الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عصابات بأنماط متنوعة.

صباح راهي العبود

2015 / 7 / 19
الارهاب, الحرب والسلام


عصابات بأنماط مختلفة
كنا ونحن شباباً نندفع لقراءة كل ما يقع بين أيدينا من كتب متوفرة زمانذاك وبضمنها كتب الفلسفة المبسطة , ومنذ ذلك الحين ترسخت في أذهاننا مفاهيم من بينها أن كل مافي الكون هوفي حالة حركة مستمرة وتغيٌر دائم وتجدد ,فلا سكون ولا جمود (وهذا ما ورد في المفاهيم الديالكتيكية) ,ومما زاد في قناعاتنا تلك هو تخصصنا بموضوع الفيزياء في الجامعة ,وإتضح لنا فيما بعد بأن هذه الديمومة في الحركة والتغير لا تخص المادة حسب وإنما تنسحب على جميع الظواهر الإجتماعية والسياسية والإقتصادية وغيرها.فتقليعات المودة وفصال الملابس ,وحلاقة الشعر , وعادات إعداد الطعام وأنواعه, ووسائل الترفيه, والمواصلات والإتصالات , وأساليب الحكم ,وأنماط العلاقات الإجتماعية, وتقييم المجتمع للمرأة, والعلاقات بين الدول , و......كلها تتغير وتتحرك ,وحتى طرق تشكيل العِصابات المحلية أو المناطقية أو الدولية فهي الأخرى تخضع لهذا المفهوم وهذا هو محور وهدف مقالتنا هذه.
مصطلح العِصابة يعني لغوياً رباط الرأس ( العصبة ) إشارة الى الرباط القوي بين جمع من الناس سواء أكان هذا الجمع خيراً أم شراً ,وتطور هذا المصطلح فأصبح المشاع عنه هذه الأيام تجمع من البشر تربطهم ببعضهم علاقات وأهداف ليست نظيفة إذ يقومون بممارسة أنشطة سلبية شريرة ,وعادة ما يكون لهذا التجمع قائد وأتباع مستسلمون خاضعون ومسيرون من لدن هذا القائد (زعيم العصابة أو التنظيم) ,وهم يسعون الى تحقيق مصالح ذاتية هي في الغالب تصب في خراب المجتمع وسرقة أمواله وأحياناً تصففية من لايعجبهم وجوده , وهم يعدون أنفسهم قادة لبقية الناس على الرغم من أنهم لا يقدمنون لهم أي إنجاز أومنفعة, لا بل يعاملونهم بإحتقار, وأذا صدر منهم أي إنجاز فهو يصب في مصلحتهم الذاتية أو لتغطية جرم من جرائمهم المتواصلة.
ولوصادف وجود عصابتين أو أكثر في مكان واحد فسيتم السعي لعقد إتفاق بين هؤلاء فهو خير من الخلاف والتقاتل إذ سيتفقون على صيغة معينة لتوزيع الغنائم .
قد يكون هذا الإتفاق بين دولتين أو أكثر من الدول ا لإمبريالية للإستحواذ على ممتلكات وخيرات الشعوب المستضعفة وتقاسمها على شكل غنائم ( كما حصل في معاهدة سايكس بيكومثلاً) وبذلك سيكون تصرف هذه الحكومات المتسلطة على رقاب شعوب أخرى وكأنه نوع متطورمن إرهاب العصابات إذ يوصف بهذه الصفة ما تقوم به الدولة المسَعمرِة من دور شرير يتجلى بإحتلال دولة من الدول وربما منطقة برمتها ليسرق خيرات شعبها تحت حجج وتبريرات لهذا الإعتداء الآثم ,وهذا هو نفسه ما تقوم به العصابات. والدول الإمبريالية تتصارع فيما بينها ليستحوذ الأقوى على أعظم ما يستطيع من فوائد ,وتحاشياً لما قد يحصل من صراع وتقاتل فيما بينها فإنها ستلجأ الى الإتفاق لتوزيع الغنائم وإدامة النهب لأطول فترة ممكنة تقوم تلك الدول أو الجماعات بوضع ترتيبات وتنظيم محاصصة ليستمر السلام فيما بينها .
تتشكل العصابات وتنمو وتزدهر عادة في الدول التي تضعف فيها سيطرة القانون وتغيب أو تتراخى فيه الرقابة فيأتمن السيئون العقاب فتسود شريعة الغاب لتتشكل عصابات ثانوية في كل مؤسسة في الدولة ( وزارة,مديرية عامة ,منشأة,.....) فيقوم كبيرها بتقريب مجموعة من الإنتهازيين والمتملقين من العاملين أو الذين يتم تعيينهم في تلك المؤسسة من قبل الكبير وبعناوين معينة يكون عملها إعداد الترتيبات وتسهيل عملية إستحواذ زعيم العصابة الكبيرة على المال ومزاولة الفساد بكل أشكاله وأنماطه المختلفة المعلن أو المبطن. وهؤلاء هم مستفيدون بدرجة أقل من تغاضي المسؤولين عن كل ما يصدر منهم من إساءات وجرائم مما ينتح عنه فساد أكبر وظلم أعظم وأشرضاربين بعرض الحائط كل القواعد والقوانين الوضعية والإجتماعية والعرفية وحتى القيم الدينية السماوية ونصوصها التي يتكئ عليها أغلب هؤلاء غير مبالين بما يظهره الآخرون من فضح وإستنكار لأعمالهم الدنيئة من خلال وسائل الإعلام المختلفة من صحف وقنوات فضائية ومواقع تواصل إجتماعي بالإضافة الى فعاليات جماهيرية مثل التظاهر أو مايدور بين الناس من أحاديث في النوادي والمجالس ,وهذه الفعاليات غالباً ما ستكون ضعيفة التأثير على عصابات إستحوذت على عقول بسطاء الناس وحولت الكثير منهم الى أدوات طيعة إذ تطرح هذه العصابات نفسها على هيئة أحزاب ذات مبادئ وشعارات براقة لا يُنجز منها شيء البتة.
إذا ظهرفي دولة ما عدة عصابات متقاربة الأهداف والتطلعات فيسعي قادة هؤلاء الى تنظيم إتفاق وفقاً للمشتركات العديدة ليتم تشكيل (كتلة) تقوم بتنظيم عمليات النهب المنظم بدون صخب ولا زعل, ولا بد من أن تتفق هذه الكتلة مع الكتلة المخالفة لها فتكون المحاصصة الكريهة حلاً يوفر بقاء وديمومة التسلط ومزيد من الفساد ,ولابد من السكوت على مساوئ الأخرعلى وفق مبدأ ( إسترلي وأسترلك ) والستر من ألله.
غالباً ما يكون زعيم العصابة شخصاً ذا ذكاء , يستخدم عقله ليستفيد من بعض الوسائل والتقنيات الحديثة الى جانب ممارسة الحيلة والكذب والإخفاء لجعل هذه الأفعال الدنيئة غيرظاهرة للعيان ,وهم في كل تصرفاتهم لا يستحون حتى وإن أكتشف أمرهم وجرمهم لأنهم يمتلكون متطلبات السيطرة والبقاء من قوات مسلحة , وحكام غير عادلين , وأنظمة ودساتير سُنت على حسب مزاجهم لخدمة أهدافهم . والى جانب ذلك هناك عصابات لديها وزارات ,وتعقد إتفاقيات ومعاهدات مع منظمات وقوى سياسية ودول مجاورة وغيرمجاورة مما يشجع هذه العصابات على ممارسة إرهاب أعنف والتصدي لأي محاولة خلاص من لدن شعوبها المظلومة.
لابد لنا في الختام من أن نشير الى أن ديمومة حكم مثل هذه العصابات في أي بلد تتطلب العمل على تهميش وإنهاء دور قوى الخيروالديمقراطية فيه ,وهذا مايتم الآن إنجازه بحقارة في بلدنا الحبيب العراق...........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان.. مزيد من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله | #غرفة_الأخبا


.. ماذا حققت إسرائيل بعد 200 يوم من الحرب؟ | #غرفة_الأخبار




.. قضية -شراء الصمت-.. الادعاء يتهم ترامب بإفساد انتخابات 2016


.. طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة يهتفون دعما لفلسطين




.. قفزة في الإنفاق العسكري العالمي.. تعرف على أكبر الدول المنفق