الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف استفادت إسرائيل من تهديدات إيران وحزب الله

منعم زيدان صويص

2015 / 7 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


أُثبتت الأحداث خلال العقود العديدة الماضية أن الدول التي ادّعت أنها تؤيد القضية الفلسطينية والتي هددت إسرائيل بالزوال هي التي ألحقت أفدح الضرر بهذه القضية. فتهديد إسرائيل، مرة بعد أخرى، بدون تنفيذ هذا التهديد أو حتى محاولة تنفيذه، بدد آمال الفلسطينيين وأضعف معنوياتهم من جهة، ودعَم إسرائيل أمام العالم وطمأنها على مصيرها من جهة أخرى. ومنذ النكبة عام 1948، كان وضْع القضية الفلسطينية بيد كل من رفع عقيرته بتهديد إسرائيل، والتلاعب بمصير الشعب الفلسطيني ليحقق منافع شخصية، خطأ إستراتيجيا، وكان من الأفضل للشعب الفلسطيني، مهما كان ضعيفا، لو لم يعتمد على المنافقين والديماغوجيين، أمثال هؤلاء. وتبين لاحقا أن ياسر عرفات اكتشف هذه الحقيقة فرفع شعار "استقلالية القرار الوطني الفلسطيني." وكانت جمهورية إيران الإسلامية ووكيلها، أو فرعها في لبنان حزب الله، وزعيمه حسن نصرالله، الأكثر وضوحا في تهديداتهما اللفظية لإسرائيل، واستغلت إيران، ضمنيا، قضية برنامجها النووي، واستغل حزب الله أسلحته في جنوب لبنان ليهدد بإزالة إسرائيل من الوجود، واستغلت إسرائيل والحركة الصهيونية العالمية هذه التهديدات لتجيش العالم الغربي لحمايتها من هذا "الخطر" المزعوم، ولا يزال العالم إلى الآن، حتى بعد توقيع إيران الاتفاقية الأخيرة مع القوى العظمى، مشغولا بهذا التهديد وهذه المسألة ونسي القضية الأساسية وهي قضية فلسطين والشعب الفلسطيني.

قبل عشر سنوات تنبأ رئيس إيران أحمدي نجاد بأن إسرائيل ستزول قريبا، وكرر حسن نصرالله التهديدات نفسها قائلا إن نهاية إسرائيل تلوح في الأفق، مستعيرا وصف الخميني لإسرائيل بأنها "أوهى من بيت العنكبوت." فتهديدات إيران مكنت إسرائيل من التهرب من أي حل، أو حتى اجتماع لإيجاد حل، للقضية الفلسطينية وإرجاع حقوق الشعب الفلسطيني السليبة، مدّعية أنها مهددة "بخطر داهم،" وتمكنت من تجييش حلفائها الغربيين ضد إيران وتجميد أي بحث لحل قضية الشعب الفلسطيني، واستغلت إسرائيل هذه الفترة الطويلة في تهويد القدس وبناء المستوطنات وإطالة أمد الحصار على سكان الضفة الغربية وقطاع غزة. ولكن بعد تصريحات أحمدي نجاد، وبمساعدة حزب الله، أصبحت إيران لاعبا مهما في الشرق الأوسط. فمن ناحية أصبح لها حق الفيتو، من خلال حزب الله، على أي قرار لا يعجبها في لبنان، الذي أصيب بالشلل ولا يبدوا أنه سيعود دولة واحدة متماسكة كما كان، وشقّت صفوف الشعب الفلسطيني بتبنيها حركة حماس، وحوّلت انتباه شعوب المنطقة والعالم بعيدا عمّا كانت تفعله في العراق والخليج. كانت تهديدات إيران هي ما تريده إسرائيل بالضبط لان العالم ربط بين البرنامج النووي وإصرار إيران على تخصيب اليورانيوم بدرجة عالية يمكن أن تستخدم في تطوير سلاح نووي. ولولا تصريحات الإيرانيين هذه وتهديداتهم، مدعومة بالحديث عن تخصيب اليورانيوم، لما جُمّدت نشاطات اللجنة الرباعية حول القضية الفلسطينية كل هذه السنين. وبدل أن يتفرغ العالم لحل القضية الفلسطينية، تفرغ لمعالجة نشاطات إيران النووية وتهديدها لإسرائيل.

بعد توقيع الاتفاق النووي، الذي يجمد أي نشاط نووي لإيران عشر سنوات، كان من المفروض أن تتنفس إسرائيل الصعداء لو أنها فعلا تخاف من تهديدات إيران أو تأخذها على محمل الجد، ولكن نتانياهو هاجم الاتفاقية، لأن معناها وقف تهديدات إيران المفيدة لإسرائيل، وبدأ بالتعبئة العامة لحكومته، إعلاميا وسياسيا، فوصف الاتفاقية بعد دقائق من توقيعها بأنها "خطأ تاريخي،" وبدأ بتحريض الكونغرس الأمريكي على رفضها، متحديا الرئيس الأمريكي والدول العظمى، ومكررا إدعاءه بأن خطر إيران وتهديدها لإسرائيل أعلى من أي وقت مضى. ودعم حسن نصر الله تصريحات نتانياهو. ففي خطابه الأسبوع الفائت أعلن أن إيران فقط من بين كل دول العالم هي التي تشكل تهديدا "وجوديا" لإسرائيل، وان إيران مازالت تواجه إسرائيل وترفض الاعتراف بها، وقال مخاطبا مستمعيه: إذا كنت عدوا لإيران فأنت عدوا للقدس وفلسطين، وإذا كنت صديقا لإيران فأنت صديق للقدس وفلسطين. وبالتزامن مع تهديداتها لإسرائيل، بدأت إيران تخطط لتدمير الكيانات العربية التي يعيش فيها من يؤمنون بالمذهب الشيعي – العراق، ولبنان، وسوريا، والبحرين، واليمن.

كان شاه إيران صديقا لإسرائيل وكانت علاقة نظامه ممتازة معها وتربطهما علاقات جيدة، كأي نظامين صديقين يخدمان مصالح بعضهما البعض، ولكن عمليا كانت كل خدمات شاه إيران لإسرائيل لا تساوي الخدمات التي قدمها الخميني، وخامينئي، وحسن نصرالله لها بتهديداتهم اللفظية بان يزيلوا إسرائيل من الخارطة، واستخدم الإيرانيون مسألة برنامجهم النووي ليعطوا العالم المبرر لتأييد ودعم إسرائيل وجعلها أقوى بعدة مرات مما كانت عليه، والتريث في الجهود الدولية للوصول إلى حل. على الأقل لم يحاول شاه إيران أبدا أن يؤيد الشيعة في العالم العربي، رغم أنه كان يطمح ليصبح شرطي الغرب في المنطقة، ولم يحاول تصدير المذهب الشيعي أو أن يستغله في توسيع نفوذ إيران، ورغم تأييده للغرب، لم تحاول إسرائيل ولا الولايات المتحدة أن تأتي لإنقاذه. لقد قام الخميني بطرد السفير الإسرائيلي وتحويل سفارة إسرائيل إلى سفارة فلسطين، ونتيجة لهذا العمل الاستعراضي المثير تمكنت إيران من احتلال جزء من لبنان لتقاتل إسرائيل من خلال حزب الله، وتدمر، على يد إسرائيل، جنوب لبنان مرة بعد مرة، واستطاعت إيران أن تقسم الشعب الفلسطيني إلى حماس وفتح وأن تستقطب تأييد الشعوب العربية وتجعلهم ينسون تهديد إيران للدول الخليجية حيث يعمل مئات الألوف من الفلسطينيين الذين يساهمون في دعم أهاليهم وتمكينهم من البقاء على الأرض الفلسطينية، واحتلال إيران للجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى.

لقد بقيت إيران وحزب الله مسيطرين على الشارع العربي من المحيط إلى الخليج، ولكن اشتعال الثورة في سوريا وانضمام حزب الله للنظام السوري ووقوف إيران معه، قلب الأمور رأسا على عقب، واكتشف الفلسطينيون والعرب إيران على حقيقتها. هل كان من مصلحة الشعب الفلسطيني أو السوري أو العربي أن يهب حزب الله وإيران لنجدة بشار الأسد، الذي أمر قيادة حماس في سوريا بأن عليها أن تصدر بيانا لتأييده أو ترحل، قائلا لخالد مشعل أن موقفا محايدا غير مقبول؟ هل خدم تدمير مخيم اليرموك على رؤوس الفلسطينيين قضيتهم؟ لم يستفد العرب ولا الفلسطينيون من تهديدات إيران لإسرائيل ولكن إسرائيل كانت ولا تزال المستفيد الأكبر من هذه التهديدات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية