الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية والاصلاح السياسي وانظمتنا القمعية :هل يصلح العطار ما افسده الدهر؟1/3

انغير بوبكر
كاتب وباحث مغربي مهتم بشؤون الديموقراطيةوحقوق الانسان

2005 / 10 / 15
ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي


الديمقراطية والاصلاح السياسي وانظمتنا القمعية :هل يصلح العطار ما افسده الدهر؟1/3

مقدمة اساسية :
الدعوات الى الديموقراطية والاصلاح السياسي في بلداننا المتخلفة ،ليست وليدة اللحظة الراهنة ولا بنت للضغوط الدولية الطارئة انما هي اقتناع راسخ لدى النخب السياسية والمجتمعية منذ عقود طويلة وهي بطبيعة الحال تعبير عن واقع القمع والقهر والحرمان التي ترزح تحت نيره شعوبنا المقهورة لذلك فمن المريب والغير مقبول ان ننساق مع بعض الدعوات التي تشكك في نوايا المطالبين بالتغيير الديموقراطي تحت ذريعة انهم عملاء او في احسن الاحوال يأتمرون بالخارج ضد الوطن , فهل الوطنية حكر على الحكام وازلامهم فقط ؟ ام ان ذريعة التدخل الغربي في شؤوننا الداخلية يعتبر بمثابة سيف ديموقليدس المسلط على رقاب المناضلين المخلصين لشعوبهم والرافضين للخنوع والاستبداد التواقين للحرية والاستقلال الحقيقي.
1- الديموقراطية والاصلاح السياسي افكار اولية:
اعادت الظروف الدولية المعاصرة لخطاب الديموقراطية والاصلاح السياسي بريقا متوهجا خفت لمدة ليست بالقصيرة بفعل تراكم الهزائم السياسية للقوى الحاملة لحلم التغيير وانكساراتها المتوالية بفعل القهر القمعي للأنظمة المستبدة الجاثمة على السلطة ببلادنا والتي اقفلت كل ابواب التغيير ونهجت نهج التدجين والاحتواء مع اسلوب الترهيب والتسويف ، كما ان انقسامات النخب السياسية وصراعاتها على الزعامات الوهمية لشعب يترنح تحت رحمة الجوع والامية المحارب في لقمة عيشه ، عوامل ضمن اخرى جعلت حلم التغيير بعيدا واحبطت آمال الشعوب في الديموقراطية والحرية.
يمكن اعتبار احداث 11 سبتمبر 2001 الارهابية التي استهدفت امن واستقرار شعب الولايات المتحدة المنقذ الاساسي للمطالبين بالاصلاحات السياسية ببلداننا حيث فرضت هذه الاحداث لاول مرة على الساسة الامريكيين وحلفائهم في العالم مراجعة سياستهم العدوانية الاستغلالية ضد الشعوب حيث ان القوى الاستعمارية طيلة تاريخها ساهمت في قمع آمال الشعوب بتحالفها المتين مع الانظمة الاستبدادية وبتشجيعها على خرق حقوق الانسان وامتهان الكرامة الانسانية ،لكن انطلاق مواكب وقوافل الارهابيين من الدول الصديقة للأمريكيين واستهدافهم لرموز القوة الامريكية ،جعلت مطلب اصلاح الانظمة السياسية مطلبا امريكيا ،فافتتحت امريكا حروبها "الاصلاحية " بغزو العراق بدعوى تخليص شعبه من ديكتاتور شرس طالما احتضنت الولايات المتحدة جرائمه وشجعته على سحق ثورات شعبه مقابل استفادتها من ثروات العراق النفطية وغيرها.لكن هذا التوجه الامريكي نحو الاصلاح السياسي في مايسمى بالعالم العربي لا يجب ان ننخدع به كثيرا حيث ان الادارة الامريكية ما تزال تغض الطرف عن ممارسات قروسطية لانظمة حليفة لها في السعودية ومصر وخير دليل على ذلك استمرار القمع السياسي في هذه الاوطان لكن صفقات الاسلحة ورفع سقف انتاج البترول مصالح كافية جدا لتجعل الادارة الامريكية تعتبر هذه الدول الغنية والاستبدادية نموذجا في الديموقراطية يحتذى به في المنطقة !! الا ان البرغماتية الامريكية والغربية عموما لايجب ان يحجب عنا امور خمسة اساسية هي :
*الاصلاح السياسي حاجة داخلية قبل ان تكون خارجية وان النضال من اجل تحقيقه لايجب ان يراهن فقط على المتغيرات والمصالح الدولية فقط رغم اهميتها ، انما اساسا واساسا على وعي الشعوب ونضاليتها واستنهاض فعل جماهيري ديناميكي قادر على احداث التغييرات المطلوبة.
*الضغوط الغربية على انظمتنا قد تستفيد منها الحركة الاصلاحية الداخلية رغم ما يمكن ان يثار عن حق او باطل عن اهداف ومرامي هذه الضغوط لاسيما اذا كانت التجربة علمتنا ان السياسة الغربية لاتتعامل بمنطق الاحسان والمعروف مع مطالب الشعوب انما هي تعمل بمنطق تشرشل المصالح هي الدائمة فلاعدواة ولاصداقة دائمتين,فالترويض الايجابي والمرونة السياسية الكاملة قد تجعل الضغوط الخارجية مع النضال الجماهيري الداخلي قادريين على احداث تطور ايجابي.
*الاصلاح السياسي والديموقراطية لايمكن ان تضطلع به الا قوى مصلحة وصالحة سياسية وديموقراطية حيث ان القوى التي تدعي الاصلاح والديموقراطية يجب ان تعطي المثال لتستطيع اقناع عموم المواطنيين بذلك , فكم من قوى ادعت الاصلاح السياسي والديموقراطية وعندما استلمت الحكم حكمت بقانون الغاب وفتحت المعتقلات والسجون على مصرعيها واضطهدت الاراء الاخرى فيئس الناس من السياسة وعزفت الجماهير عن الانخراط في الاحزاب والتنظيمات وندم البعض على نضاله ضد المستعمر ولعل سيطرة البعض على مقاليد الحكم 40 سنة بدعوى الشرعية الثورية دليل على ما نقول ، فلا اصلاح سياسي بدون اصلاحيين حقيقيين، حتى لاتلدغ الشعوب من الجحر مرتين او مرات.
* تعتبر الخصوصية الثقافية والدينية والتاريخية من الغيتوهات التي تعرقل امكانية الاستفادة من تجارب الاخرين ، فكلما نضجت فكرة التطور الديموقراطي في بلد من البلدان الا ويلوح في الافق سيف احترام الخصوصيات وهو في الحقيقة مبرر من مبررات استمرار انتهاك حقوق الانسان بدعوى احترام مشارع المسلمين او غيرها من التبريرات ، فعند تناقض الاصلاح مع الخصوصيات فلا يجب احترامها بل يجب معاداتها فعندما يطرح ضرورة رفع الحيف والحجر عن حقوق المرأة تنتصب دعوات رافضة مكفرة بدعوى ان المرأة لا يجب ان تنعم بما ينعم بها قرينها لتبريرات مجتمعية متخلفة او دينية متزمتة الا ان التاريخ والتطور العلمي والانساني اثبت ان اعطاء المرأة حقوقها وانصافها من اساسيات بناء المجتمع الحديث ومن بديهيات استمرار الوجود البشري بشكل متوازن وطبيعي.
*تجارب النضال السياسي التاريخي من اجل الديموقراطية والاصلاح السياسي غنية ومتكاملة ولا تقبل الاستنساخ والتكرار فكل تجربة لها مضمونها والياتها وظروفها لذا من الخطأ النظري الشنيع اسقاط تجربة تاريخية لبلد ما على تاريخ بلد آخر فالديموقراطية الاوروبية بتاريخها العريق وبتطوراتها الخاصة لا يجب ان تكون قدوة لنا بل يمكن ان نستفيد منها دون ان نقلدها ونتعسف على بنياتنا الثقافية ونقفز على حقائق مترسبة من حولنا , لكن المضمون العام للديموقراطية رغم تعدد المشارب المؤدية اليه هو احترام حقوق الانسان ونزع طابع القداسة عن الدولة وعن السياسة , فالكل يخطئ والكل يجب ان يحاسب والكل يتغير والكل نسبي فالمطلق مع الاله يتجسد والنسبي مع الانسان يعيش ويتفاعل.
2- مضمون الديموقراطية والاصلاح السياسي في بلداننا :
*الدين:يلعب الدين دورا محوريافي عملية الاصلاح السياسي سواء سلبا اوايجابا حسب طبيعة القوى الحاملة لمشروع التغيير في المجتمع , لكن للأسف الشديد يمكن تسجيل استغلال الدين بصورة بشعة في بلداننا لتسويغ ممارسات الحكام الفاسديين والمتسلطين لذلك نرى ان انظمتنا القمعية تستثمر اموالا باهظة لظبط المجال الديني كما ان بلداننا تعرف مفارقة كبيرة تتمثل في ما يسمى بإمارة المؤمنين اي ان الحاكم يحكم باسم الله في الارض وبالتالي فقراراته مؤلهة ومقدسة وغير قابلة للمساءلة رغم انها ذات طابع سياسي محظ لذلك فمن أوليات الاصلاح السياسي اقرار اصلاح ديني يرفع شعار من يحكم يسائل ان الدين لله فلا تعبدوا مع الله احدا.
*الدستور :الدستور هو القانون الاسمى للبلاد وهو المنظم للعلاقات بين الحاكمين والمحكومين الا ان دساتيرنا –ان وجدت فعلا- تقر ب99.99في المئة ولا تحتوي سوى على صلاحيات مقدسة للحكام ولا تسمح بالتعددية الحقيقية ولا لفصل للسلط حيث ان الدساتير قابلة للتعديل وفي فترات قياسية اي 15 دقيقة مثلا لتمديد ولاية الرئيس او لتنصيب الابناء في المزارع العائلية التي تسمى مجازا دول , لذلك كل اصلاح سياسي يجب ان يركز على شكل ومضمون الدساتير.
هناك محاور اخرى اساسية للاصلاحات السياسي والديموقراطية ولعل اهمها التعليم الديموقراطي المجاني العلماني واقرار حرية تأسيس الاحزاب والجمعيات وقوانين محاربة الرشوة وملائمة التشريعات المحلية مع المواثيق الدولية لحقوق الانسان واقرار سياسة اقتصادية متضامنة ومحاسبة كل ناهبي المال العام وتوفير الشروط السليمة لحرية الصحافة والرأي وغيرها من الاساسيات التي تتطلبها عملية الاصلاح السياسي .

انغيربوبكر
حقوقي وناشط نقابي وفاعل امازيغي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا حققت إسرائيل وحماس؟


.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: لم نتهم حزب الله بشأن مقتل باسكا




.. قطر: لا مبرر لإنهاء وجود مكتب حماس | #نيوز_بلس


.. بكين ترفض اتهامات ألمانية بالتجسس وتتهم برلين بمحاولة -تشويه




.. أطفال في غزة يستخدمون خط كهرباء معطل كأرجوحة