الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللحن المسرحي بين الاقتباس وحرفية النقل

أبو الحسن سلام

2015 / 7 / 17
الادب والفن



هناك الكثير من ألوان الاقتباس الموسيقي وأشكال التناص والإعداد في الألحان ؛ حيث يأخذ ملحن لاحق من ملحن سابق خاصة من الموسيقى العالمية الشهيرة . و لمثل تلك الحالات ما ينظمها ويحفظ حقوق التأليف من خلال منظمات محلية ودولية . ومع ذلك فقد ينبهر موسيقى ملحن معروف وله ثقله في مجال التلحين أو التأليف الموسيقي الغنائي ، ينبهر بروعة لحن عالمي شهير ؛ فلا يستطيع أن يمنع نفسه عن أخذ اللحن ليضعه لحنا لغناء في لغة أخرى وموقف أو حدث أو مناسبة أخرى غير الموقف أو الحدث أو المناسبة التي وضع لها اللحن في الأصل المأخوذ عنه اللحن ، وهذا ما فعله عاصي الرحباني عندما أهذ لحنا روسيا حماسيا عالميا شهيرا( يوليوشكو بولي) وتعني ( كانو الخيالة) وهي أغنية شعبية روسية ألفها الملحن الروسي ( لبفيكتيير . وكتب كلمات الأغنية ( فيكتور عويبف) استعملت هذه الأعنية في الغرب خلال الحرب العالمية الثانية من تأليف غلين ميلر تحت عنوان ( فرسان مارس الحمر) ، أصبحت بعدها مشهورة عن طريق نسخها إلى موسيقى الروكوموسيقى البوب كما وضع هذا اللحن في أفلام عديدة ، مثل فيلم ( الروس قادمون) ، وأيضا استخج اللبنانييان الأخوان رحباني في أغنية تحمل عنوان ( كانوا يا حبيبي) من مسرحية ( لولو) غنتها اللبنانية ( فيروز)

نتساءل هل يتوافق اللحن العالمي الأصلي مع الموقف أو الحالة التي وضعت له ؛ أو أن الرحباني قد وضعه في سياق حالة مسرحية مغايرة في لغة ثقافة مغايرة ؛ ربما لا يتناسب فيها اللحن مع السياق الدرامي لأغنبتها على اللحن الروسي الأصلي مع خلفية لمنظومة تصفيق إيقاعي في مسرحية ( لولو) . تقول كلمات اللحن :
" كانوا يا حبيبي تلج وصعيل وخيل مـارق عباب الليل
كانت أصواتهم تاخـدنا مشـوار صوب المدى والنار "
يبدأ المشهد الافتتاحي للمسرحية بعازف على آلة الهرمونيكا ، تظهر فيروز بطلة عرض ( لولو) وظهرها للجمهور وهي تخطو بهدوء على منحدر على شمل حدوة حصان يحيط بمستو أرضية خشبة المسرح ـ وهي تمشي خطوات قليلة على إيقاع اللحن نحو خلفية المنظر ، وما أن تبدأ في غناء مطلع الأغنية حتى تستدير في اتجاه الجمهور هبوطا على المنحدر بأغنيتها الوصفية تحكي فيها لحبيبها بالغناء صورة المهاجمين وفعلهم. يبدأ الغناء وموسيقى اللحن هادئاعلى شكل مدخل أو تمهيد وصفي انسيابي هادئ مع رنة حزن يتناسب مع أسلوب الحكي . في الكوبليه الأول بعد المطلع سشتد إيقاع اللحن ويعلو النبر الموسيقى والغناء .
" لقتك يا حبيبي لازم تار يا حبيبي
لما بتسمع هـا الغنيّه فكـر فيا ... يا حبيبي "
مع زخرفة صوتية متقطعة ( بآهة ) بصوتها تعقبها ترديد( آهات ) جماعية لكورس رجالي ، ثم تتداخل هي بصوت آهة تتداخل مع ترديد كورس الرجال لمذهب الأغنية ( كانوا ياحبيبي) من حفرة الأوركسترا . وعن طريق الاستبدال العنائي المتبادل ( قرار وجواب ) حيث يشكل الصوت الجماعي الرجالي خلفية لأدائها المنفرد مرة ، وتشكل الآهة المتقطعة بصوتها خلفية لترديدهم للمذهب . ويتكرر تبادل الغناء مع الترديد بين الصوات لنسائي المتقطع مع الصوت الفردي ، حيث يعلو صوتها فيتكرار مقطع " كانت أصواتهم ضوب المدى والنار " متداخلا مع خلفية أصوات الجماعية لتتحول أصوات البطانة الرجالية إلى زخرفة خلفية لغنائها بالآهات المتداخلة مع عزف الأوركسترا.
ومع انتقال اللحن من حالة الوصف إلى حالة تصوير الفعل ؛ يشكل عزف آلة الآوكورديون محور اللحن الرئيسي ؛ حيث العزف أسرع في الميزان الإيقاعي الحماسي الراقص ومع الا نتقال الإيقاعي يقتحم المشهد شباب الراقصين في لباس أبيض موحد رجالا وفتيات متشابكي الأذرع على الأكتاف في حركة راقصة سريعة وخشنة بحركة موحدة شبه عسكرية ينغصل شابان يتمتعان بمهارة حركية راقصة ليصبحا في مقدمة المجموعة التي انقسمت إلى صف نسائي خلفهما وصف من شابين خلف الجميع . المجموعة في الخلفية تقوم بالتصفيق الايقاعي المتزامن مع العرف السريع بينما يتبادل الراقصان في الطليعة استعراض المهارة الحركية الحادة السريعة في ديالوج حركي تعبيري مرة مع مونولوج تعبير حركي يؤكد استعراض كل منهما لمهاراته الحركية . تتضافر الموسيقى الايقاعية السريعة مع التصفيق الإيقاعي تشجيعا وتحميسا مع حركة الرقص المهارية المتدفقة المعبرة عن استعداد الرجال للأخذ بالثأر من الأعداء ، أو احتفالا بعودتهم منتصرين يعد أن أخذوا بالثأر الذي حرضت البطلة حبيبها على الأخذ به قصاصا من الغزاة أو الأعداء .

جمالية التعبير الغنائي الراقص :
جماليات الغناء ذلك التبادل الانعكاسي بين الصوت النسائي الفردي والأصوات الجماعية للرجال ، وفي الحركة التعبيرية الراقصة في تبادل الراقصين المتقدمين للمجموعة للرقصة الانفرادية تأكيدا للمهارة الفردية وروح التنافس والقدرة البطولية لخوض القتال ثأرا من المعتدين. ومن ناحية المضمون ال1ي يعبر عنه المشهد بالرقص الحماسي ؛ والايقاعات الحماسية الحادة يمكن اعتبار الرقصة هنا تعبيرا عن فرحة بتحقق النصر على المعتدين . وتبدو الجمالية أيضا في تكرار مطلع الأغنية ( كانوا ياحبيبي) في نهاية الرقصة ، فهي خاتمة زخرفية ، لا تتناسب مع الحتمية الدرامية ، حيث لا ضرورة لشرح ظروف الاعتداء والغزو بعد أن حقق الرجال النصر وأخذوا بالثأر ، وتم الاختفال بتحقيق النصر .
فالجمالية هنا ليست درامية ؛ ولكنها جمالية استعراضيةغنائية . ويمكن على أساس هذه الملاحظة حول عدم وجود ضرورة درامية لإعادة مذهب الأغنية الذي هو نوع من طلب النجدة وطلب الثأر من العدو بعد أن تحقق النصر وأخذ بالثأر منه ؛ يمكن اعتبار الخروج على قاعدة الضرورة الدراميى شئ مسموح ومعترف به في فنون الغناء المسرحي ؛ باعتبار التكرار تقنية من ألوان التنويع الممتع الذي تتحقق به جمالية الصورة الغنائية. ذلك أن تكرار مقطع غنائي – عادة – يكون مصاحبا للغناء وللرقص ؛ إذ يشكل تقنية تلازم المطربين والراقصين ، خاصة في الأداء الفردي ، لذلا يمكن تجاوز نقده في موقف درامي
في مجال العرض المسرحي الموسيقى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3


.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى




.. أنا كنت فاكر الصفار في البيض بس????...المعلم هزأ دياب بالأدب


.. شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً




.. عوام في بحر الكلام - الفن والتجارة .. أبنة الشاعر حسين السيد