الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع الدولي والتعامل الحذر مع الحكومة السودانية

خالد فضل

2015 / 7 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


الخرطوم: ثمة اشارات ومواقف واضحة تدل على أنّ تعامل المجتمع الدولي مع الحكومة الاسلامية في الخرطوم يتسم بطابع الحذر الشديد , ولعل مردّ ذلك الحذر يعود الى الخبرة التي اكتسبها المجتمع الدولي من خلال تعامله مع الحكومة السودانية , في هذا الصدد أذكر أنّ صديقا يعمل في إحدى المنظمات الدولية في الخرطوم كان قد حدّثني عن حجم التجاوزات والفساد المالي في انجاز المشروعات التي تقوم تلك المنظمة بتمويلها في أنحاء السودان المختلفة , وتقوم الحكومة السودانية بتنفيذها , قال لي أنّهم كموظفيين وطنيين احتجوا على تعامل قيادتهم في تلك المنظمة مع مسألة التجاوزات تلك ,بالسكوت عنها وعدم اثارتها مع الحكومة , جاءت إجابة قيادة المنظمة على ذلك الاحتجاج تؤكد حجم الحذر الذي أشرت اليه في فاتحة المقال , فقد تكون رأي عام سائد وسط الموظفين الدوليين أنّ الحكومة السودانية لا تأبه كثيرا بمصالح شعبها , ولا تعطيها الأولوية من خلال تعاملها مع المجتمع الدولي , ويمكنها ببساطة شديدة تعليق عمل أول إلغاء ترخيص أو طرد أي منظمة أو جهة دولية تعتقد الحكومة أنّ نشاطها قد يعرقل برامجها الخاصة بتوطيد سلطتها , وحجب الحقائق عن الرأي العام المحلي والدولي , كما أنّ الحكومة السودانية , وقد ارتكبت كثيرا من التجاوزات والانتهاكات لحقوق الانسان في السودان وخاصة في مناطق النزاعات المسلحة العديدة في ذلك البلد الشاسع ذو القضايا المعقدة , تعتقد أنّ هذه المؤسسات الدولية يمكن أنْ تشكل عينا رقابية على ممارساتها تلك خاصة عندما يكون مجال عمل تلك الهيئات الدولية مرتبط بصورة مباشرة بجموع المتضررين في مناطق النزاعات المسلحة , فالحكومة السودانية تنظر بعين الريبة والشك لمواطني تلك الأقاليم باعتبارهم الحاضن الاجتماعي للجماعات المسلحة المناوئة لها في أقاليم دارفور وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق . وفي هذا الصدد يجدر ذكر أنّ الحكومة السودانية كانت قد طردت بضع عشرة منظمة دولية عاملة في اقليم دارفور عشية صدور قرار محكمة الجنايات الدولية بالقبض على الرئيس البشير في عام 2009م , ثم توالت عمليات الطرد وتعليق النشاط لتشمل منظمات مدنية محلية بذرائع مختلفة , ومؤخرا علّقت أنشطة الصليب الأحمر الدولي قبل أن تتراجع عن قرارها ذلك . وفي كل الحالات لم تأت ردة فعل المجتمع الدولي بذات قوة الفعل , إذ لم تتجاوز عبارات إبداء الأسف ومناشدة السلطات بإعادة النظر في قراراتها تلك . وكان سفير الاتحاد الأوربي في الخرطوم قبيل بضعة سنوات قد دعا مجموعة من الصحفيين السودانيين لندوة صحفية في مقر الاتحاد بالخرطوم , على شرف اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يوافق 3مايو من كلّ عام , وعندما سئل عن العقبات التي تواجه عمل بعثته في السودان أشار الى تعدد مستويات السلطة وبالتالي عدم توحيد مركز اتخاذ القرار , وضرب مثلا بأنّ بعثته تبرم اتفاقات مع الحكومة المركزية في الخرطوم لتنفيذ بعض البرامج في الولايات المأزومة ( دارفور مثلا) وعند الوصول الى الميدان تتفاجأ البعثة بأنّ السلطات في الولايات تتحدى الاتفاقات المبرمة وتصر على ابرام اتفاقات جديدة معها لتنفيذ البرامج المعدّة سلفا , هذه ناحية تؤشر الى أي مدى تتعامل السلطات الحكومية السودانية مع مصالح مواطنيها , فليس مهما عندها نوعية وكمية ما يقدم من برامج اجتماعية وخدمية في غالبها بقدر ما يهمها تأكيد سطوتها وسلطتها , ولمثل هذا النوع من التعامل تتعرض البعثة المشتركة بين الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة في دارفور المعروفة اختصارا باليونمد , فقد لوّحت الحكومة السودانية بطرد البعثة , وانهاء مهمتها من طرف واحد , وذلك عقب إثارة موضوع شبهات حول وقوع عمليات اغتصاب واسعة في قرية تابت بولاية شمال دارفور على أيدي القوات الحكومية مؤخرا, ورغم أنّ البعثة المذكورة كانت قد أعلنت عن عدم وجود أدلة كافية على تلك المزاعم الإعلامية بيد أنّ ظروف اجراء التحقيق المتعجل الذي قامت به البعثة لم تكن تسمح بالتثبت من المزاعم فطالبت البعثة عبر الأمم المتحدة باجراء تحقيق آخر مستقل رفضته الحكومة وتمادت بأن طلبت سحب البعثة نفسها . ومع ذلك فإن ردة فعل المجتمع الدولي تجاه مسلك الحكومة السودانية لم يكن حاسما بما فيه الكفاية , ليعزز الفرضية التي انطلق منها هذا المقال , بحذر المجتمع الدولي في تعامله مع حكومة الخرطوم ربما عملا بقول سوداني شعبي (المال تلتو ولا كتلتو) في اشارة الى أنّ ما لا يدرك كله لا يترك بعضه .هذا فيما يتعلق بجانب الخدمات التي تقدمها المؤسسات الدولية , شق آخر يتعلق بفرضية تعاون النظام مع أجهزة الاستخبارات العالمية بما يلبي طلبات تلك الأجهزة , وهنا أيضا لا يأبه النظام السوداني بالمصالح العليا ,أو المستقبل بالنسبة لشعبه , بقدر ما يسعى لتقديم نفسه كشريك لا غنى عنه في قضايا مكافحة الارهاب في المنطقة . وبالطبع فإنّ ما تطلبه وكالات الاستخبارات العالمية ليس بالضرورة مطابقا لما يحقق مصالح الشعب السوداني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على