الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تراكمات العجز

جهاد الرنتيسي

2005 / 10 / 15
ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي


بين الحملة الفرنسية علي مصر والحرب التي شنتها الولايات المتحدة لاسقاط نظام صدام حسين مايزيد عن 200 عام ، وفي الحالتين كانت المسالة الديمقراطية تطرح بقوة، وسرعان ما يتحول التعاطي معها الي جزء من المشكلات التي يواجهها العقل العربي .
ورغم المفارقات التي ينطوي عليها تشابه افرازات الحدثين هناك اختلافات املاها الفاصل الزمني غير القصير بمقاييس الشعوب .
وبين هذه الاختلافات ان العقل العربي دخل طور التعرف علي الديمقراطية بعد حملة نابليون ، واستانف اعادة تقليبها بعد سقوط تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس ، وكانه يعيد اكتشاف الفكرة .
ولا شك ان في اعادة التقليب ما يثير الغرابة ، لاسيما وان جدل الديمقراطية لم يتوقف منذ ملامستها للواقع العربي رغم اخفاقات احلالها حينا ، والارتداد عنها في بعض الاحيان .
ولعل التفسير الاقرب لعملية التقليب التي تحدث منذ دخول القوات الاميركية الي العراق ارتباط اعادة طرح فكرة الديمقراطية بالوجود العسكري الاميركي مما فرض علي العديد من النخب اعادة ترتيب اولوياتها لا سيما وان الثقة بالسياسه الاميركية تكاد ان تصل الي حد العدم .
وتغذي ازدواجية المعايير الامريكيه في التعامل مع الانظمة الديكتاتورية انعدام ثقة النخب العربية بدعوات الاصلاح مما طرح علامات استفهام حول جدية صانع السياسة الاميركي في تحويل العراق الي نموذج للديمقراطية في المنطقة .
واتاحت اعادة ترتيب الاولويات ، وازدواجية المعايير الاميركية مجالا واسعا لتشويه قيم الديمقراطية التي تنشدها فئات واسعة من الشعوب العربية رغم ان المقصود باعادة الترتيب لم يكن التنكر للقيم المنشودة.
ولكن الصورة تبقي ناقصة اذا اقتصر الامر علي مقاربة حملة نابليون ودخول القوات الاميركية الي بغداد خصوصا وان تداعيات حدث الاحتلال العراقي للكويت ينطوي علي دلالات يصعب اغفالها .
فقد اثار تفاعل المثقفين العرب مع قيام نظام دكتاتوري باحتلال بلد عربي اخر شكوكا حول جدية قناعتهم بالديمقراطية لا سيما وان هامش الحريات المتاحة في البلد الذي تم احتلاله يفوق بكثير ما هو موجود لدي النظام الذي قاد بلاده والمنطقة الي الكارثة .
وبذلك بدت الديمقراطية اقرب ما تكون الي قشرة تغطي اليات تفكير مشوهة .
وقبل ذلك هبت رياح التغيير الديمقراطي علي الاتحاد السوفيتي ودول المنظومة الاشتراكية دون ان تصل الي المنطقة العربية الامر الذي كرس اعتقادا بعجز القوي السياسية عن التفاعل مع الاحداث العالمية واضاع فرصة لتحريك عجلة التطور الديمقراطي المتوقفة عن الدوران .
واذا افترضنا ان القوي السياسية العربية افرازات لبني اجتماعية قد تقود هذه المقدمات الي قناعة بان بنية المجتمع العربي غير مؤهلة للتغيير الديمقراطي .
الا انه من الصعب التسليم بان القوي السياسية التي تعاني من العزلة في مجتمعاتها صاحبة امتدادات وجذور تؤهلها لتمثيل طبقات وشرائح واسعة ،وفي المقابل مازالت المجتمعات العربية عاجزة عن افراز قوي اكثر فاعلية وقدرة علي الاستقطاب .
ويمكن التعامل مع هذا العجز باعتباره قوة شد عكسي وعامل اعاقة لمحاولات انتشال الواقع العربي من التخلف الاجتماعي وافرازاته السياسية والثقافية .
ويحتاج ظهور الانظمة الديمقراطية الي بيئة سياسية واجتماعية مختلفة عما هو موجود في المنطقة العربية مما يخفض سقف احتمالات حدوث التغيير .
وبذلك يمكن ادراج حديث النظام الرسمي العربي عن " الخصوصية " في اطار التلكؤ والتهرب من الاستجابة للضغوط الدولية والمحلية ومحاولة اعادة انتاج ادواته عله يكون مقبولا في الداخل والخارج.
ويزيد من ظلامية المشهد استقواء قوي الاسلام السياسي بحجم الفساد الهائل واستخدامها لشعارات الاصلاح وتداول السلطة مما يترك انطباعا بان هناك من يتهيا للانقلاب علي الديمقراطية قبل تحقيقها .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية