الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحزاب السياسية المغربية والمشاركة السياسية

امغار محمد
محام باحت في العلوم السياسية

(Amrhar Mohamed)

2015 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية



تطرح ككل مرة يكون فيها المغرب مقبل على الانتخابات الجماعية او التشريعية_ او حتى المهنية_ العديد من التساؤلات المرتبطة بالديمقراطية والمشاركة السياسية والممارسة الانتخابية, وطبيعة التشكيلة السياسية التي ستشخص المسرح السياسي المغربي ,وهي التساؤلات المرتبطة بالسلوك الانتخابي للنخبة السياسية المغربية وعلاقته بالقوانين والمراسيم والقرارات المتحكمة في العملية الانتخابية, والمرتبطة خاصة بالتقطيع الانتخابي وشروط إشراك الشباب والنساء وغيرها.غير انه يبقى التساؤل الإشكالي الحقيقي المطروح على النظام السياسي هو المرتبط بقياس درجة الحراك الاجتماعي والسياسي المؤدي الى الخروج من مأزق الدولة التقليدانية, القائمة على تكريس إعادة إنتاج نفس الوجوه لفائدة انفتاح حقيقي على كل مكونات المجتمع المغربي .
إن جمود البنيات التنظيمية الحزبية المغربية القائمة على الانقسامية من جهة والزبونية من جهة أخرى, آدت إلى خلاصة مفادها أن الحزب السياسي المغربي لايسمح للفرد المواطن بتحقيق طموح سياسي داخله, دلك أن مرتبة الأعضاء الحزبية تتحدد وقت الانخراط,, حيث ينخرط العضو في الحزب إما كقيادي أوكمناضل قاعدي دون أن يستطيع من يوجد في القواعد السفلى للحزب التسلق يوما إلى الأجهزة القيادية, ولعل ما يدعم هذا الجمود الحزبي ومقاومته للتغيير ,هو قيامه على علاقات شخصية مبنية اساسا على القرابة أو المصلحة, وفي هدا الاطار ذهب احد القياديين الحزبيين المغاربة إلى القول انه من الصعب تجديد النخب في الزمن الانتخابي خاصة لان الظرفية تقتضي التكتل وخوض غمار المنافسة الانتخابية بما يلزم من الانسجام والقوة ,على أن يرجى النقاش حول تجديد النخب إلى ما بعد الانتخابات أي إلى أن يتم توزيع المناصب السياسية .
إن مايهم القيادات الحزبية هو التوافق مع السلطة على توزيع المقاعد البرلمانية والحكومية والمناصب العامة وهو ما يجعل من الأحزاب المغربية وبامتياز جماعات مصالح , ذلك أن المصلحة بمعناها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي هي التي تحدد طبيعة المرشحين في الانتخابات من طرف الأحزاب .
ان رصد الخريطة الانتخابية بالمغرب يظهر لنا و بشكل جلي المصالح السوسيو-اقتصادية التي تتمحور حولها المعايير الحزبية في اختيارها للمرشحين, وفي هذا الإطار كان الباحث الأمريكي جون واثربوري قد أشار في مؤلفه الشهير إلى أن تبني القيادات الحزبية المغربية للمقولات الإيديولوجية تبقى مجرد شعارات , لأن السلوك السياسي للنخبة الحزبية غالبا ما لايتاثر بهذا التبني , إذ أن الحزب الزبوني - المصلحي بقي احد ثوابت الحياة السياسية المغربية, ومثل هذا الحزب لايقوم على أساس إيديولوجي أو فكري بل يقوم بالأساس على مصالح مشتركة والتزامات متبادلة , وهذا ما يوضح أن الأحزاب والجماعات السياسية المغربية وعلى اختلاف شعاراتها و لحد الآن على الأقل لاتعدو أن تكون أدوات لضمان وبشكل ضيق تعددية سياسية شكلية .
ان التساؤل المطروح مع التجربة الدستورية الحالية والقوانين المنبثقة عنها هو هل ستؤدي بالفعل هذه النصوص في النهاية إلى الهدف الاسمي المنشود والمتمثل في ضمان حق كل فرد- مواطن أو جماعة اجتماعية مغربية في المشاركة الحقيقية في تدبير الشؤون العامة للبلاد؟
إن التمثيل السياسي يعتبر إحدى الخطوات الأساسية والحاسمة في تأميم السلطة السياسية وقد شكلت الانتخابات القناة الرئيسية التي يمكن من خلالها توسيع قاعدة الحكم, وجعل هذا الأخير ملكا مشاعا بين اكبر عدد ممكن من المواطنين وبالتالي فان مناط وجود الأحزاب السياسية كان ولايزال رهين بالمشاركة الفعلية للمواطنين في عملية تداول السلطة السياسية, بحيث ان الأحزاب السياسية الحقيقية لايمكن أن توجد إذا لم يكن الأفراد المواطنين مشاركين في التسيير و التدبير الفعلي لشيء العام .
ان الممارسة الانتخابية السليمة ينبغي ان توضح أن السلطة السياسية لم تعد مقتصرة على بعض الأفراد أو بعض الجماعات, لانها قائمة على اساس فلسفي مؤداه أن كل فرد يمتلك نظريا على الأقل جزءا من هذه السلطة التي تمارس الحكم, والعزوف عن المشاركة في الانتخابات معناه أن السلطة السياسية لن تمارس كاملة, ومقدار العزوف يحدد وجودا وعدما مقدار شرعية السلطة من جهة, ومشروعية قراراتها من جهة أخرى .
إن ضمان المشاركة في الانتخابات المقبلة لن يتم إلى بتكريس روح المواطنة والديمقراطية داخل التنظيمات الحزبية بحيث تعتبر الديمقراطية, والمسؤولية الأساس الذي ينبغي أن تبنى عليه قوة الحزب وفعاليته, و هذه المسؤولية على حد قول المرحوم الأستاذ عبد الله إبراهيم إذا مارستها القاعدة الحزبية بروح الشغب سقطت جماهير الحزب في الفوضى ,وإذا مارستها القيادة بغش وزبونية سقط الحزب في الاستبداد والمبادرات الفردية والفئوية المضرة بسير النضال الديمقراطي , وتقتضي الديمقراطية, والمسؤولية أن تمارس القاعدة رقابتها بشكل نظامي على القمة وان تستوحي القمة قراراتها, وإرشاداتها, واختياراتها, وتحديد مرشحها في الانتخابات من القاعدة عن طريق بنيات منظمة تلعب دور المحرك الناقل بين الجانبين , وهذا ما سيؤدي إلى القضاء على البنيات التقليدية وبنيات جماعات المصالح داخل الأحزاب المغربية التي آدت إلى خلق جماعات اجتماعية مضادة ساخطة على الوضع السياسي- لانعدام شروط الحراك السياسي داخل التنظيمات السياسية الحزبية, وانعدام شروط إنشاء أحزاب ممثلة للجماعات الساخطة على الوضع- الشيء الذي أدى إلى بروز الأزمة السياسية الحالية.
إن الإيمان الحقيقي بالتعددية السياسية التي تعتبر مرآة للتعددية المجتمعية سيؤدي إلى القضاء على احتكار السلطة من طرف جماعة اجتماعية بعينها واشراك المواطن الفرد المنتمي آو الغير المنتمي في اتخاذ القرارات المتعلقة بمصيره عن طريق فتح باب المشاركة السياسية الحقيقية و عكس ذلك سيؤدي لامحالة إلى تكريس استمرار انفراد جماعة معينة - أيا كان توجهها الاجتماعي آو السياسي وأي كان سند شرعيتها - باحتكار السلطة السياسية والانفراد بإتخاد القرارات الشيء الذي سيؤدي إلى استمرار إصابة حركة الفعل السياسي المغربي بالتحجر والجمود والعجز عن المواجهة الحقيقية لتغيرات الواقع الاجتماعي الديناميكية وتساؤلاته الحقيقية .
إن المجتمع المغربي تطور لدرجة أصبح معها جزء من المجتمع العالمي فيما الحياة الحزبية لم تعرف تطورا كبيرا بل ظلت تتشبت بهياكل وممارسات عتيقة ترسخت كبنيات ذهنية وتمثلات لبناء العلاقات السياسية والاجتماعية بالمعنى السلطوي أو الزبوني السلبي وهو سلوك ترسخ داخل تنظيمات المجتمع المدني والمجتمع المهني المغربي نفسه للأسف الشديد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إيران وإسرائيل .. ما هي الارتدادات في غزة؟ |#غرف


.. وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 يدعون إلى خفض التصعيد في الشرق




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة استشهاد طفل برصاص الاحتلال في طولكرم


.. شهداء بينهم قائد بسرايا القدس إثر اقتحام قوات الاحتلال شرق ط




.. دكتور أردني يبكي خلال حديثه عن واقع المصابين في قطاع غزة