الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوهم يلعبون

امل كاظم الطائي
(Amal Kathem Altaay)

2015 / 7 / 19
حقوق الاطفال والشبيبة


دعوهم يلعبون



ربما يستغرب القارئ الكريم من العنوان الذي اخترته لهذه المقالة , واردت ان الفت انتباه المجتمع لذلك الموضوع المهم والذي يساهم في بناءوتنمية اكبر طاقة موجودة, الا وهي طاقة الموارد البشرية .

ان الامم لا تزدهر فقط بالامكانيات الاقتصادية او الثروات مالم يوجد دعائم تستثمر هذه الثروات , ولكي يتم ذلك لابد من تنشأة اطفالنا تنشأة صحيحة تقوم على الاسس العلمية التي تساهم في بناء كينونة الطفل الذي سيغدو شاب او فتاة ويسهم في بناء المجتمع الجديد .
قديما قالو الطفل هو الملك غير المتوج على عرش الحكم, واذا امعنا النظر في هذه العبارة أدركنا أهمية الطفولة ورعايتها .
الطفولة ذلك العالم الخصب البريءالقائم على الفطرة في التعامل وللاسف لوثته وافسدته المدنية الجديدة بمفرداتها .
نرى الاطفال الان يعانون من النضج المبكر والذي اعني به حرمان الطفل من كينونته نتيجة احتكاكه بمجتمع الكبار وتقليده لهم دون الاستيعاب الكامل لمعنى او مغزى ما يقوم به الطفل ودون ان يدرك النتائج المتوخاة من ذلك .
ان التمدن وعصر الانفتاح المعلوماتي هو سلاح ذو حدين ويجب ان ننتبه الى ذلك في تنشأة ابنائنا وكلما تطورت المجتمعات واعتمدنا على الالة والتكنولوجية كلما زاد التفكك الاسري او بمعنى اخر كلما زادت رفاهية المجتمعات تقنيا باتجاه ايجابي يتبعه انحدار في العلاقات الاسرية والروابط العائلية وهذا ما يعاني منه المجتمع الغربي الان رغم انتعاشهم الاقتصادي والتقني ولكنهم انتبهوا الى الخطر المحدق بهم
وبدأوا بتشريع قوانين تحمي الطفولة بل وانشاء جمعيات ومنتديات ومكتبات عامة توفر كافة السبل اللازمة لتنشأة الطفل تنشأة صحيحة من الناحية الانسانية والنفسية ونرى ذلك انعكس وبشكل ايجابي على تطور مجتمعاتهم وخلق اجيال قادرة على القيادة واتخاذ القرار عكس ما يعانية اطفالنا في الوطن العربي من تخبط وضياع .

ان للعب أهمية خاصة في حياة الطفل ومنذ نعومة اظفاره , ان هذه الغريزة الموجودة لدى كل طفل بغض النظر عن نوع الجنس ونوع اللعب فاللعب له فوائد جمة في بناء شخصية وعقلية وخيال الطفل واذا لم نعد لها الاعداد الصحيح ستكون نشأة الطفل غير صحيحة وبالتالي سيعاني من انهيارات وصراعات نفسية حادة في المراحل اللاحقة والتي تبدأ بسن المراهقة والبلوغ انتقالا الى مرحلة الشباب .
ان اللعب هو غريزة موجودة لدى كل طفل لتفريغ الطاقة الكبيرة التي يمتلكها الطفل واللعب ليس به مردود مادي بل مردود معنوي ومن المهم ان يلعب الطفل مع اقرانه وليس مع الكبار وذلك يخلق ود وانسجام مع الاطفال الاخرين .

ان الدراسات الحديثة تؤكد على أهمية خلق الجو المناسب للعب الاطفال ومن الضروري اختيار نوع الالعاب التي يحبها الطفل ويستمتع بها مع ملاحظة وتوجيه اولياء الامور او من يقوم على تربية الطفل .

لقد ظلت كلمة " اللعب " منذ القديم إلى أن جاء العصر الحديث، كلمة تدل على كل سلوك لا يرجى منه أية فائدة أو منفعة بيولوجية أو سيكولوجية أو سوسيولوجية.

ولكن انطلاقا من القرن 18 ، اتخذت ظاهرة اللعب منحى جديدا. وذلك على يد كبار المربين أمثال: روسو وبستالوتزي فروبل. فهذا الأخير يرى أن اللعب ليس شغل تافه، وإنما يعد عملا ذا أهمية كبيرة في تكوين شخصية الطفل. بل يطلب (فروبل) منا تقديس عمل الطفل وهو يلعب.
وبحلول القرن 19، نجد أن رجال التربية والتعليم، في كثير من البلدان الأوروبية، استغلوا الألعاب المثيرة والمشوقة لإثارة اهتمام الطفل، وجلب انتباهه كي تتخذ وسيلة لدفعه إلى التعليم والتعلم، وإلى تنمية مختلف القدرات المعرفية عنده.

وببزوغ القرن 20، ازدهرت الدراسات السيكولوجية المتعلقة بموضوع اللعب في كل من أميركا وأوروبا، ولم يقف الأمر على الاهتمام باللعب ودراسته، وإنما يتجاوز الأمر ذلك، إلى إدخاله في المخططات والبرامج التربوية والتعليمية في الدول المتقدمة، علما منها لما للعب من أثر في إعداد وتكوين الناشئة.
ولقد أكدت الدراسات والبحوث الكثيرة المتنوعة، على أن اللعب هو مدخل وظيفي لعالم الطفولة، ووسيط تربوي فعال لتشكيل شخصية الفرد في سنوات طفولته.
والحقيقة أن أهمية اللعب في حياة الأطفال وتحقيقه لدوره التربوي في بناء شخصية الطفل، تتحدد أساسا بوعي الكبار عامة والآباء والمعلمين خاصة، ومدى إتاحتهم الفرصة أمام الطفل لتحقيق الذات في أنشطة اللعب ومواقفه المتنوعة.

لقد اتفق علماء النفس على أن السنوات الأولى من حياة الشخص هي السنوات التي تتكون فيها الدعامات الأساسية لشخصيته وهذه السنوات الأولى هي التي يحتاج فيها الطفل إلى اللعب لإبراز ميوله وبلورتها وصقلها وتنميتها.

ومن خلال اللعب يتعرف الطفل على العالم الخارجي ويبدأ بملامسة الاشياء الجديدة كما ويتم تفريغ فائض الطاقة المشحون بها الطفل وفي السابق كانو يعتقدون ان اللعب ليس له فائدة او وظيفة ولكن في واقع الحال فان للعب وظائف جمة ومهمة نذكر منها :

1_ الوظيفة البنائية أو التكوينية، أي أن اللعب نمو .
2_ الوظيفة التربوية، أي أن اللعب تعلم.
3_ الوظيفة الإكلينيكية، أي أن اللعب علاج .
4_ الوظيفة اجتماعية , اي بناء العلاقات مع الافراد والاقران .
5_ الوظيفة الفنية , اي تقمص الطفل لشخصية ما وتجسيدها باسلوبه.

واتساءل اين اطفال العراق واطفال الوطن العربي والاسلامي من كل ذلك .
ان الطفل في مجتمعاتنا وبالمجتمع العراقي وباقي المجتمعات التي تعاني من صراعات وحروب
له معاناة من نوع فريد ولا اعتقد اي من دول العالم يعاني اطفالها كما يعاني اطفالنا فالحروب المتكررة والمتلاحقة جعلتهم ينشأون في جو متوتر ولا يشاهدون سوي مناظر القتل البشعة ولايسمعون غير دوي المدافع والصواريخ والاطلاقات النارية سواء في افراحنا او مأتمنا ان ذلك ينعكس وبشكل سلبي على تنشأة الطفل وتخلق منه انسان متمرد وشرس وبالتالي سيكون مصيره بشع مالم ننتبة الى هذه النقطة الحساسة والحرجة .
ولكن نحن دائما نتساءل لماذا جيل اليوم ليس كجيل الامس لماذا هذه القسوة وهذا الجحود في تعامل الابناء مع ذويهم ومع معلميهم او اساتذتهم .
ان نظرة سريعة على تاريخنا الحديث ممكن ان تجيب على الخلل الناجم في تربية وتنشأة هذا الجيل الذي يقع على عاتقه اليوم مسؤولية كبيرة وتاريخية .
اذا تتبعنا تاريخ العراق مثلا وبدءا منذا عام 1980 وهو تاريخ بدء الحرب مع ايران وانتهائها عام 1988 وبدئ الحرب مع الكويت ثم بدئ الانتفاضة عام 1991 وتلى ذلك فرض عقوبات على العراق و الحصار الاقتصادي ثم الحرب مع ثلاثين دولة وما تلاها من دمار, نلاحظ ان نشأة هذا الجيل تمت في ظروف صعبة جدا وحرجة وقلقة ولا يخفى على احد ان المرأة كانت هي الام والاب خلال هذه الاعوام لانشغال الاب في الحروب والجبهات او المعتقلات او الاسر او او.....
ان كل ذلك ادى الى غياب الاب وبالتالي نشأ الطفل في وضع اسري غير صحيح ومعقد وحرج اذن وجود الحرمان في هذه الفترة الحرجة من تنشأة الطفل ادت الى افتقاده لعنصر الامان والخوف من الغد والحرمان من ادنى الاحتياجات التي يحتاجها الطفل سواء كانت غذائية او ترفيهية والاهم من ذلك غياب سلطة الاب كمعنى وادراك ادى الى نشوء جيل مشوه من الناحية الاخلاقية واناني لانه لم يشبع غرائزة واحتياجاته بل واكثر من ذلك فمطالبة الام للفتي اليافع ان يحل محل ابيه وانه هو رجل البيت واشتغال الكثير منهم في سن مبكرة وحرمانهم من التمتع بطفولتهم او يتم الكثيرمنهم ادت الى خلق جيل سلبي .

ان اهم خطر في ذلك هو كون الشخص ينمو جسديا وبايولوجيا ولكن لايتم بالتوافق مع النمو العقلي والنفسي وبالتالي نشوء صراع داخل الطفل او المراهق تؤدي الى تدميره فينشأ الشاب ولكن داخله طفل يعاني من الحرمان ونقص الثقة بالنفس التي سيحاول اثباتها بأي شكل كان وسيلجأ الى العنف للدفاع عن مكنوناته ومن هنا ندخل الى النقطة الحرجة التي يعاني منها الشباب الان في العراق ونرى الكثيرين منهم انخرطوا في هذا السلوك الشائن دون ان يكون هناك رقيب او موجه او حتى باحث يبحث في هذا الجانب الخفي من حياة اي كائن ,
اضف الى ذلك وجود الاف اللعب التي تنمي هذه الروح العدائية والتي يمارسها الطفل من خلال اللعب بالبلي ستيشن واغراق السوق باللعب على هيأة المسدسات والرشاشات اوكل ماله علاقة بالحروب ناهيك عن وجود الاف المواقع الالكترونية التي تنمي روح العنف عند الطفل دون ان ندرك ذلك بل وتجعله يشعر بانه بطل اسطوري او فضائي فحتى الفترة المخصصة للاطفال نرى فيها افلام كارتون من هذا النوع مثل كراندايزر وخماسي وعدنان ولينا وغيرها الكثير الكثير .

واعتقد ان الوقع في العراق مأساوي فعلا ويحتاج الى التفاته سريعة بل الى ثورة ان صح التعبير لاجل انقاذ البقية الباقية وتنشأتهم بشكل سوي , على حد علمي يوجد اكثر من مليوني طفل في العراق تركو المدارس في سن مبكرة لاسباب اقتصادية ناهيك عن استخدامهم وباجور زهيدة في انجاز اعمال مضرة اصلا بصحة الطفل من الناحية البايولوجية والنفسية واستغلالهم من قبل النفوس الضعيفة في ممارسات اقل ما يمكن ان يقال عنها انها شاذة !!!!
هذه صرخة مدوية اعلنها وبودي ان يستمع اليها : الاباء والامهات والمعلمين وكل من يعنيه امر تنشأة الطفل
اوقفو العنف ضد الطفل
لا تئدوا الطفولة
ووفروا لهم كل مستلزمات الاستمتاع بطفولة بضة وناعمة خالية من ويلات الحروب والنعرات الطائفية
دعوهم يستمتعون بطفولة بريئة خالية من الشوائب
ودعوهم يلعبون في جو هادئ ومريح !!!

المهندسة امل كاظم الطائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسل الجزيرة: أي غارة إسرائيلية على رفح توقع شهداء وجرحي لت


.. لحظة اعتقال مواطن روسي متهم بتفجير سيارة ضابط سابق قبل أيام




.. واشنطن: طرفا الصراع في السودان ارتكبا جرائم حرب


.. عام على الحرب.. العربية ترصد أوضاع النازحين السودانيين في تش




.. برنامج الأغذية العالمي: السودان ربما يشهد -أكبر أزمة غذائية