الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاصلاح السياسى:ضرورته،ممكناته،مخاطره

محمد مجدى عبدالهادى

2005 / 10 / 15
ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي


لا يجادل احد فى ضرورة الاصلاح السياسى فى الوطن العربى ، اذ ان غياب نظام ديموقراطى حقيقى كان و لا زال سببا جوهريا فى ذلك الوضع المذرى الذى وصلنا اليه بدءا من فشل ثوراتنا التحررية، وليس انتهاءا باوضاعنا الاقتصادية و الاجتماعية و حتى الثقافية المتردية
اما عن ممكنات هذا الاصلاح فلا شك فى انها محل جدل و خلاف كبير،فبين من تحركه الضرورة ومن تكبح حركته المخاطر،توجد الكثير من المواقف و الاتجاهات
و الحق انه يجب رفض الموقفين التطرفين معا،فلا يصح ان نسمح للضرورة ان تدفغنا الى الحماس الاعمى الذى لايرى المخاطر،فنكون كالدبة التى قتلت صاحبها من شدة خوفها عليه،كما لايجوز تجاهل هذه الضرورة بحجة مخاطر التغيير،تاركين السفينة لتغرق
و الخطر الرئيسى للتغيير فى المرحلة الراهنة معروف،و هو خطر التيارات السلفية المتنامية القوة،و التى اصبحت بحق اكبر القوى اسياسية المعارضة فى كل دول الوطن العربى،و هى القوى التى نعرف جميعا عدائها الاصيل لاى شكل من اشكال الديموقراطية و التعددية، و قوة هذه التيارات و شعبيتها هى ما يؤهلهالان تكون البديل للنظم القائمة،و هو ما يشكل خطرا على قضية التغيير ذاته،و هى قضية الديموقراطية و الاضلاح السياسى
هذا هو الخطر الرئيسى للتغيير فى المرحلة الراهنة،فى ذات الوقت الذى لم يعد هناك محيص عن هذا التغيير،و فى قلب هذا التناقض تكمن ازمتنا الراهنة،اذ اصبحنا بين شقى الرحى ، فاما بقاء النظم القائمة و العميلة و المستبدة، او دولة دينية تطيح بالحقوق الطبيعية للانسان ،و لاتعترف-و لو نظريا كالاولى-بالديموقراطية و التعددية
و الحق انه لم يعد هناك مجالا للاختيار،فالنظم القائمة فقدت شرعيتهامنذ زمن-و هذا اذا كان لها شرعية من الاساس،و لم يعد لبقائها مبرر حتى من وجهة نظر الطبقة السائدة،التى اصبحت تتضرر هى الاخرى من ثبات و استقرار هذه النظم بتخلفها و فسادها،و ان كانت تخشى حدوث تغيير غير مأمون العواقب،و لهذا فعند اول انفجار جماهيرى حقيقى،فان هذه النظم ستتداعى كبيوت من الورق المقوى
و لهذا لم تعد هناك امكانية لاختيار مساندة هذه النظم القائمة فى مواجهة السلفيين بحجة الحفاظ على المجتمع المدنى،فهذا الاختيار،بخلاف لاخلاقيته،فانه يضر قضيتنا ابلغ الضرر،و ينفع السلفيين اعظم النفع،اذ يظهرهم فى اعين الجماهير باعتبارهم القوة المعارضةالحقيقية الوحيدة،و التى يمكنها ان تعلق امالها عليها،كذلك سيستغل السلفيون هذا الوضع لتصوير المعركة،كما لو كانت معركة بين المؤمنين و الكافرين،و مصورين انفسهم كما لو كانوا المضطهدين فى سبيل دينهم،مستغلين جهل الجماهير بحقيقة الخلاف،و بحقيقتهم كتيار سياسى يتستر بالدين،او يتبنى فهما معينا له فى احسن الاحوال،و ليس كمعبرين و مدافعين عن الاسلام كما يدعون لانفسهم
و لهذا،فالواقع اصبح يطرح المواجهة المباشرة بين انصار المجتمع المدنى و اعداؤه،و بشكل ادق،بين القوى المعارضة من معسكر اليموقراطية و القوى المعارضة من معسكر الثيوقراطية،و كلاهما اصبح يطرح نفسه كوريث للتركة،و كمعبر عن اطار معين لاعادة بناء الدولة و المجتمع داخله،و المشكلة الحقيقية هى عدم وجود شعبية حقيقية لقوى الديموقراطية فى مواجهة قوى الثيوقراطية،التى فى المقابل تمتلك وزنا و ثقلا،يحسب حسابهما
و لمرونة هذه القوى الثيوقراطية،و كذلك لادراكها -المبالغ فيه احيانا-لمدى قوتها؛فانها تبحث الان عن الطريق السلمى للوصول الى السلطة،خصوصا بعد ان ادرك بعض مفكريها و منظريها مدى فشل الاساليب غير السلمية،و ذلك من التجارب الواقعية للنظم التى تسمى نفسها اسلاميةكما فى السودان مثلا،و ان كان هذا لايمنع استخدامهم لهذه الاساليب اذا سنحت الفرصة
و ما يترتب على القوى الديموقراطية فعله الان،هو توحيد و ترتيب صفوفها من اجل تقديم نفسها كبديل قوى فى الشارع السياسى العربى؛حتى تستطيع اكتساب التأييد الجماهيرى،خصوصا و ان الفرصة لم تذهب بعد،ففى حالة عدم حدوث تطور استثنائى،كانتفاضة جماهيرية مثلا،فان هذه القوى تمتلك وقتا كافيا لتعود الى الشارع العربى، لتعيد بناء قواعدها الجماهيرية،و يكون تكتيكها فى المرحلة القادمة-و حتى الوصول الى المرحلة التى يمكن عندها التغيير سلميا-هو الضغط المنظم من اجل المكاسب الصغيرة و الانتصارات الجزئية هنا و هناك ، مغيرة بهذا من توازنات القوى بينها و بين النظم الحاكمة، و من طبيعة الظرف الذى يعطى الثيوقراط الفرصة للنمو دون مواجهة او منافسة حقيقية،الامر الذى سينعكس حتما على طبيعة اوضاعها فى مواجهة النظم الحاكمة و الثيوقراط معا
اما فى حالة حدوث تطورات استثنائية ، فان الوضع يكون اصعب بكثير،اذ يتطلب فى هذه الحالة تعاملا تكتيكيا مع الثيوقراط ،ذى طابع مختلف ، واقعى و عملى ، يأخذ بالاعتبار توازنات القوى ،و لاينسى حقيقة انه لم يعد هناك مجالا للتعاون مع النظم القائمة ،الا اذا كان هناك رغبة فى خسارة الجماهير، و السقوط المعنوى بالضرورة
و عموما، و فى جميع الاحوال ، فان هناك مجموعة من التكتيكات التى تفيد فى المعركة مع هؤلاء الثيوقراط ، و التى تلتزم كلها باستراتيجية واحدة ن هى وضعهم دائما و كلما امكن فى وضع الدفاع ،و على اساس ان خير وسيلة للدفاع هى الهجوم ، وذلك كما اكد الاستراتيجى العبقرى نابليون بونابرت
و من هذه التكتيكات نزع السلاح المعنوى، و الذى يعمد الى تجريد السلفيين من سلاحهم الاقوى ، و هو ادعاءاتهم الدينية،فيقوم الديموقراط بالمزايدة على كثير من مطالب و شعارات الثيوقراط ، و لو بشكل ملتوى ، لايفقدهم عمليا قاعدتهم الايديولوجية الاساسية ، خصوصا و ان الاسلام فى حقيقته دين ديموقراطى يحترم الانسان ، و بالتالى فالديموقراط بهذه المزايده لايخسرون مبادئهم ، و لاينافقون الجماهير ، و لايسيئون فهم و تفسير الاسلام على غير حقيقته
تكتيك آخر هو العزل بغرض التعرية ، و هو ما يجب ان يكون سياسة ثابتة من الآن ، تقوم على انتهاز الفرص الملائمة للصدام مع النظم القائمة حول مسائل ترتبط ارتباطا وثيقا بمصالح الجماهير ، و التى تتفق حولها رؤى الثيوقراط او تتقارب مع رؤى النظم القائمة ، نقول تقوم بانتهاز هذه الفرص لعزل الثيوقراط بغية وضعهم فى موضع المتحالف مع السلطة ضد المصالح الجوهرية للجماهير -و هو وضع ينطبق عليهم فى الحقيقة ؛ و ذلك بغية فضحهم ، و تعرية حقيقتهم امام الجماهير ، عبر الرفع العقلانى لسقف المطالب
تكتيك ثالث هو الاحتواء ، و ذلك فى حالة مزايدتهم على المطالب الجوهرية لجماهير الشعب ، و ذلك حتى لا يظهروا بمظهر من يتبنى موقفا مستقلا لصالح الجماهير ، او بمظهر من يقود المعارضة ، بل يجب احتوائهم كفصيل ضمن فصائل متعددة تمثل مختلف تيارات المعارضة ، و فى حالة مقاومتهم للاحتواء ، يمكن عزلهم و فضحهم ، باعتبارهم رافضين للتعاون من اجل الانتصار لمصالح الجماهير
تكتيك رابع هو شق الصفوف لعزل المتطرفين ، و ذلك بالوقوف الى جانب الاسلاميين المستنيرين و دعمهم ، كذلك استغلال الخلافات الداخلية لتنظيماتهم ، و تضخيمها ، و تقديم العون لبعض الاجنحة ضد الاخرى ، فى اطار سباسة تراعى الظروف المحيطة دائما ، و كل ذلك بغية تفكيك الوحدة المفتعلة اهذه التيارات و التى تشكل -و لا شك- احد جوانب قوتها فى مواجهة الخصوم ، و مصداقيتها فى عيون الجماهير
و اخيرا ، و ليس آخرا ، المواجهة الفكرية الصارمة ، و التى لا تأخذ الطابع الثقافى المنعزل ،بل لتكن المعركة امام الجماهير ؛ حتى تحقق غرضها ، و يجب ان تدار بشكل يؤدى الى تحقيق الهدف ؛ حتى لا تأتى بنتائج عكسية ، و لتأخذ هذه المعركة شكل المناظرات العلنية و المؤتمرات الجماهيرية و غيرها من الاشكال الجماهيرية
و هذه التكتيكات و تكتيكات اخرى ، يمكن استخدامها من الآن ، حتى تؤتى ثمارها المتراكمة فى المستقبل ، اما اذا وقعت (الفاس فى الراس )، فعلى كل المخلصين لقضية الديموقراطية فى هذه الحالة التلاحم و التوحد فى وجه هذه السلطة ، و مقاطعتها التامة ، و اعلانها سلطة غير شرعية ، كذلك و هو الاهم - خصوصا فى حالة تعاطف الجماهير مع هذه السلطة الدينية - فضح الفجوة بين الظرية و التطبيق ، و الادعاءات و الواقع ، و ممارساتهم و ممارسات من يدعون الانتساب اليهم ، و كذلك تقديم مدارس و اجتهادات اخرى مخالفة لما يتبنونه ، و الفكر و التاريخ الاسلامى حافل بهذه الاجتهادات و المدارس المتناقضة ، و ذلك كخطوة اولى على طريق تفكيك الوحدانية المفروضة للدولة الدينية ، فهذا التفكيك يمثل الخطوة الاولى على طريق زعزعة وحدانية و مركزية النظام الفكرى ، و بالتالى السياسى ، كذلك على طريق تطوير وعى الجماهير بالتجربة الواقعية لادراك ضرورة الديموقراطية كنظام سياسى و طريقة حياة
كلمة اخيرة نوجهها الى اليسار ، نقول له ان عليه ان ينتهج اسلوبا عمليا فى المعركة ، و مراعاة الظروف الواقعية ، و الاحتمالات المتوقعة فى حالة حدوث تطورات استثنائية ، اذ لا يخفى عليه ان الطبقة الحاكمة سترتمى حتما فى احضان الثيوقراط ، اذا حدث و شعرت بأى تهديد لمصالحها الجوهرية ، فعليه قبل اتخاذ و طرح أى موقف جذرى ، ان يأخذ بالاعتبار علاقات القوى الحقيقية بينه و بين هؤلاء الثيوقراط و ليحسب مدى دعم الجماهير له ، و مدى استعدادها للسير على طريقه ، و الى أى مدى ؛ حتى لا يؤدى أى موقف طفولى الى نتائج لاتحمد عقباها

****************
الديموقراطية العربية......السؤال و الجواب
محمد مجدى عبدالهادى
2005 / 10 / 15
اصبح التغيير و الاصلاح هو الشغل الشاغل لكل المهمومين بمستقبل الوطن العربى ،فبعد تصاعد القمع الاسرائيلى فى مواجهة الانتفاضة الفلسطينية،و الغزو الامريكى للعراق،نما الشعور بالخطر لدى كل النخب العربية،سواء منها الحاكمة الجازعة من التغيير ،او المحكومة الجازعة على مستقبلها و مستقبل بلدانها
اذ خلق هذا الوضع الجديد-و الذى لعب دور المحفز لتفجيرتناقضات كثيرة كامنة-حالة جديدة استعادت فبها القوى المعارضة زمام المبادرة،طارحة التساؤلات حول اسباب ما وصلنا اليه من انهيار كامل فى شتى المجالات ،سواء السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية او حتى الثقافية،و حول المتسبب فيه.
و لان الاسباب كثيرة،كان لابد من البحث عن اكثرها جوهرية،اى البحث عن السبب (او الاسباب) الذى يلعب الدور المحورى،و الذى ينتج اكثر المشكلات،بل و يشكل اساسا لباقى الاسباب،و الذى يتعلق به بصورة حاسمة مفتاح الاصلاح.
و لاشك فى ان هذا السبب المفتاح ،هو حالة الجمود السياسى الذى تعانيه اقطار الوطن العربى،وضعف او حتى انعدام الهامش الديموقراطى؛مما ادى الى ضعف و عدم كفاءة الادارة السياسية،سواء الداخلية او الخارجية،و انعزال للنظم عن شعوبها،و انصراف الجماهير عن المشاركة المجتمعية،و ربما فقدان الانتماء،و كذلك شعورها بالاغتراب-دون غض الطرف عن اسبابه الاقتصادية-والذى يلعب دورا هاما فى اتجاهها المتزايد الى الايديولوجيات الدينية؛مما يعطى التيارات السلفية مزيدا من القوة.
فى ظل هذا المناخ،و فى مقابل هذا التحدى،كان لابد من الاستجابة،فكانت المعارضة المتصاعدة للنظم القمعية القائمة،و التى ان لم تشكل تهديدا حقبقبا لهذه النظم حتى الان ،الا انها اصبحت حقيقة قائمة بذاتها،تشغل القائمين على هذه النظم،و تدفعهم للتفكير فى وسائل جديدة للتعامل معها،ليس اقلها محاولات التجميل الجارية ،و التى تؤكد على مناخ جديد بسبيله للوجود و الاستقرار،منازعا مناخا قديما يدافع عن وجوده.
و فى ظل هذا المناخ الجديد،بدات بشائر الصحوة الجماهيرية،و التى تقض مضاجع السادة الحاكمين،رافعة مطالب هذه الجماهير بعد سكون و جمود طال،ثائرة على النظم العميلة و المتواطئة مع الامبريالية الغربية عموما،و الامريكية منها خصوصا.
و هنا يتجلى الوضع القائم بوضوح فى طبيعة الصراع و حقيقة التناقضات،فهذه هى الجماهير،قد بدات تتعلم من اخواتها فى البلدان الاخرى،و قامت لتتمرد على النظم البرجوازية التابعة،و التى تعانى هى الاخرى من بعض التناقضات الثانوية مع الامبريالية،
و هنا تجلى بو ضوح الطابع المراوغ للامبريالية،التى لاتأبه لغير مصالحها،فأخذت تستغل المطالب المشروعة للجماهير؛لاذلال و اجبار النظم الحاكمة على تقديم مزيد من التنازلات؛لخدمة اهدافها و مصالحها فى المنطقة،و فى حدود هذه الاهداف و المصالح فقط،لتعود بعدها لسيرتها الاولى فى دعم الديكتاتورية و الاستبداد فى المنطقة،و الذى اتضح مؤخرا فى تحولات الموقف الامريكى تجاه النظام المصرى،و لاندرى على اى شىء كانت المساومة؟و ماذا تبقى ليتنازل عنه النظام المصرى،هل بناء قواعد عسكرية تساعد مستقبلا فى ضرب دول اخرى (ايران و سوريا مثلا) ام ارسال قوات مصرية (ولو بصورة سرية)الى العراق؟
على اى حال اتضحت للجميع حقيقة الموقف الامريكى الداعم للديموقراطية!،و انه موقف لايصح الاعتماد عليه،و لو افترضنا جدلا ان من مصلحة الولايات المتحدة مزيد من الديموقراطية فى الشرق الاوسط يضعف نوعا من دوافع الارهاب،فان موقفها هذا لن يكون ثابتا الى النهاية،لتعارض مصالحها الجذرية مع وجود نظام ديموقراطى حقيقى فى المنطقة،ربما اتى الى الحكم بتوجهات غير مرغوب فيها.
و لهذا لايصح تصديق ادعاءات اميركا عن الديموقراطية،و انما ما يمكن استفادته من هذه الادعاءات هو بعض المكاسب الجزئية فى مجالات شكلية،و لكنها جوهرية تخدم قضية الديموقراطية ذاتها،مثل مجالات حقوق الانسان و الحقوق السياسية العامة وغيرها،و ذلك باحراجها دوليا بالدعاية الدائمة و الاعلام عن حقيقة مايجرى فى ظل النظم القائمة من قمع مادى و معنوى ،يمارس ضد المواطنين عموما و المعارضين خصوصا،فى السجون و المعتقلات او فى التظاهرات الشعبية،و هذه هى اقصى حدود الاستفادة من الضغوط الخارجية،و يجب الا ننتظر ما هو اكثر،بل نتوقع دائما ما هو اقل بكثير،و كثير جدا,
و اذا كانت الضغوط الخارجية محدودة،و ربما بلا قيمة،و قد تلعب دورا مضادا اذا ما و صلت الامور الى مدى معين،فانه يجب على قوى التغيير-و على راسهااليسار-ان تعتمد على نفسهاو على قوة الجماهير،فتحسب القوى الموجودة و ترتبها،محددة لها و لمواقفها من معركة التغيير،لتعرف من مع؟و من ضد؟كخطوة اولى على طريق الكفاح.
فاذا نظرنا الى الصورة السائدة فى الدول العربية لوجدناها صورة النظام الراسمالى التابع،الذى تحكمه اكثر فئات البرجوازية عمالة،و هى فئة الكومبرادور،و لهذا لا نستغرب مواقف نظمنا الحاكمة.
اما البرجوازية البيروقراطية فهى فئة تفهم الوطنية فهما ضيقا،كما انها اصبحت فاسدة كليا،و ذات ارتباطات كثيرة مع الكومبرادور و اسيادهم؛و لهذا لاننتظر منها موقفا وطنيا حقيقيا.
اما باقى الفئات البرجوازية-باستثناء البرجوازية الصغيرة مع الكثير من التحفظات-فهى مشتتة و قلقة،و لا ترى الصراع بصورته الحقبقبة،بل تاخذ عنه مجرد انطباعات دينية بالاساس،و قومية احيانا،كما انها تتاكل باستمرار بسبب سياسات الليبرالية الجديدة،التى مزقت المجتمعات الى اغلبية كادحة و اقلية مترفة،سائرة على النهج الطبيعى للراسمالية.
و لهذا لايوجد تناقض حقبقى بين البرجوازية و النظام الامبريالى،بل هو تناقض ثانوى،لا يتطلب حله الثورة،و اتخاذ موقف جذرى-و هو ما اثبتت البرجوازية العربية عجزها عنه بامتياز-ربما كان ضرره اكبر من نفعه؛اذ قد يطلق قوى الجماهير الشعبية،و التى ستطالب حتما بحقوقها المسلوبة،فالتناقض بين البرجوازية و النظام الامبريالى هو تناقض ثانوى،اذا ما قورن بتناقضها مع الجماهير الشعبية فى لحظة ثورتها؛و لهذا فانها ستتخلى حتما عن ثورتها الوطنية الديموقراطية،كما ستلجا الى المساومات على مستوى صراعاتها الداخلية،و محاولة استبعاد الجماهير و طردها خارج الحلبة،و لدينا فى الثورات البرجوازية لكبرى الدول العربية و اكثرها تقدمامصر)ما يدل على هذا،اذ هى تشهد على انفصالها عن المصالح القومية،و ذلك لاسباب كثيرة بعضها تاريخى يكمن فى زمن و طبيعة نشأة و تطور هذه البرجوازيات ذاتها؛و لهذا ليس غريبا ان تفشل فى انجاز جميع مهامها التاريخية،رغم كثرة هذه الثورات فى مثال مصر مثلا(4 ثورات فى 150 سنة)).
و هنا تتضح بجلاء تناقضات المطالب الوطنية و الديموقراطية،مع طبيعة المواقف الطبقية للطبقة الحاكمة التى لا تهتم سوىبالحفاظ على الوضع على ما هو عليه،بحكم مصالحهاو عجزها و خو فها من الجماهير الكادحة،و مواقف الطبقات الاخرى المحكومة المتضررة من الاوضاع القائمة،و كم ستزداد المسألة تعقيدا،اذا اخذنا مواقف التيار االسلفى المتنامى القوة بالاعتبار،و الذى يجمع بداخلة كل التناقضات الطبقية ذاتها،و ان كان بشكل مكتوم،و الذى يعادى الديموقراطية و التعددية و المجتمع المدنى بشكل أصيل و مخلص!

لهذا اصبح المستقبل رهين ايدى اليسار-الضعيف و المفتت فى ذات الوقت-،هذا اليسار الذى يجب ان يقود القوى الوطنية ببرنامج تقدمى ذى طابع جماهيرى،له حد ادنى،يتضمن الضغط المنظم و المقاومة السلمية فى سبيل تغيير سلمى يحشد حوله الجماهير الشعبية المتضررة،و البرجوازية الصغيرة الساخطة،و البرجوازية الوسطى الراغبة فى الاصلاح،وله حد اقصى يهدف لتحريك الجماهير الشعبية من عمال و فلاحين بالاساس من الثورة الاجتماعية،باعتبارها الطريق الوحيد الممكن،بعد ان خانت البرجوازية مهامها التاريخية،بل و اصيحت عقبة فى سبيل الاصلاح.
و هكذا يمكن تلخيص الوضع الراهن ،كما يلى
لا يمكن فصل الوطنى عن الديموقراطى،وبالطبع عن الاجتماعى.#
ليس من مصلحة القوى الاستعمارية سيادة نظام ديموقراطى فى بلادنا،و الديموقراطية بالنسبة لهل مجرد اداة ضغط على النظم التابعة لها لمزيد من الخضوع.#
البرجوازية العربية ليس لديها الدافع للثورة من اجل الاستقلال الكامل،بل تتضرر منه ،كما انها مثلهامن الامبريالية ليس لها مصلحة فى النظام الديموقراطى،وهى تخشى #
الحماهير اكثر مما تتضرر من الامبريالية،و اكثر مما تهتم بعلاج تناقضاتها الداخلية.
التناقضات بين الفئات المختلفة للبرجوازية غير كافية لدفعها لتغيير جذرى حقيقى،لهذا ستتجه الى المفاوضات و الاصلاح بعيدا عن الجماهير.#
الطريق الاصلاحى لن يجدى الجماهير فتيلا،بل و غير ممكن؛حيث ان فرص استغلال التناقضات الداخلية للبرجوازية ضئيلة للغاية،و الطريق لنظام ديموقراطى حقيقى-ولا يمكن فصل الوطنى عن اليموقراطى عن الاجتماعى كما اكدنا آنفا-هو الذى ستشقه الجماهير،و هو بالضرورة طريق الثورة الاجتماعية،و التى ستتطور من اليموقراطية الثورية للجماهير الى الاشتراكية،ما لم يركب الموجة اى تيار انتهازى#









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير