الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحتفي بالمحبة ويحتفون بالذبح

خالد فضل

2015 / 7 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


(أتمنى يكون عيد فرح وسلام لكل الناس..فرح للمظلومين والمتضايقين..عون لكل من يحتاج مساندة.. لم شمل كل البعيدين. كل سنة وانت طيب وكل افراد الاسرة. ) التوقيع . أ. مكاريوس . 16/7/2015م,
( في منتصف شهر فبرائر 2015م روّع الضمير العالمي بشريط مصوّر بثه تنظيم الدولة الاسلامية في ليبيا وهو ينفذ عمليات ذبح ل21عاملا مصريا من الأقباط , كان التنظيم قد اختطفهم في شهر ينائر من هذا العام , وشكّلت تلك الجريمة صدمة عارمة لكل صاحب حس انساني , ودانتها مختلف الدول والهيئات والمؤسسات الرسمية والشعبية , بما في ذلك الأزهر , وحزب النور السلفي في مصر , وجماعة الإخوان المسلمين .) المصدر , وكالات الأنباء , والفضائيات , والصحف والإذاعات بمختلف اللغات ,ومواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنيت .
ما بين الفقرتين اللتين صدّرتُ بهما هذه السطور تكمن المفارقة , فالأستاذ مكاريوس , يعمل مدرسا في مدرسة الراهبات بالخرطوم , ويسكن في أم درمان في الحي المشهور ( المسالمة) , حيث ولد كمواطن سوداني قُح , لم تشكل له عقيدته المسيحية على المذهب القبطي (ارثوذكس) أي عقدة تجاه صديق وزميل آخر مسلم الديانة , أكمل صيام شهر رمضان وحلّ العيد بما يستحقّه من تهاني . بينما يرى آخرون من تنظيم إرهابي إسلامي , أنّ الأقباط يستحقون الذبح , لأنّهم ببساطة يدينون بغير الاسلام , ويتبعون غير مذهب اkلدواعش , فتأمل تارة أخرى في هول الفاجعة الانسانية , وتحسس مواقع المشترك بين بني البشر على هذه الأرض تلقى (الفرق شاسع) كما يغني أحد المغنيين عندنا في السودان وهو يصف جمال محبوبته , وما بين تمنيات مكاريوس بالفرح وتفريج كًرب المتضايقين , يتلون لون مياه البحر بدماء الأبرياء المذبوحين كقرابين لله ربّ العالمين .
هذه وقائع تستحق التوقف عندها مليّا , فالعنف والقتل على الهوية والإحن الإثنية والمذابح بسبب العقائد الدينية لم تتوقف في العالم , ولكن الصراحة تقتضي الإقرار بأنّ ما تأتيه داعش وأخوات لها في سلك حركات الاسلام السياسي في المنطقة العربية والاسلامية لم يعد خاصا بتلك الحركات , بل هو مع الأسف صار ثقافة عامة, تجد التأييد الضمني وسط مجموعات كثيرة في المجتمعات العربية والاسلامية , هنالك حاضنة ثقافية لتلك الممارسات , وهنالك تأسيس تربوي لها , فمثلا عند شرح مفردتي (المغضوب عليهم والضالين في نهاية سورة الفاتحة القرآنية , وفي مقرر الصف الأول لمرحلة الأساس في السودان , تجد المعني بالمغضوب عليهم , (اليهود) والضالين ( النصارى) , فهل اللوم على من ذبحوا النصارى في ليبيا تقرُّبا لله أم اللوم يقع على حكومات تؤسس في مفردات مقررات الأطفال الدراسية عقلية الذبح للنصراني باعتباره تنفيذا للتوجيه القرآني ؟ هذا هو مربط الفرس وليس بيانات الادانة الغليظة التي يصدرها حزب النور المصري أو مجمع الفقه الاسلامي في السودان مثلا !

كنت وما زلت منذ 15سنة متواصلة أعمل في مدرسة كمبوني الخاصة في الخرطوم , وهي مدرسة تتبع لبعثة القديس كمبوني في السودان , لم ألحظ خلال كل تلك السنوات أي لفتة تشير الى احتقار الاسلام أو التعامل مع المسلمين طلابا ومعلمين وموظفين وعمالا بأنّهم (ضآلييين), ولم يتم نشر أي مسألة فيها شبهة تحيّز ديني ضد المسلمين أو غيرهم من أتباع الديانات الأخرى . فما السبب الذي يجعل المسلمين في حالة تحفز تحت هاجس (لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى)؟ هل هو عنصر شعور بضعف الذي به يؤمنون؟ لنكن صرحاء , معلوم في علم النفس ما يعرف بالتوجس , وهو حالة نفسية مردّها في الغالب الى ضعف الثقة بالنفس . لماذا نجد المسلم العادي غير المتشدد متوجس وفي حالة هلع مستمر من وهم استهداف لعقيدته ؟ أهو الخلط والتشويش الذي مورس عليه لقرون ؟ أهي ذكريات الحروب الصليبية؟ لماذا لم يخرج المسلم العادي من عباءة الخوف على دينه رغم تباهيه بأنّ الاسلام هو دين الحق , وهل تنتاب من ثبت اليقين في قلبه بأنّه على الصراط المستقيم كل تلك الهواجس ضد الآخر؟
مما قرأت قبل سنوات أنّ ثمة تعديلات دستورية أجراها الرئيس المصري الراحل أنور السادات في سبعينيات القرن المنصرم , أثارت موجة احتجاجات وسط أقباط مصر لما رأوه فيها من انتقاص لحقوقهم كمواطنين كاملي المواطنة في بلدهم , عندها استدعى الرئيس (المؤمن) كما كان يطلق عليه في إعلام سلطته , بابا الأقباط _ لعله شنودة الثالث_ آنذاك , وسأله : أعمل إيه مع أقباطك دول؟ أجابه البابا بهدؤ : أحرقهم بالجاز يا ريس. بُهت السادات من تلك الإجابة , ولكن محدّثه واصل : هولاء المحتجين مواطنون مصريون يطالبون بحقوقهم في وطنهم وأنت ربّ الأسرة وكبير العائلة إمّا أنْ تمنحهم حقوقهم أو تتخلص منهم . فهم الرئيس مغزى الحديث , وخرج البابا من عنده وهو يحمل قرار إلغاء تلك التعديلات . يبدو الآن أنّ الخليفة _ المؤمن جدا_أبوبكر البغدادي , أراد حرق الأقباط وكل الآخرين بصفته خليفة الله على الأرض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد