوم التشريعي رقم 14 لعام 1972 الصادر عن السيد رئيس الجمهورية .

كأختها مؤسسة الإسكان العسكرية . نعمت بفورة للأعمال فرضها الواقع الاقتصادي الجيد للدولة في بداية تأسيسها .

لم تتوسع هذه المؤسسة . وكان حظها قليلا في الأعمال المدنية خارج وزارة الدفاع . في ظل هيمنة مطلقه لأختها الصغيرة مؤسسة الإسكان العسكرية .

كانت اسرع بالانهيار والتردي ابتداء من منتصف الثمانينات .

أحس المدراء العامون الذين تعاقبوا على هذه المؤسسة**** .بعد منتصف الثمانينات من هول الكارثة القادمة على مؤسستهم .

فقاموا بتصفية أعمالها وبالنقل التعسفي للعاملين بها مما أدى إلى هروب شبه جماعي .لأغلب كوادرها إلى مؤسسات وشركات أخرى .متخلين طواعية عن مستحقاتهم .

في بداية التسعينات عين مديرا عاما لهذه المؤسسة .

ضابط في الجيش قوي ومقتدر ورجل اقتصاد وأعمال له شركاته وأعماله الخاصة إضافة لوظيفته كمدير عام لمؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية .

هذه الخطوة كانت بداية انطلاقة متميزة للمؤسسة .

أول ما قام به المدير الجديد .

متابعة تقليص عدد العاملين بمؤسسته والاستغناء عنهم بشكل مخالف للقانون وخاصة القوى العاملة المهنية .

أبقى في كل فرع من مؤسسته مهندس يعاونه عدة مهندسين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة .مع ما يلزم من الإداريين كمدير مالي وإداري وديوان .

نظم العمل في مؤسسته بقوانين وانظمه والية عمل تنسجم مع السوق الخاصة ومتبعه في كل الدول ذات الاقتصاد الحر من خلال معرفة ما يريده سوق الانشائات من تامين فرص عمل وصرف الأموال اللازمة لهذا السوق .

مخالفا كل الانظمه المتبعة في الدولة .وفي الشركات العامة الأخرى .

بهذه الخطوة الجريئة نهض بمؤسسته من الحضيض إلى مؤسسة عملاقه تسيطر حاليا على كل المشاريع الإنشائية في الدولة .

كفى المسؤولين بالدولة هم هذه المؤسسة .وأزاحها من دائرة الضوء كمؤسسة خاسرة إلى دائرة ضوء أخرى كمؤسسة ناجحة .

فكيف تم هذا .؟

بدراسة مختصره لآلية العمل الجديدة المتبعة منذ أن تولى المدير العام مسؤولياته وحتى هذا الوقت .
نجد .
يستخدم المدير العام نفوذه لدى أية دائرة حكومية تطرح مشاريع إنشائية أو خدمية كبيرة وذات قيمة اقتصادية ومالية بما فيها وزارة الدفاع ومهما كانت نوعية هذه الأعمال .

إنشاء مباني .

مشاريع سكنيه .

عقد طرفيه .

سدود .

ري .

انفاق .

يتم التعاقد مع هذه الدوائر بالتراضي . على أسعارها المقدمة.

يفوض المدير العام مدير فرعه المعني بموقع المشروع على التنفيذ ويمنحه الصلاحيات الكاملة .
يقوم مدير الفرع المعني . بالتنفيذ بإجراء عقود ثانوية بالتراضي لمقاولين من القطاع الخاص . يعرفهم ولديهم إمكانية التنفيذ .

وبأسعار تقل عن الأسعار المتعاقد عليها مع الجهة صاحبة المشروع . بأكثر من خمسون بالمائه ويترك هامش ربح للمقاول لا يتجاوز خمسه بالمائه .

يقوم مدير الفرع المعني بالمشروع بمراقبة أعمال المقاولين من القطاع الخاص وصرف استحقاقاتهم بلا تأخير وحتى إعطاء سلف مالية على أعمال لم تنجز بعد .

بفعل هذه الإدارة الحكيمة .

تم تحويل هذه المؤسسة من.

مؤسسة لتنفيذ الأعمال الانشائيه . إلى مؤسسة لإدارة الأعمال الانشائيه .

وهذا الأسلوب متبع وناجح في كل الدول ذات الاقتصاد الحر .

المكاييل المختلفة .

لماذا الإصرار من قبل المسؤولين في الدولة على إلزام شركات القطاع العام الإنشائي بإتباع القوانين والانظمه القديمة .التي ثبت فشلها وأدت إلى كوارث اقتصادية كانت ضحيتها كل شركات القطاع العام الإنشائي .؟

لماذا سمح لهذه الشركة بالذات مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية بإتباع الأساليب الناجحة في الأعمال متجاوزة كل الانظمه والقوانين المعمول بها في الدولة والمطبقة قسريا على مؤسسات وشركات القطاع العام الإنشائي .؟

لماذا لم تعمم تجربة الإنشاءات العسكرية بعد أن ثبت نجاحها. على الشركات الأخرى وإلغاء الانظمه والقوانين المتبعة وتشريع أخرى جديدة كالتي تم أتباعها في مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية .؟

سيجد من يتابع مقالتنا القادمة بعنوان.

(كيف نجحت مؤسسة تنفيذ الانشائات العسكرية)

جوابا عن هذه الاسئله .

الهوامش :

* تم صرف استحقاق العاملين من الرواتب المتراكمة بمعونة مالية من رئاسة الوزراء
تم تحويل آلاف العمال المهنيين إلى وزارة التربية ليعملوا اذان ومستخدمين وحراس

** تم حل المجلس الأعلى للشركات بتاريخ 29/9/2005 وأعيدت تابعية الشركات إلى الوزير المختص حسب اختصاص كل شركة .

***ضابط شرف في الجيش تمنح لصف الضباط الذين يحصلون على الثانوية العامة خلال خدمتهم العسكرية .ولا تتم ترقيتهم فوق رتبة المقدم .

**** أحيل اغلب المدراء العامين في المؤسسة إلى المحاكم الاقتصادية .وصدرت أحكام بحقهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر جرام الذهب اليوم الخميس 18-4-2024 بالصاغة


.. بينما تستقر أسعار النفط .. قفزات في أسعار الذهب بسبب التوتر




.. مباشر من أمريكا.. تفاصيل مشاركة مصر فى اجتماعات صندوق النقد


.. كيف يمكن أن نتأثر اقتصادياً بالمواجهة بين إسرائيل وإيران ؟ |




.. ما هي التكلفة الاقتصادية للضربات التي شنتها إيران على إسرائي