الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاصولية تجذر مداميكها بالتعاون مع الانظمة الراهنة

سليم النجار

2005 / 10 / 17
ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي


لعل مقاربتنا لبعض العوائق الراهنة أمام الديمقراطية العربية ، تطرح علينا عددا من الأسئلة والتساؤلات ، قد يساعدنا التفكير – او حتى التأمل – فيها على الوضوح في رؤية هذه العوائق ، والعمل في اتجاه أزالتها ، او تجاوزها ، او التخفيف منها ... او حتى الالتفاف عليها .

وطبيعي ان تطال هذه التساؤلات ، عوائق فكرية أمام تقدم فكري ، وعوائق اجتماعية ، وعوائق من النظام السياسي ، ومن السلطة ، سواء كانت هذه السلطة حاكمة ام خارج أجهزة الحكم .

في البداية علينا التساؤل : هل انتهى فعلا دور المثقف التنويري ، أي الوطن الديمقراطي ، ام يراد له ان ينتهي ؟

احباني هذا المضمار التأكيد على ان هناك استبدال حقيقي للمثقف التنويري ، بالمثقف السلفي جمهومه الواسع . السلفي ليس بالمضى الديني ، بل أوسع من ذلك بكثير ، سلفي في قراءة التاريخ ، وسلفي في التعاطي مع متغيرات العصر ، وسلفي في طرح الرؤوس لمعالجة الإشكالية المزمنة ، كيف تكون مجتمعا عربيا ديموقراطيا ؟!

وهذا المثقف السلفي الطاعن على المشهد الفكر العربي ، يدفعنا إلى تساؤل آخر ، هل صحيح ان الايديولوجيات انهيارات وانتهت ، ام يراد لنا ان نغمض العين والفكر عن واقع صارخ هو ! ان الايدولوجيات الأكثر تضليلا وضلامية وقمعا لحركة الفكر وتسفيها للنضالات الاجتماعية واهدافها – هكذا ايدولوجيات – هي الآن في الفترة السعيدة من جعودها العاصف ونفوذها الأكثر عصفا وتدميرا ؟

وهل صحيح ان الصراعات الاجتماعية ، والحركات الهادفة إلى التغير الاجتماعية والعدالة ، قد تلاشت ، او تتلاشى ، لتحل محلها القدرات الهائلة لتفريعات المثقف السلفي تحديدا بالمعنى الديني ، المدعوم وبشكل مباشر ، حيث تتقاطع المصالح وتتبادل الأدوار من قبل للشركات المعولمه والمعوله لحضارة الحاسوب ووسائل الاتصال الحديثة والانترنت ، التي ستحمل ، هي الى الشعوب ، ومنها شعوبنا العربية ، الازدهار والبحومه والعدالة والمستقبل الوضاء ... فيتلاشى قصر الفقراء ؟!

وهل صحيح ان الانهيار التاريخي للناصرية ، وضع حدا لحركة التاريخ ، بعد ان تممتها انهيارات حسن الترابي الفكرية ، والتي ضمرت في نهاية المطاف لحزب سياسي معارض على الطريقة العربية ؟!
وهل هذا الهبوط المريع ، او الركود ، في الحياة السياسية العربية ، بمضى ضمور دور الأحزاب السياسية ن وتلاشي بعضها ، مرده لفشل الأفكار السياسية التي تسلمت مقدار الحكم في بعض البلدان العربية والتي انتهت لحكم عائلات عصوبية ؟!

- واين مكان ( اودور ) الديمقراطية ، والناس ، والثقافة ، والتحكم ، والفكر النقوي ، والتعددية والحوار والتفاعل المبدع ، والفعل التطويري . في كل هذا ؟

- هذه التساؤلات وغيرها كثيرا ، لم يكن لها ان تنهض وتطرح نفسها مرة أخرى ، لولا الدعوات الأمريكية في الإصلاح السياسي للأنظمة العربية ، التي استنفذت كل شروط بقاءها حسب المواصفات الأمريكية ! علما ان شروط بقاءها غير متوفرة أساسا منذ هزيمة عام 1948 ، وإنشاء الكيان الصهيوني !
وكأن الهزائم كانت وما زالت على موعد في العالم العربي ، ومتربطة ترابطا جدليا ، أدى فيما أدى ، طغيان ثقافة سلفية ، ليس من اليسير ، او ليس بالإمكان تبين معالمها . ولا حتى أشكال صراعاتها ....

ومع هذا لابد ان نبحث ، في مستقبل الديمقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي ، وبداية في العوائق ، أمام هذه الثقافة السلفية ومستقبلها . ولعل أهم عائق ، إشاعة القمع الفكري ، وترسيخ الأحادية ، وغياب ثقافة الحوار ، هو السبب الرئيسي في انجاز الهزائم العربية ، وتكريس ديمقراطية القمع !

والمفارقة ان واقع ديمقراطية القمع البولسي ، ولدا الهزائم العسكرية العربية في زمن ديمقراطية الاعتقال . وفي زمن القاعدة ، هزمنا فكريا ، بفتاوي السلفيين .

المتزمتين ، القامعه للفكر وحرية البحث والتفكير ، ام يتريخ احادية الفكرة ، وعدم قبول بالفكر المختلف ، او بالتحاور معه ، او بالتفاعل مع جديد الفكر والعلم والثقافة ! ..

واخطر ما اقدم علية الفكر السلفي المتجمد ، انه يتحرك ويتطور ويتفاعل مع ثقافة الماضي ، كمستمع ومصدق لهذه الثقافة المختلف عليها ، ومن ثم يصدر فتاوى تخاطب المعاصر من حياتنا .

والاهم : يحاولنا جاهدين إعادة قراءة الواقع ، ضمن تصورات سابقة ، غير مثقف عليها وفي صدورها الدنيا معرفيا .

وان غياب المعرفة التاريخية ، والاستعاضة عنها ، بمعرفة شفاهية تناقلتها الألسنة ، هي المدباك الأول ، التي تعتمد عليها الفتاوى السلفية المتوهمه بإنتاج فكر إسلامي ! وهو بهذا المعنى غير مدان ، ومقدس حسب تطوراتهم وقناعاتهم ، خاصة اذا ما تم تعميد هذه الثقافة بالأحاديث النبوية المنتقاة ، والمنبث عن بساقاتها التاريخية ، كذلك يفعلون مع النصوص القرآنية ، لتبدد الصورة ، ان هناك شرعية مقدسة ، لا يجرأ احد الاقتراب منها ، وشفيره لمن يجرأ ، ان مصير . سيكون مظلم اذا اقترب من هذا المقدس .

هذا الفعل اللامعرفي ، اخاف الكثير من المثقفين العرب ، وبدأوا التعامل معهم ، بنوع من الليونة ، والميوعه ، مما افقد المثقف العربي ، قدرته على التميز ، بين الانفكاك من ما هو معرفي ، وغير معرفي ، حتى لو حاول البعض الكشف عن اللامعرفة يتحول هذا الكشف ، إلى حالة فكرية تتجلى صورنها باللامعنى بتصير آخر لن تفضي عن شئ يذكر .

في ظل هذا المشهد الفكري المعقد داخليا طغيان فكري سلفي يعيش ويقتات على ارهاب عشوائي غير منضبط على صعيد التوجه العام غير انه منضبط على الصعيد التنظيمي ، وظرف خارجي امريكي يردد شعارات سياسية فحواها الإصلاح السياسي في الوطن العربي .

أمام هاتان الصورتان ، تتماهى الفوضى الخلاقة ، التي ترددها الماكينة الإعلامية الأمريكية ، والتي نظر لها كبار المفكرين الرأسماليين الامريكيين ، حيث يطالبون بفوض خلاقه !

غير معروفة الغايات ، الامزيد من نهب ثروات العالم العربي ، وإرهاب عشوائي لا يعرف الا القتل المجاني ، ليتمكن من خلال هذا القتل ان يحتل حيزا إعلاميا كبيرا على فضائيات العالم الذي توهم من خلال امتلاكه لهذا الحيز بفعل القتل ، انه يستطيع الترويج لافكاره .. وما يدفع هذا الوهم بالتنامي ، تواطؤ الأنظمة العربية معها باشكال مختلفة ، ويلف كالمحاولة إقناع الامريكيين على وجه الخصوص ، انهم الأقدر على مواجهه هذا الإرهاب ، وهنا تتماصي الوظائف مع النتائج ، الوظائف السلفية ، والنتائج لهذ ه الوظائف التي تزعم سلطة تلك الأنظمة !

من الواضح ان نمط هذا التفكير السلفي . هو العائق الحقيقي أمام أي إصلاح سياسي ، او بعث فكره الديمقراطية على صعيد الفكرة . وطبعا هنا المقصود استثناء الأنظمة العربية الرسمية ، لأنها أصلا خارج اللعبة السياسية المجتمعه العربية ، فهي كل الذي تقوم فيه ، أدامه حكم مصالح لعدد من الأفراد ، وكل حسب الميثولوجيا التي أحضرته لسدة الحكم .

من هنا لم تعد فلسفة الإصلاح السياسي المراد نشرها في الفكر العربي ، ضرورة او ملحه بقدرما نخدم السلفيين ، والأنظمة العربية ، واللذان لايؤمنان الا بديمقراطية الاعتقال ، او القتل وفي كلا الحالتين ، تؤدي هذه الأفعال إلى السكون والكبت على مختلف الصعد الفكرية ، حتى تصل إلى الحياة اليومية للإنسان العربي .

ان أي تحقيق ديمقراطي يمكن الإشارة له ، يجب ان تبدأ ، وقبل أي فعل آخر ، هو تجديد الفكر العربي من خلال التأكيد على حرية تداول المعرفة بشكل حر ، غير قابل للتأويل على المستوى الأول ، ومن ثم يتم التأويل كل حسب توجه السياسي والايديولوجي .

واذا كانت الدعوة لحرية تداول المعرفة على مختلف الصعد ، وبشتى مناحي الحياة والفكر معا ، بمختلف مضامينها القومية والدينية ، يجب على ان لا تقوم على تجاهل العصر ومعطياته ، والا نصيح خارج العصر ، كما نحن عليه الان . هذا اذا ما اردنا العودة للعصر الذي نعيش فيه !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية