الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس: مهد -الإرهاب- ولحد الثورة؟

يوسف بوقرة

2015 / 7 / 19
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


تمُرّ ثورة ١-;-٧-;- كانون الأول ديسمبر ٢-;-٠-;-١-;-٠-;- في تونس في الآونة الأخيرة بأحد أهم منعرجاتها والمُتمثل في مسلسل التشويه الذي يستهدف المسار الثوري الذي أطلقه التونسيون منذ أكثر من أربع سنوات ومازالوا يُكافحون من أجل إعادته إلى الطريق السّويّ وسط أمواج من الرِّدة داخليا و خارجيا.
في البداية وجب التذكير بأن ما حصل في تونس ذات شتاء لم يكن قط ثورة ياسمين أو ربيعا عربيا أو غير ذلك من المُسمّيات التي تصلح عناوين لدراما تلفزيونية زمن الأبيض والأسود أو عنوانا لقصيدة تتغنى بالبدر و مُشتقاته، بل كانت ثورة تونسية بامتياز أطلق شرارتها بائع خضار وساهم في انتشارها محامون وحقوقيون و نقابيون وقادتها إلى دفة النصر فئات اجتماعية لم يعرها النظام آنذاك أي اهتمام بل بالغ في تهميشها والاستهزاء منها ولم يدر بخُلده يوما أن تلك الفئات هي التي ستزلزل عرشه وتدفعه إلى حث الخطى تحت جنح الظلام نحو أقرب مطار.
عندما ثار هؤلاء كانت الشعارات المرفوعة تنطق بأسباب هذه الثورة. كانت أسبابا اقتصادية واجتماعية بالأساس. لم تكن أيضا مفاجئة لدى العديد من المتابعين للشأن السياسي التونسي بل إن كل المُؤشرات في بداية الألفية الثالثة كانت تحذر من تسونامي قادمة من جهات داخل البلاد، جهات لم تكن تُـذكر في العهد السّابق إلا في كتب التدريس أو أزمنة الحصاد: قمح في الشمال الغربي و برتقال في الشمال الشرقي و تُمُور في الجنوب.
لم ترُق الثورة للعديد و هاهي على بُعد أشهر من إطفاء شمعتها الخامسة، خمس سنوات من "القصف الإعلامي المُركّز" استُعملت فيه كل أنواع الأسلحة: من سلاح الألفاظ على غرار تحويل الثورة إلى انتفاضة أو مجرّد انقلاب مُرورا بسلاح التشكيك في أسبابها و ربطها بمؤامرة خارجيّة و وُصولا إلى سلاح تحويل مسارها و هو التشويه الأهمّ الذي لحق بها.
إنّ المُتابع للمنابر الإعلامية و البرامج الحواريّة التي لم نعهدها طيلة نصف قرن من الإعلام الواحد الأحد يُلاحظ أنّ أمّهات القضايا التي نادى بها أولئك الذين سطّروا أبهى الملاحم في الفترة الممتدّة بين 18ديسمبر 2010 و 26فبراير 2011 (تاريخ فضّ اعتصام القصبة الثاني) قد تمّ تهميشها و استغلالها من قبل طبقة سياسيّة نصفها الأوّل ذاق حلاوة السلطة طيلة عقود و نصفها الثاني رُموز سنين الجمر الذين سارعوا إلى نيل نصيبهم من الثورة.
و مُقابل تراجع الاهتمام الشعبي و الرسمي و الإعلامي بأهداف الثورة التونسيّة بدأ التركيز على قضايا الهويّة و مشتقاتها و أصبحت وسائل الإعلام مكانا للتراشق بالتّهم أمّا الجمع بين مُختلف النخب السياسيّة على طاولة واحدة فهو أشبه بمحاولة إلصاق طرفي مغناطيس ببعضهما البعض، و كانت النتيجة الأهمّ بُروز ظاهرة الإرهاب.
كانت تونس إلى عهد ليس بالبعيد رمزا لأولئك الذين ظنّوا أنّ الثورات الشعبية قد دُفنت في غابات الأرجنتين في ستينات القرن الماضي، و هاهي تتحوّل إلى بلد ينخره فيروس الإرهاب و مسرحا لاغتيالات سياسيّة طالت أشرس المُدافعين عن الثورة و مُصدّرا رئيسيا للمقاتلين إلى بؤر التوتّر شرق المتوسّط، ظاهرة تركزت في المُدن و القُرى التي كانت مهد الثورة التونسيّة في مفارقة تطرح علامات استفهام عدّة و تُبيّن أن الثورة التونسية هي الهدف.
إلى كل الذين يُريدون وأد الثورة التونسية تحت لحد الإرهاب نقول: قد تُدفن الأجساد تحت اللّحود و تُصبح طعاما لدود الأرض و لكنّ أرواح أصحابها و مبادئهم مكانها السماوات العُلى. ليس الإرهاب إلا فصلا من فُصول استهداف ثورة 17كانون الاول ديسمبر2010، فصلا سينتهي حتما بنزول السّتار و يليه فصل جديد و "تلك الأيّام".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية و احترام
عبد الرضا حمد جاسم ( 2015 / 7 / 19 - 18:25 )
لي سؤال لطفاً
هل تتكرم علينا بتوضيح اسباب تمترس الارهاب في سيدي ابو زيد؟
ثم الم يكن الارهاب نتيجة لعلمانية بورقيبة كما الاسلام الاخواني الاردوغاني من علمانية اتاتورك؟
سؤال قد يكون صعب طرحه لكنه يُهمس به هنا او هناك ...و هو : من حرق الراحل البوعزيزي؟ تردد هذا السؤال بعد تبرئة الشرطية التي قيل انها صفعته...لماذا لم يبادر الى منعه من حرق نفسه من قام بتصويره و هو اقاربه؟
اكرر التحية
تحيا تونس و العزة للشعب التونسي الكريم

اخر الافلام

.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز


.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز




.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ


.. في يوم الأرض.. ما المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على ا




.. الجزائر: هل ستنضمّ جبهة البوليساريو للتكتل المغاربي الجديد؟