الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الام العراقية ......الاسطورة المتجددة ......غنية حسين اسماعيل

عبد اللطيف ابراهيم العلو

2015 / 7 / 30
ملف - حقوق المرأة العاملة في العالم العربي - بمناسبة ايار عيد العمال العالمي 2015


ابنة عمي واخت زوجتي الشهيدة ام هزبر
لحد الان لم اكتب شيئا عن مصيبتي وكارثتي لكن ساكتب عن غنية
لانني وجدتها اكثر صبرا مني .....وجدتها كما نرويها كتب التاريخ تماما تلك المراة الصابرة المكافحة والمؤمنة بالله ........المراة التي تتشرف الارض بمرورها عليها .
وجدتها فاطمة ورابعه وجميلة بوحيرد وزها حديد وكل النساء اللواتي رفعن مجد امتهن عاليا واعطين قيمة للانسان ......ايًّ انسان .غنية ام لسبعة اطفال تركهم والدهم العسكري الذي استشهد في زمن ماضي ولم يترك لها سوى راتب بسيط لا يكفي لقوت يومين .......
ومرت السنون العجاف على غنية واطفالها السبعه مرت سنون الحصار الظالم وهي لم تتوانى ليوم واحد عن العمل الحر الشريف ( الزرع, الحصاد , تربية المواشي والطيور التي تعيل صغارها بها ) وبذلت كل ما بوسع المراة الحرة الاببية ان تفعله كي لا يشعر صغارها بانهم اقل شانا من غيرهم وان غيرهم يلبس او ياكل افضل منهم وباتت ايام وليالي جائعة وعلى الخواء وفقط كان همها هو ان لا يجوع احد اطفالها ........
كنت شاهدا حيا بحكم مراجعتي لها مع الشهيدة زوجتي اختها ......
اليوم نجح وضاح اليوم امتحان يعرب اليوم امتحان سارة اليوم اكمل نوفل السادس الابتدائي اليوم تعرض يزن لوعكة صحية وباتت غنية ساهرة اليوم صحة فلانه لم تعجبني اليوم تذكر نوفل ابوه اليوم قال لي الصغار متى يعود ابونا ؟؟!!!! هكذا كانت غنية تغزل حكاياتها ولا هم الا صغارها يضاف اليهم عبئ الوالده التي بلغت من الكبر عتيا والتي وكما كل الذين يردون الى ارذل العمر لكي لا يعلموا بعد علم شيئا حيث فقدت الذاكره .....رحمها الله عمتي ام نوري ......شمرت غنية عن ساعدها الابي لتعلن ( والله ما اخلي امي عند اي واحد من اخواتي او اخواني الا اوافيها بدار حكها ) وهكذا اضافت هم فريد الى همومها التي لا تنتهي وفعلا كانت مداراتها لوالدتها شيئ اذهل الجميع ممن يتابعون وضع الحجية رحمها الله حينها ,حيث اصبحت لا تتذكر اي شخص ربما عداي وعدى ابنها نوري رحمه الله .....وطالت الفترة وكل مرة اقول لغنية غنية لماذا لا تدعين الحجية تذهب عند احد اولادها ......تقول لي : لا عيني ابو هزبر امي كبرت وصحتها مو شيئ وطلباتها هواي وما تدري بنفسه اشتحجي شلون اخلي احد يتفرج عليها ..................الله الله يا غنية يا عبق الارض العراقية ......يا قبضة طين حري من ارض المشتى او من بردان ......يا عطر الزهر البري .....يا نقاء مريم العذراء .......لا تفكرين باطفالك فحسب بل تساوينهم بعجوزا فقدت الذاكره لا بل تقدمين خدمتها على خدمتهم فاي ام انت يا ابنة عمي ( وعمر ي لم افتخر بابن عم او بابن خال لكن بك افتخر وارفع اليد تحية لك لانك العراق بكل صبره جلده ومجده ) .........ومرت السنين وتخرج اولاد غنية فمنهم المهندس ومنهم المدرسة ومنهم المدرس على انها بين الحين والاخر توصيني ابو هزبر مالكيت وظيفة لفلان ابو هزبر ما وظفت فلانه ......وكنت اشعر بالاسى لانني لم استطع معاونة غنية الا بالشيئ القليل ........وكان من بين ابناءها نوفل البطل الذي ندرج صورته ادناه .....نوفل تطوع لشرطة الكهرباء ......ولاقى ما لاقى من زمر ظالة وتجاوز الصعاب وكان يضع دمه على كف يده حيث تم تهديده اكثر من مرة بان يترك العمل كشرطي في الكهرباء .....اما كيف يعيش هو واهله فلا احد يرشدهم كيف فقط اترك وظيفتك وهذا هو .......
كنت اشجعه بان يستمر ولا يترك .......
تزوج نوفل وانجب اطفال اثنان بعمر الزهور ..........صغار وكان يامل بداخله ان لا يحرم صغاره كما حرم هو اخوته من ابوهم ......لكن الله يفعل ما يشاء فكان عمله في خانقين لحماية ابراج الكهرباء اذ توجهوا الى احد الابراج ليعرفوا سبب المشكلة التي حدثت بالقرب من ذلك البرج هو مجموعته من شرطة الكهرباء وفي الطريق انفجرت عبوة ناسفة واودت بحياة نوفل ........كنت في الطريق الى بعقوبة حين اتصل بي ابن اختي وقال ان نوفل استشهد .........وبلحظة البرق مرت بخيالي كل الاحداث التي مرت على غنية وهي تكافح وتشقى لترى ابنها يعمل ويكد بشرف ويخدم وطنه بامانه....ولتفرح بصغاره هو واخوته وليزيحوا عنها تعب السنين العجاف التي لم نرو منها الا القليل القليل .........واذا بنوفل يعود اليها جثة هامده لتتولى تربية ايتام نوفل ولتفجع بفلذة كبدها ..........في الطريق اختنقت لانني تضورت ان غنية سيحدث لها مكروه ....ولربما ستصاب بجلطة او ذبحة وهي امراه اقتربت من الستين عام ........كنت انتظر رؤية غنية بفارغ الصبر .....وفي المقبرة حين ذهبنا لمواراته التراب .......وقفت جابنا ومن خلال دموعي كنت انظر الى غنية وكيف تتصرف تصدرت النساء قرب نعش ابنها .......................فقط هنا تاملوا واعطوني الحق حين اقول المراة العراقية الاسطورة ......وقفت غنية كما نخيل العراق وكما مسلة حمورابي وكما عمق الحضارة الانسانية التي وهبها العراق لكل الحضارات قاطبة .........وقفت متبتلة الى الله بكلمات لا استطيع سماعها ولكن كانت واضحه انها تناجي رب رحيم انزل عليها كل شجاعة الانسان عبر العصور ...وقفت بلا دمع ولا صراخ ولا ادنى حركه .....وقفت تتفرج وتمارس طقسا مقدسا وصلاة رهيبة بلا ادنى حركة الا من حركة شفاهها ويديها التي توجهت الى الخالق الميدع الذي هو من قرر ذلك وعليها ان تقبل بلا اي اعتراض ...... كنت لا اتمالك نفسي وحقا ضعفت وشعرت بانها اقوى مني لانني كنت ارى تاريخ هذه المراة وخوفها وحرصها على اطفالها لتودعهم بهذه البساطة تحت التراب وامام عينها ........لمت نفسي وقلت لنفسي كيف انها امراة لم تبك وانت رجل يا لطيف وتبكي .......والحقيقة ما ان انتهينا من دفن الشهيد حتى اسرعت لانني لا اريد ان اراها لكن اخي حسن سال عن غنية وقال لازم انشوفها ........فعدت اليها لاواجه المحظور فكنت اخاف من انها ترى دموعي وتنفجر .......لكن خابت ظنوني فهذه هي العراقية ورغم ما يعني دمعي بالنسبة لها الا انها جمدت وقالت الحمد لله خيي الحمد الله ترحموا على ابني من يحبني فليدعو لابني بالرحمه ....الله يرحمك يابة نوفل .........الله الله الله ..........فلترحم نوفل ايها الرب الرحيم يا من كتبت على نفسك الرحمه ارحم نوفل وارحم غنية .......قبلتها على راسها وقلت لها بلسان متلعثم عفية اختى عفية برفعة راسي عفية غنية وانت رفعت رؤوس كل العراقيات عفية بابنة عمي ........سارت غنية لتسلم على اخي حسن وهي واثقة الخطى وان ابنها ذهب الى مكان رفيع لا يستحقة الا من تربى على ايدي غنية وامثالها .........سارت ولو كان بيدي لخلعت قلبي المجروح ووهبته لها لكي تتعذب به لانها متعبة طوال حياتها ............وانا لي تجربة مع الالم فاستطيع القول بانني اتحمل الالم ..............سألت ابناء عمي كيف تصرفت غنية عندما اتوا بالجنازة في بيتها قالوا لي .......بانها قالت لكل النساء وبصوت الصابر المؤمن ::: ياجماعه ما اريد واحده تصرخ او تعيط ولا اريد هوسة ولااريد حجي فارغ اريد منكم تدعون لابني بان يرحمه الله وفقط .....وقالت لاحد النساء التي رفعت صوتها بالعياط قالت لها غنية اذا تريدين اتعيطين اذهبي وعيطي في بيتك لا تعيطين في بيتي ....................نعم هنا غنية ......هنا صوت الايمان ......هنا صوت الحق الذي لا يجاريه صوت اخر .....هنا صوت الجذر الحضاري المتاصل في هذه التربة .......هنا صوت ام نوفل البطل الذي روى بدمه الزاكي تربة العراق .......هنا صوت الام التي تدفن ابنها بيدها وما اهتزت وما ارتجفت وما ابتعدت عن جذرها ........جذرها الضارب في عمق الحضارة الانسانية .....الحضارة التي تحاول مجاميع الظلام طمسها وتصوير اهلها على انهم مجموعة جهله ورعاع ولا يستحقون الحياة .........ايها التاريخ فلتشهد بان امراة عراقية عاشت على الكفاف وربّت اطفالها بدموع عينها وحينما دفنت ابنها قالت الله يرحمك وليدي نوفل ادعو لابني بالرحمه .......................................سندعو له جميعا بالرحمه وندعو لكل من اشترك في قتل ابنك يا غنية ان يراجع نفسه ويسال لماذا قتل نوفل ؟؟؟...............لماذا يقتل ابن البصرة والعمارة والنجف والانبار والموصل وديالى وسليمانية ودهوك وكل محافظة عراقية .....لماذ قوافل الشهداء تسيل كدمع يتيم .................... سندعو لكل من وصل به الاجرام الى قتل الابرياء بهذه الطريقة ان يريه الرب عظمة اجرامه وبعده عن حضيرة الانسان ........سندعو لانفسنا بان نكون اكثر صبرا على البلاء .....مهما عظم البلاء
29/7/2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم