الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطريق بين القاهرة ودمشق سالك - قراءة في ميثاق القاهرة

علي مسلم

2015 / 7 / 15
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


ثمة ثوابت اساسية يجب الانطلاق منها والأخذ بها حين البحث في آفاق حل الازمة السورية ورسم مساراتها بدقة ، ولا يمكن في اي حال من الاحوال أن يرتقي أي طرح أو مشروع وطني سياسي في هذا السياق الى مستوى المسؤولية والاهتمام دون الوقوف على الاسباب التي قام على اساسها السوريون بثورتهم والتي جاءت كتعبير مكثف عن عقود كاملة من المظالم مارسها النظام البعثي الشوفيني عبر آليات أمنية قادت بالنتيجة الى إلغاء الحياة السياسية في سوريا وقيدت الحريات العامة بشكل كامل ، رافقها ممارسات استبدادية اختصرت الوطن في صورة حاكم طائفي مستبد ، استعبد البلاد والعباد ، ومارس التمييز بحق الاقليات ، وقد قطع المجتمع الدولي اشواطاً مهمة في ذاك الاتجاه سيما ما توصل اليه المبعوث الدولي كوفي عنان من اتفاق مع أقطاب القوة في العالم ومجموعة العمل من أجل سوريا في 30 حزيران 2012 والذي سمي بجنيف 1 والذي تضمن كما هو معروف على تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات يشترك فيها أعضاء من الحكومة السورية والمعارضة بحيث تضم هذه الهيئة كل مكونات المجتمع السوري تكون مهمتها قيادة سوريا لفترة زمنية محددة بعد توفير الامن والاستقرار وايقاف الصراع الدامي واطلاق سراح المعتقلين وايصال المعونات الى المناطق المحاصرة وفك الحصار عنها ، واعداد دستور جديد ينال ثقة السوريين عبر استفتاء شعبي .
لكن الذي حصل ان راعيي الاتفاقية سرعان ما اختلفا على تفسير بنودها الجوهرية سيما ما يتعلق بمصير الاسد حيث ان مصير الاسد لم يكن محدداً بشكل واضح مما أثر لاحقاً على مجمل مسارات الحل التي كانت مطروحة , واليوم وبعد مضي حوالي سنتين على تلك الاتفاقية والذي رافقها المزيد من الدمار الذي طال كل مناحي الحياة في سوريا , وتم عبرها ازالة كل الخطوط الحمر الوهمية التي رسمها المجتمع الدولي في وجه همجية النظام والذي اشار اليها الرئيس الامريكي اوباما في معرض حديثه عن أزمة السوريين في مناسبات عديدة ، حيث تم اطلاق يد النظام في تدمير ما تبقى من بنى بشرية واقتصادية واستخدام كل صنوف الاسلحة المحرمة ، بهدف تطويع الشعب السوري وحرفه عن أهدافه ، وما رافقها من تمهيد للطريق أمام القوى الظلامية بغية الفتك بالثورة وطعنها من الخلف كما حصل في أغلب مناطق دير الزور والرقة والجزء الشمالي والشرقي من حلب ، حيث باتت داعش الارهابية تستحوذ الان على أكثر من 50% من مساحة سوريا وباتت تشكل الحلقة الاصعب في المعادلة السورية .
وما زاد من تعقيدات الازمة في سوريا هي جملة التداخلات الاقليمية والدولية في مجمل مساراتها ، حيث تم ربطها بملفات اقليمية ودولية معقدة كالملف النووي الايراني ليزيد من معاناة السوريين بما يتضمنه من اطالة أمد الصراع وتقليص فرص الحل ، واستهداف المدنيين ، وابعاد المعارضة الحقيقية ما أمكن عن لعب أي دور محوري في طريق الحل ، واتاحة المجال أمام الاسد كي يبقى جزءً من الحل كما أشار اليه الموفد الدولي ديمستورا في تصريحاته الاخيرة .
وقد جرى في هذا السياق العديد من المحاولات اليائسة للدعوة الى مشاورات ومؤتمرات بين المعارضة والنظام من قبل جهات مقربة من النظام كما جرى في مدريد وقرطبة وموسكو واخيراً وليس آخراً ما جرى في لقاء القاهرة والذي تمخض عنها خارطة طريق عائمة تمهد بشكل مباشر لتعويم النظام واعادة تأهيل الاسد وقد تبين وفق تسريبات أن العضو في مجلس الشعب السوري محمد حمشو هو الذي كان يقف وراء تمويل تلك الفعاليات وهو الشريك الاول لرامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري بشار الاسد ، الى جانب فرض المعارضة المنبطحة على المجتمع الدولي كأمر واقع والمتمثل بهيئة التنسيق التي هللت لإعادة انتخاب بشار الاسد رئيساً عام2014 وشاركت في الاستفتاء وسط تحدي واضح لإرادة الشعب السوري ، واستبعاد المعارضة الحقيقية التي فشلت بدورها في الارتقاء بأدائها الى مستوى يليق بثورة السوريين والمتمثل يالإئتلاف الوطني لقوى المعارضة .
بالإضافة الى تبني خارطة الطريق الصادرة عن اجتماع القاهرة فقرات صريحة وواضحة من الدستور السوري كما هي وتقديمها كشهادة حسن سلوك للنظام في صورة تعيد الوضع السوري الى نقطة البداية وكأن شيئاً لم يحصل متجاوزة بذلك دماء اكثر من ربع مليون شهيد وكل هذا الدمار والويلات التي مني بها الشعب السوري .
وفيما يخص حقوق الاقليات وشكل الدولة المنشودة لا بدا من الاشارة الى أن الوضع الطيفي المتعدد والمتلون في سوريا ربما كان يحتاج الى مشروع دستور توافقي ومقدمة نظرية تكون بمثابة نواة لمشروع سياسي متكامل والذي يسبق أي مشروع عملي للحل في سوريا حتى يكون قادراً على الوقوف في وجه ما جرى من مظالم وانتهاكات قومية ومذهبية وتجاوز تبعاتها ، بحيث يضمن اقراراً دستورياً صريحاً بحقوق الاقليات القومية والدينية دون الارتهان الى رأي الاكثرية ، يتحدد على اساسه شكل الدولة والتي يجب أن تكون ديموقراطية اتحادية برلمانية حتى تكون قادرة على الاستجابة للتلون القومي في سورية ، بعكس ما جاء في خارطة الطريق المزعومة والتي استندت الى مقولات وهمية لامست مفهوم التعددية وتداول السلطة عن بعد كمفاهيم هلامية دون الغوص في تفاصليها بشكل مباشر ، لذلك يمكن القول أن خارطة طريق القاهرة جاءت لإرضاء النظام دون أن تلامس مشكلة السوريين عن كثب حيث تعمدت وضع العربة أمام الحصان مرة أخرى ، لتضيف حلقة اخفاق أخرى في طريق الحل .......؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة