الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فن السياسة والأحكام السلطانية في كتاب-دولة الخلافة-

هويدا صالح

2015 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


فن السياسة والأحكام السلطانية في كتاب"دولة الخلافة"
هويدا صالح
إن دراسة الفكر السياسي لدى أبي الحسن الماوردي والمنظومة الأخلاقية التي حاول أن يُلزم بها الخلفاء في عصره، هو ما يناقشه الباحث المغربي سعيد بن سعيد العلوي في كتابه (دولة الخلافة: دراسة في الفكر السياسي عند أبي الحسن الماوردي) الذي صدر حديثا عن دار رؤية للنشر والتوزيع بالقاهرة.ويُعد الماوردي من أبرز أعلام الفكر السياسي الإسلامي على مر العصور الذي عُني بفن الحكم والسياسة وكان على علاقة مع رجال الدولة العباسية. اهتم بـفن السياسة, فقد قدم للحاكم ضمن كمّ ٍمن مصنفاته مجموعة من قواعد السلوك السياسي فنصحه أن يلتزمها إن أراد استمرار حكمه واستقامته،حيث استمد تلك النصائح من خلال ما عايشه في الواقع وقراءاته المتنوعة لتاريخ أنظمة الحكم لدى الحضارات الأخرى.يرى بن سعيد العلوي أن هناك نوعين من الباحثين اهتما بأبي الحسن الماوردي وكتابه الشهير"الأحكام السطانية" وهذان النوعان هما الفقهاء والحقوقيون. يرى الأولون فيه فقيها من كبار الفقهاء المجتهدين ودعامة من دعائم المذهب الشافعي، وهو بالنسبة لهم جميعا ـ على اختلاف المذاهب الفقهية التي يأخذون بها ـ مرجع أساسي في الأمور التي تتعلق بتنظيم المعاملات، وتمس المسلمين في شئون تنظيم حياتهم المجتمعية. ويرى الآخرون فيه مُشرِّعا دستوريا وقانونيا ممتازا،بل المرجع الوحيد بالنسبة لعدد من المسائل التي تتعلق بتنظيم شئون الإدارة والاقتصاد في الإسلام، والمفكر الفذ الذي استطاع أن يُشرِّع للخلافة،أي لنظرية الحكم في التصور السني لها، أحكاما دقيقا مضبوطة، ولكن اهتمام مؤرخي الفلسفة وعلماء الاجتماع ظل اهتماما محدودا وهامشيا في أغلب الأحوال بمؤلف"الأحكام السلطانية"،ولا يكادون يعرضون له إلا في إطار اهتمامهم بنظرية الخلافة وبالمفكرين الذين اشتهروا بالتنظير لها أمثال:البغدادي والباقلاني وابن حزم الأندلسي والجويني والغزالي وغيرهم، مفضلين الأخذ بنموذجه لأسباب ربما كان في مقدمتها الشهرة والذيوع اللذان عرفهما هذا الكتاب. ويرى بن سعيد العلوي أن كتابة الماوردي لا تقل أهمية وقيمة عن المؤلفات السياسية التي اشتهرت في تاريخ الفكر السياسي الإسلامي، لأنها تسجل مرحلة حاسمة من مراحل تطور ذلك الفكر، وتعكس وجها قويا واضحا من أوجهه، ثم أنها تقدم لنا نموذجا ممتازا من النماذج التي تكشف عن العلاقة في التفكير السياسي للمكفر بين الوجود المجتمعي وبين التنظير السياسي لذلك الوجود تنظيرا يقوم على تفاعل جدلي معه.
قسم العلوي كتابه إلى خمسة أقسام، ناقش في القسم الأول المشروع السياسي لدى الماوردي، وفي القسم الثاني ناقش علاقة المفكر السياسي بالظرف التاريخي الذي وجد فيه، وعلاقته بالحكام والسلاطين في عصره، في حين أن القسم الثالث ناقش فيه التمثل التاريخي وعلاقته بالنظرية السياسية. وفي القسم الرابع استعرض أهم ملامح "الأحكام السلطانية" وإشكاليته مع السلطة واستمرارية الدولة. وفي القسم الأخير ناقش دولة الخلافة.
ويتساءل الكاتب ما الذي يجعل الفلاسفة ورجال الاجتماع ينصرفون عن الماوردي في حين نجد الفقهاء والحقوقيين يقبلون عليه إقبالا شديدا؟ هل ذلك راجع إلى أن الرجل فقيه مشرع قانوني،ومن ثم،فلا شئ في تفكيره ولغته يُغري الفلاسفة وعلماء الاجتماع به؟ وما الذي يدفعنا نحن اليوم أن نجعل منه موضوعا لرسالة في تاريخ الفلسفة؟ وبأي معنى يمكن للفيلسوف أن يجعل من كتابة الماوردي مادة لتأمل ينير له السبيل في بحثه عن دلالة وتطور التفكير السياسي في الإسلام؟
ثم يجيب العلوي عن تلك الأسئلة بأن ذلك يرجع إلى عدة أسباب يتعين عليه أن يقيم لها اعتبارا، فهناك أولا المعنى المحدد الذي يفهم به الفلسفة والتفكير الفلسفي عامة، وفي الفكر الإسلامي خاصة. وهناك ثانيا جملة الشروط التي تعود إلى تاريخ الإسلام ذاته ـ كتاريخ يمتزج فيه تاريخ العقائد وتاريخ البشر امتزاجا شديدا ـ وإلى الكيفية التي يأخذ بها المؤرخون الإسلاميون في تاريخهم. وهناك ثالثا طبيعة الكتابة السياسية كما كان الفقهاء يمارسونها في القرنين الرابع والخامس للهجرة، والتي تجعل المشاكل الفكرية والسياسية الكبرى تحتجب خلف التفريعات القانونية والدقائق الفقهية. هذه الاعتبارات هي التي جعلت الكاتب يفضل النموذج الذي تمثله كتابة الفقيه الشافعي على عدد كبير من الموضوعات التي يثيرها البحث الفلسفي الحديث على الدارس، دون أن تشعرنا أننا بانصرافنا إلى مفكر تفصلنا عنه ما يزيد عن عشرة قرون تنفصل عن الواقع الاجتماعي والفكري الذي نيعش فيه.
يرى العلوي أن نظرية"الخلافة"هي نواة الفكر السياسي لأبي الحسن الماوردي، وفهم كل المقتضيات النظرية والعملية لذلك الفكر.ولا يكتفي الماوردي بصياغة نظرية في الخلافة السنية هي التي يقضي الرأي الشائع باعتبارها النظرية الأشعرية الرسمية، كما أن"الأحكام السلطانية"ليست،بالمقابل،دائرة معارف إسلامية قانونية وفقهية تشتمل على تعريفات وتقنيات للقضاء والمظالم، والحسبة والجزية والخراج والفئ والاقطاع:أي لتلك المفاهيم التي تقوم الحياة الاقتصادية والإدارية والقانونية في الإسلام على أساسها، وإنما هناك علاقة وطيدة بين نظرية الخلافة وبين هذه التقنينات المختلفة لمؤسسات الدولة الإسلامية. ذلك أن الماوردي منظر سياسي يشرع للدولة كما يفهمها أحكاما عملية دقيقة يأتي فيها التشريع نتيجة ضرورية لموقف سياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران