الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية و الإصلاح السياسي بين الواقع و الطموح

باقر جاسم محمد

2005 / 10 / 15
ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي


السؤال الأول:

هل الضغوط الخارجية قادرة على إقامة أنظمة ديمقراطية في العالم العربي،
وهل يمكن أن يعد المشروع الأمريكي في العراق من دعائم إقامة الأنظمة الديمقراطية خصوصا وان إحدى نتائجه كانت كتابة دستور يؤسس لإقامة دولة دينية وحكم رجال الدين؟
الجواب :
يرى بعض المؤرخين و الدارسين لعلم الاجتماع السياسي أن العوامل الداخلية هي الحاسمة في الحراك الاجتماعي و السياسي في أي بلد، بينما يرى آخرون أن العوامل الخارجية هي العنصر الفعال في ذلك . و نرى أن العوامل الداخلية و العوامل الخارجية يمكن أن تتضافر في التأثير على الأحداث السياسية في أي بلد. و لذلك لا يمكن أن يعزى الحراك السياسي و الاجتماعي إلى أي منهما لوحده. هذا إذا كانت القوى الداخلية و القوى الخارجية متفقة على أساسيات التغيير و إجراءاته. و لمّا لم نر مؤشرات على وجود مثل هذا الاتفاق لن تنجح الضغوط الخارجية مهما كانت قوية في إقامة دعائم الديمقراطية في العراق لأن حسابات أصحاب المشروع الأمريكي لا تتطابق مع حسابات القوى السياسية التي تملك النفوذ السياسي في العراق الآن. فالنوايا و الأهداف و الوسائل مختلفة. و القوى الداخلية التي تملك القدرة على توجيه الناخب العراقي هي قوى محافظة, و لم يكن النموذج الديمقراطي في الحكم أحد طموحاتها قي يوم من الأيام و هي التي ستفرض ما تريد. و يكمن جوهر المشكلة في أن من يقبل بالاحتكام إلى صندوق الانتخابات عليه أن يقبل بما ستفرزه الانتخابات بعيدا عن كون ذلك يتفق مع طموحاتها أم لا. لذلك لا سبيل إلى التنكر لما ستفرزه الانتخابات التي ستجري بعد الاستفتاء على الدستور.
السؤال الثاني:
كيف تنظر قوى اليسار والتحرر إلى ادعاءات الديمقراطية والإصلاح السياسي وكيف يمكنها أن تديم برامجها السياسية والاجتماعية خصوصا تلك المتعلقة بإقامة دولة العدالة الاجتماعية والمساواة والرفاه في ظل الواقع الذي يحدثه صراع الأنظمة
الحاكمة مع دعوات الإصلاح والتغيير الخارجية؟
الجواب:
ليس لقوى اليسار و التحرر أن تقبل بالمشاريع الخارجية الجاهزة , بل ينبغي لها أن تقدم رؤياها الخاصة و برامجها المتميزة للتغيير. و عليها أن تبني هذه الرؤيا على تحليل دقيق و معمق للواقع الموضوعي للبلاد مع فهم شامل للمتغيرات و العوامل الدولية و أن تحشد القوى الشعبية و تدفع بها للانخراط في العمل السياسي الفعال الذي يمكن أن يحشد الدعم لها و أن يجعل من البرامج قابلة للتحقق. و لعل عدم قدرة قوى اليسار و الديمقراطية على التأثير الفعال في الأحداث الحالية في العراق يعود أصلا إلى انكماش القاعدة الشعبية لها، وهو انكماش لا تعاني منه الأحزاب اليسارية فقط بل يشمل أيضا التيارات القومية و العلمانية أيضا. أما الصراع الذي يحدثه صراع الأنظمة الحاكمة مع دعوات الإصلاح و التغيير الخارجية فهو يرتبط بقدرة قوى اليسار و الديمقراطية على التفاعل الحذر مع القوى الحاكمة لطرح برامج التغيير المنشود، و ليس الذوبان مع مشاريعها لأن من شأن ذلك أن يلغي دور القوى اليسارية و يهمّش دورها النقدي. و من البديهي القول أن عصر السعي إلى الصدام مع السلطات الحاكمة أو السعي لقلب نظام الحكم قد انتهى. فلا حاجة بنا أن نعيد تجربة سياسات فشلت في منتصف القرن الماضي.


السؤال الثالث:

هل إن وجود نظام ديمقراطي يمكنه أن يحدث تغيرات عميقة في بنية التخلف
الاجتماعي والثقافي والسياسي التي تعاني منها الدول العربية وهل يفسح المجال
أمام الارتقاء بحقوق الإنسان وان يشيع مظاهر الرفاهية والتمدن ويحقق العدالة
الاجتماعية؟
الجواب:
أفهم من السؤال أن الديمقراطية تخلق البيئة المناسبة للتغيير و التحديث في بنية المجتمع ثقافيا و سياسيا بما يحقق أهداف اجتماعية و سياسية أخرى مترابطة مع الحداثة. وهذا صحيح تماما من الناحية النظرية. أما من الناحية الواقعية فإن القوى السياسية المحافظة المهيمنة على الشارع السياسي تفهم من الديمقراطية على أنها فرصة تاريخية لها لفرض رؤاها الخاصة المستمدة أيديولوجيا دينية متمذهبة و من تجارب ثبت عقمها. و لعل الصراع مع الإرهاب يؤجل الصراع السياسي الحقيقي المبني على البرامج السياسية الرصينة البعيدة عن الطائفية أو التعصب العرقي . أما حقوق الإنسان و مظاهر الرفاهية و التمدن و تحقيق العدالة الاجتماعية فإنها مرهونة أيضا باستعادة السيادة كاملة و بنهوض قوى التغيير الاجتماعي من كبوتها الحالية. فالديمقراطية قد تكون ، من الناحية الفعلية و كما تعلمنا دروس التاريخ, مدخلا للعودة إلى الدكتاتورية.


السؤال الرابع:

كيف يمكن التعامل مع التيارات الإسلامية التي يمكنها أن تصل إلى الحكم من
خلال صناديق الاقتراع؟
الجواب:
إذا أفرزت الانتخابات حكومة يسيطر عليها الإسلاميون فعلى القوى اليسارية و العلمانية أن تتحول إلى معارضة حقيقية و إيجابية فتراقب أداء الحكومة و تقدم البرامج السياسية البديلة و تسعى نحو إعادة ثقة الشارع بها فلا طريق للتأثير على القرار السياسي سوى كسب الناس و حفزهم للتصويت لهذه القوى في أية انتخابات قادمة.

السؤال الخامس:

كلما تم الحديث عن إحداث الإصلاح السياسي في العالم العربي، فأن الأنظمة
الحاكمة تسارع لطرح خصوصية كل مجتمع، أوانها تطرح الإصلاح السياسي التدريجي .
هل أن الحديث عن الخصوصية والإصلاح السياسي التدريجي يمتلك أرضية واقعية؟
الجواب:
الإصلاح السياسي حاجة فعلية لا يمكن إنكارها. و لا توجد وصفة جاهزة لتحقيق الإصلاح السياسي في كل البلدان التي تسعى للأخذ به. و لا مجال لنفي تأثير الملامح الاجتماعية المميزة و الخصوصية في تحديد أسلوب الإصلاح و اتجاهاته و سرعته. و تستند القوى القابضة على السلطة إلى هذه البديهيات للتسويف و المماطلة و العمل على إفراغ مفهوم الإصلاح السياسي من محتواه عبر إجراء تغييرات شكلية. و من هنا يكون دور القوى السياسية الحقيقية التي تسعى من أجل إصلاح سياسي جذري و فعال أن تضع برامج سياسية بعيدة المدى. فالنضال السياسي الراهن لا يتحمل قصر النفس. ومن الضروري إعادة للعمل السياسي النزيه الذي شوهه الأداء السياسي المبتذل لكثير ممن يرون في السياسة وسيلة سهلة و سريعة للكسب الرخيص. و أنا أرى أن الإصلاح السياسي لا يقصد به أسلوب الحكم و آليات انتقال السلطة و محاربة الفساد في أجهزة الدولة و الأحزاب الحاكمة فقط ؛ و إنما يشمل أيضا القوى المعارضة و لا سيما قوى اليسار و الديمقراطية التي يجب أن تكون المبادرة في إصلاح بيتها الداخلي و تقديم إنموذج متقدم للنزاهة في العمل السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفكيك حماس واستعادة المحتجزين ومنع التهديد.. 3 أهداف لإسرائي


.. صور أقمار صناعية تظهر مجمعا جديدا من الخيام يتم إنشاؤه بالقر




.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو يرغب في تأخير اجتياح رفح لأسباب حزبي


.. بعد إلقاء القبض على 4 جواسيس.. السفارة الصينية في برلين تدخل




.. الاستخبارات البريطانية: روسيا فقدت قدرتها على التجسس في أورو